فنان لبناني اشتهر بموسيقاه الحديثة وتمثلياته السياسية الناقدة التي تضخم الواقع اللبناني الحزين بفكاهة عالية الدقة. تميز أسلوب زياد الرحباني بالسخرية والعمق في معالجة الموضوع، كما أنه يعتبر طليعيا وشيوعياً وصاحب مدرسة في الموسيقى العربية والمسرح العربي المعاصر.
أمه هي نهاد حداد المغنية ذات الشهرة العالمية والمعروفة بفيروز. ووالده هو عاصي الرحباني أحد الأخوين رحباني الرواد في الموسيقى والمسرح اللبناني.
ما الذي تتوقعه؟ عائلة الرحبانة استثناء في التاريخ !
أحببتك أكثر مما علموني في الصلاة أنا ألف مرة يخطر ببالي: أن أناديك بصوت بسيط أين أنت يا ربي؟ أنا لم أعرفك تحمل صلباناً ، وتموت من أجلي أنا عرفتك ولداً لا يقدر أن يحمل الصليب أنا عرفتك ولداً يطير كالفراش فوق الزهر في الصباح فسكنتْه العصافير أنا لم أعرفك تتعذب أنا عرفتك ولداً ، لو تركوه يلعب ونسوا أن يقولوا له مضت أيام وأنت تلعب لظل يلعب طول حياته ولا يضجر
لا أريد أن اصلي إلا ما افهمه لا أريد أن اصلي دعوني اصرخ فوق الجبال الصخرية في الوديان الساكتة فتصرخ معي أين أنت ؟ دعوني اخبر الشجر قصة صديقي هذه هي صلاتي
----------------
أليس في كل ثانية من الحياة إنسان يضحك؟ إذن في الأرض ضحكٌ متواصل
----------------
الطفلُ متى عرف أنه من أسراب الطفولة البريئة لم يعدْ منها الطفلُ متى صار يعرف كيف يرسم المهندسُ البيتَ هربتْ من صُوَره خطوطُ الحبّ والجمالِ الصغير البسيط متى عرف أنه بسيط لم يعدْ بسيطا الإنسانُ متى عرف الحقائق سقط عن سرير الأحلام
وسألتُهم أن يرسموا أشجاراً فرسموا أغصاناً طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلتُ : لا ، إلاّ هذا ارسموا زهراً وبيتاً فرسموا زهوراً ملقاةً في مياه المطر والعسكرُ يدوسُها وقلتُ : لا ، إلا هذا ارسموا عصفوراً يغني كما كنتم ترسمون مِن قَبل فرسموا عصفوراً يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبت
----------------
إن لم أكن فرِحاً لا أستطيع أن أصلّي ما مِن مرةٍ صلّيتُ إلا وفي قلبي عصفورٌ يلعب وغصنٌ يلوّح
----------------
يا مشغولاً بمأساة أَلاَ عَرّجتَ في الطريق على طفلٍ تُخبره قصّتَك فيبكي لك أمّا نحن فلا تُنادِنا كلُّنا صرنا صخورَ مصائبِنا لا أحدٌ يبكي كلُّنا صخور لكننا اخترْنا الأطفالَ والفصولَ للاستماع إلى قِصصنا وللبكاء
----------------
لو عددتُ درجات بيتي وكم من مرة صعدْتُها لَكَانَ هذا درجاً طويلا يخترق السحب ولو عددتُ ضحكات أمي لي لرافقتْني طوال صعودي ووقعتْ مِن بَعدي الضحكاتُ على الدرج وأزهرتْ زهرا
كانت أحاديث السهرة تدور فقلتُ : حدِّثونا عن غير الموت قالوا : نحكي عن الحرب قلت : عن غير الحرب قالوا : نحكي عن دموع المشرَّدين قلت : عن غير دموعهم قالوا : عن المنتظِرين قلت : عن غير المنتظرين قالوا : لا نعرف غير هذا فَعَمَّ نحكي ؟ قلت : اسهروا آما تسهر الحيطان لا تتكلموا عن شيء وانظروا بعضكم إلى بعض علَّ وجوهَكم تتحادث
اطالع تلك الحروف للمرة المائة واجدنى اساءل نفسى دوما نفس السؤال كيف يكون كاتب تلك الاحرف طفل لم يتجاوز التانية عشرة! فاجد الاجابة الوحيدة الملائمة هى:لأنه الرحبانى
حقا ..من رحم الازمات تولد الابداعات مؤكد ان الامر اكثر من مجرد طفل موهوب كان من المحتم ان يمر زياد الطفل بكل تلك المعاناة التى لخصها فى كتابه هذا ليصير يوما ما زياد الفنان زياد الاسطورة زياد الرحبانى
أذكر هذا اليوم الذي تساءل فيه صديقي عن ما كان الممكن حدوثه إن لم يلتقِ أناس بأعينهم بعضهم قط؟
ماذا لو لم تلتقِ فيروز بالأخوين رحباني؟
أمه فيروز، والده عاصي الرحباني.. زياد..الصغير الذي شاب قسراً، قبل أوانه ب أوان.
قيل أن الخواطر في هذا الكتيب كتبها زياد طفلاً، في عامه الحادي عشر، و لا عجب..فالحياة و الحرب أقسي معلمين يمكن للمرءِ لحصول عليهما يوماً
أحببتك أكثر مما علموني في الصلاة أنا ألف مرة يخطر ببالي: أن أناديك بصوت بسيط أين أنت يا ربي؟ أنا لم أعرفك تحمل صلباناً ، وتموت من أجلي أنا عرفتك ولداً لا يقدر أن يحمل الصليب أنا عرفتك ولداً يطير كالفراش فوق الزهر في الصباح فسكنتْه العصافير أنا لم أعرفك تتعذب أنا عرفتك ولداً ، لو تركوه يلعب ونسوا أن يقولوا له مضت أيام وأنت تلعب لظل يلعب طول حياته ولا يضجر
نعم ! أنا لستُ الخطيئة يا الله، و أنت الحب. فلمَ يشّقُ علينا تعّلُم هذا؟ لمَ لا نُعلمه لأطفالنا؟ لمَ نجعل خشيتك في قلوبهم أشد أثراً من الحب ناسين غافلين أنّه السبيل لكل شئ؟
--------------------------------
أَتيتُ الأولادَ المشردين بالأوراق وسألتُهم أن يرسموا أشجاراً فرسموا أغصاناً طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلتُ : لا ، إلاّ هذا ارسموا زهراً وبيتاً فرسموا زهوراً ملقاةً في مياه المطر والعسكرُ يدوسُها وقلتُ : لا ، إلا هذا ارسموا عصفوراً يغني كما كنتم ترسمون مِن قَبل فرسموا عصفوراً يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبت..
ٍيا مشغولاً بمأساة ألا عَرّجتَ فى الطريق على طفلٍ تُخبره قصّتَك فيبكى لك أمّا نحن فلا تُنادِنا كلُّنا صرنا صخورَ مصائبنا لا أحدٌ يبكى كلُنا صخور لكننا اخترْنا الأطفال والفصولَ للاستماع إلى قِصننا وللبكاء..
هذا صغيرٌ عاصر الحرب، لا عجب إن غزا الشيب مفرقيه قبل الموعد بحين :)
-------------------------------------- “لا يعود شيءٌ يخيف إنْ صرناه .”
ٍ “تلبس أمي فستاناً جديداً وتسألني : هل جميلٌ فستاني ؟ وأقولُ لها : إنه جميلٌ جداً . وكثيراً ما تسألني عن غيرهِ وأُجيبها إنه جميل جداً . ومرةً قالت أمي : تُجيبني دائماً حلوةٌ الفساتين فهل خجلاً ؟ قلتُ : في دُنيانا يا أمي لا يوجد فستانٌ بشع ما دام لكلّ فستان واحدةٌ تُحب أن ترتديه”
“اكتبوا على الأوراق على أوراق الدفاتر على أوراقِ الأشجار الصُفر اكتبوا على شبابيك الزواريب الطويلة على أصغر الأحجر احفروا في جذوع الأشجار على أبواب البيوت المتهدمة اكتبوا كل ما يخطر ببالكم فإننا راحلون ! اكتبوا”
"الكلمة كوبري صُلب فوق بحر العُباب.. الجٍن يا أحباب ما يقدر يهدمه اتكلموا.."
اتكلموا ! :)
إن رزقتني بأطفالٍ يوماً، أعنني يا الله..لا أرُيد طفلاً لا يُحبك..لا أُريد طفلاً لا يُحب.
مبدئيا زياد الرحبانى مواليد 56 و مكتوب ان الديوان اتكتب مابين سنة 68 لـ76 يعنى الديوان كان فيه متسع من الوقت لتنقيحه و مراجعته سواء من قبله بعد ما كبر او من قبل اصدقاء مامته و بابا :) ! قرأت الديوان مكتوب وورد و موش عارفه اذا كان في الكتاب ترتيب زمنى جواه للقصائد دى زي ما في ديوان ابو القاسم الشابي مثلا (اغانى الحياة) عشان اعرف القصائد اللى كتبها و عمره 12 و 13 سنه من غيرها عشان اقدر احدد مدى العبقرية اللى بيدعوها له مشكلة زياد و ازماته سببها بيتلخص في الابيات دي
أرسم صوراً على ورق
وعندما أريد أن أمزّقها
تركض أمّي تأخذها
وتحفظها في خزانة قديمة
على الورق الكثير
رسمتُ بيوتاً وورداً
رسمت أبي
ولا أحد غيري يعرف أن الصور
بيوتٌ وورودٌ وأبي.
(.. ما فيش حد غيره يعرف لأنها كانت شخابيط) ***
كيف أُفْهِمك
يا عصفورَ قَفَصِنا
إنني أنا غيرُ أهلي
لا أُحبُّ أن أقتني
لا أقفاصاً ولا عصافير.
.. ازمة زياد انه ابن الرحبانيه و فيروز و انه حقيقي موش عبقري زيهم .. مامته بتلمله رسوماته و بتصوره بيعزف على البيانو ..وتسمعنا هرطقات عن اول مقطوعه موسيقيه الفها و عمره 6 سنوات .. تقولش موزارت يا خي ! العبقرية لو اتوجدت اصلا في شخص مابتروحش منه تحت اي ظرف و الا فهو اصلا موش عبقري من الاول .. و كل هرطقات اسطورة زياد اللى نشأت في احضان الرحبانيه و فيروز بكلامهم عنه و تهويلهم لمواهب و قدرات موش موجودة عنده اصلا اتفضحت لما كبر .. مسرحياته و موسيقاه و اغانيه عاديه و بعضها اقل من عادي كمان زياد الرحبانى بيفكرنى بحكايه درسناها زمان عن ولد كان وحيد امه و ابوه رسم صورة و فازت بالجايزة الاولى في مسابقه للرسم على اساس انها حيوان ما و هو كان قاصد يرسم وردة اصلا ! الولد دا فضل موهوم بالعبقرية و النبوغ بفضل والديه و المسابقه الهزليه الفانتازية دى و فضل طول حياته يرسم متصور انه فنان موهوب و عبقري و ان الناس هي اللي موش فاهماه فعاش وحيد مضطرب نفسيا معذب فقير ماحدش فاهمه و لاهو فاهم حد.. لأنه كان ضحية .. لضغط مورس عليه يكون حاجه هوه غيرها ! ***** الديوان بسيط و عادي ممكن يكتبه طفل في العمر دا لو فرضنا انه كتبه فى العمر دا ، و اعرف و سمعت اطفال اصغر من العمر دا و في العمر دا و كتبوا اشعار و افضل من كده كتير كمان و اللغه الشعريه الحالمه في ديوانه موش نابعه عن عبقريته المزعومة .. لكن نابعه من اختلاطه و تأثره بالجو اللى نمى فيه .. الجو و البيئة الرحبانيه زياد ضحية .. ضحية لعبء نفسي و ضغط مورس عليه عشان يكون بيلمع زي الباقيين و ضحية للرفقاء المقززين اللى انتمى لهم بعدين و اللى بيوهموا روحهم انهم ابطال و اساطير خارقه للعادة لولا بس ظروف الحياة و المجتمع و الناس و و و الرفقاء اللي بيسقفوا لبعض على العك و السفاهه و الفشل و بيتصوروا انهم بدا اصحاب فكر ثورى .. و انهم بيتحدوا الراسخ و القديم و المفروض ! حتى و لو كان البديل اسوأ و حتى لو فرضوه عنوة على المجتمع رغم ادعائهم بانهم ضد الفرض !
أعتقد ان الكتاب يكشف مفاتيح الابداع في شخصية زياد رحباني . . . لم أصدق عيني حين وقعتا على التاريخ المدون في أولى صفحاته . . و لم أصدق عقلي فيما استنتجه عن عمر الطفل زياد رحباني الذي كتب هذه الكلمات الرائعة السامية المضامين و العميقة الصوفية المعاني . . . و لكن لِمَ العجب . . هو زياد الرائع . . زياد القوي . . زياد المبدع . . زياد الفتي . . .زياد المؤمن بأن الابداع لا يعرف حدود . . و ايضاَ لا يعرف تخصصات . . فالابداع حياة المبدع
طوالَ عيدِ العمر واحتفالاتِ الضجر وفي أزمنةِ الحروب أخافُ أنْ تهربَ ثانيةً يا الله لأنك إذا غبتَ وعُدْتَ ترى الأسلحةَ مُعدَّة وموجَّهة إليك. ... أتيتُ الأولادَ المشردين بالأوراق وسألتهم أن يرسموا أشجارًا فرسموا أغصانًا طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلت: لا، إلا هذا ارسموا زهرًا وبيتًا فرسموا زهورًا ملقاةً في مياه المطر والعسكر يدوسُها وقلت: لا، إلا هذا ارسموا عصفورًا يغني كما كنتم ترسمون من قبل فرسموا عصفورًا يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبتُ.
منبهرة جداً انه فعلا كان عنده 11 12 سنة لما كتبه .. و نفسى اتحقق اكتر من النقطة دى ..
و لكن ايا كان الكتاب فيه رؤية خاصة لأشياء كثيرة ..
أكتر أجزاء عجبتنى :
-صاروا يعدون ذكياً من يكفر أحسنهم بالله ذكياً الذي آلامه اكثر الكلام سفالة
-آه لو آان الكلام كالخبز يشترى فلا يستطيع أحد أن يتكلم إلا إذا اشترى آلاما
-وقلت لهم ألا تسكرون الأبواب فقالوا : ليت كل همومنا أبواب للتسكير .
-أرسم صوراً على ورق وعندما أريد أن أمزقها ترآض أمي تأخذها وتحفظها في خزانة قديمة على الورق الكثير رسمتُ بيوتاً وورداً رسمت أبي ولا أحد غيري يعرف أن الصور بيوتٌ وورودٌ وأبي .
-أليس في كل ثانية من الحياة إنسان يضحك ؟ إذن في الأرض ضحك متواصل !
-وعندما هدأ كلُّ شيء ما هدأ ؟ لم تهدأ سوى الأشياء أما الأرواح فالآن ثارتْ وغضبتْ وأحست بحبّ الانتقام ورأيت الباب مفتوحا
-كانت أحاديث السهرة تدور فقلتُ : حدِّثونا عن غير الموت قالوا : نحكي عن الحرب قلت : عن غير الحرب قالوا : نحكي عن دموع المشرَّدين قلت : عن غير دموعهم قالوا : عن المنتظِرين قلت : عن غير المنتظرين قالوا : لا نعرف غير هذا فَعَمَّ نحكي ؟ قلت : اسهروا كما تسهر الحيطان لا تتكلموا عن شيء وانظروا بعضكم إلى بعض علَّ وجوهَكم تتحادث .
-نحن نحب الأشياء وإنْ قلّ استعمالها أو صارت لا فائدةَ منها لا نعطيها أحداً ولا نرميها نُحس أن للأشياء أرواحاً تَحزن إذا أَبعدوها عن أصحابها
- صرت أخاف أنْ أُطيل النوم كي لا يذهب الجميع وأبقى وحدي
-لا يوجد فستانٌ بشع ما دام لكلّ فستان واحدةٌ تُحب أن ترتديه
-لا أحسدُكَ على معرفتِك مصيرَ كلٍّ منّا لأنك قد تبكي على مصيرٍ حزين بينما صاحبُهُ سهران يضحك وتعرفُ الفرحَ قبلَ وقوعِه فلا ترى مثلَنا لذّة المفاجأة .
أعلم أنك حين تقرأ كلامي هذا ستكون قد قرأت تعليقات كثيرة أخري بنفس النغمة ، لكن اعذرني ؛ فأنا مهما بلغ بي الشطط والخبال والمبالغة ، ما كنت لأتخيل أن كاتب هذا الكتاب هو زياد رحباني الطفل ذي ال11 أو 12 عاما !!! من أي عوالم أتي بهذه الكلمات والأفكار ؟ ماذا رأي هذا الصغير ليصير بحكمة لا يصل لها كثير من المسنين ؟! وبأي عناية أبوية تثقفية حظي ليتملك زمام قلمه كما تملك ؟ فهمه لله أعمق من فهم رجال دين كثر ، وهو الصغير قليل التجربة. ربما تواصل مع فطرته فعثر علي باب يقوده مباشرة إلي الله ، ذلك الباب الذي ولدنا به جميعا لكنه يصبح نسيا منسيا تحت ركام الحياة. مهما وصفت لك لن أعبر. سأتركك مع مقتطفات لتفهم مقصدي.
"لا أعرف إلا أن لي بيتا بجدران سريرا وصورتين خبزا وماء لا غير وأصبحت دنياي بيتا بجدران سريرا وصورتين خبزا وماء لا غير"
"وسألتهم : صديقي هل يخاف ؟ قالوا : يخاف ألا تحبه. وقلت : أين هو ؟ قالوا : في كل مكان."
"إذا أردت أن تأتي فتعال قبل الشتاء في الشتاء طرق المجيء مسكرة وطرق السفر يقف عليها أناس كثيرون ، لا يبكون ، ولا يضحكون إنهم مسافرون"
"كل البيوت بيوته ولا يسكنها كل الأعشاش أعشاشه ولا يسكنها وسألت : أين يسكن ؟ فقالوا : يسكن النفس وعرفت أن صديقي _ وردة لا تطال أعلي الورود وأجملها."
"أفقت هذا الصباح علي صوت آخر البلابل فالشتاء أتي اليوم يوم علمت أنه لا يطال"
"أتي فصل التشرد والبعد"
"وسألت أمي : أين الكروم ؟ قالت : هناك وكل ما ليس هنا ، يكون هناك"
"أنا في الداخل والباب موصد والنار مشتعلة فيا شتاء أقبل"
"قلت : ألا تسكرونها أنتم بأيديكم القوية ؟ قالوا : مللنا الحياة امتلأت الأرض بالشتائم والحقد زرعوا خناجر في قلب الكلام صاروا يعدون ذكيا من يكفر أحسنهم بالله ذكيا الذي كلامه أكثر الكلام سفالة"
"آه لو كان الكلام كالخبز يشتري فلا يستطيع أحد أن يتكلم إلا إذا اشتري كلاما"
"وقلت لهم : ألا تسكرون الأبواب ؟ فقالوا : ليت كل همومنا أبواب للتسكير"
"أعمر بيتا أسكنه لباقي العمر. وظل يعمر طول عمره وعندما انتهي البيت ، انتهي صاحب البيت"
"وقيل لا تخافوا والقائل يرتجف وكيف لا نخاف ؟ والزوايا اختبأت في الزوايا ونار الموقد اختبأت تحت الحطبات والشبابيك التي كانت تنتظر الصباح لتفتح قلبها تسكرت وتجمعت أمامها وجوه كثيرة ، تحكي وتصرخ وتبكي بصمت وهربت الشمس فوق الجبال بين الأغصان الفارغة كالفتاة المذنبة الهاربة وشعرها يتطاير وراءها"
"في الأرض ليس من كتاب كلنا كتاب نكتب حياتنا علي الأيام وكل يخاف علي حبره ولا يعطي منه الآخر"
"اكتبوا علي الأوراق علي أوراق الدفاتر علي أوراق الأشجار الصفر اكتبوا علي شبابيك الزواريب الطويلة علي أصغر الأحجار احفروا في جذوع الأشجار علي أبواب البيوت المتهدمة اكتبوا كل ما يخطر ببالكم فإننا راحلون ! اكتبوا أن في يوم من سنة كذا في جيل كذا ضحك ولد قبل أن ينام اكتبوا ما دام الرحيل يكتبه هو فالوداع لنانجعله أحلي وداع."
"ليتهما يعرفان أن العتاب كالدخان يفني ليتهما يعرفان أن الفرح أقوي من الحزن ليتهما يعرفان أن الفرح أقوي من الحزن ليتهما يعرفان أن لحظة العمر الأخيرة قد تنزل علينا تأخذنا ونحن نتخاصم ليتني لا أعرف ما أعرف !"
طفل يا اطفال طفل يكتب فى سن الحاديه عشر كلام ببلاغه ورقى وبحس فيروزى .. نعم انا ارى امه فى كلاماته . `صديقى الله .. هل ترزقنى بطفل مثل هذا ؟ يحبك هذا الحب يالله ؟! صديقى الله : أحببتك أكثر مما علموني في الصلاة صديقى الله : "كل البيوت بيوته ولا يسكنها كل الأعشاش أعشاشه ولا يسكنها وسألت : أين يسكن ؟ فقالوا : يسكن النفس وعرفت أن صديقي _ وردة لا تطال أعلي الورود وأجملها؟"
“أَتيتُ الأولادَ المشردين بالأوراق وسألتُهم أن يرسموا أشجاراً فرسموا أغصاناً طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلتُ : لا ، إلاّ هذا ارسموا زهراً وبيتاً فرسموا زهوراً ملقاةً في مياه المطر والعسكرُ يدوسُها وقلتُ : لا ، إلا هذا ارسموا عصفوراً يغني كما كنتم ترسمون مِن قَبل فرسموا عصفوراً يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبت”
ويقـول: تلبس أمى فستانًا جديدًا وتسألنى: هل جميلٌ فستانى؟ وأقول لها: إنه جميل جدًا. وكثيـرًا ما تسألنى عن غيره وأجيبها/ إنه جميلٌ جدًا. ومرةً قالت أمى: تجيبنى دائمًا: حلوة الفساتين فهل خجلًا؟ قلتُ: فى دنيانا يا أمى لا يوجد فستان بشع ما دام لكل فستان واحدة تحب أن ترتديه.
وأتخيّل حواره مع "فيـروز" فأشعـر بالحنين يخدّر أطرافى..
ثم يقـول: أحببتك أكثر مما علموني في الصلاة أنا ألف مرة يخطر ببالي: أن أناديك بصوت بسيط أين أنت يا ربي؟ أنا لم أعرفك تحمل صلباناً ، وتموت من أجلي أنا عرفتك ولداً لا يقدر أن يحمل الصليب أنا عرفتك ولداً يطير كالفراش فوق الزهر في الصباح فسكنتْه العصافير أنا لم أعرفك تتعذب أنا عرفتك ولداً ، لو تركوه يلعب ونسوا أن يقولوا له مضت أيام وأنت تلعب لظل يلعب طول حياته ولا يضجر
فأرى الله من منظـور مختلف..
ويقول: أنا في الداخل والباب موصد والنار مشتعله فيا شتاء أَقبل
فأتشبّث بغطائى أكثـر وأدفن نفسى فى دفء روحه..
ويقول أيضًا: أَتيتُ الأولادَ المشردين بالأوراق وسألتُهم أن يرسموا أشجاراً فرسموا أغصاناً طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلتُ : لا ، إلاّ هذا ارسموا زهراً وبيتاً فرسموا زهوراً ملقاةً في مياه المطر والعسكرُ يدوسُها وقلتُ : لا ، إلا هذا ارسموا عصفوراً يغني كما كنتم ترسمون مِن قَبل فرسموا عصفوراً يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبت
كيف لطفل صغير أن يتحدث مع الوجود بهذا العمق؟ زياد الرحباني/ بعمر إثنتي عشرة سنة يكتب عن خيالاته التي لا تنتهي، عن براءة الطفولة، عن النزق، عن الضحك، عن الدهشة، عن الحلم بنظرة وجدانية مسحورة بالحياة.. "كلهم يعرفون ان دقيقة العمر مره تأتي ويعرفون ان الفرح فيها أحلى من الحزن ولكن لا يصدقون أنفسهم.. لا يعود شئ يخيف ان صرناه.."
ذاك إذن زياد الرحباني/الطفل، قبل أن يصير ما صارـ تجلى، فكان الموسيقى في حد ذاتها..
الطفلُ متى عرف أنه من أسراب الطفولة البريئة لم يعدْ منها . الطفلُ متى صار يعرف كيف يرسم المهندسُ البيتَ هربتْ من صُوَره خطوطُ الحبّ والجمالِ الصغير . البسيط متى عرف أنه بسيط لم يعدْ بسيطا الإنسانُ متى عرف الحقائق سقط عن سرير الأحلام .
آه لو آان الكلام كالخبز يشرى فلا يستطيع أحد أن يتكلم إلا إذا اشترى كلاما
قالوا : لا نعرف غير هذا فَعَمَّ نحكي ؟ قلت : اسهروا كما تسهر الحيطان لا تتكلموا عن شيء وانظروا بعضكم إلى بعض علَّ وجوهَكم تتحادث .
قلتُ : في دنيانا يا أمي لا يوجد فستانٌ بشع ما دام لكلّ فستان واحدةٌ تُحب أن ترتديه .
وتخيلت شيئاً آخر : أليس في كل ثانية من الحياة ، إنسان يضحك ؟ إذن في الأرض ضحك متواصل..
حائرٌ أنا بين أن يبدأ الفرح وألاَّ يبدأ مخافةَ ينتهي ..
وقالوا يوماً : إن الله صديقي ورحت أفتش عن صديقي في الأحراج ، بين الزهور في الأشجار المورقة ، وراء الصخور وخافت مني العصافير وهربت ترى صديقي كالعصافير خاف مني وهرب ؟ وسألتهم : صديقي هل يخاف ؟ قالوا : يخاف ألا تحبه. وقلت : أين هو ؟ وقالوا : في كل مكان
أخرج من غرفتي وأختي ما تزال نائمة هي مرتاحة البال أصدقاؤها كلهم هنا في الحي يلعبون كل يوم ، كل ساعة يعمرون الوقت كالبيوت الرملية ومتى هدموه ، غابت الشمس فوق البحر سأَعود إليهم نلعب في الزواريب بين البيوت
أنا في الداخل والباب موصد والنار مشتعله فيا شتاء أَقبل
آه لو آان الكلام كالخبز يشرى فلا يستطيع أحد أن يتكلم إلا إذا اشترى كلاما
لا أريد أن اصلي إلا ما افهمه لا أريد أن اصلي دعوني اصرخ فوق الجبال الصخرية في الوديان الساآتة فتصرخ معي أين أنت ؟ دعوني اخبر الشجر قصة صديقي هذه هي صلاتي
منذ ان غادرنا زياد الرحباني وسمعت بأن لديه كتبا قلت لابد ان أقرأ له! فهو ليس ملحناً موسيقيا فقط بل كاتبا ايضا. هذا ما قالته لي احدى الصديقات. ولذا ذهبت إلى موقع القراءة الجيدة (goodreads ) لأبحث عن كتبه فوجدت هذا الكتاب ووضعت علامة "أود القراءة". وسبحان الله صحوت اليوم واذا بتجمع القراءة الأسبوعية يضعون نفس الكتاب. يا الهي لما لم اتمنى رحلة بحرية طويلة المدى (مجرد نكتة). ولكن فعلا لاحظت بأنني اذ اشاهد شيئا او اتمنى شيئا وبعده بدقائق يتحدث شخص ما عنه. كان أبي من محبي فيروز وبالخصوص أغنيتها يا جارة الوادي ولذا تعلمنا كلنا أغانيها حتى يفرح أبي. أذكر عندما غنت ميس الريم، حفظناها أنا وإخوتي غنيناها ونحن في السيارة في سوريا (أحدى الصيفيات التي كنا نذهب جميعنا هناك للتصييف) كانت ايام جميلة وليس لاحد منا اية مشاكل. بعدها لم نغني لفيروز ! فقط نستمع لها. ولكن عندما بدأت تغني على الحان زياد الرحباني تغيرت الطريقة وصرنا نحبها اكثر. مثل اغنية وينك انت ملّك انت.
الله يرحمه.
اقتباسات (ولو ان الكتاب كله اقتباسات):
ليت كل همومنا أبواب للتسكير
وعرفت أن صديقي وردة لا تطال! أعلى الورود وأجملها
وعندما انتهى البيت، انتهى صاحب البيت (وانتهت القصة)
يوم أذهبه الى المدرسة احسه سفرا يا أمي احسه بعدا عنك وعن ابي
ورحت اتخيل إذا بوما خطر ببال الطريق ان يسافر، أن يحمل الاشجار ويسافر كيف بعد يسافر المسافر
اليس في كل ثانية من الحياة انسان يضحك؟ اذن في الارض ضحك متواصل
صرت أخاف أن أطيل النوم كي لا يذهب الجميع وابقى وحدي
طوال عيد العمر، واحتفالات الضجر، وفي ازمنة الحروب، اخاف ان تهرب ثانية يا الله! لأنك إذا غبت وعُدت ترى الأسلحة معدة وموجهه اليك
كيف يمكن لفتى في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة أن يكتب كتابًا كهذا؟ كلما أغلقت صفحة من صديقي الله، يعود السؤال ليطرقني. ليس في الأمر موهبة مبكرة وحسب، بل وعيٌ مبكر، وعي مخيف يثقل قلب طفل ويفتح له أبوابًا لا يدخلها الكثير!
في هذه النصوص، الله ليس معبودًا بعيدًا، بل صديق. صديق يقترب حتى يسكن النفس، ثم يبتعد حتى يصير وردة لا تُطال. صديق تخاف أن تفرّ عينُه منك كما تهرب العصافير، فتُترك في عراءٍ وجودي قاسٍ. هذه المفارقة—القرب المذهل والبعد الموجع—هي نَفَس الكتاب كلّه.
زياد يكتب ببراءة جارحة: يحتمي خلف باب موصد من برد الشتاء، بينما النار تلتهم الداخل. يدرك أن لا باب يصدّ قدرًا.
ثم يشكّك في اللغة نفسها: لو كان الكلام كالخبز يُشترى، لقلّ الضجيج وصار للكلمة ثقلها. حتى الريح، بصراخها أو تسبيحها، عنده أصدق من أصواتنا ونحن نخاطب الله.
تزداد الصورة قتامة حين يدخل ظلّ الحرب: الأطفال كالعصافير يرفرفون ويطيرون، والبيت يهتز بغيابهم. الذين يقولون "لا تخافوا" ترتجف ألسنتهم. وفي النهاية، كل الاستعارات تسقط ليبقى النداء العاري:
"ألا جئتَ يا الله؟"
ثم نراه يلمح إلى واقع الحرب والسياسة: أصحاب الكروم يسرقون كرومهم. كلّنا نكتب حياتنا على الأيام، لكننا نخاف على حبرنا. نخشى العطاء وكأن قطرة ستنقص مما لدينا.
حتى الموت، لا يهمنا بقدر ما يهمّنا أثره علينا: الوداع أثقل من الرحيل نفسه.
"كلنا صرنا صخور مصائبنا"
كل فرد صار صخرة يحمل نفسه، لا يتقاسمها مع أحد.
وفي النهاية، الحقيقة تكشف هشاشتنا:
"الإنسان متى عرف الحقائق، سقط عن سرير الأحلام."
وكأن المعرفة تُعرّينا من الوهم، تطرحنا أرضًا. لكنني شعرت أن ما يُسقطنا ليست الحقائق فقط، بل الحقائق بلا "حق". حين نلمس الحق، يمكننا أن نصنع سريرًا جديدًا للأحلام، أكثر صدقًا وأصلب عودًا.
ورغم كل هذا الظلام، يطلّ فجأة نور داخلي:
"أتحداك بالخطيئة، تتحداني بالحب، وأسكت."
جملة أوقفتني. كأنه يكتب شعوري أنا تجاه الله. كم من مرة واجهناه بذنوبنا، فلم يواجهنا إلا بالحب؟ هذه ليست فلسفة، بل تجربة حيّة تسيل منها دمعة.
ثم يتمنى ببساطة: "ليتهما يعرفان أن الفرح أقوى من الحزن." ويختم بحكمة لا تُشبه إلا وعي الشيوخ: "لا يعود شيء يخيف إن صرناه." من صار خوفه، لم يعد يخافه.
صديقي الله ليس كتاب خواطر مراهق، بل رحلة روحية وجودية كاملة. فيه الخوف والدهشة، الحرب والوداع، الحب والخطيئة، الحقائق والأحلام. كتاب لو قرأته دون أن تعرف عمر صاحبه لقلت: هذا صوت فيلسوف عجوز أو صوفي جاوز التجارب. لكن حين تعرف أن زياد كان ابن الثالثة عشرة، يتحول النص إلى صدمة: كيف استطاع طفل أن يحاور الله بهذا العمق، أن يخاصمه ويعاتبه ويترجاه، ثم يترك لنا سجلًا دهشًا يُشبه صلاة واعترافًا ومرثية في آن واحد؟
إنه كتاب بريء وعميق معًا: بريء كضحكة طفل في ثانية من الحياة، وعميق كحجرٍ حملته سنوات الحرب. كتابٌ يعلّمنا أن نرى الله صديقًا، وأن نقول له بكل صدق:
حقيقي بجد عمده 12 سنة بس !! فيه كلام عميق جداً *** الطفلُ متى عرف أنه من أسراب الطفولة البريئة لم يعدْ منها . الطفلُ متى صار يعرف كيف يرسم المهندسُ البيتَ هربتْ من صُوَره خطوطُ الحبّ والجمالِ الصغير . البسيط متى عرف أنه بسيط لم يعدْ بسيطا الإنسانُ متى عرف الحقائق سقط عن سرير الأحلام *** في الأرض ليس مِن كتَّاب كلُّنا كتَّاب نكتب حَياتَنا على الأيام وكلٌّ يخاف على حِبره ولا يعطي منه الآخرَ ومتى انتهى دمعُ الكتابة انتهى كاتبٌ مِن الكتّاب نبكي عليه وننساه **** كيف أُفْهِمك يا عصفورَ قَفَصِنا إنني أنا غيرُ أَهلي لا أُحبُّ أن أقتني لا أقفاصا ولا عصافير **** أليس في كل ثانية من الحياة ، إنسان يضحك ؟ إذن في الأرض ضحك متواصل أنا أجمع عن الوجوه الضحكات عن وجوه الفلاحين عن وجوه الرهبان الطاعنين في السن عن أفواه الأولاد عن وجوه المنتصرين ومهما اشتدت الحروب ألا تبدر ضحكة عن وجه من حشودٍ تجمعتْ رسمياً ؟ أليس في كل ثانية من الحياة إنسان يضحك ؟ إذن في الأرض ضحك متواصل ! *** أَتيتُ الأولادَ المشردين بالأوراق وسألتُهم أن يرسموا أشجاراً فرسموا أغصاناً طويلة فارغة نائمة على الأرض وعليها مدفعٌ وعسكر فقلتُ : لا ، إلاّ هذا ارسموا زهراً وبيتاً فرسموا زهوراً ملقاةً في مياه المطر والعسكرُ يدوسُها وقلتُ : لا ، إلا هذا ارسموا عصفوراً يغني كما كنتم ترسمون مِن قَبل فرسموا عصفوراً يبكي والمطرُ يهطل فسكتُّ وأخذتُ الأوراق وذهبت *** امتلأت الأرض بالشتائم والحقد زرعوا خناجر في قلب الكلام صاروا يعدون ذكياً من يكفر أحسنهم بالله ذكياً الذي كامه اكثر الكلام سفالة ****
كالجميع تفاجأت بعمر زياد فترة كتابة هذا الكتاب. ١١ أو ١٢ عامًا وكتب شعرًا كهذا، عمقًا كهذا، أبجدية لا يمتلكها هذه الأيام من تخرّجوا من أقوئ الجامعات. قصائده عُجنت من كروم لبنان وأرزه، يملك خيالًا لم يتأثر بحرب لا يزال يرى سماءً صافية ومطر وعصفور يغرّد لم يعجبه تواجده في القفص. ببساطة لأنه غصنٌ ممتد من فيروز وعاصي. وأي جمال لا يُولد بين أيديهما. اقرأوه وستجدون فيروز تُغني وعاصي خلفها لحنًا للقصيد.
نثر شهي .. هو دعوة للتفكير في بلادك الداخلية الممزقة التي لا زلت تدعوها حياة.
زياد يرفض أن يبقى على الحياد، الحياد جهل بالذات و بالعالم وخالقه، الحياد لص زمني .. ولكل حياد تضاريسه البشعة..
قد تظن ألا داعي للمقارنة بين نظرة طفل وآخر لما حولهم في هذا العالم ، بعض القراءات تثبت العكس! هنالك فرق يجعلك متيقنًا دائمًا أنك ستكون الرابح الأول كلما أسرعت في اختيار الوعي المناسب الذي سيلازمك طول حياتك.
يصعُب تصديق أن هذه كلمات طفل عنده ٩ سنوات. كتاب رائع!!
"آمل أن يكون الوداع ساعة لا أكون آمل أن تُقتل العصافير يوم أكون بعيداً آمل أن يموت الأحباء يوم أكون في سفر آمل كثيراً لأن العين الدامعة تُبكيني وكم من شيء أريد منه أن أتدارى لكن لا مفرّ من الدموع"
وقالوا يوما : إن الله صديقي ورحت أفتش عن صديقي في الأحراج ، بين الزهور في الأشجار المورقة ، وراء الصخور وخافت مني العصافير وهربت ترى صديقي كالعصافير خاف مني وهرب ؟ وسألتهم : صديقي هل يخاف ؟ قالوا : يخاف ألا تحبه. وقلت : أين هو ؟ وقالوا : في كل مكان .
وكان المساء فسأَلتهم : كيف تُظلم الدنيا وصديقي ما زال يلعب في الأحراج ولم يرجع إلى بيته ؟ فقالوا : ليس له بيت كل البيوت بيوته ولا يسكنها كل الأعشاش أَعشاشه ولا يسكنها وسأَلت : أين يسكن فقالوا : يسكن النفس وعرفت أن صديقي _ وردة لا تطال أعلى الورود وأجملها .
ونزلنا إلى الجلالي علّنا نجد عنبا ووجدنا عنقودا واحدا والريح تسقط حبوبه ، واحدة بعد واحدة فقلت لأمي : نأخذه قبل أن ينتهي وقالت : لم يعد هناك غيره نتركه فلا تستوحش الكروم بدون عناقيد
جلست أُمي أمام الموقد تخبرني قصة قالت : كان رجل يعمر بيتا كان فقيرا وجمّع الأحجار حجرا حجرا أتى بها من الأحراج والغابات وأتعبه العمل لكنه أكمل قائلا في نفسه : أعمر بيتا أسكنه لباقي العمر . وظل يعمر طول عمره وعندما انتهى البيت ، انتهى صاحب البيت وقلت لأُمي : هل انتهت القصة ؟ فقالت أُمي : نعم .
عندما أرسلوني يوما إلى المدرسة وكنت أنتظر ساعة الرجوع علموني هناك أن أحكي مع الله ، صديقي ، علموني أن أُصلي . ما كانت تقوله لي أُمي قبل أن أغفو في السرير والريح في الخارج تخرب العالم ما كانت تقوله كان أحلى .
أحببتك اكثر مما علموني في الصلاة
لا أريد أن اصلي إلا ما افهمه لا أريد أن اصلي دعوني اصرخ فوق الجبال الصخرية في الوديان الساكتة فتصرخ معي أين أنت ؟ دعوني اخبر الشجر قصة صديقي هذه هي صلاتي .
ويقرع الجرس ، فأهرب من المدرسة وأركض على الدرب والشمس تغيب أسبق نسيم المساء إلى بيتنا ويلوح لي بيتنا من بعيد وأرى أهلي يقفون أمام الباب على السطوح يلوحون بالمناديل كي لا أضيع عن البيت وأنظر خلفي أرى هل المدرسة لحقتني ؟
وأسأل أُمي : أُمي لماذا أرحل إلى المدرسة ؟ أتحبين هذا ؟ وتقول : أشتاق إليك في نهاري . وأقول لامي : ما دمت أنا لا احب أن ارحل وأنت لا تحبين فلماذا أرحل ؟ وتقول : لست أدري !
كانت أحاديث السهرة تدور فقلتُ : حدِّثونا عن غير الموت قالوا : نحكي عن الحرب قلت : عن غير الحرب قالوا : نحكي عن دموع المشرَدين قلت : عن غير دموعهم قال وا : عن المنتظِرين قلت : عن غير المنتظرين قالوا : لا نعرف غير هذا فَ عَمَ نحكي ؟ قلت : اسهروا كما تسهر الحيطان لا تتكلموا عن شيء وانظروا بعضكم إلى بعض علَ وجوهَكم تتحادث .
أَلاَ جئتَ نسهر يا الله ؟ ألا جئتَ فتلعب مع أبي بالورق ؟ ومع السُّكارى الآتين من بيوتهم السكرانة مِن فَقْر يحكون لك حقائقَهم وحالتَهم وترى كم هم طيّبون وأمي تعمل لكم القهوة ؟
لو عددتُ درجات بيتي وكم من مرة صعدْتهُا لَكَانَ هذا درجا طويلا يخترق السحب ولو عددتُ ضحكات أمي لي لرافقتْني طوال صعودي ووقعتْ مِن بَعدي الضحكاتُ على الدرج وأزهرتْ زهرا .
لا نريد أحدا بعدَ اليوم اطردوا الحرَاسَ والنواطير نحن أصحابُ الكروم ونحن السارقون نَمْلأ السِلال نضعها على الطريق ثم نتسلّل مِن بينِ الكروم ونصلُ إلى الطريق ونسرق السلال .
زوايا بيتنا مليئة بالأشياء خزانات بيتنا مليئة بالأشياء وتحتَ كلّ سرير أشياء عتيقة نحن نحب الأشياء وإنْ قلّ استعمالها أو صارت لا فائدةَ منها لا نعطيها أحدا ولا نرميها نُحس أن للأشياء أرواحا تَحزن إذا أَبعدوها عن أصحابها وغدا يمتلئ نيتُنا ولا يعود لنا مكان
لأنك ضحكتَ نحن في الوجود ضحكتَ يوما فتفجرتْ من ضحكتك الناسُ والأطفال .
إن لم أكن فرِحا لا أستطيع أن أصلّي ما مِن مرةٍ صلّيتُ إلا وفي قلبي عصفورٌ يلعب وغصنٌ يلوّح .
زياد الرحباني مواليد 1956 , سُجلت هذه الكتابات بين عامي 67 وَ 68
بعيداً عن الخُرافة والتشكيك كما قرأت في التعليقات .. الكتاب , عبارة عن شعر , قصائد نثر تقفز بك مابين القلب والعقل في يسر وسهوله .. لماذا لاتكون المقدمة شعراً إذن ؟! هذا الطفل هو الموسيقى , وزياد ابن أبيه حكاية أخرى أينما حلْ