اليوم العالمي للصحة النفسية
#اليوم_العالمي_للصحة_النفسية
اليوم.
العالمي.
للصحة.
النفسية.
ههههههههههههههههه
اللعنة عليكم جميعا !
———-
: أحس بأن هذه ليست طفلتي… شيء في داخلي يُتعبني. ما الذي فعلته بنفسي! تباً.
———-
: أتعلمين بأنني أريد سبباً -عدا هذه الطفلة- يجعلني أتعلّق بهذه الحياة أكثر.
سبباً واحداً خاصّاً بي. بي أنا!
———-
* أُقرّب أذني من أنف سماء الرضيعة لأتأكد إن كانت ما تزال تتنفس *
———-
: اللعنة على كل هذه الأدوية – يا يمه- أريد أن أُرضع طفلي وحسب!
———-
: أنا بخير.
———-
: لم أعد أقدر على احتمال شيء.
———-
: أنا بخير.
———-
: أنا بخير
———-
لم أتصالح يوما مع إنسانيتي بالشكل المطلوب –الشكل المطلوب؟-
مرةً أخرى، لم أتصالح يوماً مع هذا العالم كما يجب –العالم!-
محاولة أخيرة. لم أتصالح يوماً معي.
معطوبة، تنخرُ بي الحالة الخالصة من التّعب الذي يكتفي بنفسه
تعب بلا معنى، بلا سبب
تعب أسود ثخين كالسخام يترسّب على قفاي، ينسلّ من خاصرتي
ينبثق من رأسي إلى الأشياء
يتوحش في الليل، ويختبئ داخل السرير في النهار
تعب صامت، يصيح في رأسي بنبرةِ هلع واحدة________
أعتقد بأن هذا هو ما تسمونه: الاكتئاب.
عندما كنت حبلى بطفلتي سماء في الشهر التاسع، توجهت إلى مستوصف المنطقة لأدخل على الطبيبة كي تكتب لي عذرًا طبيا للغياب. كان الأمر إجراءً روتينياً عادياً. رقم انتظار من الشباك، مقاعد حديدية باردة للانتظار، جدران بيضاء بلا أي صوت. يظهر رقمي على الشاشة فأقوم بتثاقل للتوجه إلى العيادة. أنظر في وجه الطبيبة -بعد أن جلستُ- وتنظر هي نحوي. عينان سوداوان أشبه بكرات الكريستال، ونظرات واضحة تلحق بي، تجري مسرعةً عبر يدي وفوق ذراعي قافزةً إلى رأسي وهي تسألني
: كيف هي حالكِ ؟
كيف. هي. حالي.
أظن بأنني سقطت من على هوّة عظيمة تلك اللحظة الضائعة في سنة 2014
لأنني لم أتوقف عن البكاء بعدها.
[image error]
لحظة ولدتُ سماء ابنتي، لم تصرخ كأي طفل. لقد كانت كالخرقة المُعلقة على يد الطبيبة أمام ناظريّ
فكّرت: * كائن غريب.*
———-
المعاناة ألم بعيد وقريب في الآن ذاته. أن تعاني أشبه بأن تَمدّ وجعك وتفردهُ على كامل وعيك، وتغور به إلى مناطق الإحساس في داخلك.
المعاناة تخلق في داخلك حاجةً كاوية للاستيلاء على كل رغبة تافهة وضئيلة بالسعادة. وإذا اقترنت المعاناة بالاكتئاب، فإن الهدف سيكون رغبتك المحضة والوحيدة بالعيش! العيش فحسب.
تجاوُز الاكتئاب أشبه بأن تكذب على نفسك. أنت الكائن الذي تُمزّق نفسك بالحقيقة، تُضطرّ –وياللعار- لأن تكذب على نفسك، وتصدّق كذباتك هذه كلها. وحوشك تعوي ضحكاً آخر رأسك، وأنت تواصل ترديد الكذبات في محاولة عبثية لتصديقها. تناضل، كيدٍ في قِدر ماء يغلي.
[image error]
———-
: كل سبل الراحة متوفرة لديكِ!
بيت، زوج، طفلة، وظيفة، أهل. ما الذي تطلبينه أكثر بحق السماء!
أفكر * أنا أريد أن أختفي من هذا كله.*
: أنا آسفة. الأمر ليس بيدي. لست أريد شيئاً.
———-
عندما حبلت بطفلي الثاني –فارس- تم تشخيصي بالاكتئاب الاكلينيكي وكان علي أن أبدأ العلاج لكي أنجو عبر فترة الحمل. لم يكن الأمر مستغرباً عندما قالت لي الطبيبة بأنني مررت باكتئاب ما بعد الولادة بابنتي سماء، وأنني أمر به ثانية منذ الحمل بفارس.
أذكر أنني كنت وقتها كائناً بارداً تماماً، مرهق وأحس بأنني بدأت أتفكك من الداخل. لم أكن أدري بأنني كنت سأتفكك لدرجة مرعبة يوماً بعد يوم!
الاكتئاب الذي يقترن بالأطفال مختلف بعض الشيء عن الاكتئاب في صورته الفردانية، هذا ما لاحظته على نفسي أنا. إنني أمتلئ بالرعب، البكاء حالة شبه دائمة. أفتح عيني صباحا في الفراش فأحس بالاختناق بسبب فكرة واحدة وهي: لماذا استيقظت؟ لماذا لم أمُت؟ أنظر في وجه سماء النائمة بهدوء مخيف وأبكي، الليل يجيء أخيرا فأقلب الوسادة التي أصبحت رطبة وغيرصالحة للنوم. لقد كنت أتسرب عبري، عبر مساماتي، وكان هذا لوحده مدعاة للعزاء.
عندما ولدت فارس، قضيت ليالي المستشفى أحادث الممرضة الهندية وأبكي. أقول “أبكي” لأنني لا أذكر أمراً جللاً أكثر من شعوري بخفقان قلبي في ذلك الوقت مع كل شهقة بكاء. هذه المرّة كنت محطمة حتى أقصاي ولا أقدر على لمّ أجزائي.
قررت في أول يوم نفاس أن أتوقف عن أخذ أدوية الاكتئاب كي أستطيع إرضاع طفلي، لكن رأسي خذلني حقا
: ستأخذينها الآن ولتذهب الرضاعة للجحيم، لن تموتي الآن!
كانت نظرات أمي تطفح بالخوف يومها، وهي تراقبني أهوي في حزني الفارغ هذا، أرقب الصبي وأحس بأنني حبة إجاصٍ فاسدة
فاسدة تماماً.
———-
[image error]
: Mama, Why Are you sitting alone? Come Sit with me in the Livingroom
( الترجمة : ماما، لماذا تجلسين لوحدك؟ تعالي واجلسي معي في غرفة المعيشة –الصالة- )
سماء، الطفلة التي خُلقت لتكون أشياء كثيرة
والتي خلقت أيضاً لتنقذني.
كل مرةٍ أقف مشدوهة أمام قطعة السحر هذه، في محاولة حقيقية لفهم الأسباب التي استحققت بموجبها مثل هذه المخلوقة!
عندما أقرأ وتناديني من خلف الباب دون أن أجيبها، فإنها تطلب مني أن أتوقف عن القراءة!
إنها تعلم مسبقاً ما الذي أفعله في الداخل!
ذلك التواشج الشعوري الذي يفيض بيننا كانت له آثار عظيمة في إنقاذي.
إنها لا تتركني لبراثن وحدتي.
إنها لا تتوقف عن طرق الباب
كما لو كانت تتوخى حذر من لم يطرقوا الخزان مسبقاً..
أقسم أنها طرقته للتو، وسألتني ماذا أفعل ههههههههه
إنني أكتب مقالاً عن اليوم العالمي للصحة النفسية !
أقول فيه اللعنة على كل هذا، وأضحك هههههههه
[image error]