mohamad fattal
![]() |
أنا
—
published
2021
|
|
* Note: these are all the books on Goodreads for this author. To add more, click here.
“هربا من جلسة حوارية مملة و رتيبة -هربا من الجحيم، مسلوب القوة رحت أتمشى في أحد الأروقة، إذ بي ألمح لوحة جديدة يحتضنها الحائط الأبيض الكسول.. أخذت أحدق، أتأمل القاطنين السعداء في تلك اللوحة -سعداء، مع أنهم لا يتحركون.. حاولت التحدث إليهم، لكن لا رد منهم أو جواب، ربما قد كانوا مشغولين بمهامهم في رعاية الحقل الجميل، و بمهام أخرى فرضت عليهم من قبل.. تلك اللوحة هي خلاصة عام، أسبوع، او حتى عدة أيام و ساعات ماضية -خلاصة حياة.. الأمواج ثابتة، غير غاضبة -لا تحاول حتى ملامسة أقدام القاطنين أو خدشها -إنها أشبه بخيول نموذجية و أصيلة، لا أحد يخافها، و لن تهاجم أي شخص حتى في أحلك الأيام ظلاما.. أما الغيوم، معلقة في السماء، فاخرة و مزخرفة مثل وسائد فيكتورية تلطخت بلعاب أميرة ما جف برغم الزمن الذي انقضى -وسائد لطيفة، لن تهدد بالمطر أو حتى بفيضان و رعد و برد لئيم.. قد تبدو لوحة جذابة و ساحرة لهواة جمع الأعمال الفنية، بسبب وجوه القاطنين الأشبه بوجوه عيد الحب في مدينة باريس -وجوه القاطنين مثل قطع الفلين الرقيق، لا مخاوف تعلوها، أو بمعنى أصح غير مهتمة بمخاوف قد تأتي لإحتلالها..
يبقى المشهد في أماكن أخرى أكثر صراحة.. يبقى المشهد في بقع أخرى، بغض النظر عن قبحه، أكثر واقعية و صدقا من هذه الألوان الراكدة و الثابتة.. فتاة تسحب ظلها و تمشي ببطء، تزحف بلا هدف في دائرة بشكل مجنون، و الغرفة فارغة -خالية من أي لون، و إن أنا واصلت النظر حتما سأصاب بالعمى.. بدأت أضيق النظر على القاطنين السعداء، و أخذت أحسدهم على كل ما ملكوا من سعادة و راحة و محيط جميل و ناعم بشكل رهيب.. إنهم و بالرغم من الظاهر، برغم الثبات الذي يقيدهم، برغم المهام المفروضة بالقوة عليهم، برغم لا وعيهم الطفولي، ما زالوا سعداء.. و هذه الفتاة، أستطيع بكل بساطة تشبيهها لجنين يعيش و سيبقى داخل زجاجة، لا أحد قادر على إخراجها، لا أحد يرمي بيديه أو حتى أحد أنامله لينقذها و يخرجها من الزجاجة التافهة.. يا لتعاستها -يا لتعاستي !.. إنها غرفة عقيمة، و الفتاة مع الثواني تتقدم بالسن محاربة الزمن و وحدتها بمفردها، حيث بدأت أشك إن كان قلبها قادرا على إعطاء الحياة لمشاعر و عواطف جديدة، أو حتى قادرا على إنتاج نبضات إضافية، أو حتى إن كان عمرها يتسع لساعات عيش أخرى.. إنها ليست قريبة من البحر، إنها غير سعيدة، غير منتجة، إنها و بكل بؤس تبتعد عن الأيام -مدركة مرور الوقت، بينما قاطنو اللوحة قادرون على إلهاء أنفسهم بالجمال و بالمهام الواجبة عليهم..
ها هو طائر النورس يحلق قريبا، صارخا -بكل ما ملك صدره من أنفاس- بكلمات غير مفهومة، جاء آخرها كلمة "رحيل"..و أخذ يرددها -مازال و سيبقى- و صوته يصبح خافتا مع كل مرة، ".... الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، ....".. ربما يحاول تذكيرها بأنها ستموت بنهاية المطاف، رغم أن جميع محاولاتها بتعجيل ذلك قد أحبطت.. لقد بات واضحا لها أن عقم الغرفة و ما يحيطها، لن يكبح رغبتها في الموت، بل هو أشبه بالأساس و الضرورة لتفاقم الألم و الخراب..
فجأة، ألمح ذلك الرجل الغارق الذي بدا على وجهه معالم الخوف من البرد القارس، مستلق على معدته و ساندا نفسه بيديه فقط، ربما محاولا الزحف خارج البحر، ربما محاولا إنقاذ نفسه من الأمواج.. لقد ظهر البحر بشكل آخر في هذه البقعة، لقد بات قاتما، يهدد بالخنق.. العودة من الغرق غير جميلة كما يرى الكثير من الناس، و هم بالأصل لم يجربوا ذلك البرد و الصقيع الذي قد عانى منه الغريق.. العودة من الغرق بإرادة الغريق أو بغير إرادته، محاولة بائسة و كئيبة لخلق حياة جديدة.. البحر أصبح في إحدى الثواني متوحشا و قاضيا -و الوعد ببحر أجمل كما في تلك اللوحة، ليس إلا تهكم و سخرية، لأن الوجود الأكثر صراحة و صدقا و جمالا لن يتحقق مجددا، لأن الحال لن تعود كما كانت.. و سيبقى ذاك النورس صارخا "...الرحيل..."، و سيبقى البحر مخيفا و مرعبا دائما، حتى يصبح كوب الماء ملونا بلون الغرق.. يا لتعاسة الرجل - يا لتعاستي!..”
―
يبقى المشهد في أماكن أخرى أكثر صراحة.. يبقى المشهد في بقع أخرى، بغض النظر عن قبحه، أكثر واقعية و صدقا من هذه الألوان الراكدة و الثابتة.. فتاة تسحب ظلها و تمشي ببطء، تزحف بلا هدف في دائرة بشكل مجنون، و الغرفة فارغة -خالية من أي لون، و إن أنا واصلت النظر حتما سأصاب بالعمى.. بدأت أضيق النظر على القاطنين السعداء، و أخذت أحسدهم على كل ما ملكوا من سعادة و راحة و محيط جميل و ناعم بشكل رهيب.. إنهم و بالرغم من الظاهر، برغم الثبات الذي يقيدهم، برغم المهام المفروضة بالقوة عليهم، برغم لا وعيهم الطفولي، ما زالوا سعداء.. و هذه الفتاة، أستطيع بكل بساطة تشبيهها لجنين يعيش و سيبقى داخل زجاجة، لا أحد قادر على إخراجها، لا أحد يرمي بيديه أو حتى أحد أنامله لينقذها و يخرجها من الزجاجة التافهة.. يا لتعاستها -يا لتعاستي !.. إنها غرفة عقيمة، و الفتاة مع الثواني تتقدم بالسن محاربة الزمن و وحدتها بمفردها، حيث بدأت أشك إن كان قلبها قادرا على إعطاء الحياة لمشاعر و عواطف جديدة، أو حتى قادرا على إنتاج نبضات إضافية، أو حتى إن كان عمرها يتسع لساعات عيش أخرى.. إنها ليست قريبة من البحر، إنها غير سعيدة، غير منتجة، إنها و بكل بؤس تبتعد عن الأيام -مدركة مرور الوقت، بينما قاطنو اللوحة قادرون على إلهاء أنفسهم بالجمال و بالمهام الواجبة عليهم..
ها هو طائر النورس يحلق قريبا، صارخا -بكل ما ملك صدره من أنفاس- بكلمات غير مفهومة، جاء آخرها كلمة "رحيل"..و أخذ يرددها -مازال و سيبقى- و صوته يصبح خافتا مع كل مرة، ".... الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، الرحيل، ....".. ربما يحاول تذكيرها بأنها ستموت بنهاية المطاف، رغم أن جميع محاولاتها بتعجيل ذلك قد أحبطت.. لقد بات واضحا لها أن عقم الغرفة و ما يحيطها، لن يكبح رغبتها في الموت، بل هو أشبه بالأساس و الضرورة لتفاقم الألم و الخراب..
فجأة، ألمح ذلك الرجل الغارق الذي بدا على وجهه معالم الخوف من البرد القارس، مستلق على معدته و ساندا نفسه بيديه فقط، ربما محاولا الزحف خارج البحر، ربما محاولا إنقاذ نفسه من الأمواج.. لقد ظهر البحر بشكل آخر في هذه البقعة، لقد بات قاتما، يهدد بالخنق.. العودة من الغرق غير جميلة كما يرى الكثير من الناس، و هم بالأصل لم يجربوا ذلك البرد و الصقيع الذي قد عانى منه الغريق.. العودة من الغرق بإرادة الغريق أو بغير إرادته، محاولة بائسة و كئيبة لخلق حياة جديدة.. البحر أصبح في إحدى الثواني متوحشا و قاضيا -و الوعد ببحر أجمل كما في تلك اللوحة، ليس إلا تهكم و سخرية، لأن الوجود الأكثر صراحة و صدقا و جمالا لن يتحقق مجددا، لأن الحال لن تعود كما كانت.. و سيبقى ذاك النورس صارخا "...الرحيل..."، و سيبقى البحر مخيفا و مرعبا دائما، حتى يصبح كوب الماء ملونا بلون الغرق.. يا لتعاسة الرجل - يا لتعاستي!..”
―
“نعم, أبادل شجرة التوت الحب و الصداقة, أكثر مما أبادل بعض البشر.. أرى في ظلّها أماناً, لم يمنحني إياه أحد.. أراها أبداً ثابتة, مهما أثقلَتها ذراعاي.. و إلى الآن لم أجد من ينافسها إلاكِ صديقتي..”
― أنا
― أنا
“قطار سعادتك مهيب، و ساحات الإنتظار الفسيحة على كلا الجانبين ممتعة -سرعان ما تزدحم..
لكننا دائما -بشخصنا الواحد فقط، نسلك أزقة الألم المظلمة و الضيقة.. بشخصنا الواحد فقط، نسلك أروقة البؤس الكبير..”
―
لكننا دائما -بشخصنا الواحد فقط، نسلك أزقة الألم المظلمة و الضيقة.. بشخصنا الواحد فقط، نسلك أروقة البؤس الكبير..”
―
Is this you? Let us know. If not, help out and invite mohamad to Goodreads.