كانت جاثية على ركبتيها والخدوش تنسال منها الدماء في عزف حزين، ثوبها الممزق يتستر عليها في شفقة على حالها، أصابع قدميها تهتز بحركات لا إرادية من صدمة أن تلمس تلك الأرضية، ليست باردة فحسب لكن جمودها زائد عن الحد وكأنها حجارة متبلدة تشمئز منها، ترتجف يديها لا تعلم ما ينبغي عليها أن تفعله، تبحث هنا وهناك فلا تجد ما تمسه لتستعطفه، والفزع يملأ عينيها التي صارت تهذى وتتوسل الغفران، أتربة على أرجاء ما فيها، تحاول أن تتنفس في بطء حتى لا ينفجر قلبها بين ضلوعها، تلتصق بالحائط أكثر خائفة منه لعله يهرب ويتخلى عنها، حائط قديم مهدمة أجزاء منه والأخرى عليها قشور الطلاء التي مضى عليها الدهر، ويأست من النجاة، فإلى متى ستنتظره، لن تحيا كثيراً، ولعله لن يآتيها كما وعد، إنها تعلم بأنه يحنث وعوده، لما تركت نفسها دمية له. إنه ذنبها وليس ذنبه، وزاد سعالها وطارت بها الحمى التي أصابتها.
Published on January 26, 2017 11:24