كوخ العم توم
تستطيع أن تخمن وأنت تقرأ رواية كوخ العم توم للكاتبة الأمريكية هارييت ستو، تلك الرواية التي قلبت التاريخ الأمريكي، وكان لها فضل عظيم في قضية الرق، تستطيع أن تخمن أن الكاتبة كانت تتجرَّع عملها، وأنه جرى منها مجرى الدم في العروق، وأن العم توم الزنجي الذي سميت الرواية باسمه عاش في سويداء قلبها كامنًا هناك حتى نهاية عمرها.
التدفق العاطفي للقصة سحر الروائية ومكنها من أن تسحر القراء بكل البراءة والاندفاع، وبهذا الإصرار في توصيل الرسالة الذي يشبه إصرار الجدات في السرد وإعادة السرد، وككثير من الأعمال العظيمة تشعر بشيء من السذاجة غائب في نخاعه، وهو ما يمكن تفسيره بحالة الهيام ما بين الكاتب والملابسات التي تتراءى له في تخيل عمله، ويصدقها ويكتبها بكل حميمية وتأييد، دون أن يفطن لما يمكن أن يفطن له قارئ جيد من مناطق رديئة، ومع ذلك فإن كسر الإحساس بالحذق التام يدفع القارئ للإحساس بصدق الكاتب وبإيمانه العميق بما يكتب لدرجة جعلته يساير عمله ولو في بعض التخبطات بدلًا من ينظر له بعين ناقد مستريب.
من تلك المناطق التي تعبر عن صدق الكاتبة وإن كان يمكن أن ينظر لها باعتبارها مناطق رداءة هو طول الصفحات الحوارية التي يتكلم فيها الأبطال عن أسفهم بشكل مباشر من الظلم الواقع على السود، وكذلك النفحة الملائكية التي تم رسم شخصية العم توم بها حتى يبدو ككائن فوق إنساني، إلحاح النفس التبشيري عليها كإنسانة مؤمنة، وكذلك ميلها كامرأة رقيقة النفس لسرد تفاصيل قصة توم المسالم جدًا واختزالها الشديد في قصة جورج القادر على الدفاع عن حقه في الحرية ولو باستخدام الرصاص إن لزم الأمر، وطبعًا كان الحدث الأكثر سذاجة هو ما وقع في الجزء الأخير من رجوع الأخت لأخيها ورجوع البنت لأمها بضربة واحدة شبة مستحيلة الحدوث.
ورغم هذا يظل هذا العمل هو العمل الذي جعلنا نعيش حقًا أزمة السود وأزمة الانتزاع الذي كان يحدث للأسر الأفريقية فتؤخذ الزوجة من زوجها بكل بساطة، بل ويؤخذ الرضيع من أمه، وجعلنا نعيش معهم أيامهم الطويلة في القسوة والعذاب والإهانة وسوء التغذية، وجعلنا نعيش معهم هذا الجزع النفسي الهائل لإنسان مسترق عند سيد طيب طابت نفسه للعيش معه واعتاد على الشعور النسبي بالكرامة والإنسانية، عندما يضطر سيده لبيعه فيجد نفسه مساقًا خلف رجل في منتهى الشراسة واللؤم.
التدفق العاطفي للقصة سحر الروائية ومكنها من أن تسحر القراء بكل البراءة والاندفاع، وبهذا الإصرار في توصيل الرسالة الذي يشبه إصرار الجدات في السرد وإعادة السرد، وككثير من الأعمال العظيمة تشعر بشيء من السذاجة غائب في نخاعه، وهو ما يمكن تفسيره بحالة الهيام ما بين الكاتب والملابسات التي تتراءى له في تخيل عمله، ويصدقها ويكتبها بكل حميمية وتأييد، دون أن يفطن لما يمكن أن يفطن له قارئ جيد من مناطق رديئة، ومع ذلك فإن كسر الإحساس بالحذق التام يدفع القارئ للإحساس بصدق الكاتب وبإيمانه العميق بما يكتب لدرجة جعلته يساير عمله ولو في بعض التخبطات بدلًا من ينظر له بعين ناقد مستريب.
من تلك المناطق التي تعبر عن صدق الكاتبة وإن كان يمكن أن ينظر لها باعتبارها مناطق رداءة هو طول الصفحات الحوارية التي يتكلم فيها الأبطال عن أسفهم بشكل مباشر من الظلم الواقع على السود، وكذلك النفحة الملائكية التي تم رسم شخصية العم توم بها حتى يبدو ككائن فوق إنساني، إلحاح النفس التبشيري عليها كإنسانة مؤمنة، وكذلك ميلها كامرأة رقيقة النفس لسرد تفاصيل قصة توم المسالم جدًا واختزالها الشديد في قصة جورج القادر على الدفاع عن حقه في الحرية ولو باستخدام الرصاص إن لزم الأمر، وطبعًا كان الحدث الأكثر سذاجة هو ما وقع في الجزء الأخير من رجوع الأخت لأخيها ورجوع البنت لأمها بضربة واحدة شبة مستحيلة الحدوث.
ورغم هذا يظل هذا العمل هو العمل الذي جعلنا نعيش حقًا أزمة السود وأزمة الانتزاع الذي كان يحدث للأسر الأفريقية فتؤخذ الزوجة من زوجها بكل بساطة، بل ويؤخذ الرضيع من أمه، وجعلنا نعيش معهم أيامهم الطويلة في القسوة والعذاب والإهانة وسوء التغذية، وجعلنا نعيش معهم هذا الجزع النفسي الهائل لإنسان مسترق عند سيد طيب طابت نفسه للعيش معه واعتاد على الشعور النسبي بالكرامة والإنسانية، عندما يضطر سيده لبيعه فيجد نفسه مساقًا خلف رجل في منتهى الشراسة واللؤم.
Published on February 21, 2016 07:20
No comments have been added yet.
فراشات مجففة لا زالت تطير
لا أستطيع ان أضع الفراشات بين صفحتين في الكتب كما كنت أفعل ؛ الآن أضع فراشة الانطباع بين صفحات الكتب
- الأديب محمود توفيق's profile
- 505 followers
