العادات السبع للجهاديين
مع كل انتكاسة وفشل تعرض له الفكر الجهادي يحدث نقد داخلي عبر تراجعات بين فترة وأخرى. منها التراجع الذي أطلقته الجماعة الإسلامية عام 1997م وما أثارته من جدل، ثم مراجعات «تنظيم الجهاد المصري» التي أطلقها د.سيد إمام عام 2007م. الرؤية المكثفة التي قدمها كتاب «إدارة التوحش» هي أحد ملامح هذا التأثر النوعي بأساليب الإقناع بالعنف والإرهاب، لتجاوز الفشل وتطوير آليات العمل، والإشكالات النظرية الدينية والواقعية والتاريخية بالنسبة لرموز هذا التوجه. هذا النوع لا ينفع معه الصراع على فتوى هنا، وفتوى مقابلة هناك، فالإشكال أصبح متجاوزا للكلام الفقهي التقليدي .. الذي لم يطور من رؤيته النقدية حتى الآن.
مع كل انتكاسة وفشل تعرض له الفكر الجهادي يحدث نقد داخلي عبر تراجعات بين فترة وأخرى. منها التراجع الذي أطلقته الجماعة الإسلامية عام 1997م وما أثارته من جدل، ثم مراجعات «تنظيم الجهاد المصري» التي أطلقها د.سيد إمام عام 2007م. الرؤية المكثفة التي قدمها كتاب «إدارة التوحش» هي أحد ملامح هذا التأثر النوعي بأساليب الإقناع بالعنف والإرهاب، لتجاوز الفشل وتطوير آليات العمل، والإشكالات النظرية الدينية والواقعية والتاريخية بالنسبة لرموز هذا التوجه. هذا النوع لا ينفع معه الصراع على فتوى هنا، وفتوى مقابلة هناك، فالإشكال أصبح متجاوزا للكلام الفقهي التقليدي .. الذي لم يطور من رؤيته النقدية حتى الآن.
يعاني الكتاب من إشكالية ترتيب الأفكار بتداخلها ووضع عناوين مختصرة لها، ويمكن عرض بعض أهم الأفكار التي طرحها. فبدأ في فكرة «النظام الذي يدير العالم منذ حقبة سايكس بيكو» والغرب والغطرسة الأمريكية .. وهي سردية مستقرة تعبر عن رؤية الذهنية الإسلامية الحركية المعاصرة للعالم والغرب والعالم الإسلامي، كأدبيات متشابهة ومكررة بين معظم التيارات حتى من غير الإسلاميين كالقومية وغيرهم .. لتبرير الضعف والتخلف العربي. وهي مقولات معلبة .. كل يوظفها بطريقته، وفائدة التأكيد على مثل هذه المقولات لديهم أنها غطاء كلامي عام مضلل بدعوى مشروعية وأخلاقية ما يقومون به.
ثانيا: توظيف مشاهد من التاريخ الإسلامي لشرعنة سلوكهم التنظيمي المنفرد عن الدول، يقول «فيظن القارئ على غير دراية أن هذا الجزء من التأريخ الإسلامي في معالجة الصليبيين تم عن طريق الدولة الجامعة لأمر المسلمين وهذا خطأ بين، فالقارئ المتمعن لتلك الفترة الزمنية يرى أن المسلمين عالجوا أمر الصليبيين عن طريق تجمعات صغيرة، وتنظيمات متوزعة متفرقة»، ويستشهد أيضا بحركات معاصرة كطالبان، وحركات يسارية في أمريكا الوسطى والجنوبية وحركة جون قرنق في جنوب السودان. لكن الفكر الجهادي بوعي معطل ومشوه .. لا يلتقط هذه الأمثلة وفق سياقاتها التاريخية، ووفق أهدافها المحدودة بمساحة وفكرة وطنية وشعب معين.
ثالثا: إدارة التوحش .. كمرحلة بين مرحلة الإنهاك ومرحلة قيام الدولة، وهذا الجزء هو الأكثر حضورا عند الذين كتبوا عنه على حساب فهم الكتاب نفسه، وهي فكرة جاءت مع ظروف الحالة العراقية ومرحلة الزرقاوي، للاستفادة من فترات زمنية طويلة تصبح فيها بعض المساحات الجغرافية غير مسيطر عليها، لإدارة الأمن فيها والغذاء .. والتعليم .. وغيرها من المهام التنظيمية.
رابعا: ضرورة إتقان الإدارة والتدريب للتغلب على استمرار غياب القيادات وبعض الشخصيات لديهم والفرق بين من يدير ومن يقود، كثقافة يحتاجها كوادرهم الجدد.
خامسا: الوعي العسكري ويركز على «قواعد عسكرية مجربة» ومفاهيم، هناك قاعدة عسكرية تقول «الجيوش النظامية إذا تمركزت فقدت السيطرة، وعلى العكس إذا انتشرت فقدت الفعالية». والإشارة لمعدل العلميات على أنواع إما تصاعدية أو بمعدل ثابت أو على صورة أمواج .. التصاعدية لخلق انطباع عن قوتهم. ويستحضر قيمة استنزاف الخصم مقولة رامسفيلد مبررا نكساته للصحفيين «ماذا نفعل أكثر من ذلك، لا تنسوا أننا ننفق المليارات في مواجهة عدو ينفق الملايين».
سادسا: اعتماد الشدة مستشهدا بنموذج تاريخي شدة العباسيين ورخاوة «النفس الزكية»، «وأن عنصر الرخاوة أحد عناصر الفشل لأي عمل جهادي، وأن من لديه النية في بدء عمل جهادي وكانت عنده تلك الرخاوة فليجلسوا في بيتوهم أفضل» وأخيرا: فهم القواعد السياسية وكيفية اتخاذ القرار السياسي، وهنا يشير بأن القرار يجب أن لا يكون بيد من لا يخوضون المعارك تحت أي حجة، وهي رؤية تقف في وجه المنظرين الإسلاميين عن الجهاد من خارجهم.
هناك الكثير من التفاصيل الفرعية التي استحضرها المؤلف، ضد الفكر الحركي المقابل لهم والمعترض على أفعالهم، منها دعوى «المحافظة على مكاسب هزيلة كبقاء مؤسسة خيرية تحت رعاية طاغوت»، ويشير إلى أن هناك «سياسة خلع الأنياب» بحيث تقوم بعض الأنظمة بحملة كل عشر سنوات بمهاجمة وسجن الإسلاميين، وناقش منهج كف الأيدي، واعتبره منهج غاندي، ويقدم ما يرى أنه مغالطات عنه. ويطرح سؤال «لماذا حتى الآن لم يسأل المشايخ أنفسهم: لماذا وصل الكافر إلى هدفه ... لماذا بنى البعثيون دولتين وشيوخ الإسلام لم يجدوا مأوى لهم؟» الكثير من الأفكار وقف عندها ليحقق النتيجة التي يتوهمها في الأخير من كل فصول ومباحث الدراسة «بأن الحركات الجهادية السلفية هي المتقدمة عن غيرها في فهمها لدين الله تعالى فهم السنن الشرعية والكونية «قد يبدو الفكر الجهادي المعاصر منذ السبعينات كأنه صورة واحدة لم تتغير، وما حدث من تحول بين مرحلة وأخرى هو تغيير في تفاصيل الأسلوب الجهادي نفسه، عبر ابتكار أساليب التغيير بالقوة، وحيل العنف، وليس في الأفكار الكبرى لصورة الواقع في وعيهم، أو مشروعية الفعل الإرهابي نفسه. هذه القناعة مقبولة مبدئيا لكنها قد تضلل الرؤية لتطور الفكر العنفي .. وقدرته على الصمود وجذب الأتباع بسهولة. فالصورة البدائية التي كانت في السبعينات لأفكار التغيير لم تعد كما هي، فقد تراكمت خبرات متنوعة عبر زمن طويل من مختلف بقاع الأرض، وخبرات الملتحقين بهذا الفكر، مرورا بعدة أزمات دولية وحروب طورت من حيل الإقناع بجدوى الفكرة، وخطورة تضليل وإقناع غيرهم لضم كوادر جديدة.
عبد العزيز الخضر's Blog
- عبد العزيز الخضر's profile
- 44 followers
