Sherif Arafa's Blog

November 17, 2022

كيف تزيد سلامك النفسي؟

description
أصبح إيقاع الحياة هادرا لدرجة اللهاث خلف التزاماتنا وواجباتنا وأحلامنا، دون فرصة لاتقاط الأنفاس..
لهذا يلجأ الناس لتدريبات الاسترخاء والتنفس واليوجا، والرياضة والترفيه، وغيرها من الممارسات الشائعة التي ترشحها الأدبيات للتغلب على التوتر والضغط والترويح عن النفس.
إلا أن بعض الناس، يتمتعون بقدر من السكينة والاطمئنان أكثر من غيرهم بشكل تلقائي، وهي ظاهرة لفتت نظر العلماء مؤخرا.

حسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية دراسات السعادة، يرى علماء قسم العلوم النفسية والدماغية بجامعة ماساتشوستس أمهيرست، أن أصحاب «الأنا الهادئة» أكثر سعادة في الحياة..
فما معنى هذا؟


الأنا الهادئة

في هذه الدراسة يقسم العلماء الناس لثلاثة أنواع..

- أصحاب «الأنا الصاخبة » والتي تعني -كما هو واضح من اسمها- تمركز الإنسان حول نفسه بشكل يجعله أكثر أنانية.. قد يدخل في سراعات ومشاكل.. وكأنه يحارب الحياة من أجل مصالحه، ما يزيد الضغوط الواقعة عليه..

- بينما «الأنا الصامتة » تعني إنكار الذات تماما لدرجة انعدام الشخصية وإهمال النفس ورغباتها.. وهو ما يؤدي أيضا لتراكم الضغوط وعدم تلبية الاحتياجات..

وبين هذا وذاك، يكمن الحل في المنتصف!

يطلق الباحثون مصطلح «الأنا الهادئة » على الشخص الذي لا يعتبر أنه محور الكون.. المتصالح مع الحياة متقبلا ما فيها، وفي نفس الوقت لا يتمركز حول ذاته أكثر من اللازم.. ليس شخصا أنانيا يهتم بمصالحه فقط، بل ينظر لوجهة النظر الأخرى عند وقوع مشكلة، بدلا من الدفاع عن النفس طوال الوقت.. هويته ليست منغلقة، بل يشعر بالانتماء للبشر جميعا ولا يحب التمييز بينهم على أساس العرق مثلا.. لا يخجل من تطوير نفسه وقدراته باستمرار مدركا أنه ليس ثابتا.. لا ينفصل عن الحاضر بل يعيشه بكل تركيزه متقبلا كل ما فيه.
باختصار.. هي صفة تتعلق بالشخصية والتفكير في معنى أن يكون المرء إنسانا.. حيث يوافق على عبارات مثل " أشعر بتطور آرائي وأفكاري بمرور السنوات- أتعامل مع الناس المختلفين عني بارتياح - أتبنى وجهة الآخر لفهمها قبل اتخاذ موقف..إلخ"

فوائد نفسية

تقول هذه الدراسة التي تحمل عنوان «تدخل الأنا الهادئة يعمل على زيادة السعادة…» أن الذين يتمتعون بهذه القدرة، يكونون أكثر قدرة على التكيف بعد التعرض لمواقف سلبية للغاية، كما أنها مفيدة للأشخاص الذين تعرضوا لفقدان وظائفهم، وكذلك تفيد الأمهات اللاتي تحت ضغط رعاية طفل يعاني من مرض مزمن.. باختصار: هي صفة مفيدة لمواجهة شدائد الحياة.
بالإضافة لذلك، يضيف الباحث جوانيو ليو وزملاؤه أن التمتع بأنا هادئة يجعل الإنسان أكثر سعادة في حياته بوجه عام.

كيف ننمي هذه الصفة؟

يقترح الباحثون ممارسة مهارة ذهنية تسمى «الوعي المنفصل» التي تشرحها الدراسة كالتالي:
- " القدرة على تقييد أو تقليل الحكم على الذات والآخرين ، ليس فقط في الوقت الحاضر ، ولكن حتى بعد مرور اللحظة الحالية. بهذه الطريقة ، تستطيع تأمل أفكارك ومشاعرك السابقة ، ونقاط قوتك وضعفك. الوعي المنفصل ، هو قدرتك على رؤية نفسك كما لو كنت تراقبها من خارج أفكارك واحتياجاتك. إنها أيضًا القدرة على التفكير في كيفية سير الأمور في الماضي بموضوعية ، مما يتيح لك إمكانية التعلم من أفعالك السابقة أو إدراك ما غاب عنك وقتها."

هذه الصفة تزيد السعادة. فحين لا يعتبر الإنسان أنه محور الكون، لن يضايقه ألا تسير الحياة على هواه.. كما أن قدرته علي رؤية الأمور من أكثر من منظور، يوسع أفقه، ويجعله إدراكه لقصوره و-بالتالي- أكثر سعيا لتطوير نفسه. وهو ما يحسن من أدائه في الحياة عموما.
ويمكن تفسير هذه العلاقة بأنهم وجدوا علاقة بين الأنا الهادئة والتمتع بقدر من الذكاء العاطفي.. والقدرة على إدارة المشاعر والأحاسيسه تحسين من ثدرة الإنسان على إدارة العلاقات، التي تشكل المصدر الأول للدعم النفسي في الحياة.. وهو ما قد يكون أحد أسباب ارتباط الأنا الهادئة بالسعادة!

د.شريف عرفة
3 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 17, 2022 00:20 Tags: happiness, peace, positive-psychology, psychology, self-help, sherif-arafa

January 29, 2014

:)

79 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 29, 2014 04:17

June 21, 2013

شاليمار-قصة قصيرة

sky
بقلم: د.شريف عرفة

كان شاليمار يعتبر نفسه فيلسوفا. اعتاد الجلوس كل يوم على صخرته المعتادة على قمة الجبل متأملا أحوال الحياة، إلى أن يأتي تلاميذه و مريدوه- و ربما بعض السياح كذلك- كي يستمعوا إليه و يتعلموا منه.
استيقظ مبكرا..أعد لنفسه كوب الشاي بالنعناع, شرب ثم جلس على الصخرة و راح يمارس التأمل اليومي.
و بعد ساعات بدأ الناس يتوافدون.
جاء التلاميذ و المريدون.. كما جاء الصحفيون كي يجروا معه تحقيقاتهم ويكتبوا- في دقة شديدة- كل ما يقول.

قال شاليمار :

- "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد..
من جد وجد و من زرع حصد..!"

راح الجميع يكتبون كل ما يقول في شغف.. فتابع:

- "هذه العبارات , حكم و أمثال سمعناها جميعا من قبل , لكننا لا نعمل بها أبدا. من العجيب أننا نعرف الطريق و لا نسلكه.. نمتلك مفتاح الباب و لا نفتحه.. نملك كل الإجابات في داخلنا, و رغم ذلك نسأل الناس النصيحة.. ألم يحن الوقت كي ننصت لأنفسنا قليلا؟ أيقظ ضميرك الأخلاقي كي يكون حكمك على الأشياء ذاتيا..

اتبع الصواب الذي يستريح له قلبك.. فمن لا يفعل هذا سوف يعاني كثيرا في حياته.."

ساد الصمت.. ثم راح الجميع يكتبون..

رأى شاليمار شابا يكتب و هو يرتجف من البرد.. كثير من الناس يرتدون ملابسهم العادية و هم آتون إليه, ظانين أن الطقس على قمة الجبل كمثيله في الأسفل.
أمسك شاليمار بكوفية بجواره و ناولها للشاب قائلا :

- "ضع هذه الكوفية حول عنقك يا فتى و لا تخلعها .."

و أضاف ناظرا للباقين :

- "سأسألكم سؤالا.. لماذا نساعد الآخرين ؟"

و حين لم يتلق إجابة, تابع :

- "إسعاد من حولك يزيد من جذوة السعادة في داخلك أنت.. إنه يمثل نقطة التلاقي بين سعادتك الخاصة و ازدهار مجتمعك الذي سيساعد في إسعادك أنت بعد ذلك.. لذلك يوصف فعل الخير في علم الأخلاق (القاعدة الذهبية) و في البوذية يسمونه (الكارما) ..و هو روح الأديان السماوية الثلاثة.. إنه جوهر كوننا بشرا."

ثم نظر للفتي الذي لف الكوفية حول رقبته ممتنا, و قال له:

- "ساعِد الآخرين يا فتى.. لأنك بهذا تساعد نفسك دون أن تدري."

و شرب من كوب الشاي بالنعناع - الذي اصبح آيس تي من البرد - و قال :

- "يكفي هذا اليوم !"

* * * * * *

انتهى شاليمار من الدرس و راح يتمشى قليلا..
لم يكن يريد العودة إلى المنزل بطبيعة الحال, فزوجته كانت من طراز زوجة سقراط .. لذلك قرر أن يتجول في الجبل قليلا كي تصفى روحه من ضوضاء الناس.
راح يمشي و هو يتأمل الطبيعة.. إلى أن رأي ذاك الكهف.
لم يكن قد رآه من قبل.. لذلك قرر استكشافه..
دخل الكهف.. تثاقل جفناه..
جلس على الأرض ساندا ظهره على الجدار ثم ....
خ خ خ خ خ خ خ !

* * * * * *


كان شاليمار يعرف قصة أهل الكهف جيدا.. لذلك لم يضع وقته – حين استيقظ - في التعجب من طول لحيته و خيوط العنكبوت التي كانت تحيط به.. عرف أنه قد مر وقت طويل جدا عليه في هذا الكهف..
و على عكس المعتاد مع أبطال هذه القصص.. كان شاليمار سعيدا..
خرج من الكهف في فضول كي يعرف كيف اصبح العالم بعد ألف عام.

* * * * * *

كان منبهرا..
قمة الجبل لم تعد مقفرة.. بل هي مزدحمة كمزار سياحي.
كانت هناك أعمدة شاهقة و مبان مهيبة الشكل مغطاة بالزخارف.. كانت أعلى من أعلى مبنى رآه في حياته.. و هناك تماثيل لشخص ما تملأ المكان في إلحاح.. من هو ؟.. ما الذي يحدث ؟

تردد قليلا, ثم دخل أحد المبان ليرى ما هنالك..
بدى المكان كمعبد..ساحة كبيرة يقف فيها الناس حول منصة عالية من الذهب الخالص.. عليها رجل أصلع الرأس يرتدي كوفية خضواء من الصوف (يبدو أنه الكاهن ).. و قال لهم:

-"باسم شاليمار الأعظم أحييكم !"

شاليمار الأعظم ؟ - هكذا قال شاليمار لنفسه متعجبا – إنهم تلاميذه بعد ألف عام!

-"أبنائي.. درس اليوم هو أصول و قواعد الحكمة.. فافتحوا كتبكم."

وجد شاليمار كتابا فاخرا عن أحد الأرفف بجواره.. ففتحه في فضول حقيقي ليتابع ما يقرؤه الكاهن:

- "كان شاليمار يجلس على صخرته المقدسة حين جئنا..و قال لي : من جد وجد و من زرع حصد."

تابع الكاهن شارحا النص:

-"هذه هي القاعدة الأولى .. من جد وجد و من زرع حصد.. أي يجب على المزارع الذي قام بالزراعة أن يقوم هو بنفسه بالحصاد، لا أن يستأجر عاملا للحصاد.. من لا يلتزم بهذا , فهو هرطيق..."

لم يفهم شاليمار ما يحدث.. فتابع الكاهن القراءة:

- "... و بعد ذلك أعطاني شاليمار كوفية بنية من الصوف وقال : لف هذه الكوفية حول عنقك يا فتى و لا تخلعها .."

تابع الكاهن مفسرا :
- "لقد أمر شاليمار كبيرنا الأعظم, بارتداء الكوفية المقدسة.. و قال شاليمار بالحرف الواحد (لا تخلعها).. أي أن هذا أمر واجب التنفيذ.. في الصيف أو في الشتاء.. فالنفي لم يأت محدودا بوقت بل مطلقا كما يقول العلماء.. كما يجب أن تكون الكوفية من الصوف و أن تكون بنية اللون.. بعض الناس يضعون كوفيات بلون مختلف.. هؤلاء فجرة آثمون .. هل تعلمون ما هي عقوبتهم ؟"

نظر إلى الكتاب و تابع القراءة:

"....من لا يفعل هذا سوف يعاني كثيرا في حياته."

و قال مفسرا في ورع:

"من لا يلتزم بهذه الأوامر يجب أن (يعاني في حياته).. أي أن العذاب يجب أن يكون في حياته لا بعد مماته.. و قال كهان و حكماء القرن الخامس في تفسيراتهم أن قمة المعاناة هي الحرق حيا.. فاحرقوا الكفار أحياء كما قال شاليمار الأعظم لو كنتم تحبونه و تحبون طاعته."

تلفت شاليمار حوله مستنكرا ، فوجد كل من حوله يرتدون كوفيات صوفية بنية اللون.
هنا التفت له أحدهم و لاحظ أنه لا يرتدي كوفية أصلا.. فصرخ :

"هذا الرجل لا يرتدي الكوفية المقدسة..!!"

ساد الهرج و المرج و التف حوله الناس.. صاح الكاهن بصوت هادر: "كافر..كافر"..

أمسكوا به و قيدوه بالحبال.. و سحبوه إلى عامود حجري في ركن المعبد , بينما الكاهن يصرخ:

"هؤلاء الهراطقة الذين ضيعوا الدين.. فلتحل عليكم اللعنة و لتحترقوا في نيران الجحيم...".

عقدت المفاجأة لسان شاليمار و عجز عن الكلام.

رأى بطرف عينه أناسا يتمسحون في الصخرة التي كانت يجلس عليها من قرون.. و يبكون و يمارسون صلاة لم ير مثلها من قبل..

قيدوه في ركن المعبد مع أناس آخرين -يبدو أنهم كفرة كذلك- لأن أحدهم كان يصيح :

- "لن أرتدي الكوفية الصوفية في الصيف.. هذا غباء.."

و صرخ الآخر:

- "لا أحب الشاي بالنعناع يا ناس !"

و اجتمع الناس ليشهدوا حرق الهراطقة, أمسك الكاهن المشعل.. و نظر إلى عيني شاليمار في كراهية..

ثم أشعل النار.
37 likes ·   •  9 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on June 21, 2013 02:38 Tags: شريف-عرفة

November 26, 2012

تجربة سجن ستانفورد


بقلم: د.شريف عرفة

في تجربة شهيرة أثارت جدلا واسعا، قام عالم النفس الأمريكي الكبير "فيليب زيمباردو" بتجربة سميت بسجن جامعة ستانفورد.

قام الرجل بتقسيم مجموعة من الطلبة لمجموعتين، مجموعة لعبت دور مساجين و الأخرى سجانين، في بدروم جامعة ستانفورد الذي تم تقسيمه ليبدو كسجن.
قام الرجل بإحكام الحبكة لدرجة أخذ الطلبة "المساجين" من بيوتهم مقيدين بالأصفاد، على يد الطلاب الذين لعبوا دور السجانين و قد ارتدوا زي ضباط شرطة.

كانت القاعدة الوحيدة في اللعبة هي: لا قواعد.. على السجانين اتخاذ كل التدابير اللازمة كما يحلو لهم ، دون أي مساءلة من أي نوع.

و كانت النتيجة كارثية أثارت جدلا أخلاقيا واسعا في الأوساط العلمية..

راقب الرجل في قلق التحول المرعب الذي حدث للسجانين الذين يشعرون ألا مساءلة لهم مهما فعلوا.. فقد فوجئ و هو يراقبهم عبر شاشات المراقبة، كيف أصبحوا يتعاملون بخشونة و عنف لدرجة تعذيب زملائهم، رغم أنهم عرفوا بتهذيبهم و هدوئهم و تفوقهم الدراسي الذي جعلهم يلتحقون بهذه الجامعة العريقة..

أوقف الرجل التجربة فورا.. و قد استنتج شيئا أصبح موجودا في كل مراجع علم النفس الاجتماعي الآن..

و هو أن السلطة المطلقة تخرج أسوأ ما في النفس البشرية.

بنفس القلق، أراقب السلطات الواسعة المحصنة التي أعطاها مرسي لنفسه.. بحجة أنها مؤقته.. و بالحجة التي يقولها أتباعه أنه رجل طيب يمكن الوثوق فيه لهذه المدة!

الثقة لا مكان لها حين نتعامل في إدارة دولة.. خصوصا من تيار كذب من قبل عدة المرات، حين أعلن شعار "مشاركة لا مغالبة" و أنه سيدعم مرشحا مدنيا، و لم ينفذ ما قال دون أي تبرير إلا أن "الأمور قد تغيرت!!!" دون توضيح !

لا أعرف مكانا للثقة لأن ما تعلمناه في علم الإدارة هو أن السلطة تتناسب طرديا مع المسئولية.. أي أن صاحب السلطة كلما زادت صلاحياته ينبغي أن تزيد معها مساءلته عما يفعل كي تستقيم الأمور.. و السلطة المطلقة مفسدة مطلقة كما تؤكد دراسات علم النفس الاجتماعي ..

ما أعرفه هو أنه فشل في خطة ال١٠٠ يوم التي قطعها على نفسه بنفسه كي ينتخبه الناس.. و ما رأيته هو الهجوم الضاري من أتباعه لكل من يلفت النظر لهذه الحقيقة المجردة حين انتهت المدة و قد عجز عن التنفيذ.

أتباع هذا التيار الذين هتفوا هتافا مخيفا محددا لهم مسبقا -ككل ما يفعلون- يقول: اديها ميه اديها نار، محمد مرسي رئيس جبار!!


description

هناك تجربة أخرى يجدر ذكرها و تنطبق على حالتنا تلك..

إنها تجربة ميلجرام الشهيرة عن "الطاعة"
"obedience"

حين قام العالم بوضع شخص أمام جهاز تحكم قيل له أنه يحدد قوة صدمة كهربية يتعرض لها شخص في الغرفة الأخرى، و طلب منه أن يطرح أسئلة على هذا الشخص، و إن أجابها خطأ عليه أن يصعقه صعقة خفيفة على سبيل العقاب.

قيل له أن الفولت القليل غير مضر.. و أمره العالم بزيادة الجرعة تدريجيا عند كل خطأ، و أن كل ما سيحدث علي مسؤولية صاحب التجربة. بعد عدة أخطاء أمرة بزيادة الفولت.. و عند كل خطأ كان يأمره بهذا..

إلى أن وصلت شدة التيار الكهربي لدرجة مميتة.. أمره العالم بزيادة شدة التيار.. فأطاع الرجل !

صمت الرجل في الغرفة الثانية ليوحي أنه قد فقد الوعي.. فأمر العالم بزيادة التيار أكثر، فأطاع الرجل!

بالطبع كان الشخص في الغرفة الثانية ممثلا و لم يكن هناك تيار كهربي مميت، لكن هذه التجربة المخيفة وضحت شيئا مهما في النفس الإنسانية.. و هو أن الإنسان حين يؤمن بوجود سلطة مطلقة سيسلمها مقاليد أمره بالكامل دون تفكير، ففي إمكانه أن يتحول -بمنتهى البساطة- إلى شيطان.

حين نتحدث عن جماعات "السمع و الطاعة" و تبرير كل شيء دون تفكير من الشخص أو مراجعة .. و طاعة أوامر تأتيه عبر رسائل الموبايل بالتحرك و التظاهر و اطلاق هتافات محددة سلفا، و التحالف مع جماعات إرهابية يعرفون أنها كذلك طبقا لأدبياتهم..

و أن يفعل هذا باسم طاعة الله، فإن في هذا ما يخيف.

قامت الثورة من أجل فصل السلطات.. و لهدف هو ألا تتغول سلطة و تتجاوز الخط المحدد لها.. و هو ما يحدث الآن و تعارضه جماعات السمع و الطاعة دون فهم.

تصدي القضاء لمرسي هو صميم الفصل بين السلطات كي لا تتغول سلطة على الأخرى.. ما فعله مرسي يشبه إلا تعجبك الطريقة التي تسير بها مباراة كرة قدم، فتقرر إلغاء الحكم .. و تكون أنت الخصم و الحكم.

لم أنتخب الإخوان لافي الجولة الأولى و لا في الثانية.. و رأيي أن التيارات الدينية ليست هي الممثل الحقيقي لدين الله في الأرض بل هو اجتهاد وسط اجتهادات أكثر اعتدالا.. لسنا بلدا بوذيا و الكل يعرف هذا مهما زايدوا..

على الإخوان أن يدركون أن ما يقرب من نصف الشعب المصري قرر في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة انتخاب شفيق و إفشال الثورة، لمجرد ألا ينتخبوا الإخوان خوفا منهم... بالإضافة لمن "عصروا على أنفسهم ليمونا" و انتخبوه رغما عنهم لاعتقادهم أنه أقل الضررين..

استقيموا يرحمكم الله.. فلا إجماع عليكم..

اخلقوا الإجماع بدلا من التصدي له

www.drsherif.net
61 likes ·   •  3 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 26, 2012 22:04

July 22, 2012

غسيل المخ للمبتدئين!

description
أثناء الحرب الكورية, وقع جنود أمريكيون في الأسر.. و بعد مفاوضات طويلة تم إطلاق سراحهم و عادوا إلى بلادهم.

لاحظ قادتهم أن تغيرا كبيرا قد حدث لهم.. و هو أنهم أصبحوا يرددون شعارات معادية لأمريكا و سياساتها.. كان يبدو أنهم قد تم تغيير معتقداتهم أثناء الأسر بطريقة ما.. و لذلك ظهر وقتها هذا التعبير :غسيل المخ.

راحوا يستجوبونهم ليعرفوا كيف تم هذا..فاكتشفوا طريقة أصبحت من أهم الموضوعات التي يهتم بها علم النفس الاجتماعي.

كانوا –ببساطة- يعرضونهم للمعلومات التي يريدون أن يغرسوها في أذهانهم بطرق مختلفة.. كأن يطلبوا منهم أن يكتبوا بخط اليد منشورات مناهضة لأمريكا, و أن يرددوا المعلومات المطلوبة عليهم ليل نهار عبر مكبرات الصوت أو يسمعونها من الناس حولهم.. كان الأمر ببساطة هي وضع هذه المعلومات في البيئة المحيطة بهم طوال الوقت حتى يعتادوا سماعها و تصبح مألوفة بالنسبة لهم.

الإنسان يتأثر بالبيئة المحيطة بهو كما يتأثر برأي الناس الموجودين حوله كما تؤكد دراسة شهيرة.. في هذه التجربة أحضر العلماء متطوعا, ووضعوه وسط مجموعة من الناس في غرفة و طلبوا منهم أن يحلوا مجموعة من الاسئلة و المسابقات البصرية التي تظهر أمامهم على شاشة.

كل من في الغرفة كانوا ممثلين مشاركين في التجربة ماعدا شخصا واحدا..كان الهدف من هذا هو ملاحظة ما سيفعله, حين يصر باقي الناس في الغرفة على الإجابة الخاطئة؟.

هل سيختار الإجابة الصحيحة الواضحة؟ أم الاختيار الذي اختاره كل الناس في الغرفة؟

وجدوا أن معظم الناس يميلون لاختيار ما اختاره الناس حولهم.. خصوصا لو كان مطلوبا منهم التصريح عن هذا الاختيارتجنبا للحرج الاجتماعي.

فهل معنى هذا أننا نتلون مع من حولنا, لمجرد النفاق الاجتماعي طلبا لتقبل الآخرين؟

هناك دراسة تنفي هذا.. و تؤكد أن تأثير من حولنا قادر على تغيير ذاكرتنا!!

تجربة الولد أبو طاقية!
============
أحضر العلماء مجموعة من الناس و عرضوا عليهم فيلم فيديو للقطات مختلفة..و بعد ذلك سألوهم أسئلة لاختبار ذاكرتهم. مثلا:هل كان الولد في الفيلم يلبس طاقية؟

كان الولد يرتدي طاقية كبيرة بالفعل..لذلك أجاب معظم المشاركين بالإيجاب.

و بعد ذلك, عرضت عليهم إجابات مختلفة قيل لهم أنها إجابات باقي المشاركين في التجربة.. و كانت الإجابات خاطئة لكنها تتكرر بإصرار..و منها أن الولد في الفيلم لم يكن يرتدي طاقية!

ثم تركوا كل منهم لحال سبيله..على أن يعودوا لاستكمال التجربة بعد أيام.

و حين عادوا بعد أسبوع كامل، سألوهم مجددا عن تفاصيل الفيلم: هل كان الولد يرتدي طاقية؟

و كانوا يجيبون بينما هم ممددون في جهاز الرنين المغناطيسي الذي يسجل ما يحدث في أمخاخهم و هم يتذكرون..فوجدوا شيئا مثيرا جدا..

أنهم أصبحوا مقتنعين فعلا في أعماق نفوسهم، أن الولد لم يكن يرتدي طاقية!

أي أن ما حدث قد غير من ذاكرتهم ذاتها!

تأثير الآخرين
========

لماذا عقولنا مصممة على هذا النحو؟

لماذا تتأثر بهذه الطريقة بمن حولنا؟

يقول علماء النفس التطوري أن الكائنات الاجتماعية تفكر بهذه الطريقة للحفاظ على أفراد القطيع..فحين يجد الفرد باقي الأفراد يجرون فجأة، سيجري معهم بشكل أوتوماتيكي على اعتبار أنهم يهربون من كائن مفترس، و لن ينتظر ليعرف سبب تحركهم المفاجئ و لن يسأل نفسه ما إذا كان منطقيا أم لا!

رد الفعل التلقائي هذا ليس بعيدا عن البشر كما رأينا في التجارب السابقة و غيرها كثير.. فالإنسان كائن اجتماعي ينطبق عليه ما ينطبق على باقي الكائنات الاجتماعية..

البروباجاندا
=======

و هذه الفكرة تستخدمها وسائل الدعاية و البروباجاندا الإعلامية في كل دول العالم..ردد الفكرة التي تريد أن يقتنع الناس بها حتى إن كانت عامة فارغة من المضمون.. و كررها حتى إن وصلت لمرحلة الإكلشيه أو التعبير الدارج.. هذه المرحلة تعني اقتناع أكبر عدد من الناس بها و أن تصبع عرفا سائدا في المجتمع.

سيحرج بعض الناس من التصريح بما يرونه صوابا خوفا من عدم القبول الاجتماعي، لكنهم سيقتنعون بها بعد ذلك.

و هذا ما تفعله بعض الجماعات عبر شبكات التواصل الاجتماعي في الإنترنت.. تقوم بشكل ممنهج بنشر أفكارها عن طريق إظهار تأييد أكبر عدد من الناس لها .. فيسكت الناس تخوفا من الرفض الاجتماعي و امتلاء صفحاتهم بالشتائم و التشكيك في وطنيتهم أو دينهم.. و من ثم يقتنع البعض بهذه الأفكار بالفعل و يبدئون بالترويج لها هم أنفسهم!

في دراسة حديثة (ويفر و آخرون ٢٠٠٧) خلصوا لنتيجة مفادها أن تكرار الفكرة من أكثر من شخص، أكثر إقناعا للناس من تكرار الفكرة من شخص واحد .. إنه التأثير الاجتماعي مرة أخرى.. العدد الأكبر يعني تأثيرا أكبر!

كن نفسك
======
هذا الكلام يعني أن الإنسان ليس حر رأيه تماما كما قد يظن البعض.. فالإنسان ابن بيئته يتأثر بما يفكر الناس حوله و يشكله المجتمع الذي يعيش فيه بدرجات متفاوتة.. لا وجد إنسان يتمتع بالحيادية التامة و التجرد المطلق في تفكيره ، فكل منا أثرت فيه الحياة و شكلته تجربته الإنسانية و المحيطين به سواء بالإيجاب أو بالسلب.

من المفيد أن نسمع آراء الآخرين فقد يكون فيها ما يفيد..إلا أن هذا ليس المقياس الوحيد للبحث عن الحقيقة.

الاختلاف سنة كونية.. فلو أردنا أن نتبادل الخبرات و الأفكار و نثري الحوارات الفكرية في المجتمع، علينا أن نشجع الاختلاف و نطرح الأفكار المتنوعة كي يعتاد الناس على التعددية.. فقد عشنا عقودا تحت رأي واحد و لم نعتد هذا الحراك الفكري المضطرم الذي اجتاح حياتنا بعد الثورة..

ينبغي أن تقول رأيك الذي تراه صوابا من وجهة نظرك، بالطريقة التي تراها ملائمة, كي لا تتقيد بثقافة القطيع... و كي لا تترك الساحة لمن يروجون فقط لتفكيرهم دون أن تطرح فكرا مختلفا يسمعه الناس..

الإنسان كائن مفكر عليه أن يطرح مسائل تحفز التفكير و التدبر و النقاش،لا أن يخنع ويلغي عقله كي يطيع ما يؤمر به فقط، كما ينادي البعض اليوم.

ببساطة:
======
كن نفسك و لو كره من لا يريدون هذا!
يقول جبران خليل جبران:
لو رأيت الجميع ضدك والألوان غير لونك والكل يمشي عكسك .. لا تتردد .. امش وراء قلبك وتمسك بمبادئك ولا تأبه لهم حتى وإن أصبحت وحيدا لا تردد .. فالوحدة خير من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك.

د.شريف عرفة
www.drsherif.net
59 likes ·   •  9 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 22, 2012 10:51 Tags: شريف-عرفة-sherif-arafa

July 14, 2012

هل أنت كاكابو؟

description
الكاكابو طائر عجيب أثار أسلوب حياته حيرة العلماء..
يعيش هذا الطائر ظريف الشكل في نيوزلاندا.. و هو من فصيلة الببغاء لكنه أكبرها حجما و لا يطير.. رغم أنه يعيش في بيئة مليئة بالأعداء الطبيعيين..

و لا يجيد الجري بسرعة كي يهرب من أي مهاجم.. لكنه يجلس في مكانه آملا أن يخفيه لونه الأخضر وسط الأشجار, إلا أن رائحته (تشبه رائحة القش) واضحة جدا و من السهل أن تجذب الحيوانات المفترسة..
يتزاوج في أماكن مفتوحة مرئية.. ثم يضع عددا قليلا من البيض, تتركه الأم لمدة 3 شهور وحيدا بدون أي حماية من أي نوع..


كيف يزجي هذا الكائن وقته ؟
في: لا شيء!.. فهو يظل متسكعا في الغابة , يأكل الحشائش و يشرب و ينام.. إلى أن يأتي موسم التزاوج..

نمط الحياة هذا الطائر , كان مناسبا قبل القرن العشرين.. ففي هذا الوقت لم يكن في نيوزلاندا كائنات ثديية إلا الخفافيش.. و التي لا تشكل تهديدا لهذا الطائر اللطيف..

أما اليوم.. ففي نيوزلاندا الفئران و القطط و الكلاب و بالطبع الصيادين من البشر.. اليوم أصبح هذا الطائر مهددا بشدة.. و على الرغم من هذا يصر على نمط حياته القديم الذي اعتاد عليه لآلاف السنين..

علماء البيولوجيا التطورية, يؤكدون أن قانون الطبيعة الخالد هو التطور و التكيف.

لو لم يستطع الكائن أن يطور من نمط حياته ووسائله الدفاعية كي يتلاءم مع البيئة الجديدة, فلن يستطيع الحياة و سينقرض كما انقرض الديناصور و الفيل القطبي و الدودو..
و ..الكاكابو.

نعم.. ألم أقل لك أن هذا الكاكابو اللطيف, كائن نراه ينقرض أمام أعيننا اليوم ؟

فلحظة كتابة هذه السطور, لم يعد من الكاكابو في العالم كله إلا 80 طائرا فقط.

قبل أن تضرب كفا بكف, و تتعجب من هذا الكائن الذي لم يستطع التكيف مع العالم الجديد.. اسأل نفسك:

ألا ترى تشابها بيننا و بين هذا الكائن العجيب؟

فنحن نعيش في مجد حضارة الماضي.. و نحاول تكرار ما كنا نفعله في الماضي.. و كأن منتهى أملنا أن يعود الزمن إلى الوراء.. في عالم ينطلق كالصاروخ نحو المستقبل..

في بيئة أصبحت مليئة بالتنافس.. أمريكان صعدوا للفضاء.. و هنود أصبحوا خبراء في البرمجيات.. و أوروبيون عرفوا الوحدة الاقتصادية..و صينيون يملئون اسواقنا بكل شيء..
هل نطور من أنفسنا و ننظر إلى الأمام؟
أم نفكر كالكاكابو.. الذي لم يتطور, بل ظل يتمنى أن يتغير العالم كله من حوله , كي يناسب نمط حياته هو؟

هل نحن ، كاكابو ؟

د.شريف عرفة
www.drsherif.net
22 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 14, 2012 22:31 Tags: شريف-عرفة-sherif-arafa

July 13, 2012

كيف نتناقش على الإنترنت؟

description
طوال حياتي، لم أواجه هجوما شخصيا، كما حدث لي في الصفحة التي يفترض أنها للمعجبين بأعمالي على الفيسبوك!

وجدت أن هذا يتكرر عند كثير من الكتاب و الصحفيين الذين ظننت أن لا خلاف على اعتدالهم ورجاحة عقولهم.. فهل يعقل أن يشتم شخص أستاذ جيلي د. أحمد خالد توفيق في تعليقات مقالاته ؟ هل يصل انحطاط الأسلوب إلى أن يؤلف أحدهم كتابا اسمه (إسكات الكلب العاوي يوسف القرضاوي) ؟

هذه الظاهرة لم تبدأ مع بداية الثورات العربية كما يظن البعض.. فقد كانت موجودة قبلها لكنها انتشرت و طالت عددا أكبر من الناس، و أصبح كل منا يحمل ماركة مسجلة: سلفي-إخواني - ليبرالي- قومي- فلول ...إلخ

و هي تصنيفات مضللة تحمل في ثناياها صورا كاريكاتورية نمطية أحيانا لا علاقة لها بالواقع.

من عيوب الإنترنت هي أنها جعلتك تتواصل مع كل من هب و دب.. ففي حياتك العادية تتعامل مع من يشاركونك في معظم أفكارك العامة، بحكم أنكم تعيشون في مكان و وسط اجتماعي و ثقافي و تعليمي واحد تقريبا.

لكن الإنترنت أتاحت وصول أناس من خلفيات مختلفة تماما لم تكن لتقابلهم في حياتك العادية.. أناس لديهم أفكار و خلفيات معرفية مختلفة تماما.. بعضهم مهووس بنشر الشتائم على الإنترنت كنوع من الإزاحة و التطهير النفسي لتعويض إحباطاته في الحياة.

هل تورطت يوما في نقاش من هذا النوع ؟

هل اختلف معك شخص و قضيتم وقتا طويلا في نقاش عقيم و انقلب كل منكما على الآخر في النهاية ؟ لهذا أكتب هذا الموضوع. حسنا.. ما الذي يجب أن نفعله قبل أن ننخرط في نقاش على الإنترنت؟

أولا: اسأل نفسك:
========

هل المناقشة مع هذا الشخص تستحق كل هذا العناء أصلا؟

لا تتورط في نقاش من هذا النوع إلا حين يكون عندك فائض من الوقت و المجهود الذهني.. لو كان عندك شيء أهم للقيام به -كعمل أو مذاكرة ..- فتجاهل هذا الحوار تماما لأنه لن يعود عليك بشيء.

ثانيا: الشروط
======

لو احتد الطرف الآخر أو شتم.. اعلن انسحابك من المحاورة فورا..لأن الموضوع لم يعد نقاشا.

لا تهبط بمستواك إلى شخص متطرف من هذا النوع.. فهو لا يستحق النقاش معه.

ثالثا: الحوار ليس مباراة ملاكمة
=============

لا تحاول إحراج الآخر و السخرية منه.. و ليكن هدف الحوار واضحا من البداية:

- أنا لا أريد تغييرك و لا أنت تريد تغييري.. لكننا نتبادل المعلومات ووجهات النظر كي نستفيد.

أكرر: ليس الهدف هو تغيير وجهة نظر الآخر، لكن معرفتها و تبادل الأفكار حولها.

رابعا: اكسر حدة التوتر
==========

أكد دوما على النقاط المشتركة بينكما.. كأن تكرر أن كلنا مصريون و أننا نريد الخير للبلد...إلخ

و التركيز على أن الهدف واحد -أو متقارب- لكن الطريقة مختلفة.

خامسا: تكلم لغته
========

ضع نفسك مكانه و انظر للموضوع من زاويته.. كي تفهم كيف يرى الأمور و كيف تستطيع إقناعه.

لو كان الحوار بين سلفي و ليبرالي مثلا.. على كل منهما أن يتعمق في فهم مرجعية الطرف الآخر كي يستطيع النقاش معه.. فالليبرالي يجب أن يكون حجته لإقناع السلفي: الأحاديث و القصص التاريخية و الأحكام الفقهية.. و السلفي يجب أن تكون حجته نماذج و تجارب الدول المعاصرة.. و هكذا.

لا تتكلم بمرجعيتك بل افهم مرجعية الشخص الآخر كي تكلمه من خلالها.. كما في النقطة التالية..

سادسا: اقرأ اقرأ اقرأ
========

استفد من هذه النقاشات و لا تحاول فقط هزيمة الطرف الآخر..

كي تفهم مرجعية الشخص الآخر يجب أن تتوسع في المعرفة و قراءة مصادره و مصادرك أنت أيضا.. لتكن هذه النقاشات دافعا لك كي تتعلم معلومات جديدة و تجمع حججا جديدة.

لا تتكبر في المعرفة و تعتقد أنك قد عرفت كل شيء فهذه سمة الجاهل.. اقض حياتك في البحث عن الحقيقة فهي لن تأتيك من تلقاء نفسها.. المعرفة متجددة و تحتاج إلى المجهود و إلى الصبر و التفكير بطرق مختلفة.. و ستندهش حين تدرك أن الطرف الآخر ليس شريرا كما كنت تظن.. و أن هناك أرضيات مشتركة كثيرة جدا بينكما.. لكن الإنسان -بطبيعته- عدو ما يجهل!

سابعا: تصالح مع الحياة
============

لا أحد يستطيع تغيير الدنيا.. اعمل اللي عليك و ماتاخدش الموضوع على أعصابك..

لا تتوقع أن يتغير الشخص بكلمات قليلة منك.. كل ما تستطيع أن تفعله هو أن تجعله يعيد التفكير في حساباته لو كان صادقا حقا في البحث عن الحقيقة. من قوانين الكون أن هناك حمقي في الحياة فعلا..

لو كتبت أنبل قيمة تؤمن بها في حياتك ، ستجد من يهاجمها و يشتمك و يستنكر هذا القول الفظيع !

هذه هي الحياة و هذه هي طبيعة الإنترنت.

د.شريف عرفة
www.drsherif.net
16 likes ·   •  2 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 13, 2012 12:10 Tags: شريف-عرفة-sherif-arafa

July 12, 2012

لماذا لا يعني النجاح الدراسي نجاحا في الحياة؟

description

هل لك صديق كان متفوقا أيام الدراسة ، لكنه لم يوفق في حياته العملية؟
هل تعرف شخصا ناجحا جدا لكنه لم يكمل تعليمه؟

يمكننا أن نلاحظ هذه المفارقة حولنا طوال الوقت.. من الواضح فعلا أن النجاح الدراسي لا يعني بالضرورة نجاحا في الحياة.. و السؤال هو: لماذا؟
الرأي الشائع هو إلقاء اللائمة علي النظام التعليمي نفسه.. و أنه لا يواكب الأنظمة التعليمية في العالم المتحضر. إلا أن هذه الظاهرة عالمية و ليست حكرا على مجتمعاتنا العربية فقط.. فتوماس أديسون (من أعظم المخترعين في التاريخ) لم يتلق تعليما رسميا إلا لثلاثة شهور فقط.. و ستيف جوبز (مؤسس شركة أبل) لم يكمل تعليمه الجامعي وكذلك بيل جيتس و مايكل زكربرج (مؤسس فيسبوك) و غيرهم كثير...
فما الشكلة إذن؟
أجرى توماس ج ستانلي (مؤلف كتاب سيكولوجية المليونير) لقاءات مع عشرات الأثرياء ليعرف كيف كانوا أيام المدرسة،، فلاحظ أنهم كانوا يبذلون وسعهم أيام الدراسة إلا أنهم لم يكونوا طلبة متفوقين.. فالتعليم مفيد لأنه أمدهم ببعض القدرة على التفكير و البحث و استرجاع المعلومات.. إلا أنه ليس كافيا وحده لنجاحهم. كما أن نتائجهم في اختبارات الذكاء (الذي يقيس قدرات التفكير المنطقي و الذاكرة و التخيل الفراغي و اللغة...الخ) لم تكن نتائج مبهرة بل كانت عادية كأي شخص آخر.

يستنتج الباحثون أن هناك عوامل أخرى تجعل الإنسان ناجحا، بجانب التفوق الدراسي و الذكاء.. يمكن أن نذكر منها التالي:

1-الذكاء الاجتماعي
=============
يقول عالم النفس روبرت ستينبرج أن اختبارات الذكاء المعتادة لا تكفي لتقدير القابلية للنجاح في الحياة العملية..هناك "ذكاءات" أخرى ينبغي وضعها في الحسبان، منها الذكاء الاجتماعي.
فلو نظرت لأي شخص ناجح في أي مجال، ستجد عنده قدر من الذكاء في التعامل مع الناس و بناء علاقات قوية مع من يعمل معهم..ه.. كما أن العلاقات الشخصية شديدة الأهمية للارتقاء المهني.. قد يبدو هذا الكلام غير احترافي إلا أنها الطبيعة البشرية.. فلو كنت -مثلا- صاحب شركة و أردت أن تعين شخصا كأمين خزانة.. هل ستعين شخصا أمامك سيرته الذاتية، أم ستميل قليلا نحو من يرشحه لك أخوك و هو يقول عنه: "أنا أثق فيه" ؟
العلاقات الشخصية تفتح لك الكثير من الأبواب كما تلاحظ.. ففرصتك في الحصول علي وظيفة في شركة يملكها صديقك، أكبر من فرصتك في شركة لا يعرفك أحد فيها!
لا يمكنك أن تنجح لو لم تكن لديك علاقات جيدة مع من يساعدونك على هذا.. و هي مهارة لا نتعلمها في المدرسة كما تلاحظ

2-الذكاء العاطفي
===========
يقول الدكتور أحمد عكاشة أن من الذي يتمتعون بهذا التنوع من الذكاء، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.. لأنه كان قادرا على فهم مشاعر الجماهير و مخاطبتهم على هذا الأساس.
الذكاء العاطفي هو القدرة علي فهم مشاعرك و مشاعر الآخرين و التعامل معها.. فالمدير -مثلا- يحتاج إلى القدرة على إدارة الأفراد و تحفيزهم.. و هذا يتطلب قدرا من إدراك مشاعرهم ليعرف متي يستخدم العصا و متى يستخدم الجزرة!
بعض الناس لا يستطيعون "مراعاة مشاعر الآخرين" لأنهم ببساطة لا يدركونها... تقول دراسة طريفة أن المراهق ليست عنده القدرة علي تحديد مشاعر الآخرين من تعبيرات وجوههم كالشخص الناضج، لذلك تكون علاقاتهم متوترة مع من يتعاملون معهم.. هذا نوع من الذكاء العاطفي.
حين يكون الإنسان ذكيا أو متفوقا دراسيا، فهذا لا يعني أنه -بالضرورة- قادر على التعامل مع مشاعره الداخلية و مشاعر الآخرين.. هذه مهارة ينبغي اكتسابها و تطويرها كي يستطيع الإنسان تحقيق أهداف أكبر.. فالطبيب قد يكون متفوقا في مجاله لكنه عاجز عن إدارة الأفراد في عيادته أو تكوين علاقة جيدة مع مرضاه، فتفشل عيادته!

3-القدرة علي مواصلة التعلم و التكيف
=========================
يقول ستينبرج أن الذين يتمتعون بمعدلات ذكاء عالية يميلون لألا يعتمدوا على الآخرين في اتخاذ قراراتهم.. لثقتهم في أنفسهم و قدرتهم على التفكير.. و هذا يوقعهم في كثير من الأخطاء و يسبب القصور في عملية اتخاذ القرار الصحيح.
الحياة ليست كالاختبارات الدراسية.. لا توجد إجابة صحيحة و أخرى خاطئة فهناك إجابات إبداعية تخلقها أنت بنفسك..لا توجد إجابات نموذجية أو قوالب ثابتة عليك الالتزام بها كي تنجح.. لذلك ينبغي ألا يعتمد الإنسان علي المعارف الموجودة عنده فقط كي يقرر ما هو الأنسب.. بل عليه أن يطور هذه الأدوات باستمرار و أن يستوعب المتغيرات التي تحدث في الحياة.. فلو أحضرنا عبقريا كابن سينا أو الخوارزمي لعصرنا هذا و أجلسناه أمام كمبيوتر، سيكون مستواهما أقل من طفل صغير.. لأن العصر الحديث يحتاج إلي مهارات جديدة للتعامل مع متغيرات لم تكن موجودة في الماضي..
الذكاء ليس كافيا للنجاح بل عليك أن تستمر في تطوير أدواتك.

مهارات الحياة
========
الدراسة مهمة لأنها تعطينا المعارف الأساسية و الثقافة العامة كي نفهم العالم من حولنا.. و الذكاء مهم لتحصيل كمية أكبر من المعلومات و استيعابها و الربط بينها لتكوين تصور متقدم للحياة.. لكن النجاح في الحياة يحتاج أيضا لمهارات لا تتوقف عند الذكاء أو التحصيل الدراسي.. فعلى الإنسان أن يسعى لتطوير نفسه باستمرار لا أن يرضى عن نفسه معتبرا أنه وصل لقمة العبقرية و أنه لا يحتاج لتطوير أي مهارة جديدة ، لأنه لو اعتقد هذا فالخطوة الحتمية التالية هي الانحدار.

د.شريف عرفة
www.DrSherif.Net
37 likes ·   •  5 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 12, 2012 03:07 Tags: شريف-عرفة-sherif-arafa