دع ثيابك تتسخ !

"لا تمشِ حافياً وإﻻ أصبت بالمرض وابتلعتك دودة الأرض" هكذا اعتادوا أن يقولوا لنا صغاراً، بالإضافة لكل تلك الخزعبلات التى يهوى الأباء خداع الأطفال بها، ليبقوهم بعيداً عن أى شئ وكل شئ من الممكن أن يصيبهم بالأذى أو يعلمهم شيئاً ذو قيمة. نحن نرتدي الأحذية ذات النعول السميكة، نرتدي الثياب، نركب الدراجات والسيارات ونحلق بالطائرات بعيداً، باختصار نفعل كل شئ يبقينا على مسافة ما من الأرض. إن تمشيت على الشاطئ، فضلا اخلع نعليك، اترك قدميك تتوغل في الرمال، اشعر بدغدغتها، ببرودتها، اتركها تحتضن خلاياك بلطف، اتركها تجرفك لكون بعيد، اترك جسدك يتصل بالأرض الأم عبر قدميك، أﻻ تظن الطين يشتاق لطِينِه ؟ أﻻ تحِنّ ﻷصلك ؟ هذا هو أصلك. تريد أن تنتمى لشئ ؟ هذا هو انتماؤك الأول، حيث بدأت وحيث ستنتهي.

description

ﻻ تقضِ عمرك منتعلاً حواجز جلدية في قدميك، ﻻ تهرب من الأرض الحنون، ﻻ تشمئز من الجلوس وسط الحشائش، ﻻ تخف أن تتسخ يديك وثيابك، اترك نفسك للأرض تغذيك، تجدد روحك وتنعش خلاياك المرهقة من طول السفر بعيداً عنها، وأرح ظهرك المكدود على شقيقتك الشجرة العتيقة، اتركها تغمرك بروحها العذبة، تمتص آﻻم جسدك، تنفض عنك مُوجِعَات روحك، ماذا سيحدث إن تخليت عن وقارك قليلاً وهبطت من عليائك، وركضت حافى القدمين كما الأطفال، وألقيت بنفسك على الرمال وغرِقت بين العشب النَدِي ؟ دَع ثيابك تتسخ، لربما هذه فقط قمامتك الداخلية قد تم إجلاؤها للخارج .. وهذه أمرها أسهل، فمساحيق الغسيل المتطورة لم تترك مجاﻻً للبقع لتستعرض فيه، لكن ماذا عن روحك التى تحتاج إلى ترقيع ؟ اترك الأمر ﻷمك، الأرض، أليست الأم دائماً من ينقذنا في مثل هذه المواقف ؟
 •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on February 09, 2014 09:33
No comments have been added yet.