انا كان معايا

لن تندهش إن عَلِمت بنوبة الضحك الهستيري التي تتنتابني عندما أُشاهد مسرحية “العيال كبرت”، خاصة ذلك المشهد الذي يعود فيه سلطان -سعيد صالح- من الصرمحة، ليفاجأ بوالده يسأله أين كان… فيخبره أنه ذهب إلى المدرسة… لتتضح المصيبة، انه يوم عطلة والمدرسة مغلقة… فيقول سلطان ببساطة
“لا مانا فتحتها”
ويقص على والده المذهول كيف دخل المدرسة ليجدها فارغة.. فقام مشكوراً بضرب الجرس واصطف في الطابور.

"كل ده لوحدك!!!!”
هكذا قال والده ليجيب أبو السلاطين بكل تلقائية
"لا منا كنت معايا… وطلعت الفصل ودرستلى ومفهمتش حاجه.. فقمت مهزئنى فكبرت فى دماغى إزاى واحد زيى يهزئنى.. كلمه مني على كلمه مني.. قلم مني على قلمين مني، قمت مجرجرنى على مكتب الناظر وخدتلي اسبوع رفد .. اسبوع اعدلكو هنا فى البيت"

مشهد من المشاهد العبقرية… وكما قلت لا اندهاش في ضحكي الهستيري عليه... لكن الاندهاش كل الاندهاش، أن ذلك المشهد أصبح يصيبني مؤخراً بحالة من البكاء الهستيري… حاولت الشرح بين النهنهة والتهته والترجي، لمن حولي ممن أوشكوا على استدعاء كونسلتو من السراي الصفراء، انه مع اقتراب موعد الاعلان عن روايتي، باب الحجازي… أصبح ذلك المشهد يمثل قمة الدرما التي تدعو إلى وصلة من البكاء الحار… لأنه يُمثل بالضبط ما سيحدث لي عقب الإعلان عنها… فهي روايتي الأولى التي شاء حظها العثر أن تولد لشخص أبعد ما يكون عن الوسط الأدبي… تنحصر علاقته به في القراءة، والمرات التي صادفني فيها الحظ لأرى وجه أحد الكتاب كانت عندما طالعت صورته المبتسمة في إحدى أغلفة كتبه.

وهكذا توقعت عندما يتم الإعلان عن روايتي، اني “حكون معايا”… "وحعمل لايك لنفسي، وحكتب كومنت على اسم الرواية وتصميم غلافها، وحهزقني، وحخبطني رفيو زي الزفت، وحقعدلكوا في البيت اسابييييييع بعيط"

كانت تلك قناعة راسخة، لا تزحزحها محاولات الأصدقاء والأقارب المستميتة بإقناعي بالنقيض… ولذلك منطق، فمن انا بجوار فطاحلة، لهم روايتهم ودواوينهم المنشورة، ولهم من المتابعين والقراء ما يسد عين الشمس، حتى انهم اذا قالوا "بم" لحصلت على إعجابات اكثر مما لو نشرت أنا الإلياذة - هذا من قبيل الحسد الموجه اذا اختلط عليكم الامر - .. وهكذا أخذت أعض أطراف أظافري مع اقتراب موعد الإعلان عن الرواية... هل سيضطرني الزمن إلى اللجوء لتلك الحيلة البائسة بان أعطي لما كتبته “لايك”.

إلى أن جاء اليوم ودقت الساعة… الاعلان عن باب الحجازي… معشوقتي الصغيرة… وعينك ما تشوف إلا النور… جلست تلك الليلة جاحظ العينين فاغر الفم أمام شاشة الكمبيوتر التي لم تكف عن الوميض، بالمباركات والتهانئ.. ممن أعرفهم ولا أعرفهم على السواء… وانهمرت طلبات التعارف والاضافة على كالسيل... حاولت أن أفهم، من هؤلاء وكيف علموا بوجودي من الأصل… لاكتشف أن هؤلاء الفطاحل، الذين انتهيت من حسدهم للتو، يستقبلون الإعلان عن باب الحجازي بترحاب غير مسبوق، وغير مفهوم الي حد كبير لشخصي المتواضع.

انها النهاية السعيدة التي لم اتوقعها لأسابيع طويلة من الترقب والتوتر… قد تعتقدوا أن هذه المقدمة الطويلة هي لشكر هؤلاء الفطاحل على استقبالي الحافل بينهم… وهذا صحيح وغير صحيح في نفس ذات الوقت… أنا أشكرهم بالفعل، ولكن ليس على استقبالي… أنا اشكرهم لانهم حالوا دون ازعاج أطباء السراي الصفراء بمكالمة من فاعل خير من أحد أفراد الأسرة الكريمة.. أشكرهم لأنهم جددوا ثقتي في نقاء سريرة البعض في مجتمع كدت أفقد فيه الأمل… لكني أشكرهم على وجه الخصوص لأني أجلس الآن أشاهد أبو السلاطين في مشهدي الأثير وهو يخبر والده بأنه “كان معاه”… وعيناي تدمع… من الضحك!

شكر خاص إلى
أحمد عبد المجيد، هاني عبد الله، محمد صادق، شيرين هنائي، هدى عبد المنعم، شيرين سامي، عصام منصور، أحمد القرملاوي، مهاب ترجم، مايا الطرابيلي، إبراهيم المحلاوي، مصطفى سيف، ميسرة الدندراوي، عبد الحميد عبد اللطيف، نهى بهمن.

وإلى كل من ساهم في نشر الكلمة عن “باب الحجازي” من القراء المتحمسين…. دمتم ذخراً
3 likes ·   •  1 comment  •  flag
Share on Twitter
Published on February 15, 2015 09:08 Tags: باب-الحجازي
Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Mahmoud (new)

Mahmoud لم اقرا لك من قبل ولكن متوسم فيك خيرا وسأبدا بقراءة باب الحجازي قريبا


back to top