“ومن الأخطاء الشنيعة في التكفير أيضاً تكفير كل من عمل في وظائف الحكومات الكافرة دون تفصيل ،ولقد انتشر هذا عند كثير من الغلاة المتحمسين الذين يستقون أحكامهم من بعض الإطلاقات الأدبية التي يقرؤونها في بعض كتب العصر الفكرية، كلفظة (المجتمعات الجاهلية) التي استدل!! بعضهم بها لتكفير عموم الناس في هذه المجتمعات… وكمقولة (العمل تحت غطاء الأنظمة الجاهلية) أو (العمل ضمن ما يعزّز الجاهلية) … ونحو ذلك.
ومن الأخطاء الشنيعة في التكفير أيضاً ؛ عدم اعتبار حال الاستضعاف،والتكفير بدعوى أن السكوت عن الحكام الكفرة ،وعدم السعي في تغييرهم وجهادهم يستلزم الرضى بكفرهم.
فأهل السنة "يتبعون الحق، ويرحمون الخلق" .. هكذا وصفهم علماؤنا في عقائدهم، تمييزاً لهم عن أهل البدع المشدّدين على المسلمين ، الذين لا يرحمون ضعيفاً، ولا يقيلون عثرة، ولا يعذرون أحداً.
فلقد رأيت بعض الغلاة من أهل الحماس الأجوف لا يرحمون عوام المسلمين ولا يعتبرون حال الاستضعاف الذي عم المسلمين في ديارهم اليوم. بتسلط كفرة الحكام. ويحملونهم ما لا يطيقون، فيلزمونهم العمل والجهاد لتغيير كفر الأنظمة الحاكمة؛ وإلا اعتبروهم راضين بالكفر لسكوتهم عنه وعدم سعيهم في تغييره… وقد رموا بذلك كل من قعد عن جهاد الطواغيت، ولم يعتبروا الاستطاعة ولا فرقوا بين حال القوة وحال الاستضعاف.”
―
أبو محمد عاصم المقدسي,
الرسالة الثلاثينية