أيام المعرض

 


في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كنتُ أجهّز نفسي وخططي وميزانيتي لزيارة لطالما رجوتها من الله تعالى؛ إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب. لم أتصوّر منذ عام، أن حالة البهجة التي غمرتني تلك الأيام ستتحول إلى حالة حنين جارف مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لتلك الزيارة. يقترب موعد المعرض، ويخفق قلبي حزنًا، وشوقًا.حزنًا لأني أدرك جيدًا أنها كانت فرصة منّ الله بها عليّ من حيث لا أدري، وقد لا تتكرر.وشوقًا للوجوه والأماكن، شوقًا لحضن عميق تهديه القاهرة لمريديها، عميق بعمق تاريخها.للقاهرة في قلبي سحرٌ باقٍ ويتمدد فيه كلّما طال عليّ الأمد، وأنا في هذه التدوينة لن أتحدث عن القاهرة، بل عن معرضها.والمتابع للمعارض العربية قد يفهم ما أعنيه، فلستُ هنا أتحدث عن تنظيم متقن فحسب، كي يُقارن معرض القاهرة بسواه من معارض بعض الدول العربية الأخرى، التي قد تضاهيه في التنظيم والتجهيز والاستعداد.معارض الكتب ليست فقط بمساحاتها ولا بتجهيزاتها الحديثة والعصرية، ثمّة عنصر أساسي أرى انه لا يتوفر إلا في معرض القاهرة وليغفر لي بعض القراء ما سأعلنه؛ إنه القراء في مصر، نوع القراء الذين يقصدون معرض القاهرة، حجمهم، لهفتهم، تواضعهم أمام الكتب المرصوصة على الأرفف والموضوعة على الأرض لضيق المساحة على حدّ سواء، استعجالهم خوفًا من أن تفوتهم نسخ ما، حقائب السفر التي يجرجرونها كل يوم من جناح إلى آخر، مدّخرات يتم التخطيط لها قبل هذا الحدث الرائع بأشهر، ثمّ تُصرف خلال يومين أو ثلاثة بكل طيب خاطر. وأنا أرجو بكل تأكيد أن تتاح لي فرصة زيارة كل المعارض العربية، ولكني متيقّنة أن ما خلّفه سحر القاهرة في قلبي لن يزول، وسأطلب دومًا أن يتجدد، مرارا وتكرارا.

الزائر للمعرض يشعر بأنه يشارك في مهرجان عظيم، وبأنه فرد من عائلة هائلة التمّ شملها بين أجنحته.كان المعرض فرصة لي للتعرف عن قرب على شلّة الكُتّاب والقراء الذين جمعني بهم فيسبوك، ورغم ان الوقت لم يسعفني للقائهم جميعًا، ولكني ممتنة على كل لحظة شعرتُ فيها أنني في حلم جميل، صار حقيقةً. ونصيحة مني للراغبين في زيارة معرض القاهرة من خارج مصر، أنصحكم بالاطلاع على أي مجموعات فيسبوكية تخص معرض القاهرة، إذ ستجدون فيها كل المعلومات التي ستنفعكم بكل تأكيد، ولا تخجلوا من السؤال، فمريدي معرض القاهرة لن يبخلوا عليك بالمعلومة التامة والمساعدة، أيا كان البلد الذي جئت منه. هم هكذا، جينيًّا، ولا تسأل من أين يجيئون بكل هذا الودّ والترحاب، فهم في النهاية أولاد "أم الدنيا"!
 •  1 comment  •  flag
Share on Twitter
Published on December 28, 2023 03:44
Comments Showing 1-1 of 1 (1 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Malik (new)

Malik من لم يزر معرض القاهرة للكتاب، لم يزر معرضاً للكتاب، خدمتني الظروف وزرته عامي 2013 و 2016، وحالت ترتيبات اللحظة الأخيرة عن حضوره في مرات عديدة رغم حصولي على التأشيرة.
أحلم بأن أكون هناك هذه السنة، من يدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً.


back to top