إليك، فتذكر واغفر
عزيزي رماح،
أنت في علم غيب لم يكتب بعد. أو ربما هو قد كتب علي لوح محفوظ عن العيون والقلوب ما كنت لأكون مطلعا عليه. حاليا أنت مجرد نويات ذرات قد تكون كربونا أو هيدروجين أو ربما نيتروجين، في جسمي أو في ملح الأرض. لكن إن قدر الإله مجيأك، سأسميك رمّاحا لتصيب برماحك حظك، علّه يكون أصوب من حظ والديك.
كانت لنا أيام يا عزيزي. أيام كنا ننام فيها بدون هم إلا مباراة أو فيلما ما أو ربما علامة ضعيفة في مادة ما. ثم جاءت لحظة تنوير مقترنة بثورة أحيت النفوس والضمائر والعظام، هنا عرفنا حقائق كثيرة. انفتحت أعيننا علي عالم قميء بذيء كنا نعي وجوده وإن لم نتخيل أبدا أنه قد بلغ هذا القدر من السوء والاضمحلال.
كانت قلوبنا تنبض بالأمل وتتغني بموسيقي الكون كله. كانت مبتهجة ودامية ومرهقة وحائرة كقلب مصارع ناج في حلبة الكولوسيوم، لكنها كانت حية. ثم أخذت الغشاوة في الانسدال علي العيون والقلوب، وتدريجيا عادت إلي سباتها فموتها تاركة أي حلم وأي أمل وأي فرحة، مترحمة علي من مات مع علمها أنه في رحمة عما نحن فيه.
ابني رماح،
إن قُدّر مجيؤك، فاعلم أنك ستكون في حقبة من أحلك حقب التاريخ، فلا تيأس، لكن لا تأمل. الأمل مضر. الأمل مؤلم. أملنا كثيرا لغد أفضل، لكن لا يوجد شيء يربط الغد بالأفضل. لا توجد ضمانة، وهم لن يتركونا حتي لنسعي له. اهرب عزيزي من هذا المكان. اهرب طالما تستطيع.
صغيري رماح،
سأعمل جاهدا علي ألا تولد ها هنا. بل سأعمل جاهدا علي ألا تولد علي الإطلاق. ربما يرضخ عقلي المرهق وقلبي الدامي لرغبات نفسي فأقرر في لحظة جنون أن أرسم خطا كستنائيا مكفهرا يقطع معصميّ أو الودجين. وربما أستطيع أن أتعايش دون حضن من زوجة أو حبيبة. ولربما يقرر الإله أن يرزقني عقما يمنعني به عن الإتيان بك. كلها ظنون يا رفيق. لكن إن رضخت لشهواتي وارتياح قلبي لأحضان لحظية، فدعني أقبل يديك وقدميك لا مازحا أو محبا، بل طالبا للغفران. اغفر لي خطيئة الإتيان بك في عالم لا يرحم أبناءه.
حبيبي رماح،
إن لم أدُم علي قيد الحياة لأتمم تربيتك، فإني استودعتك خالقك، هو أحن عليك ممن سواه. الدنيا ستعلمك وتزيد من صلابتك بصَلبِك فوق المذبح والمذبحة. لكنها فانية، وما عنده فهو باق. علّنا نتلاق مرة أخري في أرض عدل وفضل ومجد أبدي. حينئذ نصرخ أن المجد والعزة لله في أرض يرتاح فيها صوتُ صارخٍ في البريّة.
وختاما، اطلب العدل طالما بقيت حيا. فإن جلدوك وصلبوك فاصبر، فما أنت إلا ذيل قائمة طويلة من المجلودين والمصلوبين والأحرار. ليكن العلم سلاحك فدونه ما أنت بمتمٍ غايتك. اكتب واقرأ والهُ وامزح وأحبِب وأحبّ. عش حياتك وانظر إلي لآلئ السماء. غلف غلظة الذكورة برحمة طيب الخلق ولطافة المعشر. وتعلم من أخطائك. واعلم أنك محبوب فلا تبتأس ولا تترك سبيلا لوحشة أن تغلف قلبك. وأخيرا اغفر لي خطيئة الإتيان بك، واغفر لي خطيئة اعتباري أن الإتيان بك خطيئة، لكنها ليست لعيب فيك عزيزي، لكن لعيب في دنياك هذه. والسلام ختام.
أنت في علم غيب لم يكتب بعد. أو ربما هو قد كتب علي لوح محفوظ عن العيون والقلوب ما كنت لأكون مطلعا عليه. حاليا أنت مجرد نويات ذرات قد تكون كربونا أو هيدروجين أو ربما نيتروجين، في جسمي أو في ملح الأرض. لكن إن قدر الإله مجيأك، سأسميك رمّاحا لتصيب برماحك حظك، علّه يكون أصوب من حظ والديك.
كانت لنا أيام يا عزيزي. أيام كنا ننام فيها بدون هم إلا مباراة أو فيلما ما أو ربما علامة ضعيفة في مادة ما. ثم جاءت لحظة تنوير مقترنة بثورة أحيت النفوس والضمائر والعظام، هنا عرفنا حقائق كثيرة. انفتحت أعيننا علي عالم قميء بذيء كنا نعي وجوده وإن لم نتخيل أبدا أنه قد بلغ هذا القدر من السوء والاضمحلال.
كانت قلوبنا تنبض بالأمل وتتغني بموسيقي الكون كله. كانت مبتهجة ودامية ومرهقة وحائرة كقلب مصارع ناج في حلبة الكولوسيوم، لكنها كانت حية. ثم أخذت الغشاوة في الانسدال علي العيون والقلوب، وتدريجيا عادت إلي سباتها فموتها تاركة أي حلم وأي أمل وأي فرحة، مترحمة علي من مات مع علمها أنه في رحمة عما نحن فيه.
ابني رماح،
إن قُدّر مجيؤك، فاعلم أنك ستكون في حقبة من أحلك حقب التاريخ، فلا تيأس، لكن لا تأمل. الأمل مضر. الأمل مؤلم. أملنا كثيرا لغد أفضل، لكن لا يوجد شيء يربط الغد بالأفضل. لا توجد ضمانة، وهم لن يتركونا حتي لنسعي له. اهرب عزيزي من هذا المكان. اهرب طالما تستطيع.
صغيري رماح،
سأعمل جاهدا علي ألا تولد ها هنا. بل سأعمل جاهدا علي ألا تولد علي الإطلاق. ربما يرضخ عقلي المرهق وقلبي الدامي لرغبات نفسي فأقرر في لحظة جنون أن أرسم خطا كستنائيا مكفهرا يقطع معصميّ أو الودجين. وربما أستطيع أن أتعايش دون حضن من زوجة أو حبيبة. ولربما يقرر الإله أن يرزقني عقما يمنعني به عن الإتيان بك. كلها ظنون يا رفيق. لكن إن رضخت لشهواتي وارتياح قلبي لأحضان لحظية، فدعني أقبل يديك وقدميك لا مازحا أو محبا، بل طالبا للغفران. اغفر لي خطيئة الإتيان بك في عالم لا يرحم أبناءه.
حبيبي رماح،
إن لم أدُم علي قيد الحياة لأتمم تربيتك، فإني استودعتك خالقك، هو أحن عليك ممن سواه. الدنيا ستعلمك وتزيد من صلابتك بصَلبِك فوق المذبح والمذبحة. لكنها فانية، وما عنده فهو باق. علّنا نتلاق مرة أخري في أرض عدل وفضل ومجد أبدي. حينئذ نصرخ أن المجد والعزة لله في أرض يرتاح فيها صوتُ صارخٍ في البريّة.
وختاما، اطلب العدل طالما بقيت حيا. فإن جلدوك وصلبوك فاصبر، فما أنت إلا ذيل قائمة طويلة من المجلودين والمصلوبين والأحرار. ليكن العلم سلاحك فدونه ما أنت بمتمٍ غايتك. اكتب واقرأ والهُ وامزح وأحبِب وأحبّ. عش حياتك وانظر إلي لآلئ السماء. غلف غلظة الذكورة برحمة طيب الخلق ولطافة المعشر. وتعلم من أخطائك. واعلم أنك محبوب فلا تبتأس ولا تترك سبيلا لوحشة أن تغلف قلبك. وأخيرا اغفر لي خطيئة الإتيان بك، واغفر لي خطيئة اعتباري أن الإتيان بك خطيئة، لكنها ليست لعيب فيك عزيزي، لكن لعيب في دنياك هذه. والسلام ختام.
Published on November 18, 2014 14:22
No comments have been added yet.