علىَ نحو ثلاثين عاماً تشكلتْ صياغة الموتِ فيها، كانَ تعريف الموت لديّ ضبابياً عصياً على الادراك، تسربَ إلي عبر السنين، أردى الحبيبَ والقريبْ، ودارت رحاه.
لم أفهمهُ معنآ ولا ضمنا ، لا حدسا ولا همسا ، غير أني في استغراقي في سؤاله/سؤالِ الموت لم أهبْه قط هوَ محضُ تجربة جديدة ، إلا أنه في جوهره مجهول، والانسان عدو ما يجهل .. بيد أنني بطبيعة الحالِ لستُ عدوا لما أجهلْ بل مناوئا أقرب ما أكون.
لا أخشىَ من أسباب الموتِ سوىَ الموت الساخر، أن يقفَ في حلقي الطعامُ حدّ الاختناق أو أن يتوقف قلبي مع مباراة كرة، أن تنزلق قدماي في أرضية الحمام ويقتلني النزيف الداخلي ، أو أن ترديني بعوضة غيرُ مكترثة أو عضة كلبٍ عاقر، أن أموتَ ضحيةً لسخرية القدر!
وعلىَ خوفي، وما باليدّ ثمة حيلة، إن أتاني الموتُ في رداء السخرية سأقابله بالضحكات، سأتكفن في كفن التهكم، وأتطيب بالرضا، وأتمدد مستسلما في سرير السكينة و العدم.
سؤل يحيى الفخراني ذات يوم : إنت جي تعزي ولا جي تهرج ؟ فأجابهم : أنا جي أهرج.
Published on December 22, 2017 10:20