رسالة معاوية الرواحي إلى المفتي حول فتواه الأخيرة فيما يتعلق بزيارة مبنى الأوبرا


http://www.muawiya.com/2011/12/blog-post_6617.htmlسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ،،، المفتي العام لسلطنة عُمان ..
الموضوع: رسالة من مواطنٍ عُماني ..http://www.youtube.com/watch?v=hDY0ug...
سماحةَ الشيخ، لستُ أدري إن كانت هذه الرسالة ستصلك، كما تمنيت سابقاً أن تصلَك رسائلُ كثيرة من هذه المدوَّنة. أستميح سماحتكم عذرا في مخاطبتكم عبر هذه المدونة، فهي المكان الوحيد الذي يمكنني أن أفكر فيه بحرية، بحريةٍ عُمانية أصيلة الطابع وواضحة المُنطلق، حرية هدفها التعايش والتسامح والخضوع الكلي للمعاني الإنسانية التي يحث عليها، ويوجبها ديننا الكريم.
سماحة الشيخ، لست عالماً لغوياً، ولست بالذي لديه قدر قطرةٍ من عِلمكم الغَزير، لستُ من الرجال الذين خدموا الوطن خدمات جليلة كما فعلتم سماحتكم، ولستُ من الذين خدموا المذهب أو الدين أو الإسلامَ بشكلٍ عام، ربما سمعتم سماحتكم عن المهذون المجنون الذي طالبَ الدولة بتوسيع قاعدة بيع الكحوليات، نعم هذا هو أنا لسوء الحظ، ولم أكتب هذا وأنا سكران أو مجنون، كتبته وأنا ملحدٌ حتى الصميم ــ آنذاك ــ كتبتُه وأنا مؤمن بالذي كنتُ أقولُه حينَها، وليس بيدي أن أعود للماضي وأغيرُه.
 لعلك سماحتكم، بمقامكم الأجل أكبر من أن تأخذوا بكلام المجانين والمرضى، هذه هي الصفات التي يروق لبعض محبِّيكم إطلاقها على مخالفيهم، وحاشاكم أن تفعلوا ذلك، ولكن هذا هو الواقع يا سماحة الشيخ الجليل، يا شيخنا بدر الدين، يا شيخنا أحمد الخليلي ويا مفتينا العام في السلطنة، لا أخاطبك الآن كأحد المتدينين أو المنتمين بعمقٍ وبشدة إلى التَعاليم الإسلامية، أحدثك كمواطنٍ عُماني آمل أن الوطن الذي نتشاطرُه يشفعُ ويسمح لي أن أجترئ على مقامكم بتوجيه هذه الرسالة، التي سأقولُها من القلبِ، وسالقي بها من هذا الملفِّ الإلكتروني إلى هذه المدونة الإلتكرونية لأنَام بعد أرقٍ طويلٍ، أرق سببته فتوى من فتاويكم الجليلة لمواطنٍ فردٍ مثلي.
سماحة الشيخ. إنكم لتعلمون جيدا، ولتفقهون ما لسلطنة عُمان من تعددات ثقافية وحياتية وسلوكية ومَعيشية، وأنتم أعلمُ من غيركم بما يزخر به الوطن من اختلاف وتنوِّع للثقافات. لست أجادلك الآن في فحوى الفتوى المُشار إليها في الوصلة أعلاه. فكما سيلاحظ القراء، ثمة جزء مجتزأ من جلسةٍ طويلةٍ من الإفتاء، جزء مجتزء وضعَه أحدهم لغايةٍ ما، لغايةٍ تتجاوز إفتاء عالمٍ للدين في موضوع من شؤون الدين.
سماحةَ الشيخ الجليل. إنكم لتعلمون، ولتفقهون أكثر من كثير ما يحدث حالياً في العَالم العربي من ثوراتٍ ومن احتجاجاتٍ بعضها للأسف الشديد مدعوم من الخارج. وإنكم سماحتكم عشتم معنا جَميعا ما حدث في عُمان، وكنتمُ من الذين قالوا قولاً حسنا، كما عهد الناسُ من عالمِ دين بمقام سماحتكم. إنني يا شيخي الكريم، وبعد هذه المقدمة الطويلة التي كنت أتهرب وأتهيب فيها الدخول إلى الموضوع لأتساءَل أمامَك كمواطنٍ عُماني فرد، أتساءلُ عن وقت إطلاق هذه الفتوى بالتحديد؟ لا أتساءل عن صفاء نيتك، ولا عن عدم خشيتك في الله لومةَ لائم، ولكنني أتساءلُ عن هؤلاء الذين قرروا في هذا الوقت بالتحديد، هذا الوقت الذي تموج فيه البلاد بشائعات تضربها طولا وعرضاً بحثا عن التخلص من البنوك والديون، ربما تعلمون سماحتكم ماذا فعلت البنوك عندما طبقت القروض الإسلامية؟ كانت أكثر إثقالاً وكسراً للظهور، هذا ما يحدث في عُمان يا سماحة الشيخ الجليل، هذا ما يهتفُ به ويتحدث به عامَّة الناس، عامَّة الناس الذين كثير منهم حتى هذه اللحظة لا يزال يفكرُ في كيفية تدبير عيشِه لأسبوع، فضلا عن شهرٍ، فضلا عن عقدٍ يطعم فيه أطفالَه خلاله.
وليشهد الله على ما في قلبي أنني لا أقول هذا الكلام لا نفاقاً ولا تزلفاً لكَ أو لغيرك. أقولُه فقط في حب الوطن الذي نشترك فيه، وأعتذرُ لك، أعتذر لك وأقبل رأسك ويديك على خطئي في حقك، على خطئي يوم انسقت وراء الصوت الليبرالي الصدامي، الذي لا يختلف عن بعض الأصوات اليمينية الصدامية في عُمان، نعم انسقت واتهمتك أنَّك تريد تحويل البلاد إلى طالبان الجديدة، حسناً نعم وأقولُها بالفم الملآن، كنت مخطئا يا سماحة الشيخ، ومثلما أخطأت عليك في هذه المدونة أعتذر لك في هذه المدونة، فهي علاقتي الوحيدة بالعالم يا سماحة الشيخ الجليل.
سماحة الشيخ. لست هنا لأدافعَ عن دار الأوبرا السلطانية، أنتَ أفهمُ بالسلطان من الجميع، والسلطان أفهم بعمان منا أجمعين. لست بصدد وضع ديباجة وطنية أطبل فيها للمنجزات، ولكنني سأضع معزوفةً بسيطة، في حقِّ هذه الدار، التي هي ليست فقط للمعازف والمغاني كما أراد سائلك أن يوضح لك. العالمُ الأوبرالي، وهو علم عالمي واسع يحتوي على طرقٌ مختلفة للعرض، على طرقٍ بعضها لا يعتمد على الموسيقى وإنما على الحركات الإيحائية الخالي بعضها من الموسيقى !! وبعضها فنون تؤدى صوتيا دون آلات موسيقية فما اختلاف هذا عن الإنشاد؟


 فعالم الأوبرا الجديد أصبح أوسع من مكان للغناء، أو من مسارح إغريقية مصممة لقينات الملوك، أصبحَ اليوم فاعلا ثقافياً حقيقياً، وأصبحَ واسع الاستخدامات. فالأمر يا سيدي الكريم ليس فقط في المعازف والغناء والرقص والتعري، كما يريد البعض ــ عنوةً ــ أن يضع هذا التصور النمطي في رؤسنا .. الأمر يتجاوز ذلك يا سيدي الكريم وأنتم أعلمُ وأدرى ..
في الخِتام .. يا سماحة الشيخ الجليل، أقول هذا الكلام وأنا أقبل رأسكم ويديكم، وأستسمحكم عذرا إن كنت قد تطاولت في حديثي. البلاد تموج الآن بالكثير، والعالم العربي يموج بالكثير الكثير، وكل شيء عُرضة للانفلات، أنتم أكبرُ من حماقةِ البعض، ولكن البعض حمقى يا سيدي، البعض قد ينطلقون من كلامِك الفقهي النبيل إلى طريقٍ مختلفٍ، طريق قد يوقعنا في الفتنة، ألم تقولوا أنتم يا سيدي [ لماذا يستكثر علينا البعض أن نسمي أنفسنا بذلك] نعم وأقول لك لماذا نستكر على أنفسنا كعمانيين أن نعيش في تعايش وتواؤم، بدلا من طوفان التحريم الذي سيأخذه البعض إلى خارجِ سياقه، والذي ستوضعُ صورة سماحتكم فيها في الواجهة، أتعرفون لماذا يا سيدي الكريم، لأنَّه مثلما لا يَرضى كل عُماني في قائده وسلطانه، كذلك لا يرضى أي شخص ملتزم ومُتابع ومُريد ومتقيد بفتاويكم أن يُناقشها أحد.
صدقني يا سيدي الكريم، وأكتب هذا الكلام، ورغم حذري الشديد فيه ومُراعاتي فيه لمقامك الجليل، أكتبُ بخوف وهلع. ليس خوفاً من الإسلام أو الدين أو الالتزام، ولكن الخوف في أن يصلَ الحالُ بنا إلى أناس يضربون الناس بالعصي في الشوارع، الخوف من أن تتحول الرسالة الكريمة التي تؤدونها سماحتكم طوال حياتكم ولا تريدون من ورائها جزاء ولا شكوراً، الخوف من أن تستخدم فتاويك حالياً في معركة تجييشية سياسية يقودها نشطاء من جهات عديدة، وبعضهم للأسف الشديد لا يريد إلا للدماء أن تسقط، وتلكَ مصيبةٌ كبيرةٌ لا أظن أن رجلا وطنيا نبيلا مثل سماحتكم سوف يرضى بها ..
ختاما سماحة الشيخ الجليل، تقبلوا اعتذار ولدكم الذي خط الكتاب هذا، فقد قلته بلغتي التي أمارسُ وبوعي جيلنا الذي يجوس خلال عقولنا، قلتُه وما عاتبَ إلا محب من أجل بلدٍ نحبها كلانا يا سيدي الكريم ..

 وعُمان دائما من وراء القصد ..
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on December 01, 2011 23:46
No comments have been added yet.


حسين العبري's Blog

حسين العبري
حسين العبري isn't a Goodreads Author (yet), but they do have a blog, so here are some recent posts imported from their feed.
Follow حسين العبري's blog with rss.