وحيداً في غرفتي ، استمع بنهم لصوت السيارات القادم رأساً من شرفتي
بينما يحاول كات ستيفينز أو (يوسف إسلام حالياً) أن ينال بعضاً من انتباهي مردداً
Where I'll end up well I think,
Only God really knows
ليدرك
تحديداً في هذه اللحظة، أنه فقط يزيد الأمر سؤاً ويضيف ثقباً أخر إلى ثقوب
الروح، نوستالجيا لمكان لا أعرفه، وخواءاً ينتظر أن ينام الجميع ليعوي
داخلي . الغريب ، أنه لم يتوقف عن ترديد نفس الكلمات منذ الأمس دون تأففٍ
أو ملل، هل يحاول أن يوصل رسالة ما؟ أم أنني فقط -دون تعمد- اخترت
Loop forever
هي الثانية على الأرجح، ولا ذنب له
في
هذا الوقت تحديداً أجدني غير قادر على التحرر من ذاتي ، وعاجزٌ عن الدوران
في فلكٍ آخر. ذاتي تضخمت فملأت عليّ الكون بمشكلاتها ومخاوفها وآمالها.
توقفت
عن اقتراف الكتابة منذ وقت طويل، كنت أظنُها توبةً نصوح، ولكن يبدو ان
اضطراب الروح يدفعُ إلى الكتابة، كما يدفع إضطراب الإيمان إلى الذنوب. أنا
في سريري الآن مسترخٍ جداً ، لا أبالي بتلك الساقطة التي أفسدت مزاجي
الأمس، ولا بأكوام الصحون المتراكمة ، واختصرت ميونستر كلها في تمشية
صباحية إلى البحيرة وجلسة على مقعدٍ خشبي أراقب فيها الألمان يتريضون بصحبة
كلابهم وهم سعداء، حقاً سعداء. .
هذه
المرة لا تستفزني تلك السعادة،موقفها المعلن والواضح وتأكيدها المستمر على
أنها ستظل على مسافة ثابتة منّي، لا يقربها الزمن، يلطف الأمر قليلاً. بعد
أقل من اسبوعين سأضيف سنةً أخرى على رصيدي في بنك الزمن ، رصيداً لا يريده
أحدٌ أن يزيد. الرابعة والعشرون، وقعها على الأذن يحمل مزيجاً من الرتابة
والحذر. الرابعة والعشرون في ذاتها سنةٌ غير مهمة،هي فقط مجرد تحذير
لاقترابك المخيف من الخامسة والعشرين. والخامسة والعشرون مخيفة، لسببين،
أولهما أن هذا يعني أنك حيٌ منذ ربع قرن، الثانية أنك في منتصف الطريق
تماماً إلى الثلاثين، وهذا أكثر رعباً. على أي حال المفاوضات مع الزمن
خاسرة، ويجب علينا القبول بقواعد اللعبة
لا أريد التفكير كثيراً في معادلات الزمن، أريد فقط أن أجتاز بواباته دون أن أفسد ما تبقى مما شكّله الله داخلي...
أريد حضناً عميقاً، دافئاً، طويلاً وثلاثة مسحات على ظهري. أريد حضناً يبتلعني تماماً كثقبٍ أسود.
أريد ماريّا، أو صوفيّا، وعناقٌ عند عتبة الباب الباردة، أريد دهشةً محتملة، وارتباكاً مقدساً أو ذنباً عميقاً
أريد أجوبة، لا مزيد من الأسئلة
بعد أقل من أسبوعين سأقطع أخر خطوة في عامي الثالث والعشرين ، كيف سمحت لهذا أن يحدث؟
