سعيد السريحي

“تواطأوا على التسليم ببعض واقعهم كي يجدوا ما يتفقون عليه إذا ما اختلفوا،أغلقوا الباب على أحلامهم وأوهامهم وخيالاتهم ،أغلقوه على كل ما همو ثري في الواقع ،على كل ما يجعل حياتهم تستحق أن يحيوها، ثم نسوا ما أغلقوا عليه الباب، تركوه يتعفن وراء الباب، وحين تفوح رائحته يتبرأون منه، ينعتونه وهما، خرفا، أو جنونا.

لم يبق لهم من الواقع الذي كانوا يحيونه غير هذا القسط الفقير الذي يجمع بين جماعاتهم إذا افترقت ويوحد بين آرائهم اذا اختلفت، اختاروا من واقعهم ما يستهلكونه في حياتهم اليومية، وتوهموه هو كل الواقع، لايدركون أن واقعهم الذي يتعاملون من خلاله مع الاخرين وهم، ولا يفقهون أن ما يعتقدونه وهما إنما هو الواقع الذي يحيونه إذا ما خلوا لأنفسهم، ثم يكابرون بعد ذلك ، مثلهم في ذلك مثل من خرجوا من منازلهم، تواعدوا أن يلتقوا في الساحات، ثم نسوا تلك المنازل، تركوا جدرانها تتداعى وحدائقها تذبل ونوافيرها تجف، ثم اتخذوا من تلك الساحات منازل لهم.”
― سعيد السريحي, الحياة خارج الأقواس