الشتاء خُلق ليعلمنا كيف نحب

description كبرت وأنا أقرأ لأناسٍ يكتبون عن روعة المطر، كيف يذكي الحنين ويثير الذكريات، عن عشق المطر والرقص تحته، عن انتظار الشتاء بفارغ الصبر، عن استمتاعهم ببرودة الجو وضبابية الرؤية وما إلي ذلك. أحببت ما قرأت، لكنني والحق يقال، لم أشعر قط بتلك المشاعر المرهفة التي كانوا يتغنون بها، انشغلت بالقراءة عن الشتاء والمطر فلم أجد وقتاً لتجربتهما بنفسي يوماً. المرة الاولي التي فهمت فيها كيف ولماذا يُعْشَق المطر، كان الشتاء الماضي. كنت أقف على سطح منزلنا في جو عاصف ينذر بالويل، مشغولة بتصوير البرق الهادر الذي أضاء السماء وأحال الليل نهاراً وخطف أنفاسي وتركيزي معاً. كنت مأخوذة جداً بالمشهد، ففي حياتي كلها لم أراقب البرق قط عن كثب هكذا، وفجأة شعرت بأشياء صغيرة تتقاذف على رأسي، كأن حفنة من الأطفال الأشقياء يرمونني بالحصى ويركضون بسرعة. لم أهتم في البداية وواصلت التحديق في البرق الصارخ في السماء، لكن الأمر ازداد سوءاً واصبح مؤلماً حقاً، فقط لينتهي كل ذلك بهطول المطر ! لقد عاصرت يومها ثلاث ظواهر شتائية خلابة. البرق ورعده بالطبع، وكتل الصقيع المنهمرة في غزارة وقسوة، تمهد الطريق لهبوط حبات المطر الرقيقة ﺍﻟﺸﺮﺳﺔ في آن واحد، كملكة متوجة على عرش السماء، هبطت لتفقّد الرعية من الغافلين أمثالي عن مدى روعتها ! أصابتني لوثة فوضعت الكاميرا جانباً وبدأت أصرخ وأضحك في انتشاء وسعادة طفولية، وقطرات المطر المثلجة تنهمر على جسدي مصيبة اياه بقشعريرة لذيذة منعشة ! بدأت أدور حول نفسي كما كنت أراهم يفعلون في التلفاز، لأفهم كيف يشعر الانسان عندما يتراقص تحت المطر ! الآن فقط فهمت لِم استَحْوَذ المطر على نصيب كبير من قصائد الشعراء ولِم كان الشتاء دوماً مصدر إﻟﻬﺎﻡ ثري لكل كاتب عن العشق، الشتاء خُلق ليعلمنا كيف نحب بلا شك !

www.facebook.com/marwah.writer
3 likes ·   •  2 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on November 02, 2013 03:00
Comments Showing 1-2 of 2 (2 new)    post a comment »
dateUp arrow    newest »

message 1: by Ali (new)

Ali Alghanim رائعة.
إستمتعت بقرائتها حقا.
إلى اﻷمام. ننتظر المزيد.


message 2: by Hadeel (new)

Hadeel جميلة ...


back to top