بلا هدف

– سأقص عليك قصة.. ليست قصة بالمعنى الحرفي.. استمع إليها على كل حال.
– حسناً.
– هناك شخص ما، شاب في بداية الثلاثينات، متزوج ولديه أسرة.
هذا الشاب كان عاطلاً لظروف خاصة يمر بها تمنعه من العمل، وبالرغم من استمرار هذه الظروف إلا أن أحدهم جاءه بعمل، وكل ما عليه فعله هو الذهاب إلى مقابلة العمل.
لم يكن مقتنعاً بالعمل في هذا التوقيت بسبب ظروفه ولكنه كان بحاجة ملحة إلى المال، لذا فقد وافق على الذهاب.
كانت مقابلة العمل في مكان بعيد جداً عن مسكنه وفي مكان عادة ما يكون مزدحماً والطرق المؤدية لهذا المكان تكون مزدحمة هي الأخرى في وقت المقابلة، لذا فقد تحرك من مسكنه في وقت مبكر حتى لا يتأخر.
على عكس ما توقع وصل بسهولة وقبل موعده بساعة كاملة، قضاها في السير في المنطقة إضاعةً للوقت حتى حان موعد المقابلة فدلف إلى الشركة ليتفاجأ بأن صاحب الشركة، الذي سيجري معه المقابلة لم يأت بعد، وعليه أن ينتظره.
ظل ينتظر وينتظر والدقائق تمر وتمر حتى أصبحت ساعات.
نتحدث هنا عن وقت الانتظار الطويل.
حيث وجد هذا الشخص نفسه يجلس لينتظر وصول رب العمل ولا يعرف تحديداً متى سيصل.. من الممكن أن يصل خلال دقائق أو خلال ساعات.
ينتابه الملل من الدقيقة الأولى ويعبث بهاتفه الخلوي، وهو هاتف تقليدي لا شيء مثير يمكن أن تفعله به، ولكنه يستمر في العبث به حتى يقوم بخطأ ما فيتوقف الهاتف عن العمل.
يستمر في الجلوس مرغماً يعد الدقائق والملل يزداد لحظة بعد لحظة وهو لا يفعل أي شيء سوى الانتظار.
هل كان بإمكانه الانصراف؟ بالتأكيد كان يمكنه أن ينصرف متى شاء، ولكنه لم يجرأ.
صحيح هو ليس مقتنعاً بالوظيفة، والوظيفة نفسها لم تصبح له بعد ولكنه مع ذلك ظل ينتظر.
– وماذا حدث بعدها؟
– ليس هذا هاماً. نحن نتحدث عن الانتظار بلا هدف. ماذا يفعل الإنسان عندما يجد نفسه جالساً بلا هدف في انتظار شيء ما؟
– لا شيء. يضيع الوقت بأي طريقة ممكنة.
– بالضبط.
– لا زلت لا أفهم إلى ماذا ترمي من وراء هذه القصة.
– هذا مؤسف.
1 like ·   •  1 comment  •  flag
Share on Twitter
Published on March 08, 2016 06:09 Tags: خاطرة
Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Imene (new)

Imene SB لفتَّ انتباهي لمسألة كثيرا ما تحدث معنا دون ان نننتبه ..
الانتظار ، لايوجد انسان على وجه الارض لا يكره هذه المدة بغض النظر عن طولها أو قصرها ،لكن بدل ان نتفكر في طريقة لاستثمارها نجلس هكذا دون فعل أي شيء يذكر ، اعتقد اننا في اعماقنا نحب تلك اللحظات ، فلحظات الانتظار تجردنا من مسؤولياتنا اللامتناهية، تبعدنا عن الضغط اليومي الذي نعيشه لتعمل عمل 'الفاصلة' في النصوص ..


back to top