الموت و لا المذلة

لا أجد تفسيرا لبعض تصرفات المجلس العسكرى الحاكم إلا محاولة إذلال المصريين، وهو شىء غير مستغرب ممن هم امتداد لفكر مبارك. إن مهزلة كشوفات العذرية على المتظاهرات لا تحمل إلا معنى واحدا: أنت امراة والمرأة ليست إلا جسدا فكيف تجرؤين على التظاهر؟

هل يبدو التفسير مجنونا بعض الشىء؟ وماذا عن الفعل ذاته؟ فى الآونة الأخيرة، تلتف قوات الأمن والجيش حول صينية ميدان التحرير فى مشهد عبثى مثير للدهشة.

هل يعتقد المجلس أن «قوات حفظ النجيلة» (كما سماها المصريون) ستردعهم عن الدخول إلى الميدان لو قرروا؟ هل نسوا ٢٨ يناير بتلك السرعة!

وفى نفس إطار إذلال وإرهاب المصريين نتابع مسلسل المحاكمات العسكرية السريعة التى تنتهى بأحكام سجن على شباب الثورة بينما حفنة من القتلة واللصوص ومستوردى السرطان يقفون أمام قضاء مدنى يتمعن فى الأدلة حتى يصدر أحكامه التى لا نشك فى نزاهتها. وعندما أقدم المجلس العسكرى على الإفراج عن بعض سجناء الثورة لم نفهم سبب إطلاق سراح هؤلاء تحديدا وترك الآخرين وراء القضبان.

يشير الكثير من الدلائل إلى أن المجلس العسكرى لا يعتقد أن هناك ثورة، وأنه يظن أن بإمكانه تفتيت الهمة وتفريق الصفوف وتزهيق المصريين من الثورة حتى يعودوا إلى بيوتهم كالحُمْلان الوديعة البائسة التى كانوها منذ ما يناهز الأربعين عاما، وتحديدا منذ اتفاقية كامب ديفيد. وقد جاء اعتصام المصريين أمام السفارة الإسرائيلية رداً بليغاً على أوهام المجلس. كان الشعب مستعدا ولا يزال للوقوف جنبا إلى جنب مع جيشه العظيم لاسترداد الكرامة التى أهدرت فى العصر غير المبارك.

لكنهم وجدوا ردا مباركيا على أحداث الحدود التى راح ضحيتها جنود مصريون بلا ذنب إلا شرف الدفاع عن الوطن. كان الرد هزيلا مترددا لا يتناسب مع وجود ثورة فى البلاد. وقد جاء الهتاف ردا على كل من موقف المجلس الضعيف وعلى الإذلال والإرهاب «يسقط يسقط حكم العسكر.. الشعب المصرى الخط الأحمر».

لكن ونحن نردد هذا الهتاف، علينا أن نقوله لأنفسنا أيضا لأننا سمحنا لقوى الثورة المضادة بأن تفرق صفوفنا، بل الأنكى أن تبث فى نفوسنا الشك فيما تم إنجازه وفى إمكانية تحقيق آمال الثورة الرئيسية فى الفترة القادمة: تغيير، حرية، عدالة اجتماعية. كثيرا ما أسمع «ماخلاص الثورة اتسرقت». يا سلام!

وإن كنت ترى حضرتك أن الثورة سُرقت ماذا تنتوى فعله؟

هل بتلك البساطة ندير ظهورنا ونمشى؟!

إن أخطر ما يمكن حدوثه للثورة هو أن نشك فى أنفسنا لأن سلاحنا الأساسى هو الإيمان بعدالة وإنسانية مطالب الثورة، فإن هم سرقوا منا الإيمان ماتت الثورة. علينا أن نردد فى كل لحظة أن الشعب المصرى هو الخط الأحمر، فبينما لن نسمح لأحد بأن يذلنا أو يرهبنا فإننا لن نسمح لأنفسنا كذلك بأن نشك فى أن الثورة ستنجح. والثورة ستنجح فقط لو لم نخذلها.

نحن الشعب نقف جنبا إلى جنب فنشكل خطا عريضا أحمر بلون دم الشهداء مكتوباً عليه بحروف واضحة «نحن الشعب المصرى لن نقبل إرهابا ضدنا، لن نتفتت مثلما حدث فى الشهور الماضية، ونحن على يقين بقدرتنا على التغيير».
3 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on September 07, 2011 05:45 Tags: المصري-اليوم-4-9-2011
No comments have been added yet.