التعريص .. ومعرصين الجمهورية الثانية

أتفق معك أيها القارئ العزيز أن العنوان صادم وجارح فى ذات الوقت .. قد يكون تخوفك صحيحا إذا استقبلته بالمعني الدارج الذي تعرفه .. بناءا على ما اكتسبته وقمت بتخزينه من جملة الموروثات الشعبية ، مؤشرك القيمي الآن أنذرك أنني قلت كلمة ” قبيحة ” وهي ( التعريص) .. الذى اعلمه جيدا ان للكملة أصل ومعني فى اللغة العربية منافي تماما لما نتناوله فى لغتنا الدارجة وأكذب عليك اذا قلت لك انني اعرف من طورها وحورها لتصبح على ما هي عليه الآن من ” أباحة ” .. دعني اقول لك في البداية عزيزي ان كلمة ( العرص ) فى اللغة العربية فى المعجم الوسيط تعني ( النشط ) فاذا قلنا الرجل العرّص اى زاد نشاطه .. كما أن ( العرّص ) خشبة توضع على البيت بالعرض ويلقى عليها بالعيدان الصغيرة لتسقيفه وتسمى ( تعريصه ) وهذا اصل الكلمة أوضحته أما قضية تحويره فدائما أوزعها لنية ناطقها وهذا شئ لا نعلمه فإذا افترضنا أن بداية تحويرها جاءت من شخص جلس يوما استظل بجميزة هو وخليله يشنيفان من عيدان القصب تحاورا وبين كل تشنيفة وتشنيفة كلمة وحكي له موقفا فرد عليه الأخر : لا يا أبو خليل بس انت النهاردة عرصّت ( لفلان ) بزيادة .. اي بذلت معه جهدا ونشاطا كبيرا .. واذا ربطناها بحالة من قال وموقفه من فلان سنعلم وقتها اذا كان يبغضه وهو صاحب سلطة وجاه اصبحت معناها انه ( عرّص ) له نفاقا له او تمادي للتقرب منه ..ومثالا لحالة اخرى اذا كانت جلسة ابو خليل مع ام خليل فى حتة متدارية حميمية فقالت له : انت النهاردة ( عرّص ) قوى يا ابو خليل .. اى مضطرب وزائد النشاط وعند ربطها بالموقف والحالة الحميمية اصبحت كلمة ( ابيحة ) فى لغتنا الدارجة .. أوجز ما قلته فى ان الخطأ دائما لا يقع على من قال بل من تلقي الكلمة فليس ذنب اللغة اننا نجهلها

أما ما دفعني عزيزى القارئ لكتابة هذا المقال فى هذا الوقت وما جعلني ابحث فى اصل الكلمة اننى وجت حالة ( التعرّيص ) شديدة جدا هذه الايام وخاصة بعد سماعى حلف يمين السيد رئيس جمهورية مصر العربية المنتخب الجديد لاحظت بعدها حالة ( تعرّيص ) اى زيادة نشاط غير عادى ومبالغة من الاعلام والصحافة والجماعة من اتباع السيد الرئيس والمتدافعين من اجل اللحاق بعربة الدرجة الأولى فى قطار الجمهورية الثانية خلف الرئيس مباشرة .. وجدت اعلامي ( عرّص ) ازداد نشاطه فجأة بعد حلف اليمين وتحول على النقيض تماما من معارضة الجماعة انصار الرئيس الي مسبح بحمدهم وتتسع الدائرة من ( المعرّصين ) لتشمل الصحفيين ورجال النخبة السياسية وبعض الفنانين والمشاهير وتجلي نشاطهم فى سيل من المقالات والصور والتعليقات والمداخلات التليفونية بان السيد الرئيس لم تري مصر فى حضارتها كاملة من هو مثله ولم تلد النساء رئيسا او ملكا من قبل يعرف الله ويقرأ القرآن ويأكل بمفرده ويمشي بمفرده ويسلم على الناس غيره .. ويضرب النشاط بخلايا مخ واتزان احد المشايخ من علماء الدين وينكب على يد الرئيس يقبلها على الملأ .. اقول هنا يا سادة أن الزايد اخو الناقص اى المغالة والمزايدة في فعل شئ بالظبط مثل قلته فالزيادة فى الحب والقرب بعكس ما كنت تقول وتدعي ” نفاق ” .. وقد تقلب الزيادة فى قمع ومحاربة الرأى الأخر المضاد لافعال الرئيس الى ” تخوين ” .. كما ان الزيادة فى الافعال اليومية الحياتية للرئيس وكأنها شئ خارج عن عادة وطبيعة البشر وكأن السيد الرئيس ( حاشي لله ) إلهاً تنازل عن صفاته الربوبية وتعامل بمنطق البشر .. اقول لكم أيها ( المعرصين ) من البداية أن ما تفعلونه خطأ هكذا تصنعون إلهكم .. اتركوا السيد الرئيس يفعل ما يراه صالحا لكل المصريين اتركوه يمشي خلف ضميره لا تكونوا حائلا منفرا بافعالكم بينه وبين الشعب .. لا تزايدوا ولا تتغابوا فى نشاط تافه من افعالا وكلاما لن يفيد الوطن ولا الرئيس فى شئ .

كفاكم ( تعريصاً ) يا سادة ..
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on January 14, 2013 14:50
No comments have been added yet.