تكمن روعة رواية الكونت دي مونت كريستو في أنها ككل الروايات الخالدة بها شيء أخرق استطاع الكاتب بعبقريته أن يجعله محل رضا وتمرير.
تعدك الرواية التي تحكي قصة انتقام معقد ومعد على مهل بنفس شرقي هادئ وصبور في أداء هذا الثأر، وفيه شيء مجنون كالمودَّة، تعدك بأن نطحة الثور بطريقة ما ستهدم الهرم، لا تقول ذلك دفعة واحدة، بل خلال مدى سردي طويل ومن خلال مجموعة من القصص الداخلية التي يبدو فيها كل شيء مستعد تمامًا للتصدع أمام هذه النطحة القادمة، ومع ذلك فأنت تجد نفسك كقارئ مندمجًا في هذه الرواية من روايات المغامرة معترفًا بحسن السرد والثراء راضيًا بالحضور الشبحي للبطل الذي لا يعوقه شيء.
البطل المنتقم القادر على أقامة تخطيط واسع هاضم للتفاصيل والتعقيدات بشكل تشعر ما بتحول الشخص من مجرد إنسان تحت آلام ككل البشر وعرضة للشعور بالسذاجة والغباء، إلى أداة إلهية جليلة لمعاقبة أشرار نهمين، أداة إلهية يطيعها كل شيء ولا يقابلها أي إخفاق، ولا تشعر بأي صعوبة في فهم أو ربط ما يدور حولها، وهي لا تشعر بأي دهشة، أو بأي رغبة في التراجع، ومع كل هذه الخطوط التي تجعله يعيش بالكلية خارج العجز الإنساني، إلا أن القارئ يحبه، ويجد فيه أمنيته في عيش خال من التردد ومن الندم.
Published on January 08, 2016 11:59