سحر الموجي's Blog: مقالات
September 19, 2011
إنتحار «صمويل بيكيت» فى التحرير
اقترب منى وهو يسأل إن كنت أعرف الإنجليزية. ظننته صحفيا أجنبيا، لكنه لا يحمل كاميرا ولا جهاز تسجيل، وكان وجهه مألوفا. قال إن اسمه صمويل بيكيت، فانفتح فمى عن آخره. «بيكيت» الأيرلندى- أحد رواد مسرح العبث- ألم تمت عام ١٩٨٩؟
نظر إلىّ كما لو كنت معتوهة وهو يقول: «هل ستساعديننى على فهم ما يحدث أم أبحث عن شخص آخر؟». ما الذى يفعله «بيكيت» فى ميدان التحرير فى جمعة «لا للطوارئ». تأملت وجهه. كان هو «بيكيت» الذى رأيت صورته مرارا ودرّستُ مسرحيته «فى انتظار جودو» لطلبة قسم اللغة الإنجليزية. الشعر نفسه الأبيض المنتصب كفروع شجر السنط، العينان الثاقبتان أنفسهما والنظارة المستديرة.
قطع استرسال أفكارى بسؤال: «هل أنتم مجانين؟ تنزلون اليوم لرفض قانون طوارئ قائم منذ عام ١٩٨١ ولم يكن قد أعلن أحد إيقاف العمل به؟». قلت إننا فى ثورة تطالب بالحرية ولا يُعقل أبدا أن تزداد القيود و... قاطعنى بعصبية وهو يجلس على رصيف الميدان وسط الجموع المتدفقة وقال: «أحضرى لى كوبا من الشاى. إنكم تثبتون لى أن كل ما كتبناه فى مسرح العبث لا يمكن أن يرقى إلى الجنون الذى أشاهده فى مصر. هاتى الشاى».
أحضرت له كوب الشاى وأنا أجلس بجانبه على الرصيف وأسأل عما يضايقه. قال: «الشعب المصرى تحت الأحكام العرفية منذ أسقطتم الرئيس. أُلغيت السلطتان التنفيذية والتشريعية، واحتكرهما المجلس العسكرى معا. أليس هو من يصدر القوانين وينفذ؟ هذا هو الحكم العرفى كما أفهمه! هل تفهمين؟ الأحكام العرفية أشمل وأوسع وأكثر خطورة واستثنائية من أى قانون طوارئ.
ألم يقدم المجلس الحاكم ١٢ ألف مصرى للمحاكم العسكرية؟ ألم ينفرد باستصدار قوانين لا توافقون عليها؟ ألم يرفض انتخاب القيادات الجامعية؟ ألم يتقاعس ويؤجل فى وعود تخص الأجور؟ ولكن كل هذه الأفعال طبيعية مع الأحكام العرفية. ثم أراكم تتظاهرون بحرقة ضد الطوارئ. أنتم كمن أحرق اللصوص بيته بالكامل فأخذ يتعارك معهم على كسر السور أثناء الخروج! أليس هذا الوضع أكثر عبثية من أى عبث كتبته أنا أو يونسكو أو بيراندللو؟! أنتم...».
قاطعته: «يعنى نتركهم يمدون العمل بالطوارئ؟». نظر إلىّ وعيناه الحادتان تبرقان بومضة جنون: «يا سيدتى، المسألة ليست قانون طوارئ يحكمكم منذ عقود فى مصر وسوريا واليمن وغيرها، ففى عدم وجود طوارئ ارتكب حكامكم البشاعات دون الحاجة لقوانين استثنائية.
ألم يعتقل عبدالناصر الخصوم السياسيين دون طوارئ؟ ألم يرم البوليس السياسى للنظام الملكى بمعارضيه فى السجون؟ ألم يوجه السادات لصحفيين ومفكرين تُهماً بقلب نظام الحكم؟
هل يحتاج بشار الأسد اليوم إلى إلى قانون طوارئ كى يقتل شعبه؟ هل قتلكم مبارك لأنه كان يحكم بالطوارئ؟ لدى هؤلاء ترسانة هائلة من القوانين الخاصة بالأمن، تتيح لهم محوكم من الوجود دون طوارئ.
لماذا لا تتظاهرون من أجل جدول زمنى لإنهاء الأحكام العرفية، وقوانين عادلة تؤسس للديمقراطية التى قمتم بثورة من أجلها؟ إنه البيت، سيدتى، وليس السور!».
تركنى دون سلام ومشى وهو يهذى: «البيت وليس السور». سألته «إلى أين يا بيكيت؟». قال إنه فى طريقه للبحث عن وسيلة عبثية للانتحار.
نظر إلىّ كما لو كنت معتوهة وهو يقول: «هل ستساعديننى على فهم ما يحدث أم أبحث عن شخص آخر؟». ما الذى يفعله «بيكيت» فى ميدان التحرير فى جمعة «لا للطوارئ». تأملت وجهه. كان هو «بيكيت» الذى رأيت صورته مرارا ودرّستُ مسرحيته «فى انتظار جودو» لطلبة قسم اللغة الإنجليزية. الشعر نفسه الأبيض المنتصب كفروع شجر السنط، العينان الثاقبتان أنفسهما والنظارة المستديرة.
قطع استرسال أفكارى بسؤال: «هل أنتم مجانين؟ تنزلون اليوم لرفض قانون طوارئ قائم منذ عام ١٩٨١ ولم يكن قد أعلن أحد إيقاف العمل به؟». قلت إننا فى ثورة تطالب بالحرية ولا يُعقل أبدا أن تزداد القيود و... قاطعنى بعصبية وهو يجلس على رصيف الميدان وسط الجموع المتدفقة وقال: «أحضرى لى كوبا من الشاى. إنكم تثبتون لى أن كل ما كتبناه فى مسرح العبث لا يمكن أن يرقى إلى الجنون الذى أشاهده فى مصر. هاتى الشاى».
أحضرت له كوب الشاى وأنا أجلس بجانبه على الرصيف وأسأل عما يضايقه. قال: «الشعب المصرى تحت الأحكام العرفية منذ أسقطتم الرئيس. أُلغيت السلطتان التنفيذية والتشريعية، واحتكرهما المجلس العسكرى معا. أليس هو من يصدر القوانين وينفذ؟ هذا هو الحكم العرفى كما أفهمه! هل تفهمين؟ الأحكام العرفية أشمل وأوسع وأكثر خطورة واستثنائية من أى قانون طوارئ.
ألم يقدم المجلس الحاكم ١٢ ألف مصرى للمحاكم العسكرية؟ ألم ينفرد باستصدار قوانين لا توافقون عليها؟ ألم يرفض انتخاب القيادات الجامعية؟ ألم يتقاعس ويؤجل فى وعود تخص الأجور؟ ولكن كل هذه الأفعال طبيعية مع الأحكام العرفية. ثم أراكم تتظاهرون بحرقة ضد الطوارئ. أنتم كمن أحرق اللصوص بيته بالكامل فأخذ يتعارك معهم على كسر السور أثناء الخروج! أليس هذا الوضع أكثر عبثية من أى عبث كتبته أنا أو يونسكو أو بيراندللو؟! أنتم...».
قاطعته: «يعنى نتركهم يمدون العمل بالطوارئ؟». نظر إلىّ وعيناه الحادتان تبرقان بومضة جنون: «يا سيدتى، المسألة ليست قانون طوارئ يحكمكم منذ عقود فى مصر وسوريا واليمن وغيرها، ففى عدم وجود طوارئ ارتكب حكامكم البشاعات دون الحاجة لقوانين استثنائية.
ألم يعتقل عبدالناصر الخصوم السياسيين دون طوارئ؟ ألم يرم البوليس السياسى للنظام الملكى بمعارضيه فى السجون؟ ألم يوجه السادات لصحفيين ومفكرين تُهماً بقلب نظام الحكم؟
هل يحتاج بشار الأسد اليوم إلى إلى قانون طوارئ كى يقتل شعبه؟ هل قتلكم مبارك لأنه كان يحكم بالطوارئ؟ لدى هؤلاء ترسانة هائلة من القوانين الخاصة بالأمن، تتيح لهم محوكم من الوجود دون طوارئ.
لماذا لا تتظاهرون من أجل جدول زمنى لإنهاء الأحكام العرفية، وقوانين عادلة تؤسس للديمقراطية التى قمتم بثورة من أجلها؟ إنه البيت، سيدتى، وليس السور!».
تركنى دون سلام ومشى وهو يهذى: «البيت وليس السور». سألته «إلى أين يا بيكيت؟». قال إنه فى طريقه للبحث عن وسيلة عبثية للانتحار.
Published on September 19, 2011 13:33
•
Tags:
قلم-د-سحر-الموجى-١
September 11, 2011
مدد يا ثورة مدد
تتجمع سحب الغضب فى سماء مصر الثورة فى الفترة الأخيرة، سواء أقرت السلطة الحاكمة بذلك أم دفنت رأسها فى الرمال، تهب رياح الغضب وتتكاثف سحب داكنة، كأنها تشحن نفسها لإعصار قادم، ويأتى الغضب من جهات شتى: عمال يعلنون الإضراب، مدرسون يتظاهرون من أجل الحد الأدنى للأجور، أطباء وأساتذة جامعيون فى حال الاعتصام، وجنباً إلى جنب مع الاحتجاجات «الفئوية»، المهمة التى تعبر عن أجواء الرفض للوضع الحالى فى البلاد، يتجلى الغضب فى الكتلة الكبرى من المصريين غير المعنيين بالسياسة، إنهم الناس، وقد كشفت أزمة المعتمرين المصريين فى السعودية عن حجم التغيير الإيجابى فى مواقفنا، فالمصرى الذى تربى على ابتلاع القهر كالدواء المُر لم يعد يقبل قهراً ولا مذلة، ومن الواضح أن غضب المعتمرين كان فى الأساس موجهاً ضد الإهانات، وليس لمجرد التأخير والتكدس أثناء رحلة العودة، وهذا مجرد مثال واحد يشير إلى التغيير العميق الذى أحدثته ثورة يناير فى نفوس المصريين، بل إننى أعتقد أن هذا التغيير ما هو إلا بدايات تأثير الثورة على مواقفنا وسلوكنا، إنها بداية ستتلوها مواقف أخرى كثيرة تؤكد حجم التغيير العميق فى التركيبة المصرية.
ويزيد هذا التغيير من صعوبة تسيير المرحلة الانتقالية، كما يخطط لها المجلس العسكرى الحاكم، ولا أدرى إن كان المجلس مدركاً لنوعية وحجم التغيير أم لا، لكن الشواهد على أى حال تؤكد أن السلطة الحاكمة تسير فى الاتجاه المعاكس تماماً لهذا التغيير، الذى كان من الممكن استخدامه لبناء مصر العظيمة التى نتمناها، بل إن مواقف السلطة وقراراتها فى الأسابيع الأخيرة تشير إلى محاولات إجهاض تلك الطاقة الثورية الهائلة بدعاوى متعددة معلومة للجميع على شاكلة «الاستقرار» و«الوقيعة»، وسأتوقف عند مثالين فقط على هذا الرأى: فقد جاء بيان المجلس العسكرى الأخير الخاص بمظاهرة جمعة «تصحيح المسار» ليعلن من جانب تأييده لحق التظاهر (الذى هو مجرم من قبل المجلس فى مرسوم صدر فى مارس الماضى)، ومن الناحية الأخرى يحاول سحب البساط من تحت أقدامنا بإعلانه أن على من دعوا للمظاهرة أن يقوموا بتأمينها (يعنى مالهمش دعوة)، ويتوعد كل من تسول له نفسه الاقتراب من منشآت حيوية أو معدات عسكرية، كأن المجلس لم يكن معنا أيام الثورة، حين غاب الأمن وحما المصريون أنفسهم وبيوتهم وتراث أجدادهم! (المثال الثانى: هو تصريح وزير الإعلام بأنه لا تفاوض مع معتصمين إلا بعد فض الاعتصام، فإما أن الوزير يفوته تعريف لكلمة «اعتصام»، أو أنه يطلق تهديداً فحواه «افلقوا دماغكم فى الحيط»، كما أنه أشار إلى وقف تصاريح قنوات فضائية، بعضها قد بدأ البث منذ شهور، لأنها حسب رأيه (الذى هو رأى السلطة الحاكمة بالطبع) تثير الفتن.
الوضع كما أراه هو أنه فى نفس الوقت الذى يعى فيه الشعب بنفسه وكرامته، ويدرك قدرته على التغيير، فإن السلطة الحاكمة تتخلى عن مسؤوليتها فى توفير الأمن، الغائب أصلاً، وتقيد حرية الإعلام وتفرض علينا وصاية فات زمانها، إضافة إلى عدم تحقق مطالب الثورة الأساسية، أو حتى تأسيس خطوات صحيحة وجذرية تمهد لها.
إلى المجلس العسكرى الموقر: ثورة الشعب المصرى العظيم مستمرة، والله المستعان.
ويزيد هذا التغيير من صعوبة تسيير المرحلة الانتقالية، كما يخطط لها المجلس العسكرى الحاكم، ولا أدرى إن كان المجلس مدركاً لنوعية وحجم التغيير أم لا، لكن الشواهد على أى حال تؤكد أن السلطة الحاكمة تسير فى الاتجاه المعاكس تماماً لهذا التغيير، الذى كان من الممكن استخدامه لبناء مصر العظيمة التى نتمناها، بل إن مواقف السلطة وقراراتها فى الأسابيع الأخيرة تشير إلى محاولات إجهاض تلك الطاقة الثورية الهائلة بدعاوى متعددة معلومة للجميع على شاكلة «الاستقرار» و«الوقيعة»، وسأتوقف عند مثالين فقط على هذا الرأى: فقد جاء بيان المجلس العسكرى الأخير الخاص بمظاهرة جمعة «تصحيح المسار» ليعلن من جانب تأييده لحق التظاهر (الذى هو مجرم من قبل المجلس فى مرسوم صدر فى مارس الماضى)، ومن الناحية الأخرى يحاول سحب البساط من تحت أقدامنا بإعلانه أن على من دعوا للمظاهرة أن يقوموا بتأمينها (يعنى مالهمش دعوة)، ويتوعد كل من تسول له نفسه الاقتراب من منشآت حيوية أو معدات عسكرية، كأن المجلس لم يكن معنا أيام الثورة، حين غاب الأمن وحما المصريون أنفسهم وبيوتهم وتراث أجدادهم! (المثال الثانى: هو تصريح وزير الإعلام بأنه لا تفاوض مع معتصمين إلا بعد فض الاعتصام، فإما أن الوزير يفوته تعريف لكلمة «اعتصام»، أو أنه يطلق تهديداً فحواه «افلقوا دماغكم فى الحيط»، كما أنه أشار إلى وقف تصاريح قنوات فضائية، بعضها قد بدأ البث منذ شهور، لأنها حسب رأيه (الذى هو رأى السلطة الحاكمة بالطبع) تثير الفتن.
الوضع كما أراه هو أنه فى نفس الوقت الذى يعى فيه الشعب بنفسه وكرامته، ويدرك قدرته على التغيير، فإن السلطة الحاكمة تتخلى عن مسؤوليتها فى توفير الأمن، الغائب أصلاً، وتقيد حرية الإعلام وتفرض علينا وصاية فات زمانها، إضافة إلى عدم تحقق مطالب الثورة الأساسية، أو حتى تأسيس خطوات صحيحة وجذرية تمهد لها.
إلى المجلس العسكرى الموقر: ثورة الشعب المصرى العظيم مستمرة، والله المستعان.
Published on September 11, 2011 16:45
•
Tags:
المصري-اليوم-11-9-201
September 7, 2011
الموت و لا المذلة
لا أجد تفسيرا لبعض تصرفات المجلس العسكرى الحاكم إلا محاولة إذلال المصريين، وهو شىء غير مستغرب ممن هم امتداد لفكر مبارك. إن مهزلة كشوفات العذرية على المتظاهرات لا تحمل إلا معنى واحدا: أنت امراة والمرأة ليست إلا جسدا فكيف تجرؤين على التظاهر؟
هل يبدو التفسير مجنونا بعض الشىء؟ وماذا عن الفعل ذاته؟ فى الآونة الأخيرة، تلتف قوات الأمن والجيش حول صينية ميدان التحرير فى مشهد عبثى مثير للدهشة.
هل يعتقد المجلس أن «قوات حفظ النجيلة» (كما سماها المصريون) ستردعهم عن الدخول إلى الميدان لو قرروا؟ هل نسوا ٢٨ يناير بتلك السرعة!
وفى نفس إطار إذلال وإرهاب المصريين نتابع مسلسل المحاكمات العسكرية السريعة التى تنتهى بأحكام سجن على شباب الثورة بينما حفنة من القتلة واللصوص ومستوردى السرطان يقفون أمام قضاء مدنى يتمعن فى الأدلة حتى يصدر أحكامه التى لا نشك فى نزاهتها. وعندما أقدم المجلس العسكرى على الإفراج عن بعض سجناء الثورة لم نفهم سبب إطلاق سراح هؤلاء تحديدا وترك الآخرين وراء القضبان.
يشير الكثير من الدلائل إلى أن المجلس العسكرى لا يعتقد أن هناك ثورة، وأنه يظن أن بإمكانه تفتيت الهمة وتفريق الصفوف وتزهيق المصريين من الثورة حتى يعودوا إلى بيوتهم كالحُمْلان الوديعة البائسة التى كانوها منذ ما يناهز الأربعين عاما، وتحديدا منذ اتفاقية كامب ديفيد. وقد جاء اعتصام المصريين أمام السفارة الإسرائيلية رداً بليغاً على أوهام المجلس. كان الشعب مستعدا ولا يزال للوقوف جنبا إلى جنب مع جيشه العظيم لاسترداد الكرامة التى أهدرت فى العصر غير المبارك.
لكنهم وجدوا ردا مباركيا على أحداث الحدود التى راح ضحيتها جنود مصريون بلا ذنب إلا شرف الدفاع عن الوطن. كان الرد هزيلا مترددا لا يتناسب مع وجود ثورة فى البلاد. وقد جاء الهتاف ردا على كل من موقف المجلس الضعيف وعلى الإذلال والإرهاب «يسقط يسقط حكم العسكر.. الشعب المصرى الخط الأحمر».
لكن ونحن نردد هذا الهتاف، علينا أن نقوله لأنفسنا أيضا لأننا سمحنا لقوى الثورة المضادة بأن تفرق صفوفنا، بل الأنكى أن تبث فى نفوسنا الشك فيما تم إنجازه وفى إمكانية تحقيق آمال الثورة الرئيسية فى الفترة القادمة: تغيير، حرية، عدالة اجتماعية. كثيرا ما أسمع «ماخلاص الثورة اتسرقت». يا سلام!
وإن كنت ترى حضرتك أن الثورة سُرقت ماذا تنتوى فعله؟
هل بتلك البساطة ندير ظهورنا ونمشى؟!
إن أخطر ما يمكن حدوثه للثورة هو أن نشك فى أنفسنا لأن سلاحنا الأساسى هو الإيمان بعدالة وإنسانية مطالب الثورة، فإن هم سرقوا منا الإيمان ماتت الثورة. علينا أن نردد فى كل لحظة أن الشعب المصرى هو الخط الأحمر، فبينما لن نسمح لأحد بأن يذلنا أو يرهبنا فإننا لن نسمح لأنفسنا كذلك بأن نشك فى أن الثورة ستنجح. والثورة ستنجح فقط لو لم نخذلها.
نحن الشعب نقف جنبا إلى جنب فنشكل خطا عريضا أحمر بلون دم الشهداء مكتوباً عليه بحروف واضحة «نحن الشعب المصرى لن نقبل إرهابا ضدنا، لن نتفتت مثلما حدث فى الشهور الماضية، ونحن على يقين بقدرتنا على التغيير».
هل يبدو التفسير مجنونا بعض الشىء؟ وماذا عن الفعل ذاته؟ فى الآونة الأخيرة، تلتف قوات الأمن والجيش حول صينية ميدان التحرير فى مشهد عبثى مثير للدهشة.
هل يعتقد المجلس أن «قوات حفظ النجيلة» (كما سماها المصريون) ستردعهم عن الدخول إلى الميدان لو قرروا؟ هل نسوا ٢٨ يناير بتلك السرعة!
وفى نفس إطار إذلال وإرهاب المصريين نتابع مسلسل المحاكمات العسكرية السريعة التى تنتهى بأحكام سجن على شباب الثورة بينما حفنة من القتلة واللصوص ومستوردى السرطان يقفون أمام قضاء مدنى يتمعن فى الأدلة حتى يصدر أحكامه التى لا نشك فى نزاهتها. وعندما أقدم المجلس العسكرى على الإفراج عن بعض سجناء الثورة لم نفهم سبب إطلاق سراح هؤلاء تحديدا وترك الآخرين وراء القضبان.
يشير الكثير من الدلائل إلى أن المجلس العسكرى لا يعتقد أن هناك ثورة، وأنه يظن أن بإمكانه تفتيت الهمة وتفريق الصفوف وتزهيق المصريين من الثورة حتى يعودوا إلى بيوتهم كالحُمْلان الوديعة البائسة التى كانوها منذ ما يناهز الأربعين عاما، وتحديدا منذ اتفاقية كامب ديفيد. وقد جاء اعتصام المصريين أمام السفارة الإسرائيلية رداً بليغاً على أوهام المجلس. كان الشعب مستعدا ولا يزال للوقوف جنبا إلى جنب مع جيشه العظيم لاسترداد الكرامة التى أهدرت فى العصر غير المبارك.
لكنهم وجدوا ردا مباركيا على أحداث الحدود التى راح ضحيتها جنود مصريون بلا ذنب إلا شرف الدفاع عن الوطن. كان الرد هزيلا مترددا لا يتناسب مع وجود ثورة فى البلاد. وقد جاء الهتاف ردا على كل من موقف المجلس الضعيف وعلى الإذلال والإرهاب «يسقط يسقط حكم العسكر.. الشعب المصرى الخط الأحمر».
لكن ونحن نردد هذا الهتاف، علينا أن نقوله لأنفسنا أيضا لأننا سمحنا لقوى الثورة المضادة بأن تفرق صفوفنا، بل الأنكى أن تبث فى نفوسنا الشك فيما تم إنجازه وفى إمكانية تحقيق آمال الثورة الرئيسية فى الفترة القادمة: تغيير، حرية، عدالة اجتماعية. كثيرا ما أسمع «ماخلاص الثورة اتسرقت». يا سلام!
وإن كنت ترى حضرتك أن الثورة سُرقت ماذا تنتوى فعله؟
هل بتلك البساطة ندير ظهورنا ونمشى؟!
إن أخطر ما يمكن حدوثه للثورة هو أن نشك فى أنفسنا لأن سلاحنا الأساسى هو الإيمان بعدالة وإنسانية مطالب الثورة، فإن هم سرقوا منا الإيمان ماتت الثورة. علينا أن نردد فى كل لحظة أن الشعب المصرى هو الخط الأحمر، فبينما لن نسمح لأحد بأن يذلنا أو يرهبنا فإننا لن نسمح لأنفسنا كذلك بأن نشك فى أن الثورة ستنجح. والثورة ستنجح فقط لو لم نخذلها.
نحن الشعب نقف جنبا إلى جنب فنشكل خطا عريضا أحمر بلون دم الشهداء مكتوباً عليه بحروف واضحة «نحن الشعب المصرى لن نقبل إرهابا ضدنا، لن نتفتت مثلما حدث فى الشهور الماضية، ونحن على يقين بقدرتنا على التغيير».
Published on September 07, 2011 05:45
•
Tags:
المصري-اليوم-4-9-2011
September 4, 2011
الموت ولا المذلة (المصري اليوم) 4 سبتمبر 2011
لا أجد تفسيرا لبعض تصرفات المجلس العسكرى الحاكم إلا محاولة إذلال المصريين، وهو شىء غير مستغرب ممن هم امتداد لفكر مبارك. إن مهزلة كشوفات العذرية على المتظاهرات لا تحمل إلا معنى واحدا: أنت امراة والمرأة ليست إلا جسدا فكيف تجرؤين على التظاهر؟
هل يبدو التفسير مجنونا بعض الشىء؟ وماذا عن الفعل ذاته؟ فى الآونة الأخيرة، تلتف قوات الأمن والجيش حول صينية ميدان التحرير فى مشهد عبثى مثير للدهشة.
هل يعتقد المجلس أن «قوات حفظ النجيلة» (كما سماها المصريون) ستردعهم عن الدخول إلى الميدان لو قرروا؟ هل نسوا ٢٨ يناير بتلك السرعة!
وفى نفس إطار إذلال وإرهاب المصريين نتابع مسلسل المحاكمات العسكرية السريعة التى تنتهى بأحكام سجن على شباب الثورة بينما حفنة من القتلة واللصوص ومستوردى السرطان يقفون أمام قضاء مدنى يتمعن فى الأدلة حتى يصدر أحكامه التى لا نشك فى نزاهتها. وعندما أقدم المجلس العسكرى على الإفراج عن بعض سجناء الثورة لم نفهم سبب إطلاق سراح هؤلاء تحديدا وترك الآخرين وراء القضبان.
يشير الكثير من الدلائل إلى أن المجلس العسكرى لا يعتقد أن هناك ثورة، وأنه يظن أن بإمكانه تفتيت الهمة وتفريق الصفوف وتزهيق المصريين من الثورة حتى يعودوا إلى بيوتهم كالحُمْلان الوديعة البائسة التى كانوها منذ ما يناهز الأربعين عاما، وتحديدا منذ اتفاقية كامب ديفيد. وقد جاء اعتصام المصريين أمام السفارة الإسرائيلية رداً بليغاً على أوهام المجلس. كان الشعب مستعدا ولا يزال للوقوف جنبا إلى جنب مع جيشه العظيم لاسترداد الكرامة التى أهدرت فى العصر غير المبارك.
لكنهم وجدوا ردا مباركيا على أحداث الحدود التى راح ضحيتها جنود مصريون بلا ذنب إلا شرف الدفاع عن الوطن. كان الرد هزيلا مترددا لا يتناسب مع وجود ثورة فى البلاد. وقد جاء الهتاف ردا على كل من موقف المجلس الضعيف وعلى الإذلال والإرهاب «يسقط يسقط حكم العسكر.. الشعب المصرى الخط الأحمر».
لكن ونحن نردد هذا الهتاف، علينا أن نقوله لأنفسنا أيضا لأننا سمحنا لقوى الثورة المضادة بأن تفرق صفوفنا، بل الأنكى أن تبث فى نفوسنا الشك فيما تم إنجازه وفى إمكانية تحقيق آمال الثورة الرئيسية فى الفترة القادمة: تغيير، حرية، عدالة اجتماعية. كثيرا ما أسمع «ماخلاص الثورة اتسرقت». يا سلام!
وإن كنت ترى حضرتك أن الثورة سُرقت ماذا تنتوى فعله؟
هل بتلك البساطة ندير ظهورنا ونمشى؟!
إن أخطر ما يمكن حدوثه للثورة هو أن نشك فى أنفسنا لأن سلاحنا الأساسى هو الإيمان بعدالة وإنسانية مطالب الثورة، فإن هم سرقوا منا الإيمان ماتت الثورة. علينا أن نردد فى كل لحظة أن الشعب المصرى هو الخط الأحمر، فبينما لن نسمح لأحد بأن يذلنا أو يرهبنا فإننا لن نسمح لأنفسنا كذلك بأن نشك فى أن الثورة ستنجح. والثورة ستنجح فقط لو لم نخذلها.
نحن الشعب نقف جنبا إلى جنب فنشكل خطا عريضا أحمر بلون دم الشهداء مكتوباً عليه بحروف واضحة «نحن الشعب المصرى لن نقبل إرهابا ضدنا، لن نتفتت مثلما حدث فى الشهور الماضية، ونحن على يقين بقدرتنا على التغيير».
هل يبدو التفسير مجنونا بعض الشىء؟ وماذا عن الفعل ذاته؟ فى الآونة الأخيرة، تلتف قوات الأمن والجيش حول صينية ميدان التحرير فى مشهد عبثى مثير للدهشة.
هل يعتقد المجلس أن «قوات حفظ النجيلة» (كما سماها المصريون) ستردعهم عن الدخول إلى الميدان لو قرروا؟ هل نسوا ٢٨ يناير بتلك السرعة!
وفى نفس إطار إذلال وإرهاب المصريين نتابع مسلسل المحاكمات العسكرية السريعة التى تنتهى بأحكام سجن على شباب الثورة بينما حفنة من القتلة واللصوص ومستوردى السرطان يقفون أمام قضاء مدنى يتمعن فى الأدلة حتى يصدر أحكامه التى لا نشك فى نزاهتها. وعندما أقدم المجلس العسكرى على الإفراج عن بعض سجناء الثورة لم نفهم سبب إطلاق سراح هؤلاء تحديدا وترك الآخرين وراء القضبان.
يشير الكثير من الدلائل إلى أن المجلس العسكرى لا يعتقد أن هناك ثورة، وأنه يظن أن بإمكانه تفتيت الهمة وتفريق الصفوف وتزهيق المصريين من الثورة حتى يعودوا إلى بيوتهم كالحُمْلان الوديعة البائسة التى كانوها منذ ما يناهز الأربعين عاما، وتحديدا منذ اتفاقية كامب ديفيد. وقد جاء اعتصام المصريين أمام السفارة الإسرائيلية رداً بليغاً على أوهام المجلس. كان الشعب مستعدا ولا يزال للوقوف جنبا إلى جنب مع جيشه العظيم لاسترداد الكرامة التى أهدرت فى العصر غير المبارك.
لكنهم وجدوا ردا مباركيا على أحداث الحدود التى راح ضحيتها جنود مصريون بلا ذنب إلا شرف الدفاع عن الوطن. كان الرد هزيلا مترددا لا يتناسب مع وجود ثورة فى البلاد. وقد جاء الهتاف ردا على كل من موقف المجلس الضعيف وعلى الإذلال والإرهاب «يسقط يسقط حكم العسكر.. الشعب المصرى الخط الأحمر».
لكن ونحن نردد هذا الهتاف، علينا أن نقوله لأنفسنا أيضا لأننا سمحنا لقوى الثورة المضادة بأن تفرق صفوفنا، بل الأنكى أن تبث فى نفوسنا الشك فيما تم إنجازه وفى إمكانية تحقيق آمال الثورة الرئيسية فى الفترة القادمة: تغيير، حرية، عدالة اجتماعية. كثيرا ما أسمع «ماخلاص الثورة اتسرقت». يا سلام!
وإن كنت ترى حضرتك أن الثورة سُرقت ماذا تنتوى فعله؟
هل بتلك البساطة ندير ظهورنا ونمشى؟!
إن أخطر ما يمكن حدوثه للثورة هو أن نشك فى أنفسنا لأن سلاحنا الأساسى هو الإيمان بعدالة وإنسانية مطالب الثورة، فإن هم سرقوا منا الإيمان ماتت الثورة. علينا أن نردد فى كل لحظة أن الشعب المصرى هو الخط الأحمر، فبينما لن نسمح لأحد بأن يذلنا أو يرهبنا فإننا لن نسمح لأنفسنا كذلك بأن نشك فى أن الثورة ستنجح. والثورة ستنجح فقط لو لم نخذلها.
نحن الشعب نقف جنبا إلى جنب فنشكل خطا عريضا أحمر بلون دم الشهداء مكتوباً عليه بحروف واضحة «نحن الشعب المصرى لن نقبل إرهابا ضدنا، لن نتفتت مثلما حدث فى الشهور الماضية، ونحن على يقين بقدرتنا على التغيير».
Published on September 04, 2011 04:03
September 1, 2011
يا مصر قومى وشدى الحيل
- باقي على موعد الإفطار ساعتان وهي منهمكة في طهي الأرز المعمر والبامية حسب طلب الأولاد. حمدت الله أن الصيام هذا العام يأتي مع إجازة المدارس فلن تحمل هم تدبير مصاريف الدروس الخصوصية بالإضافة إلى ميزانية رمضان المنتفخة. لم تكن يوما مهتمة بالسياسة، لكنها وجدت نفسها تتابع ما يحدث في ميدان التحرير وقت الثورة. كانت مرتبكة ولكنها ضبطت نفسها تحلم بمدارس محترمة ورخيصة تتناسب مع دخل زوجها البسيط. انتابها شعور مختلف يوم الاستفتاء، لم تكن تظن أبدا أنها ستشعر أنها مهمة، أن لصوتها معنى. قالت "نعم" لأنها كانت تتمنى مدارس جيدة وراتب أفضل لزوجها. أنبأتها رائحة الأرز أن كله تمام ولم يبقى إلا... سمعت طارق وعمرو يصرخان في صالة البيت مهللين، هل يشاهدون مباراة كرة! اندفع طارق إلى المطبخ وهو يصرخ المرة تلو الأخرى كالمجنون "القذافي سقط.. ليبيا حرة ومعمر بره..". جرت مع ابنها نحو شاشة التلفزيون. رأت الثوار يمزقون صور السفاح، يدوسونها بالأقدام وهم يرفعون علامة النصر. بكت.
- يعتبر نفسه مشاركا في الثورة بالرغم من أنه مجرد حارس عمارة وبالرغم من أن قدماه لم تلمسا أرض ميدان التحرير. كان يشاهد الدكتورة التي تسكن العمارة تذهب يوميا إلى هناك مع أبناءها وقد حملوا الأعلام واليافطات بينما هو عضو فعال في اللجنة الشعبية التي تحمي الشارع. كان السكان وقتها ينزلون ليلا ليجلسوا معه وباقي الحراس يشربون الشاي الساخن في ليل يناير وفبراير وينتفضون بأسلحتهم البيضاء عند اقتراب صوت غريب. "ثورة ثورة حتى النصر". هذا ما كان ينبض به قلبه طوال تلك الأيام. لكن شيئا لم يتغير بعد الثورة. على العكس ارتفعت الأسعار وزاد الضنك وغاب الأمن وابتلع هو مرارته صامتا. في الأسبوع الماضي تابع على التليفزيون تحقيقا عن قتل المساجين إبان الثورة وبعدها. قتلوهم داخل الزنازين. كانت طلقات الرصاص محفورة على الحيطان وبقع الدماء تكتب تاريخ "السفاحين. أي والله الإعدام مش كفاية فيهم". في صباح اليوم التالي سألها "هو أخبار التحرير إيه يا دكتورة؟".
- العودة من عمله للبيت في دار السلام عذاب يومي. حر وزحام وعطش والناس حوله في الميكروباص يتبادلون حواديت البلطجة ويفتون في السياسة. لم ينزل إلى ميادين الثورة خوفا من أن يتبعه الولد والبنت وربما لا قدر الله يصيبهم أذى. لا يعرف تحديدا هل كان هذا هو المبرر الحقيقي لعدم نزوله أم لأنه يعرف أنه قد وصل إلى الخامسة والخمسين دون مشاركة حقيقية. سرق منه مبارك عمره فأدار ظهره لكل شئ وانكفأ على البيت وطلبات الأولاد. وهل بعد هذا يحق له أن يتكلم؟ دخل من باب البيت إلى حجرة النوم مباشرة والصداع يطحن رأسه. وصاحبه الصداع حتى اقتراب السحور. كانت زوجته تضع طبق الفول وأكواب الزبادي على المائدة عندما عرف من ابنته ما يحدث الآن أمام سفارة إسرائيل. قالت منى بصوت متهدج "فيه واحد طالع العمارة علشان ينزل علم إسرائيل يا بابا". كان في عينيها ما يشبه العتاب الصامت ورجاء وكان في عينيه دموع. التفت إلى أم منى وهو يداري ارتعاش صوته "ياللا بينا يا ولاد. هنتسحر هناك".
- يعتبر نفسه مشاركا في الثورة بالرغم من أنه مجرد حارس عمارة وبالرغم من أن قدماه لم تلمسا أرض ميدان التحرير. كان يشاهد الدكتورة التي تسكن العمارة تذهب يوميا إلى هناك مع أبناءها وقد حملوا الأعلام واليافطات بينما هو عضو فعال في اللجنة الشعبية التي تحمي الشارع. كان السكان وقتها ينزلون ليلا ليجلسوا معه وباقي الحراس يشربون الشاي الساخن في ليل يناير وفبراير وينتفضون بأسلحتهم البيضاء عند اقتراب صوت غريب. "ثورة ثورة حتى النصر". هذا ما كان ينبض به قلبه طوال تلك الأيام. لكن شيئا لم يتغير بعد الثورة. على العكس ارتفعت الأسعار وزاد الضنك وغاب الأمن وابتلع هو مرارته صامتا. في الأسبوع الماضي تابع على التليفزيون تحقيقا عن قتل المساجين إبان الثورة وبعدها. قتلوهم داخل الزنازين. كانت طلقات الرصاص محفورة على الحيطان وبقع الدماء تكتب تاريخ "السفاحين. أي والله الإعدام مش كفاية فيهم". في صباح اليوم التالي سألها "هو أخبار التحرير إيه يا دكتورة؟".
- العودة من عمله للبيت في دار السلام عذاب يومي. حر وزحام وعطش والناس حوله في الميكروباص يتبادلون حواديت البلطجة ويفتون في السياسة. لم ينزل إلى ميادين الثورة خوفا من أن يتبعه الولد والبنت وربما لا قدر الله يصيبهم أذى. لا يعرف تحديدا هل كان هذا هو المبرر الحقيقي لعدم نزوله أم لأنه يعرف أنه قد وصل إلى الخامسة والخمسين دون مشاركة حقيقية. سرق منه مبارك عمره فأدار ظهره لكل شئ وانكفأ على البيت وطلبات الأولاد. وهل بعد هذا يحق له أن يتكلم؟ دخل من باب البيت إلى حجرة النوم مباشرة والصداع يطحن رأسه. وصاحبه الصداع حتى اقتراب السحور. كانت زوجته تضع طبق الفول وأكواب الزبادي على المائدة عندما عرف من ابنته ما يحدث الآن أمام سفارة إسرائيل. قالت منى بصوت متهدج "فيه واحد طالع العمارة علشان ينزل علم إسرائيل يا بابا". كان في عينيها ما يشبه العتاب الصامت ورجاء وكان في عينيه دموع. التفت إلى أم منى وهو يداري ارتعاش صوته "ياللا بينا يا ولاد. هنتسحر هناك".
Published on September 01, 2011 04:15
•
Tags:
المصري-اليوم-28-8-201