محمد ربيع: المزاج العام للمصريين صنعه حكامنا الطغاة

جريدة السياسة


القاهرة – عبدالفتاح الزغبي:


عن الرئيس السابق مبارك الذي ولد عام التنين حسب التقويم الصيني كتب روايته “عام التنين”, حاول من خلالها رصد حياة المصريين تحت حكم مبارك, ورصد محاولات مبارك أيضا إحكام قبضته على السلطة.

حول روايته وكيف يرى مستقبل مصر السياسي تحت حكم الإخوان, التقت “السياسة” الأديب الشاب محمد ربيع, في حوار حول روايته, هذا نصه:


  لماذا اخترت “عام التنين” عنوانا للرواية?

التنين هنا رمز للرئيس السابق حسني مبارك, بحسب الأعوام الصينية, فقد ولد مبارك في عام التنين.

ماذا أردت أن تقول للقارئ من خلال الرواية?

حاولت إيجاد روابط بين مركز السلطة ممثلا في مبارك وبين المواطن البسيط, وكنت متأكداً من وجود الكثير من الروابط, لكنني قررت أن أحكي عن الطرفين, حكاية المواطن البسيط وكيفية تعامله مع من حوله, وحكاية الطاغية, وكيفية تعامله مع المحكومين, وكيف تم خداع الناس طوال سنوات طويلة, لم يكن الحاكم يعمل فيها لصالحهم, بل كان يعمل على إحكام قبضته على البلاد.


فانتازيا


  تنتمي الرواية لأدب الفانتازيا ومع ذلك تستند على وقائع وأماكن وشخصيات حقيقية, كيف ذلك?

الرواية تعتمد على الخيال بشكل أساسي, ولا مانع من إدخال بعض الوقائع والشخصيات الحقيقية, ما يؤكد ارتباط العمل بالواقع, لأن هناك خيطاً رفيعاً بين الواقع والخيال.

لماذا كتبت تلك الرواية?

لم يكن الغرض كتابة تاريخ موثق ودقيق لفترة حكم مبارك, فهذا له م¯¯¯¯كان آخر, ولا يم¯¯¯كن كتابت¯¯¯ه في عمل روائي, لكنني أردت تركيز الضوء على شخصيات حكام م¯¯¯صر المشهورين بالطغيان, الذين أثروا -  بأشكال متعددة – في صنع المزاج العام للمصريين, وساهموا في فرض سيطرة حديدية على المحكومين, توارثها الجميع – حكاماً ومحكومين – مع اختلاف توجهاتهم وأفكارهم.

ما مغزى تناولك لتاريخ انتشار الدعارة في مصر?

هذه إدانة لعصر محمد علي, الذي يعد بداية عصر الدولة الحديثة في مصر, والغريب أنه لا يتم الحديث عنه اليوم إلا بذكر المزايا فقط, لكن من يقرأ كتاب “الجسد والحداثة”, للدكتور خالد فهمي, سيدرك كيف استطاعت السلطة في ذلك الوقت إحكام السيطرة على الناس, إلى أن وصل الأمر لتقنين الدعارة لخدمة جنود الجيش.

ما دلالة اسم البطل “نعيم”?

البطل خليط من ثلاث شخصيات عرفتها من خلال العمل والحياة, أحدهم اسمه مشابه لنعيم, وجدت من اللائق أن أشير لاسم الشخص الذي أوحي لي بالرواية.

لماذا احتوت الرواية بعض الألفاظ غير المقبولة?

هناك قلق دائم من غضب القارئ بسبب تلك الألفاظ, لكنني أراهن دوماً على تفهمه للموقف وطريقة التناول, خصوصاً أن تلك الألفاظ  لم يكن من الممكن استبدالها بأخرى, كما كان بعضها مربكا للغاية, فهي تحمل دلالة غير مقبولة بالعامية المصرية, لكنها تحمل معاني مختلفة تماماً إذا عدنا للفصحى.

لماذا خرج الخط السياسي على شكل خطابات لا نعلم من يكتبها ولمن?

لم أجد خيراً من الخطابات, هناك طرق أخرى بالطبع, لكن جميعها استهلكت,  ولم يستخدم الكتاب الذين كتبوا روايات سياسية “تيمة” الخطابات أبداً.


غياب وعودة


   لماذا توقفت 6 أشهر عن كتابة الرواية بعد أحداث يناير?

ظننت مع خلع مبارك أن الرواية أصبحت بلا قيمة, فهي تتحدث عن الطاغية بشكل عام, وبعد التنحي استرد المصريون جزءاً من حريتهم ولم يعد هناك سبب للاستمرار في الكتابة, لكن بعد شهور أدركت أن محاولات التغيير ستستمر لمدة طويلة وأن الثورة لم تنته بعد, حينها عدت للكتابة أملاً في تسجيل القليل مما جرى للناس خلال الثلاثين عاماً الماضية.

لماذا لا تشير الرواية إلى أحداث يناير?

كنت يائساً تماماً أثناء التحضير للرواية, وكذلك أثناء كتابتها, ولم أتوقع أن يثور المصريون في وجه مبارك, بل توقعت الأسوأ, بعد أن يرث مبارك الابن, مبارك الأب, ويدعي كثيرون أنهم تنبأوا بالثورة في وقت ما, أما أنا فلم أتوقعها مطلقاً ولهذا كتبت الرواية.

ما رأيك الآن بعد مرور أكثر من عام على أحداث يناير?

كان مبارك حريصاً على تدمير كل أشكال الوعي السياسي لدى الناس, وإبعاد الجميع عن المشاركة السياسية, فأضحت صورة العائلة المباركية الحاكمة هي الصورة الوحيدة في عقل كل مصري, بلا بدائل أو خيارات أخرى, فإذا مات مبارك يوماً حكم مبارك آخر, لذلك فإن محاولة تكوين وعي سياسي جديد أراها أكبر تحد , ومهمة صعبة, ستستغرق وقتاً طويلاً , ولكن لابد منها لأنها ضرورية.

ما رأيك في النقد الموجه لنهاية الرواية بانتصار الفكرة السياسية على الفكرة السردية?

الرواية مجرد سرد , والنهاية تتسق مع حال الناس قبل الثورة, ونتيجة مباشرة لإحكام السيطرة على الجمهور.

بدأت كتابة العمل في ظل حكم مبارك ومع ذلك جعلته بطلا للرواية?

كنت فقط أشير له بكلمة “الرئيس”, ولم تكن الرواية لتنشر لو ذكرت اسمه صراحة, كما لم يكن الهدف من الكتابة ليتحقق, والرواية كتبت لوصف حال المصريين تحت حكم مبارك, وعدم التصريح باسمه سيكون بدافع الخوف فقط, ويظهر مبارك في الرواية في مشهد واحد, بينما تدور الخطابات حوله وحول سياسته, في صورة نصائح وحلول واقتراحات.

لماذا تفسر بعض الكلمات لغويا وتعرض تاريخ استخدام هذه الكلمات?

كتبت ذلك لأبين للقارئ أن بعض الكلمات التي اعتدنا عدم ذكرها لبذاءاتها قد لا تكون كذلك, بل إن معظم ما نعتبره بذيئاً ليس كذلك بالمرة, إنما له معان أخرى في المعاجم العربية, لكن تبدلاً حدث خلال العصور في دلالة الكلمات.


المثقفون ومبارك


  لماذا وجهت نقدا للمثقفين ووصفت جدالهم بالعقيم?

هذه وجهة النظر الأمنية للمثقفين, سترى وجهة النظر تلك مسجلة في الكثير من الأعمال التلفزيونية والسينمائية المصرية, في صورة سخرية من كل تصرفات المثقفين, حتى صارت الكلمة سبة, لقد تخيلت أن هذا الأمر متعمد, لكن لو قارنت عيوب ومشكلات المثقفين بجرائم المختلسين واللصوص لوجدتها هينة للغاية.

لماذا تم عرض لما يشبه التاريخ السياسي لمحمد حسنين هيكل?

هيكل شخصية مؤثرة في فترة حكم عبدالناصر, ولا يمكن إغفالها عند الحديث عن تلك الفترة, وهناك أيضاً بعد درامي وضرورة لذكر هذا الجزء الصغير من حياة هيكل.

ما المغزى من اختيار ميدان التحرير ليكون مكانا لتتويج مبارك ملكا على مصر?

إنه أكبر ميادين القاهرة, ولا علاقة بين اختيار الميدان وبين الثورة.

لماذا تسخر من المعارضة في نهاية الرواية?

كتبت الفصل الأخير ممزوجا بروح اليائس, فلم تكن المعارضة البائسة لتسلم من النقد, كلنا نعلم أنها كانت معارضة زائفة, مجرد أبطال من ورق, واليوم إذا بحثت عن الأحزاب السياسية التي كانت معارضة لمبارك فلن تجد منها من له تواجد حقيقي على الساحة السياسية.

كيف ترى الأوضاع في مصر حاليا?

يتم إعادة انتاج النظام القديم لكن بغلاف إسلامي يحمل طابع القداسة, وبالتالي فكسره سيصبح محرماً حرمة دينية, لذا أخشى أن يتطور الأمر لنجد ديكتاتورية إسلامية تحكمنا, وهذا ليس كل شيء, بل هناك قصور ضخم في المعارضة, وفي التمثيل السياسي للآخر.

لكن هناك أحزاباً وقوى سياسية معارضة جديدة ظهرت على الساحة السياسية?

حتى اليوم لا أجد حزباً أو تجمعاً يصلح ندا قويا للإخوان, وأنا لا أفضل الحكومات الائتلافية, بقدر ما أود أن أرى تداولاً للسلطة, هذا التداول الذي افتقدناه لسنوات طويلة جداً.


الأصل هنا

 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 16, 2012 02:31
No comments have been added yet.