أتذكر عندما طرقت بابك للمرة الأولى ، طرقته كثيرا ولم تسمع ، كنت تنزوي في ركنك الصغير لتقرأ ، تعيش بعقلك وكيانك داخل سطور كتاب ، وعندما تنتهي منه بحركة آلية
تسحب غيره ثم تبحر بعيدا مرة أخرى ، سحبت الكتاب من يدك ووضعته جانبا ،
كانت اللحظة التي ارتكزت فيها قدميك على أرض الواقع المرير .
الواقع الذي رفضته و أبحرت بعيدا منذ زمن
لا طعام تشتهيه ، لا دخان ، لا نزهة ولا صحبة ، لا شيء يغريك في هذا العالم ، لا الأهل ولا الرفاق ، ولا صوت العصافير الصاخب على نافذتك ولا شعاع الشمس النافذ عبر زجاج غرفتك ، ولا أنا ، لا عيوني ، ولا همسي ولا صمتي ولا روحي ولا عقلي ولا رائحة عطري ، يومها يئست منك من حزنك واستسلامك للمكوث داخل هذا الكهف الكئيب ، وأنا عاما كاملا كل يوم فيه أمسك بيدك وأتشبث بها وآخذك للضوء ، للفرح ، للأمل أزرع الياسمين على بابك فلا ترويه ولا تكترث فيموت، أعلق الأحلام على الجدران فتنزعها في تمرد اليائس المتشائم الحزين .
أصارحك أني تعبت فها أنا ذا استسلمت وجلست لأبكي على أعتابك ، الآن أنت تغلق أبوابك أكثر ، تعود لعالمك ، تسافر بعيدا في الأحلام ، و أنا أيضا أعود الآن لعالمي الرتيب لحزني لوحدتي وكأنك لم تكن هنا ذات يوم ، وكأنك حلم وانقضى .
Published on
December 14, 2014 11:18
•
Tags:
الغريب