خاو كما دفتر أمنياتي
الانتصارات الكثيرة ننساها، والهزيمة الوحيدة نتذكرها، الابتسامات اللطيفة التي تمر مرور الكرام لا تلبث أن تطير مع الفراشات التي تحرقها نيران هزيمتنا، الانتصارات المتكررة تؤلم كما تؤلم الهزيمة الوحيدة المطلقة، الأحلام والدفاتر الخاوية من حضوركم، النهارات المائعة والليالي السمجة الثقيلة التي تمر مرور ضيف تقيل له طمع في أن تمنحه انتصارك الوحيد ويمنحك هزائمه فلا تستطيع أن ترده خائبًا.
ما الذي يجعلنا خاويين بهذا الشكل، بعد أن شعرنا أن الأمر أنتهى لما نذبل بعد حين، ولما علينا أن ندور في دائرة لا تنتهي من الذبول ثم تينع أرواحنا لتذبل من جديد، لما تشعر الأرواح بالفقد وهي خاوية، أليس أن تكن خاوية هو أمر بشع بمفرده كبشاعة أن تقرأ دفاتر أمنياتك فتجدها فارغة كصورك وكتاباتك التي لم ترغب في أن يقرأها أحدا غيركما، خاوية ذاكرتك لكنك تحمل ثقلًا غير عادياً بها كأنها تخبئ عنك حلماً مجسدا لما قد حدث ولا ترغب في أن تعرضه لك حفاظا على ما تبقي منك أو من دفاتر أمنياتك.
لا اتوقف عن محاولة اجترار الهزائم الواحدة تلو الأخرى وأعوض غيابكم في حضور أناس أخرين فأفشل في أن انجح في حضوري معهم وأغضبهم بغيابي عنهم كمثل غيابكم عني ولكن الهزيمة قدر وعلينا تقبلها، علينا أن نتداوى بخصوص ما يجرح ويؤلم ولكن كيف نرمم الأمنيات ونعالج الأرواح من خربشات لم نراها وندوب لم تسكن إلا القلب، كأن المواجع التي نراها أخف كثيرًا من المرور الصامت الذي لا يبدو منه أكثر مما يبدو من غيابكم، أتقبل في كل يوم أنني أصبحت وحيدًا دونكما، أحدكما غادر وغاب واحدكما غاب دون أن يغادر، وأنا بين النقطتين حائر لا أملك المضي قدمًا ولا أملك إلا التمني ولكن دفاتر أمنياتي خاوية كالطريق البعيد الذي مشيت فيه حتى الأن، دون أن أري شمس في الأفق ودون أن أجد غيمة ترشدني إلى لا طريق ولكن كل الإشارات صعبة الفهم والتعود يزهق الإشارات ويخيفها فتبدو في أشكال أخرى وتظهر غير ما تبطن فكأن فراقكما هو حضور وغيابكم هو غيابي أنا ولكن من يدري.. الهزيمة وحدها تفعل.
كان الباب خاويًا منكما كما دفتر الأمنيات، كانت الليالي طويلة كي تتقبل الهزيمة منفردًا، كانت الأسباب واهية والدواعي غير ملفتة للنظر، كان حضوركما يدمي حضوري وغيابكما يدمي غيابي، كانت كل الانتصارات في حضوركما هزائم وكل الطرق إليكم موحلة وكل الطرق بعيد عنكم خائفة، الأمنيات اختفت من الدفتر كما فعلتهم أنتما ومن يسأل الأمنيات لما لم تتحقق؟ وكيف لم تتحقق؟ ولماذا؟ لن تملك الإجابات إلا إذا امتلكت الرغبة في الأمنيات وأنا أمنياتي فارغة ودفاتري خاوية مثل طرقي بعيدًا عنكم إلا أنها هزيمتي الوحيدة التي اخترتها وجربتها وعلي أن أعيش معها كما ينبغي.
خاو كما دفاتر أمنياتي البيضاء أسير دون رشد ولكن أسير ولا أهتم أن كنت سأصل، على أن أتوقف ان أقتفي الأثر، علي أن أحرص أنني لن أصل إليكما من جديد، خطوات بعيدة عن الحزن والخوف وخطوات قريبة من الهزيمة التي لا تتوقف عن تذكيري بها، فهزيمتي ناصعة البياض وملفتة تغريني أن أزود عنها ولكن أنا أحببت هزيمتي تلك كي تظل تذكرني بحضوركما وألمه وغيابكم وفزعته، كل ما يمت لكما بصلة مؤذي وكل الأثار والصلات التي تربط طريقي بطريقكما أغرقتها فلا محل من عبوري لكما ولا محل من عبوركما لي، وكل ما حملته من طرفكما بعد عبوري تركته على جدران باب هزيمتي، لن أنتصر إلا أذا قدمت كل أوراقي لهزيمتي وترفضها لأعود لها من جديد أخف حملاً منكما وترفضني لأنها هزيمتي وعلي أن أتقبلها فعلاً لا قولاً.
أسير بدفتر أمنياتي الخاوي مني والمليء بكما، أسير دون هدى وفي طريق لم أمر به من قبل ولكنكما مررتما منه فأثاركما على حواف الطريق وأثاركما هي الطريق نفسه فأغير وجهتي وأقرر الرحيل لطريق أخر خاو من أي شيء يبدأ بالهزيمة وينتهي بها ولكن هزائمكما تسبقني كذلك فلا أدري ماذا أفعل ولا أدري كيف أذبل ولا كيف تزهران أنتما في عقلي لتنبتا بشكل شائخ يلتف حول أقدامي فأقع ولا أسير وأقتفي تلك الأثار المخبأة في التراب والغارقة في الهم لأجد أنني أبحث من جديد عنكما فتأتي الليلة تلو الليلة وأنا ألعن الهزيمة الوحيدة التي لا تتوقف عن أن ترن جرس ذكرياتي وتمزق أوراقي التي أكتب فيها كيف أبتعد عن حضوركما وكيف لا تصيبني شمس غيابكم فأتوه في الطريق ويضل مني الأثر وتصبحا أنتما الأثر، ولكن كل هذا لا يدوم لأن لا شيء يدوم ولا شيء يبقى والدليل غيابكما وحضوري ودفاتر أمنياتي الخاوية مني والمليئة بخيباتكم فلنسعد معًا لنهاية اقتفاء الأثر ولنفترق عند هذا الحد فالقادم لو كنا معًا كنا سنذبل وأنا لا أود أن نذبل معاً ولا نزهر معًا كل ما أود أن أحتفظ بأمنية وحيدة في دفتري، أن تتبخرا.
باب ما جاء في الهزيمة
--------------------------
فبراير 2020
ما الذي يجعلنا خاويين بهذا الشكل، بعد أن شعرنا أن الأمر أنتهى لما نذبل بعد حين، ولما علينا أن ندور في دائرة لا تنتهي من الذبول ثم تينع أرواحنا لتذبل من جديد، لما تشعر الأرواح بالفقد وهي خاوية، أليس أن تكن خاوية هو أمر بشع بمفرده كبشاعة أن تقرأ دفاتر أمنياتك فتجدها فارغة كصورك وكتاباتك التي لم ترغب في أن يقرأها أحدا غيركما، خاوية ذاكرتك لكنك تحمل ثقلًا غير عادياً بها كأنها تخبئ عنك حلماً مجسدا لما قد حدث ولا ترغب في أن تعرضه لك حفاظا على ما تبقي منك أو من دفاتر أمنياتك.
لا اتوقف عن محاولة اجترار الهزائم الواحدة تلو الأخرى وأعوض غيابكم في حضور أناس أخرين فأفشل في أن انجح في حضوري معهم وأغضبهم بغيابي عنهم كمثل غيابكم عني ولكن الهزيمة قدر وعلينا تقبلها، علينا أن نتداوى بخصوص ما يجرح ويؤلم ولكن كيف نرمم الأمنيات ونعالج الأرواح من خربشات لم نراها وندوب لم تسكن إلا القلب، كأن المواجع التي نراها أخف كثيرًا من المرور الصامت الذي لا يبدو منه أكثر مما يبدو من غيابكم، أتقبل في كل يوم أنني أصبحت وحيدًا دونكما، أحدكما غادر وغاب واحدكما غاب دون أن يغادر، وأنا بين النقطتين حائر لا أملك المضي قدمًا ولا أملك إلا التمني ولكن دفاتر أمنياتي خاوية كالطريق البعيد الذي مشيت فيه حتى الأن، دون أن أري شمس في الأفق ودون أن أجد غيمة ترشدني إلى لا طريق ولكن كل الإشارات صعبة الفهم والتعود يزهق الإشارات ويخيفها فتبدو في أشكال أخرى وتظهر غير ما تبطن فكأن فراقكما هو حضور وغيابكم هو غيابي أنا ولكن من يدري.. الهزيمة وحدها تفعل.
كان الباب خاويًا منكما كما دفتر الأمنيات، كانت الليالي طويلة كي تتقبل الهزيمة منفردًا، كانت الأسباب واهية والدواعي غير ملفتة للنظر، كان حضوركما يدمي حضوري وغيابكما يدمي غيابي، كانت كل الانتصارات في حضوركما هزائم وكل الطرق إليكم موحلة وكل الطرق بعيد عنكم خائفة، الأمنيات اختفت من الدفتر كما فعلتهم أنتما ومن يسأل الأمنيات لما لم تتحقق؟ وكيف لم تتحقق؟ ولماذا؟ لن تملك الإجابات إلا إذا امتلكت الرغبة في الأمنيات وأنا أمنياتي فارغة ودفاتري خاوية مثل طرقي بعيدًا عنكم إلا أنها هزيمتي الوحيدة التي اخترتها وجربتها وعلي أن أعيش معها كما ينبغي.
خاو كما دفاتر أمنياتي البيضاء أسير دون رشد ولكن أسير ولا أهتم أن كنت سأصل، على أن أتوقف ان أقتفي الأثر، علي أن أحرص أنني لن أصل إليكما من جديد، خطوات بعيدة عن الحزن والخوف وخطوات قريبة من الهزيمة التي لا تتوقف عن تذكيري بها، فهزيمتي ناصعة البياض وملفتة تغريني أن أزود عنها ولكن أنا أحببت هزيمتي تلك كي تظل تذكرني بحضوركما وألمه وغيابكم وفزعته، كل ما يمت لكما بصلة مؤذي وكل الأثار والصلات التي تربط طريقي بطريقكما أغرقتها فلا محل من عبوري لكما ولا محل من عبوركما لي، وكل ما حملته من طرفكما بعد عبوري تركته على جدران باب هزيمتي، لن أنتصر إلا أذا قدمت كل أوراقي لهزيمتي وترفضها لأعود لها من جديد أخف حملاً منكما وترفضني لأنها هزيمتي وعلي أن أتقبلها فعلاً لا قولاً.
أسير بدفتر أمنياتي الخاوي مني والمليء بكما، أسير دون هدى وفي طريق لم أمر به من قبل ولكنكما مررتما منه فأثاركما على حواف الطريق وأثاركما هي الطريق نفسه فأغير وجهتي وأقرر الرحيل لطريق أخر خاو من أي شيء يبدأ بالهزيمة وينتهي بها ولكن هزائمكما تسبقني كذلك فلا أدري ماذا أفعل ولا أدري كيف أذبل ولا كيف تزهران أنتما في عقلي لتنبتا بشكل شائخ يلتف حول أقدامي فأقع ولا أسير وأقتفي تلك الأثار المخبأة في التراب والغارقة في الهم لأجد أنني أبحث من جديد عنكما فتأتي الليلة تلو الليلة وأنا ألعن الهزيمة الوحيدة التي لا تتوقف عن أن ترن جرس ذكرياتي وتمزق أوراقي التي أكتب فيها كيف أبتعد عن حضوركما وكيف لا تصيبني شمس غيابكم فأتوه في الطريق ويضل مني الأثر وتصبحا أنتما الأثر، ولكن كل هذا لا يدوم لأن لا شيء يدوم ولا شيء يبقى والدليل غيابكما وحضوري ودفاتر أمنياتي الخاوية مني والمليئة بخيباتكم فلنسعد معًا لنهاية اقتفاء الأثر ولنفترق عند هذا الحد فالقادم لو كنا معًا كنا سنذبل وأنا لا أود أن نذبل معاً ولا نزهر معًا كل ما أود أن أحتفظ بأمنية وحيدة في دفتري، أن تتبخرا.
باب ما جاء في الهزيمة
--------------------------
فبراير 2020
Published on March 03, 2020 00:49
•
Tags:
و_سأظل_أقتفي_أثرك_و_لا_أصل
No comments have been added yet.