ذابت الكلمات منها كمثلجات ترصدها أشعة الصيف، لم تعد تستطيع أن تتحمل المزيد داخل الجرة التي تقيدت بداخلها، ما بين من يسحبها إلى عمق البحر و فراشة تحاول أن تنقذها من الغرق، تلاطم أمواج يصفعها و البحر في الليل موحش و كئيب. جالسة على الكنبة القديمة المغطاة بشراشف مطرزة، ترى الكون من حولها متهالك وضيق مثل غرفتها، تدمى بدون جرح يرى، عيناها البنيتين زائغتين وكأنها تتوسل للهواء أن ينقطع عنها، شفتيها باهتة وجافة من الظمأ في تلك الصحراء الكاحلة التي تحوطها، خديها تفتقد لنضارة الحياة، ملامحها يعبث بها الإعياء، جسدها الأبيض النحيل يضيف الدراما على منظرها المستسلم للمصير، ترى رغم ظلمة غرفتها أناس وتستمع لأحاديث مسجلة في رأسها، لا تنسى حرفاً أو تعبير وجه يؤذيها، وتبدأ ليلها بتلك الأشرطة من مقتطفات حياتها التي لم تتعلم كيف تحرقها بداخل الفرن المشتعل بين ضلوعها.مكتوفة بماضيها.. خائفة مما قد يطرق بابها ويسحبها لمجزر أخر يهان فيه جثمانها، تتصبر حتى يتهاوى ما بها، لكنها لا تزال تتألم بالأعمدة الراسخة، لم تنتهى الحرب منها، لم تؤسر أو تدفن في وطنها، إنها عالقة بين أزمنة و أماكن، محبوسة في شخصيات تقوم بتمثيلها يومياً للمتفرجين، كل شيء من نسجها، لكنها لا تعرف كيف تنقضه، إنها تجلس هاربة مدعية المرض لترتاح من أدوارها، ترتشف مرارة ما انتهت إليه أحلامها، فلتركب أرجوحتها وتنتشى بالفوضى التي صنعتها.
Published on January 29, 2017 13:06