محمد جلال كشك بقلم المستشار عبد الله العقيل

* مجلة المجتمع الكويتية 26/8/2009.


محمد جلال كشك مفكر ومؤرخ إسلامي (1348 -1414هـ / 1928- 1993م)


ولد الأستاذ محمد جلال الدين محمد علي كشك في بلدة «المراغة» بسوهاج عام 1928م، وكان الأب يعمل قاضياً في المحاكم الشرعية، وهو الشيخ محمد علي كشك، وذكر الأستاذ جلال كشك عنه في أحد كتبه أنه كان أول من أصدر حكماً شرعياً في مصر بتكفير البهائيين، وتلقى تعليمه الأولي بالقاهرة، والثانوي بمدرسة «بمبا قادن» الثانوية بـ«الحلمية الجديدة»، لسكنه حينئذ بالمنطقة الواقعة بين شارع سوق السلاح وباب الوزير بحي الدرب الأحمر. والتحق بكلية التجارة، جامعة «فؤاد الأول» (القاهرة) عام 1947م، وانضم قبلها – عام 1946م – إلى الحزب الشيوعي المصري، وحصل على إجازة الليسانس عام 1952م، وأدى امتحان نهاية العام وهو سجين في معتقل «هايكستب»، بتهمة التحريض على قتل الملك.


مواقف للأستاذ محمد جلال كشك


عندما جمع الطالب محمد جلال بكلية التجارة بعض زملائه في ديسمبر 1951م، ليهتفوا ضد تعيين حافظ عفيفي رئيساً للديوان الملكي، لم يقف عند هذا الحد، فانطلق يهتف بحياة الجمهورية قبل أن يعلنها محمد نجيب بحوالي عام (يراجع كتاب «القاهرة» للأستاذ أحمد محمد عطية). وطالب بتأميم القناة، وإلغاء الاحتكارات الأجنبية في سنة 1951م في كتابه الثاني «الجبهة الشعبية»، الذي كان يدرّس في الخلايا الشيوعية، وراج أيامها أن الكتاب هو لمنظمة شيوعية تحمل هذا الاسم، وأنها وضعت اسم أحد أعضائها على الكتاب، ولكن بعد سنوات ذكر المستشار طارق البشري في كتابه «الحياة السياسية في مصر 1945 – 1952م» أن الحزب لم يصدر هذا الكتاب، وأن الكتاب خاص بصاحبه (محمد جلال)، وقُدِّم بسببه إلى النيابة، واتُّهم بالدعوة إلى قلب نظام الحكم، ولم تسقط القضية إلا بقيام الثورة.


وفي مقالة له بعنوان: «الجياع بين ضريبة الملح وحيازات القمح» قارن بين إعدام ملك فرنسا بسبب ضريبة الملح، وما يجري في مصر آنذاك باسم حيازات القمح، وقُدم إلى المحاكمة، واعتُـقل محمد جلال كشك، ولم يُفرج عنه إلا بعد انقلاب يوليو.


وعقب إلغاء قرارات مارس 1954م، بدأ التربص بالصحافة لوقوفها بجانب الشعب ضد استبداد العسكر، وعُيِّن صلاح سالم رئيساً لمجلس إدارة صحيفة «الجمهورية»، ورشَّح نفسه نقيباً للصحفيين ونجح، ولكن الأستاذ محمد جلال رفع قضية في مجلس الدولة، معترضاً على هذا الترشيح، بناء على أن صلاح سالم يمثل أصحاب الصحف، وسقطت القضية بوفاة صلاح سالم.


وبدأ الجدال على صفحات الصحف حول دستور 1923م، وإعادة العمل به، وبكافة مظاهر النظام القديم، ولكن من دون الملك، وفطن جلال كشك إلى هذه الخديعة التي يسوّقها العسكر، ليتم إلغاء الحريات، وكتب في جريدة «الجمهور المصري»: «لماذا يعود هذا الدستور»؟! وكان الجواب على الفور إغلاق الجريدة، وإيداع جلال كشك في معتقل «أبوزعبل» لمدة عامين وشهرين!! وخرج بعدها ليعمل بجريدة «الجمهورية»، وتم إيقافه عن العمل عام 1958م، وفي عام 1961م، أُلحق بمجلة «بناء الوطن» تحت رئاسة الضابط أمين شاكر، واعتُقل لمدة شهور، بإيعاز من أمين شاكر، لإرساله خبراً عن «استقلال الكويت» لـ«أخبار اليوم» بدلاً من إرساله إليه.


وعمل بعدها في مؤسسة «روز اليوسف» محرراً للشؤون العربية، وكتب في عام 1962 ــ 1963م سلسلة مقالات (خلافاتنا مع الشيوعيين)، مما جعل صحيفة «البرافدا» ــ لسان الحزب الشيوعي ــ تكتب رداً بتوقيع «مايسكي» ــ نائب رئيس التحرير يتهمه بمخالفة الميثاق، ويطالب بإبعاده عن الصحافة المصرية، لوقف زحف الجمعية اليمينية، ومع زيارة «خروشوف» إلى مصر في مايو 1964م، أُفرج عن الشيوعيين، وتم إقصاء مخالفيهم، وأُُبعد الأستاذ جلال كشك عن الصحافة أعوام (1954، 1965، 1966م)، وانفرد وحده بنقد كتاب علي صبري: «سنوات التحول الاشتراكي»، وصرَّح في مقالة بـ«الجمهورية» بأن الأرقام الواردة عن الخطة الخمسية الأولى (1961 ــ 1966م) تدلُّ على انخفاض في الإنتاج وليس زيادته، والأرقام وحدها تدلُّ على كذب الادِّعاء، ولكن بمجرد نشر هذا المقال تم فصل رئيس مجلس إدارة الجريدة، ورئيس التحرير، وتشريد جلال كشك.


وخرج من مصر بعد هزيمة يونيو 1967م، طلباً لحرية الكلمة، وبعد وفاة عبدالناصر، عمل في مجلة «الحوادث» اللبنانية.


وفور انتخاب الرئيس الأمريكي «رونالد ريجان» في نوفمبر 1980م، أدلى بتصريح لمجلة الـ«تايم» قال فيه: «إن المسلمين قد عادوا إلى الداء القديم، أو الاعتقاد القديم بأن الطريق إلى الجنة هو الموت في القتال ضد المسيحيين واليهود»، وكان الاحتجاج الإسلامي الوحيد هو برقية من جلال كشك، بينما التزم الجميع الصمت، وقد قال في برقيته: «إن الحرب الدينية التي سجّـلها التاريخ ودخلت في قاموس الفكر الإنساني كرمز للتعصب الديني اسمها «الحروب الصليبية»، وليست الحروب المحمَّدية ولا الهلالية، فلسنا الذين اخترعنا الحروب الدينية، ولا نحن الذين نحتنا صيغتها واسمها في تاريخ الإنسانية، وليس ذنبنا أن المعتدين علينا، وعلى بلادنا واستقلالنا من المسيحيين واليهود. ولا جريمة إذا اعتقد المسلم الضحية أن الله يرضى عن الذين يدافعون عن استقلال بلادهم».


جلال كشك.. مؤلفات وأفكار


القضية الأساسية التي وهب لها عمره تتمثل في: دفع الزيف في تاريخ أمتنا ضد (طلائع الغزو الفكري)، الذي يرى خطره الماحق على شخصية المسلم المعاصر في: إعادة ترشيد عقل المسلم، بحيث يفكر منطلقاً من مقدمات صليبية يأخذها على أنها هي الحقائق، فيخرج منها بنتائج صليبية دون أن يخلع دينه، ولا حاجة إلى تعميده بالماء المقدس، فقد عمد بـ«القار» غير المقدس. وإذا تشرّب المسلم طقوس الحضارة الغربية، واطمأن إليها، بل وأيقن بتفوقها عليه – لا مجرد التفوّق المادي، بل أيضاً الفكري والروحي ــ انهارت مقاومته، وأصبح كالمدينة المفتوحة والمستباحة لكل متأهِّب ومقتحم، أو بتدمير الأساس النفسي لوجودنا، بطبعنا من الخارج بالقسمات الغربية، وتلقيننا أن الصواب ــ وليس الأقوى والأفضل فقط – هو الغرب، وأسلوب حياة أهله في الزواج… التفكير.. الكتابة.. السياسة الجديدة، بل حتى العقيدة. وما دام ذلك هو الصواب، فإننا عندما نعود ونقيس وجودنا وتراثنا وتقاليدنا على الوافد الجديد، نكتشف أنها لا تنطبق على هذه المقاييس، وبالتالي ندينها، ونحاول جهدنا أن نعتذر عنها، أو أن نتبرّأ منها، فنبدأ من نقطة الضعف، ونحاول أن نعكِّر الماء على الجانب الآخر، فلا نكون على أحسن الفروض أفضل كثيراً من القرد الذي يحاكي سيّده في كل شيء، قد رضي بدور الظل، وأنَّى للظل أن يسبق سيده؟!


وفي كتابه الشهير «القومية والغزو الفكري»، يناقش: هل تستطيع القومية تخليصنا من المحن المصيرية التي تواجه العالم العربي الآن؟ ويقول الأستاذ جلال كشك: «إذا كان الإسلام هو الرابط الذي يربط بين العرب والبربر والأكراد وغيرهم، فلماذا نستبعده، ونرفع علم القوميّات؟! إلا إذا كان الهدف هو إثارة الحرب القوميّة!! ويعلل الأستاذ جلال مسلكية الأحزاب والحركات القومية ــ التي ترفع شعار القومية اللادينية ــ بأنها تكوَّنت من عناصر مريبة دُربت وأُعدت في مدارس التبشير، وبيوت القناصل، وأقلام المخابرات الاستعمارية، ورسمت أهدافها ومبادئها على أساس تحطيم الرابطة الإسلامية، تمهيداً للاستيلاء على الدولة العربية، ويؤكد الأستاذ جلال أن قوميتنا نسيج وحدة لحمته الإسلام وسداه العروبة، وأي محاولة لفصلهما لن تعطيك ثوباً، بل خيوطاً قد تنجح في شنق نفسك بها! وأثبت في هذه الدراسة الارتباط التام بين العروبة والإسلام، وأن المحاولات التي تدَّعي أنَّها تعمل للإسلام بمعاداة العروبة هي محاولات تعادي الإسلام والعروبة معاً.


مؤلفات الأستاذ محمد جلال كشك


ترك الأستاذ جلال كشك ما يربو على الخمسين كتاباً، تمثل محاولة لفهم التفسير الإسلامي للتاريخ، والوقوف ضد دعاة التغريب والعلمنة، وتلك هي كتب الأستاذ جلال كشك مرتبة حسب تاريخ صدورها:


1 – مصريون لا طوائف.


2 – الجبهة الشعبية.


3 – قانون الأحزاب.


4 – روسي وأمريكي في اليمن.


5 – شرف المهنة (مسرحية).


6 – الغزو الفكري.


7 – الماركسية والغزو الفكري.


8 – القومية والغزو الفكري.


9 – الحق المر.


10 – دراسة في فكر مُنْحَلَّ.


11 – الطريق إلى مجتمع عصري.


12 – أخطر من النكسة.


13 – النكسة والغزو الفكري.


14 – ماذا يريد الطلبة المصريون.


15 – إيللي كوهين من جديد.


16 – الجهاد.. ثورتنا الدائمة.


17 – الثورة الفلسطينية.


18 – ماذا يريد الشعب المصري؟


19 – ودخلت الخيل الأزهر.


20 – النابالم الفكري.


21 – كلام لمصر.


22 – مغربية الصحراء.


23 – وقيل الحمد لله.


24 – حوار في أنقرة.


25 – من بدع ثورة مايو.


26 – تحرير المرأة المسلمة.


27 – يوم عن خير أمة.


28 – السعوديون والحل الإسلامي.


29 – خواطر مسلم عن الجهاد والأقليات والأناجيل.


30 – كلمتي للمغفلين.


31 – إنهم يبيدون الإسلام في بلغاريا.


32 – المؤامرة على القدس تنفذ في مكة.


33 – الفاسي… تلك الفضيحة.


34 – قيام وسقوط إمبراطورية النفط.


35 – لمحات من أحد.


36 – لمحات من حطين.


37 – ثورة يوليو الأمريكية.


38 – الناصريون قادمون.


39 – طريق المسلمين إلى الثورة الصناعية.


40 – أولاد حارتنا فيها قولان.


41 – الشيخ الغزالي بين المدح الشامت والنقد العاتب.


42 – ألا في الفتنة سقطوا.


43 – جهالات عصر التنوير.


44 – الجنازة حارة.


45 – الفضيحة.. هيكل يزيف التاريخ لحساب الملك حسين.


46 – الحوار أو خراب الديار.


47 – إنهم يذبحون المسلمين في البوسنة والهرسك.


48 – قراءة في فكر التبعية.


49 – حكايات عن عمر.


50 – أبو ذر والحق المر.


إلى جانب عشرات المقالات المنشورة في الصحف، ولم تجمع في كتاب أو كتب حتى الآن.


من أقوال محمد جلال كشك


«الخلاف حول تفسير التاريخ ليس ظاهرة، ولا مجرد خلاف حول تفسير الماضي، بل هو في الدرجة الأولى خلاف حول الطريق إلى المستقبل، والأمم دائماً تهرع إلى تاريخها في لحظات محنتها، وتستمد منه الإلهام والدعم النفسي، بينما يلجأ خصومها دائماً إلى تزييف التاريخ وتشويهه، لتضليل الحاضر وإفساد الطريق إلى المستقبل».


«منعنا من امتلاك المدفع هو الهدف الأساسي الدائم منذ ظهور الاستعمار الأوروبي إلى اليوم، وقد تم ذلك تحت شتى الشعارات، وبمختلف التنظيمات من القراصنة ومحاكم التفتيش إلى الجامعات، والمؤسسات الدولية، والمعاهد من الأمم المتحدة، وقبل ذلك إلى جهود وكتابات وحكومات من سمّاهم «صمويل هنتنجتون» «المتعاونين والمؤمنين بحضارتنا»، هؤلاء المتعاونون الذين يعملون لاستمرار سيطرة الغرب واستمرار تخلّف أوطاننا يتسترون في كل مرحلة تحت شعارات علمانية وتقدمية ويسارية وأممية. إن عناصر مأجورة عن وعي، وعناصر تحركها أحقاد رخيصة، وعناصر تتبع كل ناعق تسيطر على إعلامنا، وتجنده لمحاربة الإسلاميين في مشارق الأرض ومغاربها، غير محققة من هدف إلا إزالة دور مصر الإسلامية، وإلغاء زعامتها للعالم الإسلامي، وعزلها عن المسلمين.. لمصلحة من؟ هذا هو السؤال الذي نعرف جوابه جيداً».


معرفتي به


عرفت الأستاذ محمد جلال كشك من خلال كتاباته التي بدأ صدورها أواخر الستينيات وهاجم فيها الفكر الماركسي الذي كان من أنصاره سابقاً، وقد أعجبتُ بنقده الموضوعي لأنه يروي من خلال معايشة مع الفكر وأنصاره، فصاحب الدار أدرى بالذي فيها، ويظهر والله أعلم أنه كان مستاءً من الأوضاع الفاسدة في العهد الملكي وظنّ أن في الشيوعية علاج ما يشكو من استبداد وتسلّط واستغلال من قبل الحكام وأصحاب الأموال ونصرة للفقراء والمعوزين والطبقات المسحوقة من الشعب، ولكنه فوجئ بغير ذلك، وأن أدعياء الماركسية ورؤوسها وبخاصة من اليهود لا يقلّون جشعاً عن الرأسمالية وأصحاب النفوذ المتسلِّطين على رقاب الشعب المسكين، غير أن الله سبحانه وتعالى تداركه برحمته فكان انعطافه نحو الإسلام لعلاج المشكلات وحلّ المعضلات التي تعاني منها الشعوب المسلمة الفقيرة.


ومن هنا كان إقبالي على قراءة كتبه التي ألفها بعد توجهه الإسلامي وعزوفه عن الفكر الماركسي الذي عرف علله وأدرك حقيقته وكشف عواره.


والأستاذ محمد جلال كشك يكره التسلط والدكتاتورية، ومن هنا كان هجومه على الطاغية عبدالناصر وزمرته يصيب مقاتل فيهم ويفضح ادعاءاتهم الكاذبة وكشف زيفهم ومزاعمهم. وقد قمنا في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت، بشراء الكثير من كتبه وتوزيعها في أنحاء العالم الإسلامي وبخاصة في أوساط الشباب الذين خُدعوا بدعاوى الاشتراكية والناصرية والقومية والعلمانية فآتت الثمار الطيبة وعاد الكثير من الشباب إلى جادة الصواب، ومنهج الإسلام الحق، والتزموا الطريق مع القافلة المؤمنة السائرة على منهج الله تعالى.


ثم شاء الله أن يكرمنا بزيارته للكويت، حيث قمنا باستضافته وزارنا في بيوتنا، وكنتُ مع جاري وأخي الصديق د. يعقوب يوسف الغنيم، نوليه كل الرعاية والاهتمام، حيث قام الأخ د. الغنيم، بطباعة بعض كتبه في مكتبته «الأمل» بالكويت. ثم غادرنا إلى لبنان ومنها إلى أمريكا، ولم تنقطع الصلة معه من خلال قراءة مقالاته في المجلات والصحف العربية وكتبه التي استمر في إصدارها من أماكن شتى، وكانت تطبع لمرات عديدة ويقبل عليها الشباب العربي المسلم في أنحاء العالم. وكان هذا التوجه من الأستاذ محمد جلال كشك فاتحة خير على الكثير من المخدوعين بالفكر الماركسي فهجروه مثلما هجره، وعادوا إلى حظيرة الإسلام والحمد لله رب العالمين.


قالوا عن الأستاذ جلال كشك


يقول الأستاذ لمعي المطيعي: «عبارة ساخرة، ولمحات ذكية، وثقافة إسلامية واسعة، والسؤال المحيِّر: متى وكيف استوعب هذه المادة التراثية عن الإسلام»؟


وتؤكد ذلك الكاتبة الإسلامية المبدعة صافيناز كاظم: تتميز كتابة محمد جلال كشك بالحيوية التي تصل بك أحياناً كقارئ إلى حد الإرهاق، كما تتميز بالحضور الوهاج الذي يجمع بين غزارة المعلومات وعمق التحليل، والقدرة على الربط والمقارنة بين زوايا الرؤية، والمبارزة الجدلية في كل مكان، مع خفة ظل حادة، يعرف كيف يوظفها في فقرات سريعة، ويصوّبها إلى مكانها المطلوب برشاقة ودقة متناهية». «يكتب متلذذاً بالكتابة والقضية متحمساً، فينقل إليك الشغف مهما قاومته، أو عاديته، وهو منغمس كل الانغماس في موضوعه، كأنه سيكون آخر ما يكتب، وأنت لا بد منغمس فيه كأن كتابه سيكون آخر ما تقرأ».


وقال عبدالله الطنطاوي: «جاء الأستاذ جلال وجاءت كتبه على قدر، فسدّت ثغرات كبيرة في حياتنا الثقافية والسياسية، ووقفت في وجه الغزو الفكري الاستعماري، في ظروف بالغة الدقة، تُرك فيها الحبل على الغارب للشيوعيين، وللعلمانيين، ولدعاة التغريب، والدعاة إلى القوميّة، وكمَّموا أفواه الإسلاميين، وكسروا أقلامهم، واحتزُّوا رقابهم، وكانت السجون والمعتقلات الرهيبة أماكن سكنهم، فانبرى الأستاذ كشك، وليس غيره، يفضح رفاق الأمس ومَنْ وراءهم، بقلم من نار، وعقل مستنير، وقلب مسكون بالقيم العربية الإسلامية، ووعي تام بما يجري في عالم اليوم، من تزييف الحقائق، ووأد القيم التي بنينا عليها الأمجاد…».


وفاته


خلال مناظرة تلفازية أجراها مع نصر أبوزيد في محطة التلفاز العربية الأمريكية في واشنطن حول قضية التطليق التي رفعها أحد المواطنين ضد نصر حامد أبوزيد، مما اعتبرها دليل تعصب وإرهاب من الإسلاميين. أكد الأستاذ جلال كشك أن القضية ليست قضية التطليق، بل هي التزوير، وهل يصح لمن يزوِّر النصوص، ويختلق الوقائع، لإثبات رأي مسبق في حالة ما، ويندفع في هذا الاتجاه إلى درجة التلفيق ـ هل يجوز لمثل هذا الشخص أن يبقى ضمن هيئة التدريس في جامعة محترمة؟ واحتدت المناقشة إلى درجة كبيرة، وأصيب الأستاذ كشك بأزمة قلبية حادة، فاضت روحه على إثرها في 21 جمادى الآخرة الموافق 5/12/1993م، ودُفن في مصر، وأوصى أن يُدفن معه في مقبرته ثلاثة كتب: «السعوديون والحل الإسلامي، ودخلت الخيل الأزهر، وقيل الحمد لله».


رحم الله الأستاذ محمد جلال كشك وغفر الله لنا وله وأسكنه فسيح جناته.



مدونة محمد جلال كشك من شبكة تدوين


تدوين و تدوين نت من انتاج مشروعات عربية


من تدوين نت أيضاً اقرأ عن

آيفون / كيف تعمل الأشياء / الصلاة / اللغة العربية / أمتون - رسوم كتب الأطفال / الغزالي / اقرأ - كتب و كتاب و قراءة و مكتبات / القانون

24 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on April 25, 2011 10:10
No comments have been added yet.


محمد جلال كشك's Blog

محمد جلال كشك
محمد جلال كشك isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow محمد جلال كشك's blog with rss.