تقتلني أيضاً العنوسة

قبل النوم، وأثناءه، وبعده، تطاردني ذكريات محمومة عن أيام كانت لنا. لكأن توقيت النساء توقف عندك! قبل أن أسقط فيك كانت النساء كائنات غريبة، حتى أنتِ، ربما لهذا السبب اقنع نفسي أني ظللت -قبل أن أصارحك- أربع سنوات ونصف السنة أراقبك من على البعد، لا أجد منك فكاكاً في مخيلتي وفي الواقع أعجز عن رد السلام ناهيك عن أن أكون المُبادر.

الآن، برحيلك المفاجئ، ههههه، حسناً، من نخدع هنا؟ برحيلك المتوقع، زدتُ يقيناً بغرابتكن، إذ كيف ينخرط رجل وامرأة في حب بعضهما لهذا الحد ثم لمجرد هنَّة صغيرة تعلن المرأة أنها توقفت؟ هكذا، بهذه البساطة! لا أخفيك أني أمقتك الآن لدرجة أعجز عن وصفها، لا أدري كيف أشرح ذلك، أعتبر مقتي لك درجة أسمى من الحب.
للحق؛ أنا نادم على كل لحظةٍ كنت عاجزاً فيها عن التواصل الحسي: الهمس، الغمز، اللمس. وأعلن الآن ندمي المتعاظم؛ على أني لم اغتصبكِ، في مرحلة من المراحل حين بدأت تمارسين هوايات النساء المفضلة: الثرثرة الأبدية والشكوى من أي شيء، والتفصيل الممل لكلِ الأحداث التي تمر عليك، والقلق، قلقكِ المتعاظم من لا شيء، لمجرد القلق فحسب: أكلتَ كويس؟ لازم تأكل كويس! انتبه وإنت بتقطع الشارع... والاتصالات، الاتصالات السرمدية المملة السمجة التي لا يقطعها إلا طلبي واعتذاري الخجول بأنه: لو سمحتِ ههه مفروض أقرأ شيء قبل ما أنوم، بحبك والله. ثم يأتي ردُّكِ الوحيد على كل ما أطلبه بأدب: بقيت ما بتحبني زي زمان.

حين بدأتِ تُقلقينَ حياتي بقلقك العظيم وتوجيهاتك الأليمة، تمنيتُ أن تكوني هنا، قربي، لا على بعد حوالي 180 كيلومتراً، حتى يهنأ لك بال، وحتى أرتاح، لكنتُ ربما عضضت شفاهك، لربما كنت لأحدقَ فيكِ كأنكِ وجبتي التالية، لربما -بصورة لا تخلو من لطف- خنقتك، اغتصبُكِ برغبتك. كنت أحبك، وبصورة أجهل كيفيتها وتقنياتها أردتُ تعذيبك.

الآن كله صار من الماضي، قاربنا على تمام السنة من دون أن أعرف عنكِ شيئاً، لم ترُدِّ على آخر 7 رسائل لي، جاءتك من أرقام مختلفة على الواتساب، كأنك ما قابلتني أبدا. أقول لأصحابي: "بعد كل هذا الحب والانتظار الذي أنفقته عليها تكافئني بحظري من الواتساب، تخيّلوا، لكأنها حجر صلد".

أبحث في الإنترنت عن كلِ شاعرٍ مخذول وأجعلهُ صديقي، أقرأ للأحنف: "وَاللَهِ لَو أَنَّ القُلوبَ كَقلبِها ما رَقَّ لِلوَلَدِ الصَغيرِ الوالِدُ"، ثم أوافقهُ الرأي وأُقرِّبُهُ مني. أستخلص محمود محمد شاكر لنفسي: لقد كنتِ أحلامي - إذا الليل ضمَّني وكنتِ إذا ما الفجر أيقظني - روضي"، وأعترض كلمة "كنتِ". أقرأ لمجنون ليلى: "قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها"، هل قضاك الله لغيري؟ هل يمكنُ أن يقضيك الله حقاً لغيري؟ أحقاً منكِ يصيرُ ذاكَ؟ الصراحة يمكن أن أتقبل فكرة أنكِ لستِ هنا، وأنكِ لستِ لي، لكن فكرة أن تُتوّجِي أميرة لغيري مثيرة للضحك! والغثيان. فكِّري في موضوع ارتباطك بغيري وأعدكِ أنَِّي سأرفعُ قليلاً من درجة السادية وأُفجّركِ -بعد أن اُلقي عليك قصيدةً طويلةً كنتُ قد عدّدتُ فيها مآثرك- في حفل عُرسِك.
يُعتبرُ التهديد صالحاً حتى تقتلكِ العنوسة كما سيقتلني -دونكِ- عدم الزواج.
4 likes ·   •  0 comments  •  flag
Share on Twitter
Published on July 04, 2015 15:51
No comments have been added yet.