“العظماء المائة 17″.. قاهر الصليبيين “سلطان بن سيف اليعربي”
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
في عام 1995 استضافت الإكوادور كأس العالم لكرة القدم للناشئين دون سن الـ 17…
ولأول مرة تأهل منتخب عمان للناشئين إلى تلك النهائيات… ولكنه وقع في مجموعة صعبة تضم البرازيل، وألمانيا بطلة أوروبا، إضافة إلى كندا بطلة أمريكا الشمالية، ولكن أبطال عمان استطاعوا الفوز على كندا في المباراة الأولى، والتعادل بعد ذلك مع البرازيل، قبل اكتساح منتخب ألمانيا بثلاثة أهداف نظيفة.
وواصل العمانيون تألقهم في تلك البطولة ففازوا في الدور الثاني على حامل اللقب نيجيريا، قبل أن يحصلوا على المركز الرابع على مستوى العالم في تلك البطولة، التي فاز فيها نجم المنتخب العماني محمد عامر الكثيري على جائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في كأس العالم.
مرحبًا بكم … هذا جهاد الترباني يحييكم في الحلقة السابعة عشر من برنامج العظماء المائة … وفيها نستكمل حكاية تحرير عمان من الصليبيين البرتغاليين… وطردهم من آخر شبر من تراب عمان .. بعد ما يقرب من مائة وخمسين عامًا من الاحتلال الصليبي لهذه الأرض الإسلامية.
وأحببت أن أبدأ هذه الحلقة بذكر قصة منتخب عمان للناشئين في بطولة كأس العالم لكرة القدم في الاكوادور، كمثال على مقدرة العمانيين على تحدي الفرق الكبيرة… ليس فقط في مجال كرة القدم… بل أيضًا في مجال الحرب إذا دعت الحاجة لذلك… فعمان حاربت في تاريخها إمبراطوريتين كبيرتين في آن واحد … إمبراطورية البرتغال الصليبية … وإمبراطورية فارس الصفوية.
ولكن هناك ميزة أعظم وأهم يتميز بها العمانيون … وكما قلنا في الحلقة الماضية أننا حينما نتحدث عن العمانيين العمانيون فإننا نعني سكان الركن الشرقي الجنوبي من جزيرة العرب.. ويشمل الآن شعب سلطنة عمان وشعب دولة الإمارات العربية المتحدة … فهذه الفئة من الأمة الإسلامية امتازت بصفة عجيبة ميزتهم بشكل واضح… وهي ميزة الأخلاق العالية والأدب الرفيع… وقد نال سكان تلك المنطقة من الجزيرة العربية شرف ذكر أدبهم وأخلاقهم في حديث نبوي شريف نقله الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه…
فقد ورد في صحيح الإمام مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا إلى حي من أحياء العرب، فسبوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو أن أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”.
والحقيقة أنني وعلى الرغم من عدم معرفتي الشخصية لكثير من العمانيين والإماراتيين، إلا أنني سمعت ممن عاشروا هذين الشعبين المسلمين الكثير من المدح في أخلاقهم وحسن أدبهم، وهذا شيء لاحظته شخصيًا… وذلك من خلال مئات الرسائل والتعليقات التي تصلني بشكل يومي تعليقا على حلقات البرنامج… فقد لاحظت أن التعليقات التي تصلني بالتحديد من عمان والإمارات .. تكون في منتهى الأدب… حتى لو كان فيها انتقادات يرونها في الحلقات… وسبحان الله… شهادة رسول الله بأدب وأخلاق سكان هذه المنطقة تكفيهم شرفًا… وقد أكد لي بعض الأخوة الذين زاروا هذين البلدين أدب ورفعة خلقهم.
الشيء الآخر الذي أرى أنه يجب الإشارة إليه قبل إكمال حكاية عمان… أنه بعد الحلقة الماضية وصلتني رسائل من مختلف أنحاء العالم الإسلامي تؤكد سعادتها لمعرفة تاريخ عمان الذي لم يكونوا يعرفوا عنه شيئًا… وطبعًا أنا كنت منهم… والله سعدت جدًا عندما قرأت تلك الرسائل… لإحساسي أن هذا البرنامج ربما عمل شيئًا بسيطًا على تقريب أبناء الأمة من بعضهم البعض بعد عشرات السنين التي عشناها لا نعرف شيئًا عن تاريخ أبطالنا المنسيين… وكما قلت في الحلقة الماضية أن العمانيين يتحملون قدرًا كبيرًا من المسؤولية لعدم نشرهم لتاريخهم المشرف لبقية إخوتهم المسلمين… ولكن كما عودناكم في هذا البرنامج على الصراحة .. فإنه ربما يكون هناك سبب آخر لعدم معرفتنا نحن المسلمين بتاريخ بعضنا البعض… هذا السبب هو عدم وجود ثقافة الاختلاف لدى كثير من المسلمين للأسف… فمنذ أن أعلنت عن نيتي إفراد حلقة في هذا البرنامج للتحدث عن بطل من أبطال عمان… حتى وصلتني قبل تلك الحلقة وبعدها رسائل من بعض المتابعين الأفاضل الذي نصحوني بعدم التطرق لبطل عماني ليس على المذهب الذي ينتمي إليه مقدم هذا البرنامج… وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
فالشيء الذي ربما لا يعرفه الكثيرون أن بطل الحلقة الماضية ناصر بن مرشد اليعربي … وبطل هذه الحلقة أيضًا … ينتميان لمذهب الإباضية الذي ينتشر بشكل كبير في عمان … وقد تعمدت عدم التطرق إلى ذلك في الحلقة الماضية لسببين… أن الإباضية هم حسب جمهور علماء أهل السنة والجماعة وعلى الرغم من يعتبرون طائفة مسلمة موحدة بالله.. وهم مسلمون من أهل القبلة… حتى رغم الاختلافات معهم في عدة أمور… وثانيًا فإننا نتحدث عن تاريخ بطل مسلم قام بمحاربة الغزاة الصليبيين والصفويين… يعني كان للرجل تاريخ مشرف في الدفاع عن الإسلام… لا أستطيع أنا أو غيري أن نلغي ذلك التاريخ المشرف لهذا البطل العماني… حتى ولو كان هناك اختلافات… هذه الاختلافات يمكن طرحها بهدوء ومناقشتها للوصل إلى كلمة سواء… وليس عن طريق محو تاريخ الآخرين لمجرد اختلافنا معهم… صدقوني هذا لم يعد يجدي نفعًا في هذا الزمان… أما في هذا البرنامج.. فلن نقول إلا الصدق إن شاء الله… حتى لو كان من نتحدث عنهم من غير مسلمين… مثل الروم الصليبيين الذين تحدثنا عنهم في أكثر من حلقة أنهم كانوا شجعانًا في القتال… وأنهم لا ينسون أبطالهم… وقد قلنا في حلقات سابقة أيضًا أن ليس جميع المسيحيين صليبيين.. ففيهم من لديه غيرة على العروبة أكثر من كثير من العرب المسلمين… نفس الشيء مع الشيعة… ليس كل الشيعة صفويين… بل ليس كل الفرس صفويين… هذا المنهج هو منهاج الإنصاف حتى مع المختلفين معنا … وقول الحق حتى مع الذين من المفترض أنهم ينتسبون إلينا … كما بينا في الحلقة 13 عند الحديث عن فكر القاعدة وداعش ومخالفتهم للهدي النبوي الصحيح في أخلاق الحرب… الإنصاف مع الجميع هو المنهاج الذي سنتبعه دائمًا مع الجميع … حتى ولو لم يعجب هذا البعض… وعلى فكرة ربما لاحظ من يتابع التعليقات التي تصل للبرنامج… أن هذا البرنامج متابع من جنسيات عربية وغير عربية… ومن مسلمين من جميع الطوائف… وحتى من غير المسلمين… ومع ذلك فكونوا على ثقة بأننا لن نجامل أحدًا على حساب الحقائق التاريخية… من أجل إرضاء الناس على حساب الحق … حتى ولو كان من مدح البرنامج في إحدى الحلقات شاهد بعد ذلك في حلقة أخرى ما يتنافى مع هواه وما يريد هو أن يراه… ولكن في نفس الوقت سنكون منصفين مع الجميع بدون استثناء إن شاء الله وهذا المنهاج ليس منهاجًا من اختراعي… بل هذا ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم … الإنصاف حتى الجميع.. حتى مع المختلفين معنا في الدين وليس المذهب فقط!
وبالمناسبة حتى القائد العماني الذين ذكرنا قصته في الحلقة الماضية أحمد بن سعيد البوسعيدي.. الذي قاد أسطولًا عمانيًا ضخمًا لنصرة الخلافة العثمانية في البصرة.. والخلافة الإسلامية العثمانيون كانت خلافة سنية… ولكن هذا لم يمنع ذلك القائد الإباضي من نجدة إخوته المسلمين السنة … والشيء الذي لم نذكره أن هذا القائد المسلم أحمد البوسعيدي أرسل بعد ذلك أسطوله العماني لمساعدة مجاهدي قبيلة العتوب السنية في تحرير البحرين من الاحتلال الفارسي!
للأسف نفس الشيء على الجانب العماني .. تفاجأت منذ عرضي للحلقة العاشرة التي تحدثنا فيها كيف أن أسطول دولة الخلافة الإسلامية بقيادة القائد بيري ريس الذي حرر مسقط من الغزاة الصليبيين البرتغاليين… تفاجأت أن الإخوة العمانيين بعثوا لي برسائل يخبروني بها أنهم لم يسمعوا بذلك من قبل… وأنا صراحة لا أعرف إن كانت تلك الجهود العثمانية في حماية عمان من الصليبيين يتم ذكرها في عمان أم لا… وأخشى أن يفهم البعض من ذلك أن إهمال ذكر جهود العثمانيين في تحرير عمان يعود لكون أن العثمانيين من السنة… وهذه للأسف مشكلة كبيرة يجب علينا أن نواجهها قبل فوات الأوان… فالحقيقة التي يجب علينا إدراكها جميعًا… أن الصليبيين لا يميزون بين المسلمين في حقدهم عليهم… مجازر البرتغاليين في حق الشعب العماني لم تفرق بين سني وإباضي وشيعي… نحن بالنسبة إليهم جميعًا أعداء… نفس الشيء مع الصفويين… لا يفرقون بين إباضي أو سني أو حتى شيعي طالما كانوا من العرب… العرب بالنسبة للصوفيين قومية يجب إزالتها من الوجود.. وسنتعرف أكثر عن ذلك في الحلقة التي وعدتكم بها والتي سنتحدث فيها عن قومية العرب… قريبًا إن شاء الله.
ولمن يريد أن يقرأ المزيد عن قصة الحروب الصليبية في المحيط الهندي … فليقرأ كتاب من أهم الكتب التي توثق لهذه الفترة الزمنية المهمة …وهو كتاب … للبرفوسور الهندي بيوس ماليكانداتيل البروفيسور في مركز البحوث التاريخية في جامعة جواهر لال نهرو الهندية… البروفيسور ماليكانداتيل درس في البرتغال وألمانيا وجمع وثائق نادرة عن حروب المحيط الهندي في كتاب اسمه … Maritime India: Trade, Religion and Polity in the Indian Ocean الكاتب ذكر أن العثمانيين حرروا مسقط مرتين… وطاردوا الصليبيين ليس فقط في الخليج العربي… بل وحتى وصلوا الهند… وساعدوا المسلمين فيها… على فكرة هذا البروفيسور الهندي مسيحي.
ولمن كان يعتقد أن هذا الدين هو ديننا نحن العرب فقط … فربما سيتفاجأ عند علمه أن من قاد عملية الدفاع عن قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في وجه القوات الصليبية البرتغالية في ذلك الزمان كان عبارة عن تحالف إسلامي تكون من:
الخلافة العثمانية: وهي قائدة ذلك التحالف
سلطنة أجوران: وهي سلطنة صومالية مسلمة … كانت أراضيها تقع في جنوب دولة الصومال الحالية
سلطنة العدل: وهي تمثل شمال الصومال الحالية … ودجيبوتي وإريتريا وجزء من أثيوبيا الحالية
وسلطنة قوجرات الهندية: وكانت الذراع الغربي لذلك التحالف الإسلامي … وكانت تحارب الغزاة الصليبيين البرتغاليين في شبه القارة الهندية.
هذه هي روعة الإسلام… جميع المسلمين يدافعون عن هذا الدين العظيم… لا فرق بين هندي وصومالي وإريتري وأثيوبي وتركي وعربي… إلا بالتقوى والعمل الصالح…وحتى أبطال عمان الذي جاهدوا ضد الصليبيين والصفويين… لم يكونوا فقط من العرب… بل كان منهم أبطال عظام من قومية البلوش المجاهدة… وأبطال من أصول أفريقية…الكل تعاون لنصرة الإسلام.. وما ضعف المسلمين في الآونة الأخيرة إلا لانتشار العنصرية والقبلية بين بعض المسلمين.
ويكفيك أن تعلم أن الصومال التي يعتقد البعض جهلًا أنها دولة على هامش التاريخ… كان لها دور كبير في الدفاع عن المسلمين وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم…فسلطان مملكة العدل المشاركة في ذلك التحالف الإسلامي الكبير… وهو القائد الصومالي البطل أحمد بن إبراهيم الغازي… هذا البطل كان القائد الإسلامي الذي انتصر على تحالف صليبي مكون من البرتغاليين وأباطرة الحبشة الصليبيين… وهو من قتل بيديه قائد الغزاة الصليبيين … البرتغالي كريستوفر دي غاما … ابن السفاح الصليبي فاسكو دي غاما الذي تحدثنا عنه في الحلقة الماضية.. الحقيقة أن للصومال وحتى لمسلمي إريتريا وإثيبوبيا تاريخ مجيد في الدفاع عن الإسلام والمسلمين… ولم يكونوا أبدًا على هامش هذه الأمة كما يظن البعض.
فبعد وفاة القائد العماني البطل ناصر بن مرشد اليعربي رحمه الله، تسلم قيادة العمانيين ابن عمه وقائد جيشه سلطان بن سيف اليعربي… هذا القائد العماني البطل قاد بنفسه حركة الجهاد العمانية، فأعلن النفير العام لطرد قوات الصليب البرتغالية إلى الأبد من أرض عمان الإسلامية بعد أن أخل الصليبيون بعهودهم، وفي اليوم الموعود وعلى حين غرة وبعد أن صلى القائد سلطان صلاة الفجر، تقدم بسرعة على رأس القوات المجاهدة العمانية حتى وصل إلى جبل الوادي الكبير في مسقط، فشن المجاهدون العمانيون أعنف هجوم يعرفه الصليبيون البرتغاليون طيلة احتلالهم لأرض عمان، واندفعت قوات الإسلام العمانية داخل الحصون البرتغالية، واستطاعت كتيبة فدائية عمانية من تدمير الأبراج الصليبية بمن عليها من الغزاة، وقبل أن يفيق الصليبيون من هول الصدمة، كان العمانيون قد دمروا قوات الحامية الصليبية البرتغالية في تلك الحصون تدميرًا كاملًا، ليقتحم مجاهدو عمان “حصن مطرح”، ليعلن قائد الحصن استسلامه، ولم يبقَ من القوات الصليبية غير سفينتين برتغاليتين أخذتا تطلقان نيرانهما على العمانيين، فوجه القائد العام للقوات العمانية المجاهدة سلطان بن سيف اليعربي أوامره إلى وحدة الضفادع البشرية العمانية لحسم الموقف، فغطس عدد من المجاهدين البحريين العمانيين في أعماق البحر، واستطاعوا اختراق صفوف العدو الصليبي، لتتمكن قوات الضفادع البشرية العمانية من إغراق هاتين السفينتين، بينما القائد سلطان بن سيف يراقب المشهد ويكبر بأعلى صوته والمجاهدون العمانيون يكبرون من خلفه بصوت يهز الجبال، ومع غرق هاتين السفينين، انتهت صفحة الاحتلال الصليبي البرتغالي لعمان إلى الأبد، ولم يستطع الصليبيون البرتغاليون بعد تلك الهزيمة المذلة احتلال عمان من جديد، بعد أن لقنهم مجاهدو عمان درسًا في فنون الجهاد الإسلامي، في تلك المعركة الباسلة التي سقط فيها 5 آلاف بطل عماني لطرد الغزاة الصليبين من أرض الإسلام عمان
وقبل استكمال حكاية هذا البطل العماني… يجب التنويه على نقطة مهمة للغاية…
نحن عندما نتحدث عن البرتغال في ذلك الوقت فإننا نتحدث عن دولة كانت لها أهداف صليبية بحتة.. لذلك من الخطأ أن نسمي ذلك الاحتلال بالاحتلال البرتغالي لعمان وموانئ الخليج.. والصحيح أن نقول الاحتلال الصليبي… فقد كانت عمان تواجه على مدار أكثر من قرن حملة صليبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى… اختيار الألفاظ ربما لا يهتم به الكثير… ولكن ربما يلاحظ المشاهد الكريم أنني أتعمد اختيار بعض الألفاظ في هذا البرنامج … وحتى ولو بدى ذلك اللفظ غريبًا أو طويلًا… لذلك أتعمد قول الصليبيين البرتغاليين.. لوصف ذلك الاحتلال… والمسلمين الأوربيين في الأندلس لوصف سكان الأندلس المسلمين… كل لفظ ورد في هذا البرنامج أو حتى في الكتاب له مدلولات عميقة أتعمد الإشارة إليها.
وبعد انتصاره وتحريره لآخر شبر من أرض عمان، استقبل العمانيون في مختلف أرجاء عمان القائد الإسلامي البطل سلطان بن سيف استقبال الأبطال، ولكن عظيمنا الإسلامي العملاق لم يغتر بنصره، وصمم على مواصلة مسيرة الجهاد ضد الصليبيين البرتغاليين، هذه المرة ليس على التراب العماني، وإنما سيقوم هو بمطاردة الصليبيين البرتغاليين في بحار العالم، فقام هذا البطل العماني ببناء قوة بحرية عظيمة، واستطاع خلال فترة وجيزة من تكوين أسطول إسلامي ضخم، فطارد القائد العماني العظيم سلطان بن سيف فلول الصليبيين البرتغاليين الذين احتلوا مناطق في الهند لتنصير أهلها، فأرسل عدة حملات إلى المحيط الهندي لتأديب البرتغاليين:
1. حملة إلى “بمباي” عام 1655م عادت بغنائم كثيرة
2. حملة إلى جزيرة “قشم” التي كانت تابعة للبرتغاليين عام 1668م.
3. حملة إلى “ديو” في غرب الهند التي كانت تعتبر من اكبر مراكز الصليبيين البرتغاليين في الشرق وقد استولى في هذه الحملة على غنائم وثروات كبيرة، استطاع بها أن يبني قلعة “نزوى” وقد استغرق بناء هذه القلعة 12 عامًا، وهي قلعة غاية في التحصين يوجد بها سراديب كانت تستخدم مخازن للأسلحة وفوق سطحها مجموعة من المدافع الثقيلة.
ثم واصل القائد سلطان بن سيف مطاردته للصليبيين البرتغاليين، وهذه المرة كانت لحصونهم في شرق أفريقيا المسلمة، فأرسل القوات البحرية العمانية المجاهدة إلى سواحل أفريقيا الشرقية أعوام 1650، 1652، 1655م وذلك لمهاجمة الحصون الصليبية البرتغالية في “زنجبار” و “بمبا”، فدمرتها وقتلت وأسرت أعدادًا كبيرة من قوات الاحتلال الصليبية في تلك الموانئ الإسلامية، ثم توجه المجاهدون العمانيون إلى “ممباسا” وحاصروها لمدة خمس سنوات استطاعوا بعدها تحرير المدينة وتدمير قوات الغزاة البرتغاليين.
وهكذا استطاع العظيم الإسلامي العماني سلطان بن سيف اليعربي تأسيس إمبراطورية إسلامية يمتد نفوذها من الهند شرقًا وحتى سواحل أفريقيا غربًا، وأصبحت عمان سيدة المحيط الهندي بلا منازع و حامية الخليج العربي من الأطماع الفارسية والصليبية… ولك أن تعلم أن القوة البحرية العمانية وصلت إلى درجة من القوة تخشاها الأساطيل الصليبية التابعة للبحرية الإنجليزية والهولندية، لينشر العمانيون الإسلام في شرق أفريقيا من جديد، وما زالت المساجد التي شيدها العمانيون في مدن شرق أفريقيا شاهدة على عظمة هذا الشعب البطل الذي قدم الكثير للإسلام والمسلمين.
وهنا أحب أن أنوه على أمر مهم، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الأبواق التي تريد أن تصور تحرير العمانيين للسواحل الأفريقية على أنه احتلال عماني لتلك الأراضي الأفريقية، وفي واقع الأمر أنني لم أستغرب عند سماعي بمثل تلك الآراء، فهذا التزوير التاريخي شيء متوقع ومتكرر من غزاة التاريخ، فكما قلنا أن غزاة التاريخ يريدون تصوير أبطالنا كمجرمين، ومجرميهم كأبطال، فيصبح تحرير العمانيين لإخوتهم المسلمين الأفارقة احتلالًا يهدف إلى استعباد البشر، بينما يصبح احتلال البرتغاليين لتلك المناطق وحرق المساجد فيها وقتل الأبرياء مجرد كشف جغرافي ونشر الحضارة… ولمن أراد أن يعلم مظاهر تلك الحضارة الصليبية للبرتغاليين، فعليه أن يتابع معي هذا البرنامج حتى نصل إلى قصة بطل برازيلي مسلم … سنعلم من خلاله … كيف قام البرتغاليون بأبشع فصل من فصول الاستعباد البشري للأفارقة في التاريخ، أما المسلمون العمانيون فقد نشروا الحضارة الحقيقية في القارة الأفريقية… بعد أن حرروها من الاستعباد الصليبي البشع.
ولكن للأسف … عاد الصليبيون من جديد إلى أفريقيا… هذه المرة لم لينهوا الإسلام بالكلية من القارة الإفريقية… واستطاعوا فعلًا تحويل دين كثير من الأفارقة بقوة النار والتجويع، مستغلين الضعف الذي أصاب الأمة الإسلامية خلال القرن الماضي.
ولكن كما قلنا في الحلقة الماضية…. فإن شمس الإسلام لا تغيب أبدًا…
فقد خرج رجل عربي مسلم … من دولة صغيرة … اسمه دولة الكويت، ليتجه نحو القارة الإفريقية… فقام هذا الرجل بمفرده بإعادة نشر الإسلام من جديد في القارة الإفريقية
كونوا معنا في الحلقة القادمة… لنتابع معًا مغامرة شيقة … قام بها بطل إسلامي عظيم، خرج من صحراء الكويت… ليتجول في أدغال إفريقيا وقفارها، مواجهًا الحيوانات المفترسة والأمراض القاتلة، كل ذلك… من أجل هدف واحد…إعادة رفع راية التوحيد في القارة السمراء.
فمن يكون ذلك البطل الكويتي الذي أعاد فتح قارة بأكملها؟
كونوا في الموعد…. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتبع…
التدوينة “العظماء المائة 17″.. قاهر الصليبيين “سلطان بن سيف اليعربي” ظهرت أولاً على العظماء المائة.
جهاد الترباني's Blog
- جهاد الترباني's profile
- 1692 followers
