الأديب محمود توفيق's Blog: فراشات مجففة لا زالت تطير
May 18, 2017
دافو
دافو رواية نبوئية للأديبة نهى جميل الحاج، تتكلم عن ارتباك الجماعات الإنسانية في ظل كارثة كبرى، وافتقاد تلك الجماعات عندما تتجلى لهم الكارثة المريعة بكل تداعياتها، افتقادهم للدولة التي كانت دائمًا كيانًا وصيًا ومتعجرفًا يقوم بالإملاء والحراسة في آن واحد. يجرب هؤلاء للمرة الأولى، وبين أنياب الطبيعة القاسية، وبعد أن أفقدت الدولة الجماهير منذ سنين طويلة كثيرًا من مواهبهم الدفينة التي صاروا لا يعرفونها، وقلَّصت من إمكانياتهم في تحديد المصير، وجعلتهم غير مؤهلين للحرية المطلقة، يجدون أنفسهم يمضون في ارتباك شديد بحثًا عن الملاذات الآمنة معتمدين على أنفسهم، حاملين معهم ما يمكن حمله، في أجواء يختلط فيها بطريقة بديعة شكل النزوح العصري بالنزوح التراثي كأنما خلخلت الأزمة الشديدة معنى الزمن، ينزحون بلا أية تأكيدات من أي نوع، وبغير نشرة أخبار، وبغير بيانات، وبغير حتى اعتذار؛ أشبه ما يكونوا بكائنات وجدت نفسها حرة في الخلاء القاحل بعد أن انقلبت عربة السيرك التي كانت تحملها، فصار لديهم رعب شديد من عدم وجود أي فقرة منظمة.
إننا أمام قرية نوبية وادعة، عرف أهلها من العمدة العجوز أنهم سيتعرضون للتشتت من جديد: لن نبقى يا قوم، النهر الصاعد للشمال قد جف، القرى جاعت، نفد الزاد، وكل الأخبار تؤكد حتمية الرحيل، فشلت المفاوضات الأخيرة واحتجز السد الأصم ما تبقى من الماء الصاعد إلينا، أغلقت الحبشة عيون سدها، ولم يتبق سوى الماء العطن، فلم المكوث وسط هذا الموت الحتمي؟
بعد أن جمعوا أشياءهم على عجل، زاروا المقابر وترحموا على أمواتهم، وسقوا الصبار المزروع عند شواهد القبور، هذه صورة جميلة وغير عابرة على الإطلاق!
يمكن للقارئ من كلمات الرجل النوبي الطاعن في السن أن يعرف الجريمة بجلاء، التي يكون فيها النيل، للمصريين عامة، هو الجثمان، من خلال هذا العمل الروائي الذي له روح كارثة توراتية محيطة، والذي لا أعرف غيره حتى الآن يتناول هاجس نضوب النيل بعد السد الأثيوبي؛ ولكن نبوءة الخراب القاتمة هذه، تنبعث من الجغرافيا النوبية، والذاكرة النوبية الجريحة، وهذه هي إحدى المناطق المثيرة للإعجاب في روح الرواية: ذلك الاضطراب العاطفي المثير تجاه النيل، فالنيل هنا قادم من السنين والأسطورة، وليس مجرد وصيف سياحي وديع، إنه يستطيع أن يضمر شيئًا ما للقابعين بالقرب من ضفافه، هو النيل الذي لا غناء عنه، وهو النيل الوحْش الذي أغرق النوبة ببيوتها ونخيلها، إنه باطش عندما غمر الأرض، وباطش عندما جف.
النقطة الثانية التي تثير الإعجاب، هي أنه في شدة تلك الأزمة، يزداد التمسك بالأصل، ويزداد الشوق للأرض الأولى، فهذه القرية نفسها التي طال مكوثهم فيها، هي ليست النوبة الحقيقية، فكان من الجميل والإنساني، والمنطقي أيضًا، في ظل هذا الشتات الجديد، أن يتفجر الحنين للنوبة الغارقة أكثر من الحنين لملاذ جديد غريب، وهذا يشبه النزعة الأصولية عند جميع الأمم العريقة في مواجهة هزائم الدنيا المتتالية.
لا أريد أن أطيل في ذكر جماليات العمل الأسمر الذي تشم فيه رغم وطأته روائح التمور والرياحين، وتسمع ضحك الصبيان وهم يلعبون؛ لأترك الفرصة للقارئ أن ينزح فيه مع أبطاله بغير توجيهات مني كما مضى أبطاله بغير توجيهات، وسيكتشف كم هو إنساني هذا العمل، بقدر ما هو نوبي، ويمكن له أن يشعر بكل الجروح التي به كما لو كانت على ظهره.
إننا أمام قرية نوبية وادعة، عرف أهلها من العمدة العجوز أنهم سيتعرضون للتشتت من جديد: لن نبقى يا قوم، النهر الصاعد للشمال قد جف، القرى جاعت، نفد الزاد، وكل الأخبار تؤكد حتمية الرحيل، فشلت المفاوضات الأخيرة واحتجز السد الأصم ما تبقى من الماء الصاعد إلينا، أغلقت الحبشة عيون سدها، ولم يتبق سوى الماء العطن، فلم المكوث وسط هذا الموت الحتمي؟
بعد أن جمعوا أشياءهم على عجل، زاروا المقابر وترحموا على أمواتهم، وسقوا الصبار المزروع عند شواهد القبور، هذه صورة جميلة وغير عابرة على الإطلاق!
يمكن للقارئ من كلمات الرجل النوبي الطاعن في السن أن يعرف الجريمة بجلاء، التي يكون فيها النيل، للمصريين عامة، هو الجثمان، من خلال هذا العمل الروائي الذي له روح كارثة توراتية محيطة، والذي لا أعرف غيره حتى الآن يتناول هاجس نضوب النيل بعد السد الأثيوبي؛ ولكن نبوءة الخراب القاتمة هذه، تنبعث من الجغرافيا النوبية، والذاكرة النوبية الجريحة، وهذه هي إحدى المناطق المثيرة للإعجاب في روح الرواية: ذلك الاضطراب العاطفي المثير تجاه النيل، فالنيل هنا قادم من السنين والأسطورة، وليس مجرد وصيف سياحي وديع، إنه يستطيع أن يضمر شيئًا ما للقابعين بالقرب من ضفافه، هو النيل الذي لا غناء عنه، وهو النيل الوحْش الذي أغرق النوبة ببيوتها ونخيلها، إنه باطش عندما غمر الأرض، وباطش عندما جف.
النقطة الثانية التي تثير الإعجاب، هي أنه في شدة تلك الأزمة، يزداد التمسك بالأصل، ويزداد الشوق للأرض الأولى، فهذه القرية نفسها التي طال مكوثهم فيها، هي ليست النوبة الحقيقية، فكان من الجميل والإنساني، والمنطقي أيضًا، في ظل هذا الشتات الجديد، أن يتفجر الحنين للنوبة الغارقة أكثر من الحنين لملاذ جديد غريب، وهذا يشبه النزعة الأصولية عند جميع الأمم العريقة في مواجهة هزائم الدنيا المتتالية.
لا أريد أن أطيل في ذكر جماليات العمل الأسمر الذي تشم فيه رغم وطأته روائح التمور والرياحين، وتسمع ضحك الصبيان وهم يلعبون؛ لأترك الفرصة للقارئ أن ينزح فيه مع أبطاله بغير توجيهات مني كما مضى أبطاله بغير توجيهات، وسيكتشف كم هو إنساني هذا العمل، بقدر ما هو نوبي، ويمكن له أن يشعر بكل الجروح التي به كما لو كانت على ظهره.
Published on May 18, 2017 03:25
February 21, 2016
كوخ العم توم
تستطيع أن تخمن وأنت تقرأ رواية كوخ العم توم للكاتبة الأمريكية هارييت ستو، تلك الرواية التي قلبت التاريخ الأمريكي، وكان لها فضل عظيم في قضية الرق، تستطيع أن تخمن أن الكاتبة كانت تتجرَّع عملها، وأنه جرى منها مجرى الدم في العروق، وأن العم توم الزنجي الذي سميت الرواية باسمه عاش في سويداء قلبها كامنًا هناك حتى نهاية عمرها.
التدفق العاطفي للقصة سحر الروائية ومكنها من أن تسحر القراء بكل البراءة والاندفاع، وبهذا الإصرار في توصيل الرسالة الذي يشبه إصرار الجدات في السرد وإعادة السرد، وككثير من الأعمال العظيمة تشعر بشيء من السذاجة غائب في نخاعه، وهو ما يمكن تفسيره بحالة الهيام ما بين الكاتب والملابسات التي تتراءى له في تخيل عمله، ويصدقها ويكتبها بكل حميمية وتأييد، دون أن يفطن لما يمكن أن يفطن له قارئ جيد من مناطق رديئة، ومع ذلك فإن كسر الإحساس بالحذق التام يدفع القارئ للإحساس بصدق الكاتب وبإيمانه العميق بما يكتب لدرجة جعلته يساير عمله ولو في بعض التخبطات بدلًا من ينظر له بعين ناقد مستريب.
من تلك المناطق التي تعبر عن صدق الكاتبة وإن كان يمكن أن ينظر لها باعتبارها مناطق رداءة هو طول الصفحات الحوارية التي يتكلم فيها الأبطال عن أسفهم بشكل مباشر من الظلم الواقع على السود، وكذلك النفحة الملائكية التي تم رسم شخصية العم توم بها حتى يبدو ككائن فوق إنساني، إلحاح النفس التبشيري عليها كإنسانة مؤمنة، وكذلك ميلها كامرأة رقيقة النفس لسرد تفاصيل قصة توم المسالم جدًا واختزالها الشديد في قصة جورج القادر على الدفاع عن حقه في الحرية ولو باستخدام الرصاص إن لزم الأمر، وطبعًا كان الحدث الأكثر سذاجة هو ما وقع في الجزء الأخير من رجوع الأخت لأخيها ورجوع البنت لأمها بضربة واحدة شبة مستحيلة الحدوث.
ورغم هذا يظل هذا العمل هو العمل الذي جعلنا نعيش حقًا أزمة السود وأزمة الانتزاع الذي كان يحدث للأسر الأفريقية فتؤخذ الزوجة من زوجها بكل بساطة، بل ويؤخذ الرضيع من أمه، وجعلنا نعيش معهم أيامهم الطويلة في القسوة والعذاب والإهانة وسوء التغذية، وجعلنا نعيش معهم هذا الجزع النفسي الهائل لإنسان مسترق عند سيد طيب طابت نفسه للعيش معه واعتاد على الشعور النسبي بالكرامة والإنسانية، عندما يضطر سيده لبيعه فيجد نفسه مساقًا خلف رجل في منتهى الشراسة واللؤم.
التدفق العاطفي للقصة سحر الروائية ومكنها من أن تسحر القراء بكل البراءة والاندفاع، وبهذا الإصرار في توصيل الرسالة الذي يشبه إصرار الجدات في السرد وإعادة السرد، وككثير من الأعمال العظيمة تشعر بشيء من السذاجة غائب في نخاعه، وهو ما يمكن تفسيره بحالة الهيام ما بين الكاتب والملابسات التي تتراءى له في تخيل عمله، ويصدقها ويكتبها بكل حميمية وتأييد، دون أن يفطن لما يمكن أن يفطن له قارئ جيد من مناطق رديئة، ومع ذلك فإن كسر الإحساس بالحذق التام يدفع القارئ للإحساس بصدق الكاتب وبإيمانه العميق بما يكتب لدرجة جعلته يساير عمله ولو في بعض التخبطات بدلًا من ينظر له بعين ناقد مستريب.
من تلك المناطق التي تعبر عن صدق الكاتبة وإن كان يمكن أن ينظر لها باعتبارها مناطق رداءة هو طول الصفحات الحوارية التي يتكلم فيها الأبطال عن أسفهم بشكل مباشر من الظلم الواقع على السود، وكذلك النفحة الملائكية التي تم رسم شخصية العم توم بها حتى يبدو ككائن فوق إنساني، إلحاح النفس التبشيري عليها كإنسانة مؤمنة، وكذلك ميلها كامرأة رقيقة النفس لسرد تفاصيل قصة توم المسالم جدًا واختزالها الشديد في قصة جورج القادر على الدفاع عن حقه في الحرية ولو باستخدام الرصاص إن لزم الأمر، وطبعًا كان الحدث الأكثر سذاجة هو ما وقع في الجزء الأخير من رجوع الأخت لأخيها ورجوع البنت لأمها بضربة واحدة شبة مستحيلة الحدوث.
ورغم هذا يظل هذا العمل هو العمل الذي جعلنا نعيش حقًا أزمة السود وأزمة الانتزاع الذي كان يحدث للأسر الأفريقية فتؤخذ الزوجة من زوجها بكل بساطة، بل ويؤخذ الرضيع من أمه، وجعلنا نعيش معهم أيامهم الطويلة في القسوة والعذاب والإهانة وسوء التغذية، وجعلنا نعيش معهم هذا الجزع النفسي الهائل لإنسان مسترق عند سيد طيب طابت نفسه للعيش معه واعتاد على الشعور النسبي بالكرامة والإنسانية، عندما يضطر سيده لبيعه فيجد نفسه مساقًا خلف رجل في منتهى الشراسة واللؤم.
Published on February 21, 2016 07:20
January 31, 2016
هيبتا
هيبتا
وجد تلا من الرمال يأخذ إلى حد ما شكل الهرم، فاعتقد أن وضع بعض الأحجار القليلة على جوانبه يسمح له بأن يقول إنه صنع هرمًا، هذا هو الشيء العجيب الذي وقر في قلب صاحب هيبتا وهو يسطر هيبتا بهذه اللغة البسيطة وهذا التسطيح في معالجة الحالة وهذه المحاضرة الطويلة التي يعتمد فيها المحاضر على التقطيع في سرد الحياة العاطفية لأربعة أشخاص، والأعجب أن هناك جمهورًا واسعًا تعامل مع هذا التل الذي عليه بعض الأحجار على أنه هرم حقيقي.
بخلاف اللغة الركيكة كانت مشكلة محمد صادق أنه اعتمد إلى حد كبير على لحظة الكشف التي سيتضام فيها تباعًا هؤلاء الأربعة لنكتشف أنهم واحد في مراحل شتى، لذا كان واثقًا ومترهلًا طيلة الرواية معتمدًا على أنه سيفاجئ القارئ بالحقيقة، لذا لم يحاول أن يقدم الكثير معتمدًا على سحر الفقرة الأخيرة في النهاية وغرابة الاسم في البداية وبينهما لم يفلح في أن يبدو عميقًا وحتى الفحش لم يفلح فيه ناهيك عن إصراره على تقديم عالم أخلاقي متفتت تغوي فيها امرأة جارًا لها من المفترض أن نصدق أنها شعرت به من بعيد، ومن المفترض أن اندفاعها في تسليم نفسها له لا يطعن في إحساسها بالشرف.
وحتى عندما تعود وتنظر تجد صعوبة في الظن بأن الثلاثة ب و ج و د يمثلون التاريخ النفسي والعاطفي للشخص أ الذي يحتويهم باعتباره حاضرهم الذي حضر المحاضرة، بل إن كل ما ظهر في شخصية من الشخصيات من مثالب في علاقة الحب يجعل الشخص الحصيلة شخصًا متعبًا وغير جدير بالكثير من التعاطف، فهو المضطرب الذي يضم كل هؤلاء المضطربين، وحتى الأم المنتحرة كانت رحم هذا الاضطراب، ولم يكلف الكاتب نفسه إلقاء الضوء على شخصية الأم التي كان لا يصح أن يعاملها بهذا القدر من التلفيق والتخلص.
والشيء الذي يحضرني الآن كمدح للكاتب، بالإضافة إلى توفيقه في كشف أعراض متكررة في عالم الحب، هو أنه لم يكن يعاني أي اضطراب في تخيل قارئه، هو يعرف لمن يوجه هذا العمل، ويعرف أن هذه اللغة وهذا الموضوع وهذا النزر اليسير من ادعاء العمق، وهذا الجو المشبع بروح المراهقة، فيها جميعًا الكفاية ليترك أثرًا في قارئه الذي يعرفه.
وجد تلا من الرمال يأخذ إلى حد ما شكل الهرم، فاعتقد أن وضع بعض الأحجار القليلة على جوانبه يسمح له بأن يقول إنه صنع هرمًا، هذا هو الشيء العجيب الذي وقر في قلب صاحب هيبتا وهو يسطر هيبتا بهذه اللغة البسيطة وهذا التسطيح في معالجة الحالة وهذه المحاضرة الطويلة التي يعتمد فيها المحاضر على التقطيع في سرد الحياة العاطفية لأربعة أشخاص، والأعجب أن هناك جمهورًا واسعًا تعامل مع هذا التل الذي عليه بعض الأحجار على أنه هرم حقيقي.
بخلاف اللغة الركيكة كانت مشكلة محمد صادق أنه اعتمد إلى حد كبير على لحظة الكشف التي سيتضام فيها تباعًا هؤلاء الأربعة لنكتشف أنهم واحد في مراحل شتى، لذا كان واثقًا ومترهلًا طيلة الرواية معتمدًا على أنه سيفاجئ القارئ بالحقيقة، لذا لم يحاول أن يقدم الكثير معتمدًا على سحر الفقرة الأخيرة في النهاية وغرابة الاسم في البداية وبينهما لم يفلح في أن يبدو عميقًا وحتى الفحش لم يفلح فيه ناهيك عن إصراره على تقديم عالم أخلاقي متفتت تغوي فيها امرأة جارًا لها من المفترض أن نصدق أنها شعرت به من بعيد، ومن المفترض أن اندفاعها في تسليم نفسها له لا يطعن في إحساسها بالشرف.
وحتى عندما تعود وتنظر تجد صعوبة في الظن بأن الثلاثة ب و ج و د يمثلون التاريخ النفسي والعاطفي للشخص أ الذي يحتويهم باعتباره حاضرهم الذي حضر المحاضرة، بل إن كل ما ظهر في شخصية من الشخصيات من مثالب في علاقة الحب يجعل الشخص الحصيلة شخصًا متعبًا وغير جدير بالكثير من التعاطف، فهو المضطرب الذي يضم كل هؤلاء المضطربين، وحتى الأم المنتحرة كانت رحم هذا الاضطراب، ولم يكلف الكاتب نفسه إلقاء الضوء على شخصية الأم التي كان لا يصح أن يعاملها بهذا القدر من التلفيق والتخلص.
والشيء الذي يحضرني الآن كمدح للكاتب، بالإضافة إلى توفيقه في كشف أعراض متكررة في عالم الحب، هو أنه لم يكن يعاني أي اضطراب في تخيل قارئه، هو يعرف لمن يوجه هذا العمل، ويعرف أن هذه اللغة وهذا الموضوع وهذا النزر اليسير من ادعاء العمق، وهذا الجو المشبع بروح المراهقة، فيها جميعًا الكفاية ليترك أثرًا في قارئه الذي يعرفه.
Published on January 31, 2016 23:22
January 8, 2016
الكونت دي مونت كريستو
تكمن روعة رواية الكونت دي مونت كريستو في أنها ككل الروايات الخالدة بها شيء أخرق استطاع الكاتب بعبقريته أن يجعله محل رضا وتمرير.
تعدك الرواية التي تحكي قصة انتقام معقد ومعد على مهل بنفس شرقي هادئ وصبور في أداء هذا الثأر، وفيه شيء مجنون كالمودَّة، تعدك بأن نطحة الثور بطريقة ما ستهدم الهرم، لا تقول ذلك دفعة واحدة، بل خلال مدى سردي طويل ومن خلال مجموعة من القصص الداخلية التي يبدو فيها كل شيء مستعد تمامًا للتصدع أمام هذه النطحة القادمة، ومع ذلك فأنت تجد نفسك كقارئ مندمجًا في هذه الرواية من روايات المغامرة معترفًا بحسن السرد والثراء راضيًا بالحضور الشبحي للبطل الذي لا يعوقه شيء.
البطل المنتقم القادر على أقامة تخطيط واسع هاضم للتفاصيل والتعقيدات بشكل تشعر ما بتحول الشخص من مجرد إنسان تحت آلام ككل البشر وعرضة للشعور بالسذاجة والغباء، إلى أداة إلهية جليلة لمعاقبة أشرار نهمين، أداة إلهية يطيعها كل شيء ولا يقابلها أي إخفاق، ولا تشعر بأي صعوبة في فهم أو ربط ما يدور حولها، وهي لا تشعر بأي دهشة، أو بأي رغبة في التراجع، ومع كل هذه الخطوط التي تجعله يعيش بالكلية خارج العجز الإنساني، إلا أن القارئ يحبه، ويجد فيه أمنيته في عيش خال من التردد ومن الندم.
تعدك الرواية التي تحكي قصة انتقام معقد ومعد على مهل بنفس شرقي هادئ وصبور في أداء هذا الثأر، وفيه شيء مجنون كالمودَّة، تعدك بأن نطحة الثور بطريقة ما ستهدم الهرم، لا تقول ذلك دفعة واحدة، بل خلال مدى سردي طويل ومن خلال مجموعة من القصص الداخلية التي يبدو فيها كل شيء مستعد تمامًا للتصدع أمام هذه النطحة القادمة، ومع ذلك فأنت تجد نفسك كقارئ مندمجًا في هذه الرواية من روايات المغامرة معترفًا بحسن السرد والثراء راضيًا بالحضور الشبحي للبطل الذي لا يعوقه شيء.
البطل المنتقم القادر على أقامة تخطيط واسع هاضم للتفاصيل والتعقيدات بشكل تشعر ما بتحول الشخص من مجرد إنسان تحت آلام ككل البشر وعرضة للشعور بالسذاجة والغباء، إلى أداة إلهية جليلة لمعاقبة أشرار نهمين، أداة إلهية يطيعها كل شيء ولا يقابلها أي إخفاق، ولا تشعر بأي صعوبة في فهم أو ربط ما يدور حولها، وهي لا تشعر بأي دهشة، أو بأي رغبة في التراجع، ومع كل هذه الخطوط التي تجعله يعيش بالكلية خارج العجز الإنساني، إلا أن القارئ يحبه، ويجد فيه أمنيته في عيش خال من التردد ومن الندم.
Published on January 08, 2016 11:59
May 22, 2015
يوتوبيا
لم ينهك د أحمد خالد توفق قارئه بالبؤس في رواية يوتوبيا، ظهر البؤس كمزار مفتوح يخدم رواية غير واقعية، أما ما كان أكثر بؤسًا في هذه الرواية الجيدة في نوعها الأدبي هو قرار الدكتور الاستعانة بشعر الأبنودي وتقارير أخرى شديدة المباشرة ليؤكد التزام القصة الاجتماعي.
Published on May 22, 2015 06:48
March 3, 2014
أرض الشوك لوصال تقة
لعمل الأول للأديبة "وصال تقة"، هي كراس أنثوي بريء، تملَّكتْني في قراءته تلك الرهبةُ اللطيفة التي تحفُّ الأشياء الخاصة المخبَّأة، تلك (الحرمة) لكراسات النساء المدسوسة فيما لا تصل إليه أيدي الأزواج المشغولين عن التفتيش ولو في الوجوه، تلك الكراسات التي يسطِّرن فيها بحبر الحنق وعلى الورق الأصفر المبلل بالدمع الحار، وعلى الورود والفراشات المجففة للآمال القديمة التي خابت، أثناء تأدية كومة متراصَّة من الأعمال المنزلية المرهِقة والمستديمة، فجاءت التعبيرات حادَّةً ومتوترة وسريعة، تليق بنساءٍ مستاءات يسرقْنَ لحظات البوح الموجِع.
نساء "وصال تقة" المكافحات لَسْنَ حزبيَّات تخرَّجن على مقاعد الأحزاب الاشتراكية العتيقة، لا، ولا هن من المتسرِّبات إلى القاعات المكيَّفة للنسوية الحديثة، وكذلك لم تصنع "وصال تقة" بطلاتٍ من وحل الرذيلة، وسيَّبتْهن إلى قاع المدينة وطاولات المقاهي يمضغن البؤسَ ويمضغُهن؛ إنما فتحتْ كراسها الأنثويَّ لتلك الجروحِ المؤلمة والمعتادة داخل النسق الاجتماعي المألوف، وفي النهاية - وبطريقتها - استطاعتْ أن تُخرِج من بيوتٍ مثل بيوتنا بطلاتٍ، بغير قصِّ شعورهن، واستطاعت أن تدفع ضحايا، بغير أحمر الشفاه الغليظ والدموع.
نساء "وصال تقة" المكافحات لَسْنَ حزبيَّات تخرَّجن على مقاعد الأحزاب الاشتراكية العتيقة، لا، ولا هن من المتسرِّبات إلى القاعات المكيَّفة للنسوية الحديثة، وكذلك لم تصنع "وصال تقة" بطلاتٍ من وحل الرذيلة، وسيَّبتْهن إلى قاع المدينة وطاولات المقاهي يمضغن البؤسَ ويمضغُهن؛ إنما فتحتْ كراسها الأنثويَّ لتلك الجروحِ المؤلمة والمعتادة داخل النسق الاجتماعي المألوف، وفي النهاية - وبطريقتها - استطاعتْ أن تُخرِج من بيوتٍ مثل بيوتنا بطلاتٍ، بغير قصِّ شعورهن، واستطاعت أن تدفع ضحايا، بغير أحمر الشفاه الغليظ والدموع.
Published on March 03, 2014 06:57
•
Tags:
أرض-الشوك
الصوفي الأول لعبد الله عادل
الريحان ينبعث من هذه الرواية الأولى للأديب عبدالله عادل .. رواية الصوفي الأول .. ماكث في أروقتها هذه الأيام في عباءة الفضول والحنين
Published on March 03, 2014 00:25
•
Tags:
الصوفي-الأول
فراشات مجففة لا زالت تطير
لا أستطيع ان أضع الفراشات بين صفحتين في الكتب كما كنت أفعل ؛ الآن أضع فراشة الانطباع بين صفحات الكتب
- الأديب محمود توفيق's profile
- 505 followers
