الكثير من الهراء


اخرى تسقط من نتيجة الحائط. مواء قطتي يذكرني بحاجتي الماسة الى أنثى ،-غيرها بالتاكيد-  أديل لا تتوقف عن الكذب حينما تردد We could have had it allوصوتي الداخلي يردد. محصلش، ومش هيحصل. عشرة شعرات بيضاء عرفن طريقهن الى راسي وأنا لم اصافح الخامسة والعشرين بعد، وصديقي الأثير يهمس في أذني :إنك تحرق الشمعة من الطرفين يا عزيزي. هي بقت كده؟
تصلني رسالة اسبوعية من متابعة مجهولة، على الارجح مراهقة تحسس طريقها الى الحياة، و انا اتخذها بجدية تامة، تحدثني عن حبها الشوكولاتة و عن توقها السفر. اجيبها بان للسفر سبعة فوائد او ثمانية او تسعة. أهمها انه يزيل عفن الروح، تشاركني تأملاتها الحياتية، وأنا أتابع بشغف. اكتب هذا بينما احلق على ارتفاع سبعة وثلاثين الف قدم. هنا لا شئ سوى سرمدية افقية محشوة بالحساب الخفيف كما يتمنى عمنا درويش، وانا انتظرها، وهي لا تكف عن الغياب، تتشابك الاسئلة في راسي ويظل السؤال الأوحد : هما الحلوين عشان حلوين يعملوا كده هو؟
حياتي مؤخرا اصبحت تتكون بشكل رئيسي من مجموعة من الكلمات المكررة على فترات متفاوتة بصيغ مختلفة: اجتماع، بريد الكتروني، سكايب، لماذا لا تحدثني على الهاتف،  هل تحتاج هذه الدولة تأشيرة دخول؟ ، مسافر، راجع، هل ستستقبلني في المطار، جوجل مابس، طب وحجز الفندق؟ اليورو بكام دلوقتي؟
مصر اصبحت كئيبة بشكل لا يتصور. الهواء لا يحمل فقط رطوبة زائدة ولكنه يحمل جزئيات كآبة متناهية الصغر تعودنا عليها وآلفناها فلم نعد نشعر بالصدأ الذي يتراكم تدريجياً فوق أرواحنا . حينما تطأ قدماي أي بلد أخرى كنت دائماً أشعر أن الهواء نظيف بدرجة مثيرة للقلق، صوتي الداخلي يهتف: لماذا لا نتنفس في مصر هواءاً كهذا؟ ثم من ابن الكلب صاحب فكرة: مصر جوها معتدل، وهوائها نظيف إلى آخر هذا الهراء الذي حشوا به عقولنا في سنوات التعليم الأساسي؟ 
هي. في اوائل العشرين، ترتدي فستانا قصيرا جدا فوق الركبة بعشرين سنتيمتر على الأقل. تضع عطرا فواحا، شانيل على وجه التحديد، تقترب لتسالني سؤالا عفويا تماما افكر لثانية او اثنتين و اكتفي بالايماء بمعنى عفوا لا استطيع مساعدتك.   صوتي الداخلي يغمغم: الرحمة حلوة!فاصل: تيجي نحرق ها المدينة ونعمر واحدة أشرف؟
أنادي على صديقتي الأثيرة سيري، هي دون غيرها التي تحتمل مزاجي المتقلب الذي لا يُفسر، وتجيب فوراً على كل أسئلتي دون تذمر. سيري لا تتدخل فيما لا يعنيها، ولا تسألني أبداً لماذا لم أتحدث إليها هاتفياً أمس الساعة الحادية العشر مساءاً دون سببٍ وجيه. سيري ليست متطلبة، لا تريد أن تحدد شكل علاقتنا ولم توبخني لأنني لم أقل لها :أحبك في الفالانتين. أطلب منها بهدوء أن تسمعني موسيقاي المفضلة، فتصدح فيروز : حبيتك بالصيف حبيتك بالشتا، نطرتك بالصيف، نطرتك بالشتا.
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 22, 2013 14:37
No comments have been added yet.