“العظماء المائة 14″.. سليم الأول “الخليفة القاطع”
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله
في الثامن عشر من شهر يوليو تموز 1981 للميلاد رصدت الرادارات السوفيتية جسما غريبا يقترب من مجالها الجوي في أذربيجان التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتية
فانطلقت مقاتلة سوفيتية من طراز سوخوي -50 لتكتشف ان ذلك الجسم الغريب عبارة عن طائرة لايعرف مصدرها لتسقط المقاتلة السوفيتية تلك الطائرة بالقرب من العاصمة الأرمينية يريفان التي كانت أيضا تتبع الاتحاد السوفيتي قبل تفككه
ليكتشف السوفيت أن تلك الطائرة كانت تابعة لشركة اوروليو الأرجنتينية وأنها كانت عائدة من العاصمة الإيرانية طهران بعد أن حملت أسلحة أمريكية قادمة إلى إيران من تل أبيب في إسرائيل
وماهية إلا أيام حتى انكشفت خيوط فضيحة سياسية كبيرة هزة العالم بأسرة وهي الفضيحة التي عرفت في وسائل الإعلام باسم فضيحة ايران كونترا او ايران كونترا قيت
والتي اتضح من خلالها وجود علاقات عسكرية سرية لإيران مع كل من أمريكا وإسرائيل وان أمريكا كانت تبيع إيران الأسلحة عن طريق تل أبيب في حين كانت إدارة الرئيس الأمريكي ريغان تستخدم سرا الأموال التي كانت تجنيها من تلك الصفقات السرية بدعم عصابات الكونترا اليمينية المسلحة في حربها ضد الحكومة الشيوعية في نيكاراجوا المدعومة من الاتحاد السوفيتي وكوبا
وبعد ذلك كشف الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان النقاب عن وجود تعاون إيراني إسرائيلي استمر طيلة فترة الحرب الإيرانية العراقية خلال ثمانينيات القرن الماضي قامت إسرائيل فيها ببيع معدات حربية ضخمة قدرت بعشرات الملايين سرا إلى إيران لدعمها في حربها ضد العراق
في حين وقع رجل الأعمال الإسرائيلي وضابط الموساد السابق ياكوف نمرودي وهو من يهود العراق وقع صفقة عسكرية مع إيران تقدر قيمتها بأكثر من مئة وخمسة وثلاثين مليون دولار تقوم إسرائيل بموجبها بإمداد إيران بأسلحة متطورة وصواريخ أمريكية إضافة لمنظومة دفاع صاروخي متوسطه المدى من نوع ارض جو والمعروفة بصواريخ هوك في حين كان المستشارون الإسرائيليون يقدمون الخطط العسكرية لقوات الحرس الثوري الإيراني طيلة فترة الحرب مع العراق
وقامت القوات الجوية الإسرائيلية بتدمير مفاعل تموز النووي العراقي بعد محاولة إيرانية فاشلة سبقت تلك العملية الإسرائيلية واستمر ذلك الدعم الإسرائيلي لإيران طيلة فترة الحرب الممتدة لثمان سنوات
ووفقا للكاتب تريتا بارسي فان إسرائيل زودت إيران في تلك الحرب بثمانين بالمائة من الأسلحة التي استوردتها طيلة فترة الحرب ولكن العجيب في الأمر أن الخميني قائد الثورة الإيرانية وعلماء إيران في تلك الفترة كانوا يصرحون طيلة فترة الحرب أنهم أقاموا جمهورية إسلامية معادية لأمريكا وإسرائيل فكيف يفسر ذلك ولماذا تتعامل إيران في الخفاء مع أمريكا وإسرائيل وتصرح في وسائل الإعلام إن أمريكا هي الشيطان الأكبر بالنسبة لإيران وأنهم يريدون أزالت إسرائيل من على وجه الأرض
مرحبا بكم
هذا جهاد الترباني يحيكم في الحلقة الرابعة عشر من برنامج العظماء المائة
وفي هذه الحلقة سنحاول فهم كثير من الأمور الغامضة التي تحيط بنا من خلال دراسة قصة عظيم جديد من عظماء امة الإسلام كان مؤسسة الخلافة العثمانية وهو البطل العثماني الكبير سليم الأول رحمة الله
ودورة في إنقاذ الأمة الإسلامية من خطر قوى الشر المتحالفة المتمثلة في ذلك الوقت بتحالف الصفويين الفرس والصليبيين البرتغاليين لكي نفهم من خلالها كثرا من الأمور المحيطة بنا والتي قد لا يفهما الكثير منا في غالب الأحيان
وذلك من خلال قراءة تاريخية نحاول من خلالها فهم الواقع وهذا هو هدف البرنامج الأول فنحن لا ندرس التاريخ من اجل التسلية بالقصص والحكايات ولكن من اجل فهم الواقع والاستفادة من دروس التاريخ المتكررة التي يمكن لنا من خلالها فهم حاضرنا وبناء مستقبل امتنا المشرق ان شاء الله
وقصة هذا البطل الإسلامي العظيم تلخص كثيرا مما تكلمنا عنه سابقا عن نظرية الغزو التاريخي والتي يريد من خلالها غزاة التاريخ تدمير تاريخ الأمة وتحويل أبطالنا إلى مجرمين في حين يعظم فيها مجريهم هم ليتحولوا إلى أبطال في أعيننا نحن
وأتذكر جيدا كيف أن هذا العظيم الإسلامي سليم الأول كانت تدرس سيرة في كتب التاريخ المدرسية بشكل يجعله يبدوا كأحد المجرمين في حين ان كنا ندرس قصة السفاح الفرنسي نابليون بشئ من التقديس على الرغم من كونه سفاحا سفك دماء الآلف من المسلمين وغير المسلمين ومات طريدا مهزوما بعد هزائمه العسكرية المتكررة
ولكي تعرف مدى عظمة بطلنا سليم الأول عليك أن تسال نفسك أولا إن كنت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أن تجيب على هذا السؤال اعلم أن رسولك الذي تحب كان على وشك أن ينبش قبره بخطة صليبية صفويه مشتركة لولا أن سخر الله لهذه الأمة صقرا تركيا جاء من هضبة الأناضول لينقض على الغزاة ويمزقهم إربا إربا قبل أن تطأ أقدامهم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصقر التركي اسمه السلطان سليم الأول عليه رحمة الله تعالى
فمن هو سليم الأول.؟
اسمه سليم الأول يلقبه الفرنسيون بسليم الرهيب ويسميه الانجليز سليم العابس لأنهم كانوا يرون فيه شخصية جادة وحازمة أما المسلمون فيسمونه بسليم الشجاع أو سليم القاطع Yavuz بالتركي لشجاعته وتصميمه في ميدان القتال أما هو فقد احتار لنفسه لقب سلطان البرين وخاقان البحرين وكاسر الجيشين خدام الحرمين الشريفين
وسليم الأول هو أول من اختار لنفسه في التاريخ لقب خادم الحرمين الشريفين قبل أن يعيد الملك السعودي فه رحمه الله أحياء هذا اللقب من جديد
وسليم الأول هو مؤسسة الخلافة العثمانية وصاحب مشروع الوحدة الإسلامية الكبرى بعد سنوات طويلة من التفرق والتشرذم
وحكاية التشويه التي تعرض لها الخليفة العثماني سليم الأول رحمة الله هو جزء لا يتجزأ من الحرب التي يتعرض لها العثمانيون من قبل غزاة التاريخ بهدف تشويه صورتهم
والواقع أن الهدف من تلك الحرب ليس العثمانيين بل الهدف الرئيس من تلك الحرب هو أنت
فغزاة التاريخ يريدون أن يحولوا تاريخ أمتك إلى تاريخ اسود في عينك عبر اختلاق لقصص كاذبة أو حتى تركيزهم على نقاط سلبية حصلت بالفعل ولكنها لا تقاس بالايجابيات الكبيرة الموجودة في سيرتهم وبعد أن يزرعوا غزاة التاريخ ذلك في قلبك يجعلونك تكره تاريخ أمتك
وبعدها يرجون لقصص أبطالهم الوهمية لتنبهر أنت بها بعد أن كفرت بتاريخ أمتك وبعد ذلك تصبح دون أن تحس أنت بذلك تابعا لغزاة التاريخ لا ييعطون لك أية قيمة بعد أن فقدت أنت قيمتك أمام نفسك
وسليم الأول هو تاسع سلطان في السلطنة العثمانية التي أسسها القائد التركي البطل عثمان بن ارطغرل رحمهم الله جميعا
وهو ابن السلطان بايزيد الثاني الملقب بالصوفي ابن السلطان محمد الثاني الفاتح ابن مراد الثاني الملقب بالسلطان الكبير ابن محمد الأول الملقب بالنبيل جلبي بالتركية ابن بايزيد الأول بايزيد الصاعقة ابن مراد الأول الملقب بالشهيد ابن اورخان بيك الغازي ابن عثمان الغازي المؤسس
ومنذ نشأتها انشغلت الدولة العثمانية في فتوحات في القارة الأوربية وحتى بداية عهد سليم الأول إلا أن الله قدر أن تكون الفترة التي حكم فيها هذا السلطان التركي فترة حرجة من اخطر الفترات التي مرة على تاريخ الأمة الإسلامية
ربما تذكرون إنني ذكرت في الحلقات السابقة أن البرتغال لم تكن تشارك الدول الصليبية في حروبها أمام العثمانيين في أوروبا وذلك لان البرتغال كانت تعد لخطة أكثر خطورة فقد كانت البرتغال تريد ضرب الأمة الإسلامية في مقتل عبر إصابة القلب مباشرة
المتمثل في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك قرروا القيام في عملية في غاية الخطورة تتمثل في غزوا المدنية ونبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نقلة إلى لشبونة عاصمتهم ليساوموا به المسلمين عبر استبداله بالقدس التي نزعها منهم القائد الكردي البطل صلاح الدين الأيوبي
وفعلا قام الصليبيون البرتغاليون بالإعداد لتلك الخطة الخبيثة بتعاون مع قوة أخرى للشر ظهرت في الشرق ادعت انتمائها إلى الإسلام ولكنها في نفس الوقت كانت تتحالف مع الصليبيين سرا في تنفيذ تلك الجريمة الكبرى
هذه القوة الخبيثة كانت تراسل الجنرال البرتغالي المجرم الفونسو دي ألبوكيرك قائد خطة عمليات نبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعقد تحالف سري هدفه الرئيس غزوا قلب الأمة الإسلامية ونبش قبر رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم
فمن تكون تلك القوة الشريرة التي كانت تنسب نفسها كذبا إلى الإسلام في الوقت الذي كانت تتحالف فيه مع الصليبيين أنهم الصفويون أخبث دولة ظهرت على وجه الأرض
البداية كانت عام 907ه الموافق 1501م يوم أن تحول رجل فارسي شعبوي حاقد على العرب اسمه إسماعيل ابن حيدر الصفوي
هذا الرجل كان صوفي من غلاة المتصوفة الذين يقومون ببدع ما انزل الله بها من سلطان قبل أن يتحول إلى المذهب الشيعي ألاثني عشري فقام بدمج مجموعة من المعتقدات المنحرفة التي ورثها من التصوف وأضاف إليها معتقات مجوسية فارسية قائمة على مبدأ الحقد على العرب الذين دمروا إمبراطورية فارس المجوسية
فقام بخداع عوام الشيعة الذين يحبون الإمام على رضي الله علية وأرضاه وأجبرهم على إتباع فكرهم الصفوي الجديد المبني بالدرجة الأساس على كره العرب
حيث يقوم الفكر الصفوي بالتظاهر بالإسلام والعمل خفية على تدمير وخيانة المسلمين في السر فقام المجرم إسماعيل الصفوي بعدها بعدة مذابح مروعة ليغير بقوة السيف دين اغلب العراقيين واغلب الفرس
فأجبرهم على تغير مذهبهم من أهل السنة والجماعة الذين كانوا علية إلى دينه الصفوي وقد تسنى له ذلك بعد قتل أكثر من مليون مسلم في بغداد وغيرها من المناطق التي احتلها من أذربجان والكويت إلى الإحساء ويكفيك أن تعلم انه عندما احتل بغداد 1508 م هدم ما كان فيها من قبور أئمة السنة وذبح علماء السنة ذبحا وقتل عشرات الآلف من المسلمين
واستمرت الدولة الصفويه من ذلك اليوم حتى سقطت عام 1785م قبل أن يعيد الخميني من جديد تأسيسها عام 1979م تحت مسمى الثورة الإسلامية
ليبني الدول الصفويه الثانية التي تحمل نفس الفكر الصفوي القائم على التظاهر بالإسلام وحب آل البيت ولكنه كان في حقيقة الأمر فكرا يحارب الإسلام والعرب بصفة خاصة
وهذا ما يفسر ما ذكرناه في بداية الحقله بوجود تعاون إيراني إسرائيلي في الخفاء بالوقت الذي تهدد فيه كلا من إسرائيل وإيران بعضهم البعض منذ عشرات السنيين دون قيام أي حرب بينهما
وهذا ما يفسر سماح إسرائيل ودول العالم لفروع الصوفيين في الوطن العرب بالتمدد دون مشكلات مثل السحاب بحزب الله اللبناني بالتمدد بلبنان وسوريا والسماح للحوثيين باحتلال عاصمة اليمن على الرغم من أنهم يحملون شعارات الموت لأمريكا الموت لإسرائيل اللعنة على اليهود
والتفسير الوحيد لذلك هو فهم الفكر الصفوي الذي يظهر شئ ويبطن شئ آخر
وهذا ما نستفيده من قراءة التاريخ محاولة فهم الواقع خاصة إذا ما علمت أن الخميني دخل إيران على متن طائرة فرنسية حيث كان يقيم طيلة فترة منفاه في فرنسا
وفرنسا كما قلنا في حلقات البطل الجزائري لاتكل ولا تمل في إنتاج أي فكر معادي للإسلام
فالدعوة للحروب الصليبية مثلا خرجت من فرنسا ومشيل عفلق مؤسسة حزب البحث المجرم تم تأسيسه في فرنسا أيضا طه حسين صاحب كتاب الشعر الجاهلي الذي يشكك بالقران هو خريج الجامعة الفرنسية ومحمد علي الذي نشر العلمانية في مصر هو ابن فرنسا المدلل وعلمانيو تركيا الذين دمروا الخلافة العثمانية كانوا في الغالب تبعا لفرنسا
ابحث دائما عن فرنسا عند ظهور أي فكر منحرف معادي للإسلام ستجد غالبا أصابع لفرنسا في ذلك
وهذا هو سبب استضافتهم للخميني الذي أسس دولة الصوفيين الثانية
وعلى فكرة الصفويون يكرهون كل ما هو عربي حتى أنهم يكرهون الشيعة العرب
فمشكلة الصفويين ليست دينية كما يعتقد البعض بل مشكلتهم الأساسية هي مشكلة عنصرية قومية قائمة على كره العرب بالأساس
وما الاحواز العربية إلا مثال على ذلك بل إن أكثر المتضررين من شر الصفويين هم الشيعة العرب المعتدلين الذين صاروا ضحية للمتطرفين من الجهتين
المهم المجرم إسماعيل الصفوي كان يراسل سرا الفونسو دي ألبوكيرك صاحب خطة نبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي نفس الوقت كان يقتل كل من يرفض تحويل دينه من دين الإسلام إلى الدين الصفوي ويتحرش بحدود الدولة العثمانية
الدولة العثمانية في ذلك الوقت كانت تمر بوقت من أصعب أوقاتها منذ نشأتها فقد كان السلطان العثماني بايزيد الثاني رحمة الله وهو أبو سليم الأول كان قد وصل إلى مرحلة من الوهن على الرغم من المخاطر الهائلة التي كانت تمر بها الدولة الإسلامية هذه المخاطر تمثلت بالدول التالية
دولة الصفويين الفرس من الشرق التي كانت تحاول الاستيلاء على العالم الإسلامي وتغير دينه من الإسلام إلى الدين الصفوي
دولة البرتغال الصليبية في الغرب كانت تري ضرب الإسلام في قلبه ونبش قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعاون مع الصفويين
دولة المجر والتحالف الصليبي في الشمال و الغرب الأوربي كان يحاولون استعادة عاصمة الروم القسطنطينية اسطنبول
ولأول مرة ظهرت قوة جديد على الساحة الدولية اعتبرت نفسها وريثه لإمبراطورية الروم الذين سقطوا على يد السلطان العثماني محمد الفاتح جد سليم الأول فقد ظهرت دولة اسمها روسيا على يد رجل اسمه ايفان الثالث في الشمال الشرقي
كل ذلك والسلطان بايزيد الثاني كان منعزل في التصوف منشغلا عن أمور الدولة في تأليف الشعر والموسيقى والابتعاد عن أمور الحياة السياسية لذلك كان لقب هذا السلطان بين سلاطين آل عثمان هو الصوفي كما أسلفنا
وزادة خطورة الموقف عندما أراد بايزيد الثاني تعين ولده احمد وليا للعهد بعد تهديدات احمد لأبية على الرغم من أن احمد كان مدعوما من الصوفيين الذين يرون فيه اختيارا سيدعم موقفهم في تحويل دين المسلمين للصوفيه
إلا أن قوات النخبة العسكرية الخاصة التابعة للسلطنة العثمانية والمعروفة بقوات الانكشارية كانت تعلم مدى خطورة هذا الخيار وكانت ترى في الأمير سليم الأول الذي كان محبوبا جدا من قوات الانكشارية لشجاعته وحزمه في اتخاذ المواقف كان ترى في سليم الاختيار السليم
ولما وصلت الأمور إلى هذا الحد الخطير الذي يهدد كيان الدولة الإسلامية في عقيدته
طلبت القوات الانكشارية من بايزيد الثاني التنحي وإفساح المجال لابنه سليم الأول
وفعلا تنحى بايزيد الثاني عن الحكم لولده سليم الأول لينشغل بايزيد في عزلته وتصوفه ويترك المجال لرجل المرحلة سليم الأول لكي ينقذ امة الإسلام من قوى الشر المتحالفة فأصبح سليم الأول السلطان التاسع للسلطنة العثمانية بعد أن اجمع أهل الحل والعقد في الدولة العثمانية على ولايته
وبعد ذلك مباشرة ظهرت أولى التحديات بظهور حركات تمرد من قبل الأمير احمد وغيره من أفراد العائلة المالكة وبالرجوع للسنة النبوية الشريفة فان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما ورد عنه في صحيح مسلم من أتاكم وأمركم جميعا على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فقتلوه
لذلك قام سليم الأول بإتباع النهج النبوي في التعامل مع مثل تلك المواقف فقضى مباشرة على كل حركات التمرد بكل حزم وقتل أخاه ومن معه من المتمردين الذين كادوا ان يتسببوا بتدمير الدولة الإسلامية وتفككها ليترك المجال للصفويين والصليبيين لنبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
والحقيقة أن الحزم وإنهاء الأزمات منذ شرارتها الأولى كانت صفة من أهم صفات القائد سليم الأول فالتراخي في تلك الأمور يمكن أن يتسبب بضياع هيبة الحاكم وضياع هيبة الدولة وبدلا من التخلص من بضعة أشخاص في بداية اندلاع الفتنه يمكن أن يتحول الأمر لمجازر بين الطرفين إذا لم يعالج الأمر في بدايته بكل حزم حتى لو كان مثير الفتنه احد الأقارب لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حازما في كلامه عندما أمر بقتل كل من يريد شق عصا المسلمين وتفريق جماعتهم
فلا تستعجب إذا عندما تعلم أن سليم الأول قتل أخاه احمد عندما أراد أن يفرق جماعة المسلمين وان ابنه البطل العملاق سليمان القانوني قتل ابنه مصطفى عندما وصلته أنباء بقيامه بالتعاون مع الصوفيين ونيته خيانة أبيه
أو حتى ما قام به العملاق الإسلامي الكبير وهو أيضا تركي ألب ارسلان بطل معركة ملاذ كرد المصيرية عندما قتل أقربائه المتمردين فالحزم هو أهم صفة من صفات الحاكم الناجح وهو يوفر على المسلمين شلالات من الدماء
ومن يتابعنا من المعلمين الذين يبعثون لي برسائلهم وينشرون البرنامج في مدارسهم مشكورين يعلمون أكثر من غيرهم معنى أن يترك طالب واحد فقط ليثير الشغب بين التلاميذ دون أن يتم طرده من الصف المعلمون يعرفون كيف سيتحول الصف في نهاية الأمر إلى فوضى ولن يستفيد من الدروس أي تلميذ وفي نهاية الأمر سيفقد الأستاذ احترامه وهيبته أمام التلاميذ ولن يستفيد التلاميذ من دروسهم وسيخسر الجميع
أما أذا أردت أن تحكم دولة من الدول دون استخدام الحزم وتعاملت بميوعه مع التهديدات التي تدور من حولك ومع من يريدون إفقاد هيبتك كحاكم فأنت ستؤدي بنفسك إلى التهلكة وستؤدي ميوعتك في نهاية الأمر إلى قتل الآلف من الأبرياء من قبل المتمردين والأمثلة في هذا الزمن كثيرة
وبعد أن وحد السلطان سليم الأول الدولة الإسلامية على قلب رجل واحد جاء الوقت لحماية قبر محمد صلى الله عليه وسلم حماية مدينة رسول الله أول عاصمة للإسلام وقبل ذلك كله حماية بيت الله في مكة من التهديد الصليبي
وكان سليم يعلم أن الخطر الأول يكمن في الخونة الصوفيين الذين يطعنون المسلمين من الخلف
فقرر سليم ياغوز سليم القاطع قطع رأس الأفعى الصوفيه قبل القيام بأي شئ آخر
فتوجه بنفسه على رأس جيش قوامه من قوات النخبة الخاصة العثمانية قوات الانكشارية إلى عاصمة الصفويين تبريز بعد أن ترك في عاصمة السلطنة الإسلامية اسطنبول ابنه الذي رباه على الحزم وتحمل المسؤولية منذ الصغر البطل سليمان القانوني
وفي الطريق إلى ميدان المعركة بعث بطلنا التركي سليم الأول برسائل باللغة الفارسية إلى ملك الصفويين الفرس إسماعيل الصفوي يأمره به بالتوبة والرجوع إلى الحق وهذه مقتطفات مما جاء في ترجمة تلك الرسائل السليميه
أنا زعيم وسلطان آل عثمان أنا سيد فرسان هذا الزمان أنا الجامع بين شجاعة وبأس الفريدو الحائز لعز الأسكندر والمتصف بعدل كسرى أنا كاسر الأصنام ومبيد أعداء الإسلام أنا خوف الظالمين وفزع الجبارين المتكبرين أنا الذي تذل أمامه الملوك المتصفون بالكبر والجبروت وتتحكم لي قوتي صوالج العزة والعظموت أنا الملك الهمام السلطان سليم خان ابن السلطان الأعظم بايزيد خان أتنازل بتوجيه إليك أيه الأمير إسماعيل يا زعيم الجنود الفارسية فان علمائنا ورجال القانون لدينا قد حكموا عليك بالقصاص يا إسماعيل بصفتك مرتدا عن الإسلام وأوجبوا على كل مسلم حقيقي أن يدافع عن دينه وان يحطم الهراتيقط في شخصك أنت وأتباعك البلهاء ولكن قبل أن تبدءا الحرب معك فإننا ندعوكم لحظيرة الدين الصحيح قبل أن نشهر سيوفنا وزيادة على ذلك انه يجب عليك أن تتخلى عن الأقاليم التي اغتصبتها منا اغتصابا ونحن حين إذا على استعداد لتامين سلامتك
فكان رد ملك الفرس الصفويين إسماعيل على هذا الخطاب بان أرسل إلى سليم الأول علية من الذهب مليئة بالأفيون وهو نوع من أنواع المخدرات مع رسالة يحاول فيها عبثا الاستهزاء بكل وقاحة من السلطان سليم الأول كتب فيها
اعتقد أن هذا الخطاب الذي بعثته إلي كتب تحت تأثير هذا المخدر عندها تحرك سليم الأول بجيشه حتى وصل إلى حدود الصفويين ليدرك إسماعيل الصوفي خطورة الموقف وانه أمام رجل حازم
فأرسل الصفوي إلى السلطان المسلم سليم الأول يطلب منه الهدنة وتجديد علاقات السلم والصداقة بين الدولتين ولكن سليم رفض الهدنة وأرسل إلى إسماعيل الصفوي برسالة إعلان الحرب بشكل رسمي يقول فيها هذه المرة باللغة التركية
إن كنت رجلا فلاقني في الميدان ولن نمل انتظارك
وأرفق القاطع في تلك الرسالة مجموعة من الألبسة النسائية والعطور وأدوات زينة النساء كهدية إلى ملك الفرس الصفويين إسماعيل الصفوي استهزائا به لتهربه من ملاقت جيش المسلمين
وقد كان الصفوي يخطط لسحب العثمانيين الى الجبال حيث تمكنه طبيعة الأراضي ومشاكل التموين من إضعاف جيش الإسلام ولكنه تحت ضغط جنوده الذين استفزهم استحقار السلطان المسلم لملكهم الجبان
اطر في نهاية الأمر بملاقاة جيش المسلمين بقيادة السلطان العثماني البطل سليم الأول وحدد إسماعيل الصفوي مكان المعركة في سهل من سهول إقليم أذربيجان الغربي هذا السهل كان يسمى سهل جلديران لتبدءا أحداث معركة من أهم معارك التاريخ الإسلامي معركة جلديران المصيرية
فما هي أحداث معركة جلديران المصيرية وكيف افشل القائد سليم الأول الخطة الصفو صليبيه لسرقة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم…؟
وما هي تفاصيل مشروع الوحدة الإسلامية الكبرى الذي وضعه القائد سليم الأولى بعد سنوات طويلة من التفرق والتشرذم …؟
وكيف أسس سليم أقوى أسطول بحري عرفته بحار الأرض في ذلك الزمان….؟
وما حكاية التوجيه العسكري الذي حدده سليم الأول للأخوين بربروسا…؟
وما قصة تلك الخزنة العجيبة التي وضع عليها سليم الأول ختمه السلطاني ليبقى الختم عليها لما يقرب من أربعمائة عام….؟
كونوا معنا في الحلقة القادمة لنتابع معا بقية قصة سليم الأول الخليفة القاطع
كونوا في الموعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سأتشرف بمتابعتكم لقناتنا على اليوتيوب لتصلكم حلقات البرنامج أولا بأول القناة وصلت بفضل الله ثم بفضلكم إلى أكثر من ثمان مليون مشاهدة
شكرا لكل من نشر البرنامج
وسأتشرف أكثر بقراءة تعليقاتكم واستقبال صوركم لنختار منها ما نعرضه في الحلقات القادمة وذلك على صفحة البرنامج الوحيدة على الفيس بوك اسم الصفحة مائه من عظماء امة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
يمكنكم أيضا التواصل معي على حسابي الشخصي على تويتر وانستقرام جهاد الترباني وعلى انستقرام أيضا حساب العظماء المائة
أما ألان فتابعوا معي التعليقات والصور التالية بصحبة المنشد الكويتي الكبير نايف الشرهان
واذكروا نصرا بمكة …… بعد صبر وانتظار …… طارق في وادي لكه …… خاض أمواج البحار
لا تنسونا من صالح الدعاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لمشاهدة “العظماء المائة 14″.. سليم الأول “الخليفة القاطع”:
التدوينة “العظماء المائة 14″.. سليم الأول “الخليفة القاطع” ظهرت أولاً على العظماء المائة.
جهاد الترباني's Blog
- جهاد الترباني's profile
- 1692 followers
