هذا الكتاب، أول مؤلف عربي في "تاريخ الأندلس" قائم على معرفة تامة باللغات، وعلى إطلاع واسع على كل ما ألف الإسبان المحدثون والفرنسيون وغيرهم من الأوروبيين في هذا الباب، لقي عند أول ظهوره قبولاً عظيماً وراج رواجاً واسعاً في العالم الإسلامي وفي أوروبا وإسبانيا. وكان له أثر محمود في تعديل مسار الدراسات الأندلسية، لأن المؤلفين كانوا يكتفون بالمراجع العربية، ويغفلون كل المراجع غير العربية عن عدم علم بها أو بلغاتها، ولقصور في المنهج العلمي. ومنذ ذلك الحين، زاد العلم في موضوع الكتاب زيادة عظيمة، إستدعت مراجعة شاملة له على ضوء الأبحاث التي نشرت لتأتي هذه الطبعة الجديدة منقحة معدلة تامة.
ولد حسين مؤنس في مدينة السويس، ونشأ في أسرة كريمة، وتعهده أبوه بالتربية والتعليم، فشب محبًا للعلم، مفطورًا على التفوق والصدارة، حتى إذا نال الشهادة الثانوية في التاسعة عشرة من عمره جذبته إليها كلية الآداب بمن كان فيها من أعلام النهضة الأدبية والفكرية، والتحق بقسم التاريخ، ولفت بجده ودأبه في البحث أساتذته، وتخرج سنة (1352هـ= 1934م) متفوقًا على أقرانه وزملائه، ولم يعين حسين مؤنس بعد تخرجه في الكلية؛ لأنها لم تكن قد أخذت بعد بنظام المعيدين، فعمل مترجمًا عن الفرنسية ببنك التسليف، واشترك في هذه الفترة مع جماعة من زملائه في تأليف لجنة أطلقوا عليها "لجنة الجامعيين لنشر العلم" وعزمت اللجنة على نشر بعض ذخائر الفكر الإنساني، فترجمت كتاب " تراث الإسلام" الذي وضعه مجموعة من المستشرقين، وكان نصيب حسين مؤنس ترجمة الفصل الخاص بإسبانيا والبرتغال، ونشر في هذه الفترة أول مؤلفاته التاريخية وهو كتاب "الشرق الإسلامي في العصر الحديث" عرض فيه لتاريخ العالم الإسلامي من القرن السابع عشر الميلادي إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، ثم حصل على درجة الماجستير برسالة عنوانها "فتح العرب للمغرب" سنة (1355هـ= 1937م).
عين حسين مؤنس بعد حصوله على الماجستير في الجامعة، ثم لم يلبث أن ابتعث إلى فرنسا لاستكمال دراسته العليا، فالتحق بجامعة باريس، وحصل منها سنة (1356هـ= 1938م) على دبلوم دراسات العصور الوسطى، وفي السنة التالية، حصل على دبلوم في الدراسات التاريخية من مدرسة الدراسات العليا، ثم حيل بينه وبين إكمال دراسته نشوب الحرب العالمية الثانية، فغادر فرنسا إلى سويسرا، وأكمل دراسته في جامعة زيوريخ، ونجح في الحصول على درجة الدكتوراه في التاريخ سنة (1361هـ= 1943م) وعين مدرسًا بها في معهد الأبحاث الخارجية الذي كان يتبع الجامعة.
لما انتهت الحرب العالمية الثانية ووضعت أوزارها عاد إلى مصر سنة (1364هـ= 1945م) وعين مدرسًا بقسم التاريخ بكلية الآداب، وأخذ يرقى في وظائفه العلمية حتى عين أستاذًا للتاريخ الإسلامي في سنة (1373هـ= 1954م).
إلى جانب عمله بالجامعة انتدبته وزارة التربية والتعليم سنة (1374هـ= 1955م)؛ ليتولى إدارة الثقافة بها، وكانت إدارة كبيرة تتبعها إدارات مختلفة للنشر والترجمة والتعاون العربي، والعلاقات الثقافية الخارجية، فنهض بهذه الإدارة، وبث فيها حركة ونشاطًا، وشرع في إنشاء مشروع ثقافي، عرف بمشروع "الألف كتاب"، ليزود طلاب المعرفة بما ينفعهم ويجعلهم يواكبون الحضارة، وكانت الكتب التي تنشر بعضها مترجم عن لغات أجنبية، وبعضها الآخر مؤلف وتباع بأسعار زهيدة.
من أجمل الدراسات التاريخية الحديثة عن بلاد الأندلس لإلمام صاحبة بغير لغته الأم والإنجليزية بلغات مصدر البحث القشتالية والبرتغالية (لغات شبه جزيرة إيبريا) وهو للمؤرخ الكبير (حسين مؤنس) وهو متخصص في هذا المجال ويكاد يكون كتابه هذا من أجمل مؤلفاته بالإضافة لعشرات .. نعم عشرات الأبحاث المتناثرة في بطون المجلات التاريخية وبعضها ضمّنها في كتاب مستقل.
يتناول مؤنس - كما العنوان - فجر الأندلس أي قبل دخول الجيوش الإسلامية حيث يتناول الحديث عن القوط والقبائل الجزمانية وهذا فصل مهم في الكتاب به فائدة عظيمة لمن يرغب في معرفة طبيعة البلاد قبل أي تواجد دعربي. خصوصًا والكثير من الدراسات العربية تتناول مباشرة أول الفتح فقط، ثم الحديث عن فتح المغرب لأنها ستكون الطريق الموصول لبلاد الأندلس، ثم دخول الجيوش الإسلامية في عهد الوليد بن عبد الملك، ومواصلة تغطية بقية البلدان حتى قبل وفاة الوليد ، ومن ثم عودة (موسى بن نصير) ، و(طارق بن زياد) لبلاط دمشق، ثم بتناول عصر الولاة والصراع العربي العربي والصراع العربي البربري وهي من أظلم فترات الأندلس والكثير يتحاشى الحديث عنها وهي فترة طويلة تتجاوز الـ(40) سنة تظهر فيها طبيعة النفس البشرية وصراع القبيلة فيظهر لنا في كتب التاريخ الأولى مضري عربي يمني قيسي قرشي بربري وكل هذا لأجل السلطة حتي جاء (عبد الرحمن الداخل 138هـ ) وضبط البلاد بعد ضياع ملك أجداده على يد الدولة الجديدة (العباسية) سنة 132هـ وبهذا ينتهي عصر الولاة - وهنا يقف الكتاب - وتبدأ الأندلس في بدايات ظهورها بقوة على المسرح الأوربي والعالمي حيث عصر الدولة الأموية والعصر الذي سوف يليه عصر الخلافة الأموي.
ومن أجمل فصول الكتاب تناول المؤلف في مبحث كامل شرائح المجتمع الأندلسي من عرب وبربر وموالي والمولدون والمستعربون، وفي النهاية حديث عن الجانب الإدراري في عصر الولاة، ويختم الكتاب بقدوم الأموي عبد الرحمن الداخل وإعلان قيام دولة بني أمية في المغرب لمن يحصل على الطبعة القديمة (طبعة الثمانينات) فليبدلها بهذه فهي أكثر شمولية وموزودة بملاحق وإضافات.
فجر الأندلس كتاب من تأليف الدكتور حسين مؤنس واحد من مؤرخي تاريخ المغرب العربي والأندلس الكتاب يتكلم عن بداية تواجد المسلمين في الأندلس من الفتح الإسلامي على يد طارق بن زياد إلى نهاية الدولة الأموية في المشرق وهو ما يطلق عليه "عصر الولاة " ويتكلم ايضآ بشكل مبسط عن بداية عصر الإماره الأموية على يد عبدالرحمن الداخل عصر الولاة هو في الحقيقة عبارة عن فترة قصيرة جدآ مقارنة بالتواجد الإسلامي في الاندلس ولكن هي فترة في الحقيقة مليئه بالأحداث السارة والأحداث السيئيةالتى كانت سوف تنهي التواجد الإسلامي مبكرا في الإندلس لولا لطف الله ثم تدخل عبدالرحمن الداخل ** ملاحظة: الكتاب ليس شاملا عن تاريخ الأندلس ولكن مختص فقط في فترة " عصر الولاة " كما سبق ذكره .
كتاب أقل ما يمكن وصفه أنه كتاب رائع وهو لم يكن كتاب كانت رحلة الى الاندلس مع دكتور حسين مؤنس والكتاب بيتكلم عن فترة خاصة فى تاريخ الاندلس الاسلامى وهى عصر الولاة والكتاب يتكون من 12 فصل الفصل الاول اسبانيا قبيل الفتح الاسلامى وعن احوال دول القوط فى اسبانيا والفصل الثانى فتح المغرب وعن الصعوبات اللى واجهت المسلمين فى فتح هذا القطر والفصل الثالث عن فتح الاندلس الذى دام 4 سنوات حتى استتب امر المسلمين فى الاندلس والفصل الرابع عن عصر الولاة اللى استمر فترة قصيرة ولكن على قصر هذى الفترة له أهمية كبيرة فى تاريخ الاندلس الاسلامى والفصل الخامس عن صراع العرب والبربر ونتيجة هذا الصراع على الاسلام بعد ذلك والفصل السادس عن القيسية واليمنية وعن النزاعات العربية واثرها فى اضعاف العرب فى الاندلس والفصل السابع عن فتوح المسلمين فى غالة وعن أهمية معركة بلاط الشهداء واثر هزيمة المسليمن فى هذه المعركة الفصل الثامن عن قيام حركة المقاومة النصرانية وأهمية معركة كوفادنوجا والفصل التاسع عن المجتمع الاندلس1 العرب والبربر والموالى والفصل العاشر عن المجتمع الاندلسى 2 المولدون والمستعربون والفصل الحادى عشرعن الادارة والمال والفصل الثانى عشر عن قيام الدولة الاموية فى الاندلس على يد عبد الرحمن الداخل وبهذا ينتهى عصر الولاة بعد ما يقارب من 46 عام
من أفضل ما قرأت فى موضوعه، على الرغم من قصر الفترة التاريخية التى يغطيها الكتاب إلا أنه كان عميقا أهم ما يميزه هو المنهجية العلمية وإن كانت ثقيلة بعض الشئ وأيضا عدم إعتماده على المراجع العربية فقط ولكنه تناول المراجع الغير عربية التى تناولت الموضوع فكان الكتاب شاملا
الدكتور حسين مؤنس خبير في التاريخ، وهو أكاديمي وباحث ومحقق ومتبحر حول تاريخ الأندلس، باللغات العربية والإسبانية والفرنسية، كون الدكتور حسين مؤنس، كأستاذ للتاريخ الإسلامي، بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وكمدير لمعهد الدراسات الإسلامية بمدريد على مدى سنوات طويلة
لكن هذا الكتاب يحوي تجاوزات وشبهات وشطحات، تسيء للتاريخ الإسلامي، ولبعض القادة الفاتحين. ولعلها تعتبر انعكاسا لأراء المستشرقين، حول طبيعة الفتح الإسلامي، وحول أخلاق وشخصيات القادة المسلمين، الذين قادوا الجيوش في بهذا الفتح. ولعل ذلك مرده إلى خلفية الدكتور مؤنس، القريبة إلى العلمانية، منها إلى الإسلامية، وتأثره بالثقافة الغربية – الفرنسية تحديدا كونه تخرج من إحدى جامعاتها- ثم علاقاته الوثيقة بكبار المستشرقين، في عهده، وما يمكن أن يكون قد تسرب إلى ذهنه، من أفكارهم حول هذه الفتوحات من حيث، قد يظن أو لا يظن.
مثال على ذلك: يقول الدكتور حسين متحدثا عن سياسة موسى بن نصير، في فتوح المغرب: "وكان موسى يحسب أن المسألة مسألة حروب وغنائم وكفى. فكان همه منذ تولى منصرفا إلى القيام بغزوات يعود منها بالمغنم الوفير والسبي الكثير ولا يهتم بعد ذلك بما كانت تثيره هذه الضربات من الحفيظة وسوء الظن في نفوس أهل البلاد..[
ثم يذكر في كتابه إلى القول: ولم يكن موسى ليتوخى النواحي المضطربة أو القبائل الثائرة ليغازيها بل كان يتوخى المطمئنة فينزل بهم على غرة...[3]". فهل هذا معقول وكان من ضمن جنده تابعين أجلاء!!
ثم ذكر على سبيل المثال إحدى غزوات موسى بن نصير لقبيلة صنهاجة ومبالغته في القتل والسبي. ثم يعلق عليه بالقول – رغم ما في النص من أخطاء -: " ولسنا نفهم سببا آخر لمثل هذه الغزوة غير الطمع في المغانم". ويضيف قائلا: بل حدث أن غزا كتّامة واشتد في أذاها، فسارع رجالها يؤكدون له طاعتهم وحسن ولائهم، فأصر على أن يسيء الظن بهم، ومضى يواتر الغزو عليهم وأصر على قتل رهائنهم، حتى تكشفت له براءتهم على نحو لا يقبل الشك، فانصرف عنهم بمغنم وافر
هذا غيض من فيض، ولا أنصح بقراءة الكتاب إلا للمتخصصين في التاريخ الذين يميزون الروايات التاريخية الصحية وهناك بدائل أنفع من هذا الكتاب لراغب السرجاني، وحتى طارق السويدان
فجر الأندلس تأليف الدكتور حسين مؤنس كتاب عميق جدًا يتميز بالشمول، وسعة المعلومات يتحدث عن فترة وهي من أهم فترات الأندلس من الفتح إلى قيام الدولة الأموية، كما جاء في العنوان الفرعي : " دراسة في تاريخ الأندلس من الفتح الإسلامي إلى قيام الدولة الأموية ( 711- 756م) "
وِصف بأنّه أفضل ما كُتب حول الأندلس وخصوصًا تاريخ الفتح، فهو يعتبر من أهم المراجع لسعته وشموله، فقد جمع فيه معلومات جمّة إلا أنّه أسهب فيها؛ فخرج من الموثوق إلى غير الموثوق! فالكتاب يحمّل شبهات ومغالطات في كثير من الروايات حول التاريخ الإسلامي وأخص بعض القادة الفاتحين الذين اسهموا في فتح الأندلس، ولعل هذه أراء بعض المستشرقين حول الفتوحات الإسلاميّة والقادة الفاتحين وتأثر الدكتور حسين مؤنس بهم. ويظهر أيضًا مبالغته بوصف العصبيات القبيلية بين القيسية واليمنية، وبين العرب والبربر! فمع جودة الكتاب إلا أن بعض المعلومات تحتاج لتمحيص بشكل أدق، ومن الممكن ورودها مع الرد عليها وبيان الثغرة الموجودة والحرص على إظهار الروايات بشكل سليم دون مغالطات.
وهنا يوضّح موقف موسى بن نصير بعدما سمع بتحقيق طارق بن زياد من فتوحات في الأندلس: "وتذهب الرواية الإسلامية إلى أن موسى بن نصير لم يكد يسمع بأخبار ما وفق إليه مولاه طارق من الفتح حتى أكل قلبه الحسد وقرر أن يذهب إلى الأندلس بنفسه ليعاقبه وليفتح بنفسه فتوحا أعظم من فتوحه ، وعلى الرغم من أن موسى لم يكن بعيدا عن الغرور والحسد والطمع، فإننا نستبعد أن يكون هذا الشعور أو ما يماثله هو الذي دفعه إلى العبور ��لى الأندلس. " ص ٨٤
فكما يظهر هنا في عرض موقف موسى بن نصير دون تمحيص لهذه الرواية أو تأكيدها من مصادر موثوقة!.
أخيرًا القارئ لهذا الكتاب سيلاحظ المغالطات الموجودة إن كان مطلعًا على تاريخ الأندلس وتاريخ الفتوح، لذلك أنصح بقراءته مع توخّي الحذر وعدم الغفلة واستسقاء المعلومات دون التأكد من مصدرها، وقد قرأت مرة عن الحاجة الماسة لإعادة النظر في هذا الكتاب من قِبل مؤرخ مسلم فلم أكن أتصّور أن المغالطات التي كُتبت تِصل لهذا الحد؛ لكن بعدما قرأت هذا الكتاب أوافقه في ذلك.
لقد وضع حسين مؤنس في هذا الكتب مرجعا عظيما لفترة بدايات الاسلام في الأندلس ، تلك الفترة المشهورة في أوساط المؤرخين بمرحلة الولاة والتي نادرا ما تجد فيها كتابة او تفصيلا ولكنها وضعها كأنه معاصر لها من كافة جوانبها السياسية والاجتماعية والثقافية والادبية في تناسق بديع قلما تجده في كتاب واحد. نادرا ما تحتاج لقراءة كتاب اخر لتحيط علما بتلك الفترة بعد ذلك الكتاب خاصة انه اعتمد في كتابته علي اقوال عديد المؤرخين من اسبان وعرب ومقارنة الروايات والحكايات ببعضها مع تمحيص عقلي نقدي لتلك الروايات ولغة سلسة بدون احالات عديدة او هوامش مغرقه تخرجك من انسيابية النص الاصلي وهذا لعمري آفة عديد المؤرخين.
كاد ان يكون افضل ماكتب وجمع عن الأندلس.., لولا السقطات التي سقط فيها المؤلف في ماكتبها وقالها عن الفاتح والبطل الفذ موسى بن نصير لكن بشكل عام الكتاب جميل ورائع وانصح كل شخص مهتم في تاريخ الأندلس به
من الكتب القيمة التي نجد فيها عمق وفكر الاستاذ المرحوم حسين مؤنس فالرجل موسوعي تاريخي من يريد قراءة فتح الاندلس انصحة بان يجعل من كتاب حسين مؤنس من القائمة لان الرجل يحلل ويستنبط ويعالج القضية التاريخية معالجة فكرية ففيه من المصادر والاستدراكات والاستنباطات الكثير
عصر الفتح والولاة هو فجر عصور الاندلس ومنه اكتمل شروق وسطوع شمس الحضارة الاندلسية حتى غروبها بعد ذلك بثمانية قرون.. ربما هذا كان قصد المؤلف حينما اختار هذا الاسم ، تلك الفترة دامت بضع عشرات من السنين ولكنها مؤسسة لتلك الفترة العظيمة من تاريخ "شبه جزيرة إيبيرية"
عندما تنظر الى تاريخ الاندلس في خط زمني فستجد أن عصر الولاة وبدايات الفتح كانت فترة قصيرة، ولكنها استغرقت ما يزيد عن ٥٠٠ صفحة في الكتاب. استمر الفتح الإسلامي حتى وصل المسلمون الى فرنسا - غالة كما عرُفت حينها - بجيوشهم، وكادوا أن يجتاحون اوروبا عبرها. احياناً اشعر وكأن الأندلس كانت اسطورة مكتوبة في الكتب فقط، فمن المثير للتفكير والدهشة أن تختفي حضارة كاملة بشعبها وثقافتها وكل ما يعبر عنهما باستثناء العمران، وكأن نجمًا من السماء قد اصابها فمحى كل شيء وترك بعض القصور لتثبت انه قد مرت هنا يوماً ما حضارة عظيمة، لكنها لم تكن كلها فجرًا دافئًا كما نظن بل اجتاحتها حمى القبلية وفتكت بها العصبية التي ادت بطريق غير مباشر الى توقف فتوح غالة وتفرق كلمة المسلمين حتى انتهى بهم الحال الى الضعف ثم السقوط.
كتاب يحكي عن عصر الولاة من تاريخ الأندلس منتهيا ببداية عصر الدولة الأموية الأندلسية .. استرسل الكاتب في تفاصيل كثيرة عن طبيعة الحياة وتقسيم المقاطعات الأندلسية بعد الفتح وعلاقات الولاة ببعضهم . من المؤسف انتشار العصبية القبلية بشكل رهيب مما أودى بحياة الكثيرين وأضعف مركز المسلمين واستهلك مواردهم المادية والبشرية بلا ظائل سوى في حروب فاسدة ناتجة عن الكراهة والعصبية مما ترك الفرصة لبعض القوط للاستيلاء على المدن التي فتحها المسلمون من الأندلس نتيجة انشغالهم بالحروب الداخلية .
يوضح الكتاب ضعف المعلومات الموروثة عن النظام المالي وقتئذ مؤكدا على عدم استفادة الخلافة في المشرق من أموال الأندلس مستدلا بذلك على رغبة عمر بن عبد العزيز في لحظة ما في أن يترك المسلمين الأندلس برمتها عائدين لبلادهم نتيجة شعوره بعدم فائدتها وضعف موقف المسلمين فيها .
كتاب رائع لمن يريد تفاصيل عن عصر الولاة من جميع النواحي جامعا كل ما ورد في ذلك من الكتب الإسبانية والفرنسية والعربية واللاتينية .
منهجه الأكاديمي السليم يعطيه قيمة علمية رفيعة، ولكنه في نفس الوقت يقلل من متعة العرض والأسلوب. أنصح به للدارسين في شؤون التاريخ، لا المتيمين بجنة الأندلس المفقودة