أحلام صغيرة

(1)
تصوراتٌ بريئة
أفكارٌ مزدحمة
أحلامٌ مُكدَّسة
نعم .. هي صغيرة
ولكنها كانت كافية لأن يسبح فيها ..
صانعًا عالمه الخاص
فجسده الصغير لا يحتاج سوى لبِركة صغيرة ..
حتى يغمر فيها جسده وعقله ..
وخياله !

(2)
ما معنى كلمة الواقع ؟!
الواقع بالنسبة إليه :
أبٌ لا يراه إلا آخر النهار
وأمٌّ تخرج للعمل، ثم هي بين المطبخ والتلفزيون
ومَدرسة يتعلم فيها البذاءات من البلطجية الصغار
وينال فيها حفلات التعذيب على أيدي بعض المرضى النفسيين
لذا.. فلا أجمل لديه من أحلامه الصغيرة !

(3)
عالمه الخاص .. هو بطله
له جواده الأبيض الجميل
ينطلق به فيتطاير شعره وأطراف ثيابه
يُنقذ الناس بمجرد أن يستنجدوا به
وتقف الجموع منبهرة بفروسيته
يطلقون صرخات الإعجاب :
يا له من فارس !
يا له من قوي !
يا له من بطل !
بينما يبتسم هو ابتسامة بنصف فمه ..
ثم يُضرب ضربة على رأسه ليفيق ويأخذ السندوتشات
لينزل إلى المدرسة !

(3)
لا تكذب !
لا تسب !
لا تسهر !
لا تتحدث مع الكبير هكذا !
لا تتكلم على أحد !
..
لماذا ينهونه عن أشياء يراهم يفعلونها ليلاً ونهارًا ؟!
هل هذه الأفعال محرَّمة على الصغار ..
ثم تباح لهم عندما يكبرون ؟!

(4)
رأى قطة تحتضن صغارها
وهريرة صغيرة تتحسس طريقها ..
لتصل إلى ثديها
حاول مداعبة الصغار
ولكن القطة كشرت له عن أنيابها !
التفت متعجبًا وتساءل :
لماذا تجلس القطة مع أطفالها ؟!
لماذا لا تتركهم في الحضانة ..
وتخرج للعمل مثل أمي ؟!

(5)
هل يتزوج التليفزيون من تليفزيونة !
يفكر : أظن أن هذا التزاوج إن تم ..
سيكون أبناؤهما أسعدَ الأطفال !
هم فقط مَن يمكنه أن يجلس مع والديه ويأنس بهما !

(6)
كان مؤمنًا بأن والده كان الأول في دراسته
ابتدائية .. إعدادية .. ثانوية
حتى في الجامعة
إلى أن دخل المدرسة
فوجد أن كل آباء زملائه في الفصل على هذا الحال !
فكَّر كثيرًا ..
توصل إلى أن غير الأوائل ..
لا يتزاوجون ولا ينجبون !

(7)
في أول العام الدراسي
دخل ذلك العابس الفصل ممسكًا بجذع شجرة !
وبالرغم من جلوس الأطفال هادئين خائفين ..
فقد بدأ يصرخ .. يسب ..
يُعمل جذع الشجرة في أبدان الأطفال !
لماذا يُرسلنا أهلونا إلى المدرسة ..
إذا كان من الممكن أن يقيموا لنا حفلات التعذيب تلك في منازلنا ؟!

(8)
كان يسمع أباه يتكلم في "السياسة اخفض صوتك"
هكذا تلك المتلازمة !
لا ينطق أبوه بكلمة سياسة إلا ويُتبعها بـ "اخفض صوتك"
كأنه يصر أن يذكرها باسمها الثلاثي !
ولما ذهب إلى المدرسة ..
اكتشف أن ما كان يسمعه مِن أبيه ..
قد تمثَّل في فصله الدراسي !
رأى (المنافق) يشاركهم في اللعب بعيدًا عن عيني المدرِّس
ثم ما يلبث الأخير أن يدخل الفصل ..
فيبدأ الخبيث في دلالته على أصحاب الآثام
وكأنه العذراء الطاهرة !
ورأى (الحرامي) الذي يمد يديه في حقائب الطلبة
ثم يقسم الأيمان المغلظة –العائمة في دموع السحالي- أنه ما فعل شيئًا !
ورأى (أمين الفصل) الذي لا يستفيد من صلاحياته ..
إلا في تغيبه عن الحصص الدراسية !
مكث يومًا في الفصل أثناء الفسحة
كتب على السبورة أسماء الطلبة ..
ثم كتب أمام كل طالب مَن يوازيه من الشخصيات السياسية التي يسمع أباه يتكلم عنها !
لا يدري لماذا عاد إلى المنزل بورقة استدعاء ولي أمر !

(9)
كلما فاضت بعض أحلامه على لسانه أمام والديه ..
ضحكا ملء فيهما وكأنه يطلق نكاتًا وطُرفًا !!
لماذا يضحكون من أحلامي ؟!
ألم تكن لهم أحلام وهم صغار مثلي ؟!
إن كانت لهم أحلام .. فلماذا لم يحققوها ؟!
أشغله الأمر كثيرًا ..
حتى توصل إلى نظريته الصغيرة :
لقد كانت لهم أحلام مثلي ..
ولكن آباءهم كانوا يضحكون منها أيضًا !

(10)
من لطف الله
أن الإنسان ينسى ..
وأن الأطفال لا يكتبون !
: )
6 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on October 09, 2012 08:00
No comments have been added yet.