Mohamed Ateaa's Blog
July 15, 2021
الموسيقي الساحرة التي في القبعة
تنساب الموسيقى ثم تحضر أنت!
أنت إذا شئت جئت وإذا لم تشأ لم يحدث شيء، تدور اللعنات حول رأسي من الصباح للمساء، أتفقد لمساتك وأتفقد لعناتك كذلك، كل السحر المروي عنك لا يصور ولو حرفًا في أبجديتك التي لا يجيدها غيرك، ولا غيري صراحة، أتفقد لعناتك التي كانت ترسم لي الخيوط البيضاء فوق قبعتي التي أهدتني إياها وأخبرتني أنها كانت لساحرة بل لساحر من قبل، وسموه بصليب معقوف في قلبه ولكن ظلت روحه حر تهفهف في ثنايا القبعة التي أقنعتني أن أرتديها وفعلت.
تنساب الموسيقى إذا حضرت وأذا لم تحضر، تحتضر خيوط اللحن مشرفة على الهلاك وتخبرني أنك قادم، لن يمر هذا اللحن دون لعنتك ورؤيتك وابتسامتك، كيف تراك الموسيقي فتعرفك ومن ثم تصبح أجمل، كيف يبدو الهم بجانبك خفيفًا ذو ملاحة ويطاق، كيف تصبح الصحراء بلسمًا بل ومكانًا تغرد فيه الغربان؟
أنسيت أنك من جعلت الغربان تغرد، تنشد لحنًا غاية في البشاعة ولكنه مستساغ ولطيف وطيب كلعناتك التي تلعن بها العالم ومن ثم من فرط طيبتك تتوقف عن أن تجعل تعاويذك فاعلة، أي ساحرة أنتِ؟ كيف يمتزج هذا الشر مع تلك الوداعة؟ وكيف تحوي كل لعنة كل هذا اللطف والسحر والجمال الخفي؟
تنساب أنت ثم تخفت الموسيقي!
تدور حول مني وداعتك ومن ثم تخفت الموسيقي شيء فشيء، تتحضر الألحان لحضورك، تخفت حتى لدرجة أنني لا أسمعها، أسمع حفيف قدمك، ووشيش لعناتك الممتعة، أتدري أنني أحب لعناتك؟ سبحان من خلق لسان ينطق بجمال لعنات كتلك، وجسد يحوي كل هذا الشر مكمورًا في داخله، خلف تلك الابتسامة، كم من مرة سألتك أتلك ابتسامتك أم أنك صنعتها، فتخبرني أن الساحر ذا القبعة من منحها لك، وهي تحافظ على جمالك وحياتك ودماثتكّ! سبحان الله ألم يكن قادرًا على أن يصنع كل ذلك لنفسه؟ صحيح لا تصدق ساحرًا ولا ساحرة ولا شاعر ولا شاعرة.
تخافك الموسيقي فحين لا أفعل أنا، لا أتوقف عن الركض حول دوائرك، لا أتعب، صراحة ذلك مريح لي ولقبعتي التي تخفيني عنك، و تخفيك عني، لكن ليس مهمًا، المهم أنك قابع كالأرنب الأبيض الصغير في داخل تلك القبعة، أأخبرك؟ أنت قابع أصلا داخل تلك الرأس الصغيرة وذلك العقل الأصغر تحت تلك القبعة السوداء، الزرقاء أو الرمادية، كل الألوان في النهاية أن لم تشير إليك فلا جدوى منها ولا منك.
فكرتي عن السحر أن السحرة طيبون، لا عائد من ورائهم ولا هم يأتي لهم إلا أن قرروا أن يغتموا، فيظلم الكوكب، و تخفت حدة الشمس وتتطاير اللعنات، تطير الرياح قبعتي فأتمسك بها، فتضحك أنت فتسعد الغربان، ما الذي أتي بكل هذا الغربان معك؟ أتلك حقيقة أنك ساحرة؟ أم أن الغربان تبحث عن القبعة؟ أم ما تحت القبعة؟
لم أرى من يشعل في الموسيقي النار كي يتدفأ سواك، ولم أرى من يقضم قطعة من القمر عندما يجوع فيأكل منه، ومن ثم في كل مرة تمسح يديك وفمك في قبعتي، نعم هي هديتك وهي لعنتك لكن في كل مرة سأخبرك لا يحق لك أن تخفي الموسيقى التي أسمعها كي نستمع لنعيق غربانك وفحيح لعناتك التي لا تنتهي، وياليتها تجدي عليك.
الموسيقى التي أخفت القبعة!
أنتهى الطريق فجأة، لا أعرف لما توقفت الموسيقى، أختفت الغربان كذلك، طيرت الريح قبعتي، حل الفراغ وجلب معه كل شيء، أنكِ لست هنا فعلاً، حتى لو كانت قبعتك هنا، أن لعناتك لا تعمل وان سحرك لا فائدة منه ولا تمتماتك التي كنت ترددين في حضور الغربان، أنتهى كل شيء كأنه لم يكن يومًا موجودًا، لكن من وقت لأخر لازالت تنساب نفس الموسيقى من رأسي، وأجد بعض الغربان تدور حول قبعة ما أتذكر يومًا أنها كانت معي أو كنت معها، لا أدري أيهما أدق.
الموسيقى التي أخفت القبعة كانت من سحرك وسحرك كما أخبرتني أنه من صنع الساحر، صدقيني حزنت عندما طيرت الريح قلبي مع القبعة، وطيرت اللحن الشجي الذي كنت أغرق فيه، علي الآن أن أصحو وأزحف نحو ذلك العالم الذي لست أنت فيه، ما فائدة العالم دون موسيقاك؟ ما فائدة العالم دون سحرك؟ ما فائدة العالم دون قبعتك\قبعتي ما فائدة العالم إن لم تكوني فيه؟
الآن أغادر سحرك وأصحو من نومي، تمزقين أحلامي لأنني سأغادر، تمزقين وتر الموسيقى الذي يبدو سعيدًا ليئن، تمزقين قبعتي، لم تكن الريح يومًا ما كانت تلوكها في صبيحة كل يوم، بل كان أنتِ، ليس مهمًا، سأعود غدًا، مع موسيقى جديدة، وروح جديدة، وقبعة مميزة، ولعنات طازجة لم تفسدها براءتك ولا طيبتك المصطنعة التي تطهينها في خبث، ومع ابتسامة فريدة من نوعها مصدرها رأسي الصغير الذي يقبع تحت قبعتك الساحرة.
عطية
14 يوليو 2021
أنت إذا شئت جئت وإذا لم تشأ لم يحدث شيء، تدور اللعنات حول رأسي من الصباح للمساء، أتفقد لمساتك وأتفقد لعناتك كذلك، كل السحر المروي عنك لا يصور ولو حرفًا في أبجديتك التي لا يجيدها غيرك، ولا غيري صراحة، أتفقد لعناتك التي كانت ترسم لي الخيوط البيضاء فوق قبعتي التي أهدتني إياها وأخبرتني أنها كانت لساحرة بل لساحر من قبل، وسموه بصليب معقوف في قلبه ولكن ظلت روحه حر تهفهف في ثنايا القبعة التي أقنعتني أن أرتديها وفعلت.
تنساب الموسيقى إذا حضرت وأذا لم تحضر، تحتضر خيوط اللحن مشرفة على الهلاك وتخبرني أنك قادم، لن يمر هذا اللحن دون لعنتك ورؤيتك وابتسامتك، كيف تراك الموسيقي فتعرفك ومن ثم تصبح أجمل، كيف يبدو الهم بجانبك خفيفًا ذو ملاحة ويطاق، كيف تصبح الصحراء بلسمًا بل ومكانًا تغرد فيه الغربان؟
أنسيت أنك من جعلت الغربان تغرد، تنشد لحنًا غاية في البشاعة ولكنه مستساغ ولطيف وطيب كلعناتك التي تلعن بها العالم ومن ثم من فرط طيبتك تتوقف عن أن تجعل تعاويذك فاعلة، أي ساحرة أنتِ؟ كيف يمتزج هذا الشر مع تلك الوداعة؟ وكيف تحوي كل لعنة كل هذا اللطف والسحر والجمال الخفي؟
تنساب أنت ثم تخفت الموسيقي!
تدور حول مني وداعتك ومن ثم تخفت الموسيقي شيء فشيء، تتحضر الألحان لحضورك، تخفت حتى لدرجة أنني لا أسمعها، أسمع حفيف قدمك، ووشيش لعناتك الممتعة، أتدري أنني أحب لعناتك؟ سبحان من خلق لسان ينطق بجمال لعنات كتلك، وجسد يحوي كل هذا الشر مكمورًا في داخله، خلف تلك الابتسامة، كم من مرة سألتك أتلك ابتسامتك أم أنك صنعتها، فتخبرني أن الساحر ذا القبعة من منحها لك، وهي تحافظ على جمالك وحياتك ودماثتكّ! سبحان الله ألم يكن قادرًا على أن يصنع كل ذلك لنفسه؟ صحيح لا تصدق ساحرًا ولا ساحرة ولا شاعر ولا شاعرة.
تخافك الموسيقي فحين لا أفعل أنا، لا أتوقف عن الركض حول دوائرك، لا أتعب، صراحة ذلك مريح لي ولقبعتي التي تخفيني عنك، و تخفيك عني، لكن ليس مهمًا، المهم أنك قابع كالأرنب الأبيض الصغير في داخل تلك القبعة، أأخبرك؟ أنت قابع أصلا داخل تلك الرأس الصغيرة وذلك العقل الأصغر تحت تلك القبعة السوداء، الزرقاء أو الرمادية، كل الألوان في النهاية أن لم تشير إليك فلا جدوى منها ولا منك.
فكرتي عن السحر أن السحرة طيبون، لا عائد من ورائهم ولا هم يأتي لهم إلا أن قرروا أن يغتموا، فيظلم الكوكب، و تخفت حدة الشمس وتتطاير اللعنات، تطير الرياح قبعتي فأتمسك بها، فتضحك أنت فتسعد الغربان، ما الذي أتي بكل هذا الغربان معك؟ أتلك حقيقة أنك ساحرة؟ أم أن الغربان تبحث عن القبعة؟ أم ما تحت القبعة؟
لم أرى من يشعل في الموسيقي النار كي يتدفأ سواك، ولم أرى من يقضم قطعة من القمر عندما يجوع فيأكل منه، ومن ثم في كل مرة تمسح يديك وفمك في قبعتي، نعم هي هديتك وهي لعنتك لكن في كل مرة سأخبرك لا يحق لك أن تخفي الموسيقى التي أسمعها كي نستمع لنعيق غربانك وفحيح لعناتك التي لا تنتهي، وياليتها تجدي عليك.
الموسيقى التي أخفت القبعة!
أنتهى الطريق فجأة، لا أعرف لما توقفت الموسيقى، أختفت الغربان كذلك، طيرت الريح قبعتي، حل الفراغ وجلب معه كل شيء، أنكِ لست هنا فعلاً، حتى لو كانت قبعتك هنا، أن لعناتك لا تعمل وان سحرك لا فائدة منه ولا تمتماتك التي كنت ترددين في حضور الغربان، أنتهى كل شيء كأنه لم يكن يومًا موجودًا، لكن من وقت لأخر لازالت تنساب نفس الموسيقى من رأسي، وأجد بعض الغربان تدور حول قبعة ما أتذكر يومًا أنها كانت معي أو كنت معها، لا أدري أيهما أدق.
الموسيقى التي أخفت القبعة كانت من سحرك وسحرك كما أخبرتني أنه من صنع الساحر، صدقيني حزنت عندما طيرت الريح قلبي مع القبعة، وطيرت اللحن الشجي الذي كنت أغرق فيه، علي الآن أن أصحو وأزحف نحو ذلك العالم الذي لست أنت فيه، ما فائدة العالم دون موسيقاك؟ ما فائدة العالم دون سحرك؟ ما فائدة العالم دون قبعتك\قبعتي ما فائدة العالم إن لم تكوني فيه؟
الآن أغادر سحرك وأصحو من نومي، تمزقين أحلامي لأنني سأغادر، تمزقين وتر الموسيقى الذي يبدو سعيدًا ليئن، تمزقين قبعتي، لم تكن الريح يومًا ما كانت تلوكها في صبيحة كل يوم، بل كان أنتِ، ليس مهمًا، سأعود غدًا، مع موسيقى جديدة، وروح جديدة، وقبعة مميزة، ولعنات طازجة لم تفسدها براءتك ولا طيبتك المصطنعة التي تطهينها في خبث، ومع ابتسامة فريدة من نوعها مصدرها رأسي الصغير الذي يقبع تحت قبعتك الساحرة.
عطية
14 يوليو 2021
Published on July 15, 2021 07:02
•
Tags:
صندوق-البريد
June 24, 2021
لا أحب أن أكون مشهورًا
لا أحب أن أكون مشهورًا أو يعرف أحدهم أسمي، لا أحب أن يبادلني شخص ما غريب عني بالابتسام، ولا بمد اليدين للسلام ولا لكلمات الترحيب والشطارة، لا أود أن يمتدحني في عمل ما قمت به، ولا أن يسبغ علي مهارة قد لا أعرف أنني امتلكها، لا أحب ذلك كله، ولا أحب أن يصير أسمي مقرونًا بعمل ما بديع أو تهافت الناس على ذكره فلم يملوه بعد، ولا أن يتذكروا عني أنني صاحب كذا وكذا وأنني فلان الذي فعلت ذلك وذاك.
لا أحب أن استمع لكلمات المديح تلك، ما أعرفه أنني لا استحق ذلك، لا استحقه أو لنقل أنه المعتاد أن نفعل الأشياء بكل إتقان أو ليس كذلك؟ أحب الانتصارات في المعارك الممتعة المملؤة بألسنة معوجة وأفكار تطق شررًا وشياطين مقيدة في داخل أصابع من لا يتحدث وعقول كل من يتحدث، لا أحب أن أبدو كما نزلت عليه الحكمة، وغرف منها حتى أرتوى، حتى لو أشارت شياطين أدمغتهم لذلك، لا أحب أن تحبني في وجهي ويلعنني شيطانك بعد موردي.
لا أحب الكثير من الاشياء، أن يستخدم أحدهم قلمي، أو أن يقطع ورقة من دفتري، يمكنني أن أهديك مئة دفتر من الحجم الكبير ولكن أيرضيك أن اقتطع جزء من جلدك كي أدون عليه بخطي القميء رقم هاتف لن أحدثه أو أن أكتب كلمة بشكل لن أفهمه حتى أنا بعد ذلك، يمكنني أن أهديك قلم باركر ذهب عيار 21 ولكن أترك لي قلمي الأستدلر الذي يرافقني منذ أن كان عمري 13 سنة.
أتعرف أنني أحكي لقلمي عنكِ، أخبره بأنني كتبت به لك مرارًا الكثير من الكلمات الحلوة التي باتت في ذاكرتي مرة فيما بعد، ولكن مع مرارتها تلك أنا أحبها، أحب تلك الكلمات التي قلتها لك، وأحب كلمات المديح منك، رغم أنني لا أحب ذلك من أخرين، كم مرة قطعت فيها ورقة من دفتري لأجلك كي تكتب كلمة لن تقرأها ورقم هاتف لن تتصل به أبدًا ولكنني فعلت ذلك بكل مودة ولطف.
لا أحب أن أكون مشهورًا ولكن أحب أن أكون جمهورك الوحيد، وأحب أن أسمع دومًا كلمات المديح منك، أترى بعض الأشياء لا استسحسنها قبل أن تقول عليها أنت أنها لطيفة وجميلة وطيبة، فتكتسب الأشياء الجمال من وصفك لها لا من كينونتها الأصلية، ذلك شيء في منتهى الغرابة بالنسبة لي، فكم من نصوص أزهقت وكم من كلمات محيتها حتى من الوجود ومن ذاكرتي لأنني لم أعرضها عليك فتنتشل فرصة في الحياة من بين رموش عينيك، يا لحظها السيء.
لا أود أن أكون مشهورًا ولكن أود أن تعرفني أنتِ، لا أود أن أكون معروفًا ولكن أود أن يعرفني أنتِ، لا أود أي شيء حقيقة، سوى ابتسامة وكتاب وهدية كلطف هداياك التي تحضرها ولا أعرف ما السبب، يكفي حضورك فذاك هدية لا استطيع حتى التفكير في ردها، كم المرات التي رغبت أن تعرف أنني من وراء ذلك العمل أو خلفه؟ كم مرة وددت أن أخبرك أنني فعلت كذا وكذا كي تستحسنه فأحبه أنا واتلمظه، كل الأمور تبدو فارغة حتى تمتليء بشمس عينيك، كم شهرتي عمياء دون أن تقودها كلماتك إلي.
هل حدثتك عن الفراغ الذي تتركه كلمات الآخرين في داخلي؟ هل حدثتك عن الابتسامات المشوهة التي يتركونها على عتبة عيني وبصمات الأيادي التي تضل في داخلي فلا أعرف أصحابها، هل حدثتك عن كم الأوراق التي مزقوها من دفتري والحبر الأزرق الذي سال من قلمي الأستدلر وهو يرنو إليك لتعطف عليه قبل أن تتبخر حياته ويتحول أزرقه إلى كلمات عابرة أو رقم هاتف لا يعرف أحد صاحبه.
لا أحب أن أكون مشهورًا على الإطلاق، رغم أنك أشهر مني، ورغم أنك أجمل مني، ورغم أنك حقيقة ألطف وأنبل مني في مجمل الحياة، لدي أمور طبعا أخجل منها ولدي أمور لم استطع تحقيقها ولدي أمور حققتها، كل ذلك هباء في نظري، لو لم تعرفه، ما احتفظ به في داخلي هو ما مسسته أنتِ، ما وصفته بالجمال واللطف والوداعة، ما أودعك أنت والله وبعد ذلك تأتي مراتب الأشياء.
أنا أحب أن لا يعرفني أحد سواك، ولو أنني أعرف أن ما أخطه هنا سيصلك في النهاية لما كتبت ولا شاركت حرف واحد مما أكتبه، سيكون أمرًا رائعًا أن تعرف أنني أكتب لك وحدك أليس كذلك؟ سيكون أمرًا لطيفًا مني أن قلت لك ذلك، ولكن أنا أفعل ذلك فعلاً، تمر مني الكلمات كي تصل إليك فمن يحنو عليها ويصبغ عليها الجمال ذاته غيرك؟
-----------------
رسائل صندوق البريد
عطية
24 يونيو 2021
لا أحب أن استمع لكلمات المديح تلك، ما أعرفه أنني لا استحق ذلك، لا استحقه أو لنقل أنه المعتاد أن نفعل الأشياء بكل إتقان أو ليس كذلك؟ أحب الانتصارات في المعارك الممتعة المملؤة بألسنة معوجة وأفكار تطق شررًا وشياطين مقيدة في داخل أصابع من لا يتحدث وعقول كل من يتحدث، لا أحب أن أبدو كما نزلت عليه الحكمة، وغرف منها حتى أرتوى، حتى لو أشارت شياطين أدمغتهم لذلك، لا أحب أن تحبني في وجهي ويلعنني شيطانك بعد موردي.
لا أحب الكثير من الاشياء، أن يستخدم أحدهم قلمي، أو أن يقطع ورقة من دفتري، يمكنني أن أهديك مئة دفتر من الحجم الكبير ولكن أيرضيك أن اقتطع جزء من جلدك كي أدون عليه بخطي القميء رقم هاتف لن أحدثه أو أن أكتب كلمة بشكل لن أفهمه حتى أنا بعد ذلك، يمكنني أن أهديك قلم باركر ذهب عيار 21 ولكن أترك لي قلمي الأستدلر الذي يرافقني منذ أن كان عمري 13 سنة.
أتعرف أنني أحكي لقلمي عنكِ، أخبره بأنني كتبت به لك مرارًا الكثير من الكلمات الحلوة التي باتت في ذاكرتي مرة فيما بعد، ولكن مع مرارتها تلك أنا أحبها، أحب تلك الكلمات التي قلتها لك، وأحب كلمات المديح منك، رغم أنني لا أحب ذلك من أخرين، كم مرة قطعت فيها ورقة من دفتري لأجلك كي تكتب كلمة لن تقرأها ورقم هاتف لن تتصل به أبدًا ولكنني فعلت ذلك بكل مودة ولطف.
لا أحب أن أكون مشهورًا ولكن أحب أن أكون جمهورك الوحيد، وأحب أن أسمع دومًا كلمات المديح منك، أترى بعض الأشياء لا استسحسنها قبل أن تقول عليها أنت أنها لطيفة وجميلة وطيبة، فتكتسب الأشياء الجمال من وصفك لها لا من كينونتها الأصلية، ذلك شيء في منتهى الغرابة بالنسبة لي، فكم من نصوص أزهقت وكم من كلمات محيتها حتى من الوجود ومن ذاكرتي لأنني لم أعرضها عليك فتنتشل فرصة في الحياة من بين رموش عينيك، يا لحظها السيء.
لا أود أن أكون مشهورًا ولكن أود أن تعرفني أنتِ، لا أود أن أكون معروفًا ولكن أود أن يعرفني أنتِ، لا أود أي شيء حقيقة، سوى ابتسامة وكتاب وهدية كلطف هداياك التي تحضرها ولا أعرف ما السبب، يكفي حضورك فذاك هدية لا استطيع حتى التفكير في ردها، كم المرات التي رغبت أن تعرف أنني من وراء ذلك العمل أو خلفه؟ كم مرة وددت أن أخبرك أنني فعلت كذا وكذا كي تستحسنه فأحبه أنا واتلمظه، كل الأمور تبدو فارغة حتى تمتليء بشمس عينيك، كم شهرتي عمياء دون أن تقودها كلماتك إلي.
هل حدثتك عن الفراغ الذي تتركه كلمات الآخرين في داخلي؟ هل حدثتك عن الابتسامات المشوهة التي يتركونها على عتبة عيني وبصمات الأيادي التي تضل في داخلي فلا أعرف أصحابها، هل حدثتك عن كم الأوراق التي مزقوها من دفتري والحبر الأزرق الذي سال من قلمي الأستدلر وهو يرنو إليك لتعطف عليه قبل أن تتبخر حياته ويتحول أزرقه إلى كلمات عابرة أو رقم هاتف لا يعرف أحد صاحبه.
لا أحب أن أكون مشهورًا على الإطلاق، رغم أنك أشهر مني، ورغم أنك أجمل مني، ورغم أنك حقيقة ألطف وأنبل مني في مجمل الحياة، لدي أمور طبعا أخجل منها ولدي أمور لم استطع تحقيقها ولدي أمور حققتها، كل ذلك هباء في نظري، لو لم تعرفه، ما احتفظ به في داخلي هو ما مسسته أنتِ، ما وصفته بالجمال واللطف والوداعة، ما أودعك أنت والله وبعد ذلك تأتي مراتب الأشياء.
أنا أحب أن لا يعرفني أحد سواك، ولو أنني أعرف أن ما أخطه هنا سيصلك في النهاية لما كتبت ولا شاركت حرف واحد مما أكتبه، سيكون أمرًا رائعًا أن تعرف أنني أكتب لك وحدك أليس كذلك؟ سيكون أمرًا لطيفًا مني أن قلت لك ذلك، ولكن أنا أفعل ذلك فعلاً، تمر مني الكلمات كي تصل إليك فمن يحنو عليها ويصبغ عليها الجمال ذاته غيرك؟
-----------------
رسائل صندوق البريد
عطية
24 يونيو 2021
Published on June 24, 2021 07:54
•
Tags:
صندوق-البريد
June 16, 2021
هل من ترياق لك؟
لا يوجد ترياق للحزن وهذا محزن!
لا يوجد ترياق للشعور بالألم، سنستغرق بعض الوقت في محاولات التخلص منه، كما أفعل معك، ومن ثم نستسلم له، كما أفعل معك، من المحزن أنه لا ترياق للحزن، ولا دواء للوحدة، لا ترياق يمكن أن يوقف الأصوات التي أسمعها في كل حين، لا يوجد ترياق لفوات الأوان، لا يوجد دواء لكي أتمكن من الجلوس في الظلام دون أن أراك.
لا يوجد دواء للشفاء من سماع صوتك مع كل قطعة موسيقى تدور رحاها في قلبي، أنين الناي الذي يجعلني حزينًا، الكلمات التي تبدو رشيقة تموت عند عتبة عيني، الحزن لا دواء له، كأس علي أن أتجرعه، وأراك في انعكاسة وجهي عليه، تمتمات مملة باهتة تدور حولي وأنا أبحث عن مكان لا توجد فيه، مكان لا أصحبك فيه وأصحب حزني وحده.
---------------------------------------------
لا يوجد ترياق للخيبة ولا لفوات الأوان!
الألم ليس قاسيًا، ولا الشعور به قاس، دوامات الزمن تصنع بيننا خيوط واهية، تشرنق المشاعر وتحفظها، لا تبددها جزافًا، تحتويها، تثمنها، هل يوجد ترياق للخيبة؟ يجعلها لا تنساب من بين أصابع يدك؟ هل يوجد ترياق لفوات الأوان؟ الألم محتمل، لكن الخيوط الواهية التي يتركها تزداد قوة في كل يوم، تأكل من يدك، وتأكل من يدي.
لا يوجد أثمن من الفراغ، الوحدة، الضعف والنزغ الممض الذي يمص الرحيق من أرواحنا، لما كل هذا الألم، أن كان الأوان قد فات، والخيبة تسربت، ولم أجد دواء للوحدة، ولا ترياق للهدد، هل أن سألتك أن تمد لي يدك سيصبح كافيًا أم سيزيد الألم؟
-------------------------------------
لماذا حين أجدك يضيع الترياق؟
لما تفنى مشاعري حين أراك، وكيف تجدني دومًا في كل هذا الزحام، كل هذا الفراغ الذي لا يحوطني لا يمكن أن تجدني فيه، ما أتممت هو ستة وستون عامًا تائه ولا أصل، أحيط كياني بفراغات من يدك، في المسافات بين الألم والترياق الذي في يدك، أهجره وأزيد من الفراغ بيتًا فتصبح مدينتي من بعيد مليئة بلا شيء، وفارغة منك.
لا يوجد ترياق للحزن، وقد يحققه أحد الأتقياء، قد لا يوجد دواء للوحدة وقد يصنع تركبية مدهشة من آثار قدميك في فراغ مدينتي، قد ينادي أحدهم بدواء لكل داء، للخيبة ولفقدان الأمل والانكسارات التي لا ترى بالعين المجردة، قد يخترع أحدهم دواء للروح المهزومة، ولكن ماذا أفعل عندما أصاب بك؟ فهل أتيت عندما نادوا على أنه هناك ثمة ترياق لك؟
العلم عند الله
عطية
أبريل - يونيو 2021
لا يوجد ترياق للشعور بالألم، سنستغرق بعض الوقت في محاولات التخلص منه، كما أفعل معك، ومن ثم نستسلم له، كما أفعل معك، من المحزن أنه لا ترياق للحزن، ولا دواء للوحدة، لا ترياق يمكن أن يوقف الأصوات التي أسمعها في كل حين، لا يوجد ترياق لفوات الأوان، لا يوجد دواء لكي أتمكن من الجلوس في الظلام دون أن أراك.
لا يوجد دواء للشفاء من سماع صوتك مع كل قطعة موسيقى تدور رحاها في قلبي، أنين الناي الذي يجعلني حزينًا، الكلمات التي تبدو رشيقة تموت عند عتبة عيني، الحزن لا دواء له، كأس علي أن أتجرعه، وأراك في انعكاسة وجهي عليه، تمتمات مملة باهتة تدور حولي وأنا أبحث عن مكان لا توجد فيه، مكان لا أصحبك فيه وأصحب حزني وحده.
---------------------------------------------
لا يوجد ترياق للخيبة ولا لفوات الأوان!
الألم ليس قاسيًا، ولا الشعور به قاس، دوامات الزمن تصنع بيننا خيوط واهية، تشرنق المشاعر وتحفظها، لا تبددها جزافًا، تحتويها، تثمنها، هل يوجد ترياق للخيبة؟ يجعلها لا تنساب من بين أصابع يدك؟ هل يوجد ترياق لفوات الأوان؟ الألم محتمل، لكن الخيوط الواهية التي يتركها تزداد قوة في كل يوم، تأكل من يدك، وتأكل من يدي.
لا يوجد أثمن من الفراغ، الوحدة، الضعف والنزغ الممض الذي يمص الرحيق من أرواحنا، لما كل هذا الألم، أن كان الأوان قد فات، والخيبة تسربت، ولم أجد دواء للوحدة، ولا ترياق للهدد، هل أن سألتك أن تمد لي يدك سيصبح كافيًا أم سيزيد الألم؟
-------------------------------------
لماذا حين أجدك يضيع الترياق؟
لما تفنى مشاعري حين أراك، وكيف تجدني دومًا في كل هذا الزحام، كل هذا الفراغ الذي لا يحوطني لا يمكن أن تجدني فيه، ما أتممت هو ستة وستون عامًا تائه ولا أصل، أحيط كياني بفراغات من يدك، في المسافات بين الألم والترياق الذي في يدك، أهجره وأزيد من الفراغ بيتًا فتصبح مدينتي من بعيد مليئة بلا شيء، وفارغة منك.
لا يوجد ترياق للحزن، وقد يحققه أحد الأتقياء، قد لا يوجد دواء للوحدة وقد يصنع تركبية مدهشة من آثار قدميك في فراغ مدينتي، قد ينادي أحدهم بدواء لكل داء، للخيبة ولفقدان الأمل والانكسارات التي لا ترى بالعين المجردة، قد يخترع أحدهم دواء للروح المهزومة، ولكن ماذا أفعل عندما أصاب بك؟ فهل أتيت عندما نادوا على أنه هناك ثمة ترياق لك؟
العلم عند الله
عطية
أبريل - يونيو 2021
Published on June 16, 2021 22:22
•
Tags:
في-فوات-الأوان
April 4, 2021
أثقل مما أحتمل، أخف مما تحتمل
أثقل مما أحتمل، أخف مما تحتمل
بيننا شيء يذوب كلما طالت المسافات بيننا، طالت الأحلام بيننا، يذوب كلما قلت الكلمات وخفت الطرق، وضاعت بيننا الكثير من المودة واللطف، يذوب كل شيء ويتبق الرقة، الرقة الخالصة التي لا تنحمي، لأنها لم تكن مسببة، كانت واردة في الوجوه وأخف من ريشة وأثقل من علاقات بين بشر واهية، كانت كورق الشجر تنبت كلما أكلتها أيام الخريف ومن ثم تعود يانعة في الربيع ولكنها كانت أثقل مما أحتمل.
الفراغ خفيف على القلوب المليئة، وثقيل على القلوب الفارغة، الوحدة مرة الطعم في حضور البعض، وشهية الطعم في غياب البعض، الوحدة من الأشياء التي لا تعود إلا كلما طلبتها، والألم كذلك، الرقة تفصل بينهما، تمنع الرؤية فيتشوشا، أثقل مما أحتمل أن أفهم القسوة ومبرراتها، أقفل مما أحتمل أن أعرف المغزى من وقع الكلمات الثقيلة واللينة على لسانك عندما تقولها ولكنني لا أحتملها.
أخف مما تحتمل أن تصحو على شمس يقظة، على نهارًا دوني، على إفطار لم أراه، وكتابًا لم أشتريه لك، وعلى موسيقي أرسلها لك القدر صدفة، أخف مما تحتمل أن تسير خطواتك في طريق مسته قدمي من قبل، ومطعم تأكل فيه وتنظر للبحر شاردًا، كان زجاجه حجب عن ذلك الرذاذ سابقًا، الرذاذ الذي هو أثقل مما يمكنني تحمله لأنه يلقي علي بالذكريات.
------------------
أخف مما أحتمل، وأثقل مما تحتمل
الكلمات خفيفة، كريش الطيور التي تهرب من رؤيتي، كالكلاب التي تحاوط وعودي التي أود أن أخبرها عنك، مثل رموشي التي ترتجف دون أن تتوقف عن فعل ذلك إلا عندما أتذكرك، عيني اليمني التي تراك حين لا تراك عيني اليسري، العين اليسري تبدو أنها تبغضك ، تخبرني دومً أنت بذلك، تخبرني أنها لا تحبك مثلما تحبك عيني اليمني، وأنها لا تشتاق لك مثلما يلمع شوق عين اليمني عندما تراك، وعندما أراك، عيني اليسري التي دومًا تنسب لها كل الثقال، وكل الأشياء اللعينة المبغضة، وكل الوعود التي كسرتها، وكل كلمات الأسف التي قولتها، عيني اليسري التي تكره أن تراها في رؤيتي وحضوري، والتي تخبرني دومًا أنها أثقل مما تحتمل.
دعني أخبرك أن عيني اليسري عمياء، لا ترى، لا يمكنها أن تحتمل أي شيء بكل بساطة، هي فارغة من الداخل رغم لونها العسلي، الحدقة مصمتة، ونن العين يتحرك لكن دون أن يري، هو أخف من أن يري، عين واحدة تكفي كي أشاهدك، كي أحدثك عن الخراب في داخلي، تود أن ترى العالم، دع عيني اليسري تريك ما الذي أراه في العالم كله دونك.
عين اليسري التي لا تراك، تراك، للعين قلب كلما قلت لك ذلك ضحكت، أنت تؤمن بأن عيني اليمني لها قلب يحبك ويراك، وترفض أن تصدق نفس الأمر عن عيني اليسري التي هي لا ترى ولكنها تحب، عيني اليسري مثل حرب طويلة، مثل قتال دائم، مثل طبيب ألقي في معركة بتر فيها نصف الرجال أيديهم، ولكنهم لازالوا يتشبسون بالحياة، عيني اليسري هي من تساعدهم على ذلك ولكنها لا تفعل ذلك معي.
--------------------------
أثقل ما تحتمل هو أخف ما أحتمل
في الكثير من الأحيان، وإثناء فوات الأوان دوما ما أخبرك أنني لا شيء، في المجمل لا شيء، لا يحركني شيء ولا أهتم، لا أرغب في ان أهتم، يجثو على صدري ثقل روحك، الذي هو أثقل من العالم ذاته، حزنك وبغضك للورود، وكراهيتك للشمس، وللأحذية الضيقة الصغيرة، الألوان الفاقعة، التي تسر الناظرين تحزنك، الغضب الذي يسري في روحك، والحقد الذي تمتلئ به يدي، اللون الأحمر الذي يتخلل عيني اليسري، والأخضر الذي لا يراه غيرك في عيني اليمني.
الصدف السعيدة التي تفسد بسبب رذاذ البحر، وملح الرمال التي على الشاطيء، الزجاج العاكس للمطعم المفردة فيه منضدة واحدة لا يجلس عليها أحد، الثقل الذي اتناوله منك، الغضب الذي يصبح الحلوى بعد الوجبة التي لا أتناولها في حضورك، ومن ثم ازداد به في رحيلي، الخفة التي لا تحتمل في أشياؤك، والثقل الذي لا يمكنني تحمله، فأهرب منه، للخراب في عيني اليسري، امكث في الداخل، لسنوات طوال، أرى العالم من خلالها، فيصبح معتمًا وأرتاح.
----------------
عطية
5-4-2021
بيننا شيء يذوب كلما طالت المسافات بيننا، طالت الأحلام بيننا، يذوب كلما قلت الكلمات وخفت الطرق، وضاعت بيننا الكثير من المودة واللطف، يذوب كل شيء ويتبق الرقة، الرقة الخالصة التي لا تنحمي، لأنها لم تكن مسببة، كانت واردة في الوجوه وأخف من ريشة وأثقل من علاقات بين بشر واهية، كانت كورق الشجر تنبت كلما أكلتها أيام الخريف ومن ثم تعود يانعة في الربيع ولكنها كانت أثقل مما أحتمل.
الفراغ خفيف على القلوب المليئة، وثقيل على القلوب الفارغة، الوحدة مرة الطعم في حضور البعض، وشهية الطعم في غياب البعض، الوحدة من الأشياء التي لا تعود إلا كلما طلبتها، والألم كذلك، الرقة تفصل بينهما، تمنع الرؤية فيتشوشا، أثقل مما أحتمل أن أفهم القسوة ومبرراتها، أقفل مما أحتمل أن أعرف المغزى من وقع الكلمات الثقيلة واللينة على لسانك عندما تقولها ولكنني لا أحتملها.
أخف مما تحتمل أن تصحو على شمس يقظة، على نهارًا دوني، على إفطار لم أراه، وكتابًا لم أشتريه لك، وعلى موسيقي أرسلها لك القدر صدفة، أخف مما تحتمل أن تسير خطواتك في طريق مسته قدمي من قبل، ومطعم تأكل فيه وتنظر للبحر شاردًا، كان زجاجه حجب عن ذلك الرذاذ سابقًا، الرذاذ الذي هو أثقل مما يمكنني تحمله لأنه يلقي علي بالذكريات.
------------------
أخف مما أحتمل، وأثقل مما تحتمل
الكلمات خفيفة، كريش الطيور التي تهرب من رؤيتي، كالكلاب التي تحاوط وعودي التي أود أن أخبرها عنك، مثل رموشي التي ترتجف دون أن تتوقف عن فعل ذلك إلا عندما أتذكرك، عيني اليمني التي تراك حين لا تراك عيني اليسري، العين اليسري تبدو أنها تبغضك ، تخبرني دومً أنت بذلك، تخبرني أنها لا تحبك مثلما تحبك عيني اليمني، وأنها لا تشتاق لك مثلما يلمع شوق عين اليمني عندما تراك، وعندما أراك، عيني اليسري التي دومًا تنسب لها كل الثقال، وكل الأشياء اللعينة المبغضة، وكل الوعود التي كسرتها، وكل كلمات الأسف التي قولتها، عيني اليسري التي تكره أن تراها في رؤيتي وحضوري، والتي تخبرني دومًا أنها أثقل مما تحتمل.
دعني أخبرك أن عيني اليسري عمياء، لا ترى، لا يمكنها أن تحتمل أي شيء بكل بساطة، هي فارغة من الداخل رغم لونها العسلي، الحدقة مصمتة، ونن العين يتحرك لكن دون أن يري، هو أخف من أن يري، عين واحدة تكفي كي أشاهدك، كي أحدثك عن الخراب في داخلي، تود أن ترى العالم، دع عيني اليسري تريك ما الذي أراه في العالم كله دونك.
عين اليسري التي لا تراك، تراك، للعين قلب كلما قلت لك ذلك ضحكت، أنت تؤمن بأن عيني اليمني لها قلب يحبك ويراك، وترفض أن تصدق نفس الأمر عن عيني اليسري التي هي لا ترى ولكنها تحب، عيني اليسري مثل حرب طويلة، مثل قتال دائم، مثل طبيب ألقي في معركة بتر فيها نصف الرجال أيديهم، ولكنهم لازالوا يتشبسون بالحياة، عيني اليسري هي من تساعدهم على ذلك ولكنها لا تفعل ذلك معي.
--------------------------
أثقل ما تحتمل هو أخف ما أحتمل
في الكثير من الأحيان، وإثناء فوات الأوان دوما ما أخبرك أنني لا شيء، في المجمل لا شيء، لا يحركني شيء ولا أهتم، لا أرغب في ان أهتم، يجثو على صدري ثقل روحك، الذي هو أثقل من العالم ذاته، حزنك وبغضك للورود، وكراهيتك للشمس، وللأحذية الضيقة الصغيرة، الألوان الفاقعة، التي تسر الناظرين تحزنك، الغضب الذي يسري في روحك، والحقد الذي تمتلئ به يدي، اللون الأحمر الذي يتخلل عيني اليسري، والأخضر الذي لا يراه غيرك في عيني اليمني.
الصدف السعيدة التي تفسد بسبب رذاذ البحر، وملح الرمال التي على الشاطيء، الزجاج العاكس للمطعم المفردة فيه منضدة واحدة لا يجلس عليها أحد، الثقل الذي اتناوله منك، الغضب الذي يصبح الحلوى بعد الوجبة التي لا أتناولها في حضورك، ومن ثم ازداد به في رحيلي، الخفة التي لا تحتمل في أشياؤك، والثقل الذي لا يمكنني تحمله، فأهرب منه، للخراب في عيني اليسري، امكث في الداخل، لسنوات طوال، أرى العالم من خلالها، فيصبح معتمًا وأرتاح.
----------------
عطية
5-4-2021
Published on April 04, 2021 22:33
•
Tags:
أثقل-مما-أحتمل-أخف-مما-تحتمل
لأنني الشخص الذي لم تراه..
لأنني الشخص الذي لم تراه..
ولأنني الشخص الذي رأك، ومن ثم جلس في الأماكن نفسها يتلمس رؤياك مجددًا، كأنني نفس جلد الأفعى ولكنني لا اتخلص منه رغم أنها تتخلص منه.
لأنني الشخص الذي لا تراه، في محيطك الشاسع الذي يقبع فيه الكثيرين، لأنني الشخص الذي لن تراه مهما حاولت، أن تمسد رأسه وتكاد نوري يذهب الضياء في عينيك ولكن.
لأنني الشخص الذي لا يجب أن تراه، حيث يحلق حولك في صمت، لا نشكر الشمس على أنها ترسل أشعتها ولا نشكر الكتب على البهجة التي تحملها بين صفحاتها ولا نشكر الفضل على الخفي على كونه يرسم البهجة الخفية على شفتي عندما أراك.
لأنني الشخص الذي تراه عندما تسمتع للحن شجي فيما حولك، لأنني من حولك، لأنني الذكرى التي أوحي لك بها كي تبتسم، وتشقى روحي.
---------------------
لأنني الشخص الذي لن تراه
ولكن تذكر طيفه، الذي مر حولك في مرة، الذي كرر كلمة أعجبتك فحفظها، والذي ذكرك بموعد طبيبك القادم، وكتابك الذي نسيته في محطة القطار، ومفاتيح سيارتك التي تركتها في المطعم، ووجبة طعامك التي تناولتها عندما لم تراني.
لأنني الشخص الذي لن تتذكره مهما حاولت، لأنني الشخص الذي لن تلجأ إليه ويحضر لذهنك في حيرتك عندما تبحث عن شيء، لن أقفز لعقلك كما تقفز صورتك لبالي عندما أشعر بالحزن، لن تحزن لرؤيتي كما أحزن لعدم رؤيتك، ولن تسعد لرؤيتي حتى، مثلما يتلاشى حزني لرؤيتك.
لأنني الشخص اللطيف الذي لن تذكره، الشخص الذي مرر لك ورقة بيضاء عند حاجتك لها، الشخص الذي ستلعنه عند ارتطام أصبع قدمك بحاجز السرير الذي لم يكن سوى لحم يدي.
لأنني الشخص الذي لا تراه عادة، لا تحن إليه، لا تحنو، لا ترتاح في غيابه ولا في وجوده، لا يهف له قلبك، ولا تستند روحك إلا عليه.
--------------------
لأنني الشخص الذي لن تعرفه حين تراه
سأحتاج للكثير من الشروحات والإيضاحات كي أخبرك أنني هو، نفس الشخص الذي لا تعرفه وأشرح لك جهلك بي، ويقينك بأنني شخص أخر، شخص آخر غادر، وهو غادر فعلاً، لا يمت لك بصلة، ولا تعرفه حتى لو حاولت أن تحفظ صورته، ستنساها روحك، بكل يسر، ستتخلص منك حدقتي عينيك بكل سهولة، كأنني لم أمر، كأنني لم أكن فتلك مشيئتك أو لم تكن.
لأنني الشخص الذي عليك أن تراه مئة مرة كي تقبض على فتات حضوري، ولا تنسى أن قصتي ليست إيماءة رأس باهتة منك أو نظرة مؤلمة تلقيها ومن ثم تولي شطر وجهك الأخرين.
لأنني الشخص الذي يؤلمك غيابه ويؤلمه حضورك، حضوره باهت فلا يزعجك وغيابه باهت فلا تتذكره ووجوده أصلا هامشي بالنسبة لك، تشعر أنك تفتقد شيء، وحقيقة الأمر أنت لا تفعل.
-----------------
لأنني الشخص الذي لن تتذكر حتى أنك رأيته
ولأنني الشخص الذي لن يصبح فضوليًا بشكل يرضي عينيك كي تطل من مرقدها فتلقي نظرة عليه، لن تهتم عيناك، لن تمد يدك حتى لتفرك رموشك كي تهيأهما لكيلا تراه، لن يعز عليك أن تلقي بالاً، أو أن تسامح عيناك المخطئتان.
لأنني الشخص الذي يقض نومك، وتقض أنت يقظته، لأنني الشخص الذي ستمر يدك عليه مثل الماء لن يعلق بها شيء، ولن تستطعم منه شيء، لن يعلق بروحك مني رائحة ولا قطعة ورد، ستنساه بمجرد أن ترى أخرين، بمجرد أن تقابل أخرين، حتى لو قابلته ألف مرة، لن أعلق بذاكرتك وفي المرة الأولى بعد الألف، قد تضيق حدقتا عيناك لتتذكر من أنا، لأنني الشخص الذي لن تتذكر حتى أنك رأيته ألف مرة من قبل، ومن ثم تريح عقلك المجهد وذاكرتك المتلفة من جدوى أن تتذكرني وترجىء الأمر لمرة لاحقة قادمة، فأنت تثق أني سأمر أليس كذلك؟
--------------
عطية
4-4-2021
ولأنني الشخص الذي رأك، ومن ثم جلس في الأماكن نفسها يتلمس رؤياك مجددًا، كأنني نفس جلد الأفعى ولكنني لا اتخلص منه رغم أنها تتخلص منه.
لأنني الشخص الذي لا تراه، في محيطك الشاسع الذي يقبع فيه الكثيرين، لأنني الشخص الذي لن تراه مهما حاولت، أن تمسد رأسه وتكاد نوري يذهب الضياء في عينيك ولكن.
لأنني الشخص الذي لا يجب أن تراه، حيث يحلق حولك في صمت، لا نشكر الشمس على أنها ترسل أشعتها ولا نشكر الكتب على البهجة التي تحملها بين صفحاتها ولا نشكر الفضل على الخفي على كونه يرسم البهجة الخفية على شفتي عندما أراك.
لأنني الشخص الذي تراه عندما تسمتع للحن شجي فيما حولك، لأنني من حولك، لأنني الذكرى التي أوحي لك بها كي تبتسم، وتشقى روحي.
---------------------
لأنني الشخص الذي لن تراه
ولكن تذكر طيفه، الذي مر حولك في مرة، الذي كرر كلمة أعجبتك فحفظها، والذي ذكرك بموعد طبيبك القادم، وكتابك الذي نسيته في محطة القطار، ومفاتيح سيارتك التي تركتها في المطعم، ووجبة طعامك التي تناولتها عندما لم تراني.
لأنني الشخص الذي لن تتذكره مهما حاولت، لأنني الشخص الذي لن تلجأ إليه ويحضر لذهنك في حيرتك عندما تبحث عن شيء، لن أقفز لعقلك كما تقفز صورتك لبالي عندما أشعر بالحزن، لن تحزن لرؤيتي كما أحزن لعدم رؤيتك، ولن تسعد لرؤيتي حتى، مثلما يتلاشى حزني لرؤيتك.
لأنني الشخص اللطيف الذي لن تذكره، الشخص الذي مرر لك ورقة بيضاء عند حاجتك لها، الشخص الذي ستلعنه عند ارتطام أصبع قدمك بحاجز السرير الذي لم يكن سوى لحم يدي.
لأنني الشخص الذي لا تراه عادة، لا تحن إليه، لا تحنو، لا ترتاح في غيابه ولا في وجوده، لا يهف له قلبك، ولا تستند روحك إلا عليه.
--------------------
لأنني الشخص الذي لن تعرفه حين تراه
سأحتاج للكثير من الشروحات والإيضاحات كي أخبرك أنني هو، نفس الشخص الذي لا تعرفه وأشرح لك جهلك بي، ويقينك بأنني شخص أخر، شخص آخر غادر، وهو غادر فعلاً، لا يمت لك بصلة، ولا تعرفه حتى لو حاولت أن تحفظ صورته، ستنساها روحك، بكل يسر، ستتخلص منك حدقتي عينيك بكل سهولة، كأنني لم أمر، كأنني لم أكن فتلك مشيئتك أو لم تكن.
لأنني الشخص الذي عليك أن تراه مئة مرة كي تقبض على فتات حضوري، ولا تنسى أن قصتي ليست إيماءة رأس باهتة منك أو نظرة مؤلمة تلقيها ومن ثم تولي شطر وجهك الأخرين.
لأنني الشخص الذي يؤلمك غيابه ويؤلمه حضورك، حضوره باهت فلا يزعجك وغيابه باهت فلا تتذكره ووجوده أصلا هامشي بالنسبة لك، تشعر أنك تفتقد شيء، وحقيقة الأمر أنت لا تفعل.
-----------------
لأنني الشخص الذي لن تتذكر حتى أنك رأيته
ولأنني الشخص الذي لن يصبح فضوليًا بشكل يرضي عينيك كي تطل من مرقدها فتلقي نظرة عليه، لن تهتم عيناك، لن تمد يدك حتى لتفرك رموشك كي تهيأهما لكيلا تراه، لن يعز عليك أن تلقي بالاً، أو أن تسامح عيناك المخطئتان.
لأنني الشخص الذي يقض نومك، وتقض أنت يقظته، لأنني الشخص الذي ستمر يدك عليه مثل الماء لن يعلق بها شيء، ولن تستطعم منه شيء، لن يعلق بروحك مني رائحة ولا قطعة ورد، ستنساه بمجرد أن ترى أخرين، بمجرد أن تقابل أخرين، حتى لو قابلته ألف مرة، لن أعلق بذاكرتك وفي المرة الأولى بعد الألف، قد تضيق حدقتا عيناك لتتذكر من أنا، لأنني الشخص الذي لن تتذكر حتى أنك رأيته ألف مرة من قبل، ومن ثم تريح عقلك المجهد وذاكرتك المتلفة من جدوى أن تتذكرني وترجىء الأمر لمرة لاحقة قادمة، فأنت تثق أني سأمر أليس كذلك؟
--------------
عطية
4-4-2021
Published on April 04, 2021 01:50
•
Tags:
لأنني-الشخص-الذي-لم-تراه
March 28, 2021
الرقة التي ليست لك
الرقة التي ليست لك
------------
(1)
كثيرًا ما كانت رقتك التي أحلم بها، طوق نجاة للقسوة التي بداخلي، ملاذًا طيبًا للجراح، الرقة التي تتكئ علي وتهمس أنه لا بأس، تلك الظلمة ستتبدد وقتما ترق لي، تغمرني بلطف من يدك، وتصب في عيني الضوء الذي ينير لي الطرق الذي لن أسير فيه، ولكن رقتك تفعل.
تضمد رقتك الندوب التي في عيني، وتكمل الأصابع الناقصة في يدي، وتضفر لي الطرق التي لن أسير عليها لتختال علي، توميء لي أن رقتك كافية، لا داع للحضور، لا داع للنجاة، لا داع للسفر، رقتك طالما راودتني عن الحياة فلا بأس، الظلام سينتهي، والجراح ستختفي، طالما رقتك تهش لي فلا أبالي، وأنت؟
(2)
القسوة التي تومض في كلماتي ليست لك، والرقة التي تأتي بها في أحلامي لي، الغمضة التي في يدي وهي تبصرك وتبحث عنك، والشدة التي تتركها على حرفي الاخير في غنج، في لهفة كمن لا يريد أن يفلت الحرف من فمه، الرقة التي تذيب ما بيننا قبل أن يصبح بيننا، الموسيقى التي تتخلل أذني، وتهف لها عيني قبل أن أسمعها، مصدرها منك، روعتها أنك من تسقيها لأذني برقة وفي شجن.
الكلمات الطيبة التي تزداد طيبة حينما تخبرني بها، أنني ومودتي أخف من رقتك، وأن رقتك ثمن غير كاف لوجودي، ولطف غير متاح لغيري، تدهشني رقتك في كل مرة تأتيني فيها، وتغادرني سليم الروح مغسول الفؤاد، تزهر أوراقك وورودك في داخلي، وأنت؟
(3)
كانت الرقة الخضراء تخضب يدي، التي طالما قبلتها، تزهو في عيني التي لطالما رأيتها، تهيم في طريقي، لتخبرني أنك وحدك، من يمتلك الجزء المفقود في داخلي، الجزء الذي لا أعرفه، وأود أن تعرفه، أن تخطو عليه، تسير في تؤدة لتكتشفه، تقابل أعتي وحوش روحي، تهدئ من روعها، تطعمها من يدك من رقتك، من لهفتك، تتركها تهاوشك، تمسد رأسها، كل وحوشي تندهش لرقتك، لا تريد أن تنهشك، تود أن تطعمها رقتك حتى تشبع ولكنها لن تفعل.
الفتات الذي تسير عليه يشتاق لرقتك، أحلامي، التي لا تأتي فيها تشتاق إليك، الوسادة التي أضع عليها رأسي دون أن تكن داخل رأسي تهفو إليك، السلام عليك، الورود عليك، الوحوش ترسل لك شوقها لك، وتهفو كي تغمض تلك الرقة فترتاح، يقض مضجعها أنك لم تأتي وبدأت تسألني وتخبرني أنها تشتاق إليك، وأنت؟
-------------
عطية
28 مارس 2021
------------
(1)
كثيرًا ما كانت رقتك التي أحلم بها، طوق نجاة للقسوة التي بداخلي، ملاذًا طيبًا للجراح، الرقة التي تتكئ علي وتهمس أنه لا بأس، تلك الظلمة ستتبدد وقتما ترق لي، تغمرني بلطف من يدك، وتصب في عيني الضوء الذي ينير لي الطرق الذي لن أسير فيه، ولكن رقتك تفعل.
تضمد رقتك الندوب التي في عيني، وتكمل الأصابع الناقصة في يدي، وتضفر لي الطرق التي لن أسير عليها لتختال علي، توميء لي أن رقتك كافية، لا داع للحضور، لا داع للنجاة، لا داع للسفر، رقتك طالما راودتني عن الحياة فلا بأس، الظلام سينتهي، والجراح ستختفي، طالما رقتك تهش لي فلا أبالي، وأنت؟
(2)
القسوة التي تومض في كلماتي ليست لك، والرقة التي تأتي بها في أحلامي لي، الغمضة التي في يدي وهي تبصرك وتبحث عنك، والشدة التي تتركها على حرفي الاخير في غنج، في لهفة كمن لا يريد أن يفلت الحرف من فمه، الرقة التي تذيب ما بيننا قبل أن يصبح بيننا، الموسيقى التي تتخلل أذني، وتهف لها عيني قبل أن أسمعها، مصدرها منك، روعتها أنك من تسقيها لأذني برقة وفي شجن.
الكلمات الطيبة التي تزداد طيبة حينما تخبرني بها، أنني ومودتي أخف من رقتك، وأن رقتك ثمن غير كاف لوجودي، ولطف غير متاح لغيري، تدهشني رقتك في كل مرة تأتيني فيها، وتغادرني سليم الروح مغسول الفؤاد، تزهر أوراقك وورودك في داخلي، وأنت؟
(3)
كانت الرقة الخضراء تخضب يدي، التي طالما قبلتها، تزهو في عيني التي لطالما رأيتها، تهيم في طريقي، لتخبرني أنك وحدك، من يمتلك الجزء المفقود في داخلي، الجزء الذي لا أعرفه، وأود أن تعرفه، أن تخطو عليه، تسير في تؤدة لتكتشفه، تقابل أعتي وحوش روحي، تهدئ من روعها، تطعمها من يدك من رقتك، من لهفتك، تتركها تهاوشك، تمسد رأسها، كل وحوشي تندهش لرقتك، لا تريد أن تنهشك، تود أن تطعمها رقتك حتى تشبع ولكنها لن تفعل.
الفتات الذي تسير عليه يشتاق لرقتك، أحلامي، التي لا تأتي فيها تشتاق إليك، الوسادة التي أضع عليها رأسي دون أن تكن داخل رأسي تهفو إليك، السلام عليك، الورود عليك، الوحوش ترسل لك شوقها لك، وتهفو كي تغمض تلك الرقة فترتاح، يقض مضجعها أنك لم تأتي وبدأت تسألني وتخبرني أنها تشتاق إليك، وأنت؟
-------------
عطية
28 مارس 2021
Published on March 28, 2021 03:02
September 27, 2020
سوف لن يصل إلى وجهته إبدًا - 2
لما الحماسة عندما يخيل لنا أننا وصلنا لوجهتنا؟ ولما الحزن عندما تضيع البوصلة وجهتي وتشير لوجهتك أنت؟ لما كل الأمور التي أرتبها تفسد وبذكراك تكتمل، كيف تفسد الفرحة نفسها كي تمر ببالي فتصلح من زينتها وتصبح أجمل ذكرياتي.
لما لا يتوقف النهر الجارى بيننا، الواصل بيننا، لما لا أنفك أتوقف عن الحزن عندما يحزن النهر ويحمل رسائلك بعيدًا عني، أراها ولا أقراها، أراها ولا أدنو منها، أراها وأخافها، الموسيقى ذاتها تخاف ما بيننا، توشك أن تتحدث الألحان أنه كفى، أزل السد، أزل ما يفسد ذلك العالم لك، أزله وإلا زالت روحك، لكن الانعتاق من الشيء ليس كالولوج فيه مرة ثانية، تتيبس الأطراف،ـ ويقسو القلب، يصبح في نبضاته مثل خبطات عجوز القرية الذي يجدف وحيدًا في الليل ليصطاد سمكة عجوز مثله، لا أسنان لها، لتفرحه أنه اصطادها وليفرحها أنه سيمنحها يوم أخر لتعيشه، وتتوالي القصة مثل تتوالي موجات النهر الذي يفصل بيننا.
لما تخبو الأمال؟ وتدنو مننا الأمواج الهادئة الحزينة، كل أمواج النهر الهادئة حزينة وتحمل دومًا أخبار حزينة وسيئة، لن تشاهد عباب المحيط الذي يحمل الخير والرغبة والشهوة، في موجات النهر البائسة التي تسير بأخبارك إلي، أود أن اصل بهدير المحيط العابر وأمواجه القاسية لذلك النهر القابع بيننا، فأما أن يجدده ويصبح يانعًا مثل ابتسامة شفيتك في الصباح، أو كتورد يديك بعد كتابة قصيدة لن أراها، ولن يقرأها أحد لأنها قصيدتي، كل كلمات النهر الخامل فاسدة، ولا يعول عليها وكل المحبات المرسلة لغيرك فاسدة، كل الأسماك التي نهلت من قصائدك البائسة فاسدة.
الحياة قاسية دونك، عصية علي، وتناوشني بأكاذيبها نحوي، تجبرني على أن أخرج الذئب المنهزم ليحل محل الذئب المنتصر، لن تدرك كيف تكون الحياة مع ذلك الذئب، قاسية مثل صباحاتك التي لا تحمل ودًا، وقوارب صيدك التي لا تحمل مأرب سوى الغوص في وحل طين الكلمات بيننا، القوارب لا وجهة لها هي قوارب ستغرق في منتصف النهر، لن تصل ولن تنجو، سيرشدها الذئب لنهاية مشوارها ورحلتها.
الحياة دوني لعينة وعصية كعصيان الكلمات عليك وعصيان الأفكار علي، كعصيان السمكة العجوز على العجوز ذاته، كل طاقة تفنى في الانتظار بائسة، كل طاقة تعتمد على الصبر وقود لها بائسة، أمنياتي في الوصول كأمنياتك في الرحيل، أمنياتنا في الدنو في أن تجف مياه النهر، وأن تتوقف الاعتذرات بين المحيط الهادر والبحر وأن تأكل أسماك المحيط بعض قصائدك علها تبدأ في محبتك.
أتعرفين خيبات الأمل التى ترتسم على وجوه الأطفال عندما نعود دون أسماك، طعام، هدايا، أتعرفين خيبات الأمل عندما لا تعود القوارب حاملة بمن رحلو على متنها؟ أتعرفين خيبات الأمل عندما لا نعود، أتعرفين خيبة العجوز عندما يعرف أن أحدهم صاد رفيقة عمره السمكة العجوزة، وتناول كل كلمات الشعر منها، التي قولتيها لها وسمعتها منك في أمسيات مائلة للأزرق وللأرق، خيبات الأمل التي لا يمكننا الكتابة عنها هي الخيبات التي لا تتوقف عن التكرار، الأمل الذي لا نفقده هو الألم الذي يؤلم، الأمال التي نفقدها، تذهب بلا عودة، الأمال التي نكنها أن تعود القوارب محملة بأسماك قرضت شعرك، وحفظت كلماتك، أمال قاسية لأنها لا تتحقق، ولأنها لا تنفك عن الزوال.
الوصول للوجهة يتطلب قدرًا أدنى من الجهد والأصرار، الدنو من الشاطيء يتطلب روحًا راغبة في ذلك، يتطلب قوارب عفية، يتطلب صدق وأمل وشيء ننجو لأجله، وننحو نحوه، ونتشبث بعافيتنا لأجله، العجوز الآن ترك القارب يهيم به، ناحية الشلال الذي لا يبدو سعيدًا بما يحدث، الشلال يود أن يخطف روح العجوز بمقاومته وليس برضا منه، والعجوز لا يود أن يحيا بعد قطف حياة سمكته العجوز، والسمكة العجوز كانت تود أن يتم صيدها بيد صديقها العجوز لا غيره، ليست الأمالي هي المشكلة المشكلة في أن تحقيق تلك الأمالي تأتي بيد من لا نرغب بهم، كالنهر الذي يحمل طعومًا منك يريدها البحر ويريد النهر أن يظل حزينًا كما كان.
أفلا طوبى لمن يملكون وجهة ما، وطوبى للبائسين الذي عرفوا أن الوجهة هي الرحلة ذاتها فتوقفوا عن البحث، وطوبى للعجوز الذي فقد شغفه، وغاص في أوحال الرهق، طوبي للغارقين، والتعبانون والناجون إلى حين.
27 سبتمبر
2020
لما لا يتوقف النهر الجارى بيننا، الواصل بيننا، لما لا أنفك أتوقف عن الحزن عندما يحزن النهر ويحمل رسائلك بعيدًا عني، أراها ولا أقراها، أراها ولا أدنو منها، أراها وأخافها، الموسيقى ذاتها تخاف ما بيننا، توشك أن تتحدث الألحان أنه كفى، أزل السد، أزل ما يفسد ذلك العالم لك، أزله وإلا زالت روحك، لكن الانعتاق من الشيء ليس كالولوج فيه مرة ثانية، تتيبس الأطراف،ـ ويقسو القلب، يصبح في نبضاته مثل خبطات عجوز القرية الذي يجدف وحيدًا في الليل ليصطاد سمكة عجوز مثله، لا أسنان لها، لتفرحه أنه اصطادها وليفرحها أنه سيمنحها يوم أخر لتعيشه، وتتوالي القصة مثل تتوالي موجات النهر الذي يفصل بيننا.
لما تخبو الأمال؟ وتدنو مننا الأمواج الهادئة الحزينة، كل أمواج النهر الهادئة حزينة وتحمل دومًا أخبار حزينة وسيئة، لن تشاهد عباب المحيط الذي يحمل الخير والرغبة والشهوة، في موجات النهر البائسة التي تسير بأخبارك إلي، أود أن اصل بهدير المحيط العابر وأمواجه القاسية لذلك النهر القابع بيننا، فأما أن يجدده ويصبح يانعًا مثل ابتسامة شفيتك في الصباح، أو كتورد يديك بعد كتابة قصيدة لن أراها، ولن يقرأها أحد لأنها قصيدتي، كل كلمات النهر الخامل فاسدة، ولا يعول عليها وكل المحبات المرسلة لغيرك فاسدة، كل الأسماك التي نهلت من قصائدك البائسة فاسدة.
الحياة قاسية دونك، عصية علي، وتناوشني بأكاذيبها نحوي، تجبرني على أن أخرج الذئب المنهزم ليحل محل الذئب المنتصر، لن تدرك كيف تكون الحياة مع ذلك الذئب، قاسية مثل صباحاتك التي لا تحمل ودًا، وقوارب صيدك التي لا تحمل مأرب سوى الغوص في وحل طين الكلمات بيننا، القوارب لا وجهة لها هي قوارب ستغرق في منتصف النهر، لن تصل ولن تنجو، سيرشدها الذئب لنهاية مشوارها ورحلتها.
الحياة دوني لعينة وعصية كعصيان الكلمات عليك وعصيان الأفكار علي، كعصيان السمكة العجوز على العجوز ذاته، كل طاقة تفنى في الانتظار بائسة، كل طاقة تعتمد على الصبر وقود لها بائسة، أمنياتي في الوصول كأمنياتك في الرحيل، أمنياتنا في الدنو في أن تجف مياه النهر، وأن تتوقف الاعتذرات بين المحيط الهادر والبحر وأن تأكل أسماك المحيط بعض قصائدك علها تبدأ في محبتك.
أتعرفين خيبات الأمل التى ترتسم على وجوه الأطفال عندما نعود دون أسماك، طعام، هدايا، أتعرفين خيبات الأمل عندما لا تعود القوارب حاملة بمن رحلو على متنها؟ أتعرفين خيبات الأمل عندما لا نعود، أتعرفين خيبة العجوز عندما يعرف أن أحدهم صاد رفيقة عمره السمكة العجوزة، وتناول كل كلمات الشعر منها، التي قولتيها لها وسمعتها منك في أمسيات مائلة للأزرق وللأرق، خيبات الأمل التي لا يمكننا الكتابة عنها هي الخيبات التي لا تتوقف عن التكرار، الأمل الذي لا نفقده هو الألم الذي يؤلم، الأمال التي نفقدها، تذهب بلا عودة، الأمال التي نكنها أن تعود القوارب محملة بأسماك قرضت شعرك، وحفظت كلماتك، أمال قاسية لأنها لا تتحقق، ولأنها لا تنفك عن الزوال.
الوصول للوجهة يتطلب قدرًا أدنى من الجهد والأصرار، الدنو من الشاطيء يتطلب روحًا راغبة في ذلك، يتطلب قوارب عفية، يتطلب صدق وأمل وشيء ننجو لأجله، وننحو نحوه، ونتشبث بعافيتنا لأجله، العجوز الآن ترك القارب يهيم به، ناحية الشلال الذي لا يبدو سعيدًا بما يحدث، الشلال يود أن يخطف روح العجوز بمقاومته وليس برضا منه، والعجوز لا يود أن يحيا بعد قطف حياة سمكته العجوز، والسمكة العجوز كانت تود أن يتم صيدها بيد صديقها العجوز لا غيره، ليست الأمالي هي المشكلة المشكلة في أن تحقيق تلك الأمالي تأتي بيد من لا نرغب بهم، كالنهر الذي يحمل طعومًا منك يريدها البحر ويريد النهر أن يظل حزينًا كما كان.
أفلا طوبى لمن يملكون وجهة ما، وطوبى للبائسين الذي عرفوا أن الوجهة هي الرحلة ذاتها فتوقفوا عن البحث، وطوبى للعجوز الذي فقد شغفه، وغاص في أوحال الرهق، طوبي للغارقين، والتعبانون والناجون إلى حين.
27 سبتمبر
2020
Published on September 27, 2020 02:52
•
Tags:
سوف-لن-يصل-إلى-وجهته-إبد-ا
July 29, 2020
سوف لن يصل إلى وجهته إبدًا - 1
سوف لن يصل إلى وجهته إبدًا
مفتتح
الطرق التي يشقها النهر لن تكتمل إلا بموت النهر، ولم يجرؤ أحدنا أن يحاول أن يغرق النهر فالنهر لا يغرق ولكنه يجف فيموت مثل المحبة والمشاعر الدافئة التي تزورها الرياح فتبرد وتضمر وتصبح بحجم حبة أرز في داخل القلب ما يلبث أن يطهييها فتشيخ وتلقى في النهر الذي تنحرف أمواجه عنها فتموت ولا تنمو.
الحياة ليست قاسية ولا كما يقول الناس ظالمة، الحياة حياة وكل مننا يملك قاربه، يجلس الرجال بجانب النهر يسردون قصصهم معه، ويدونون نقاط شجاعتهم عليه ويخوضون في سيرته ويصفونه بأنه سئ وخاسر وقاسي القلب، ولكنهم هما من يحكون القصص دومًا فاللص دومًا هو النهر الذي لا يأتي إبدًا رغم أنه قريب للغاية، ليحكي لنا قصته ويسردها فطالما النهر جار ولا يملك لسانًا فالبحارين هم الشجعان على الدوام.
يملك كلاً مننا قاربه في قريتنا ويظلمون النهر ويشتمونه على الدوام، حتى الصغار مننا يحكون أن النهر كاذب ويلتهم حكايا الأطفال الصغار وأمنيات الصبايا ويدمر العلاقات بين الرجال والنساء ويصيب أرضنا بالقحط وينزل ببيوتنا ما لا يفعل، يسمع النهر ولا يرد، يرى النهر ولا يرد.
تحكى لنا عجوز القرية أن النهر يسعى دومًا إلى وجهة لا نعرفها ويبدو أنه لا يعرفها، تمخر كل يوم موجاته وتهدر مياهه لتصبح أشد وأقوى كأنه يستنجد بنا أن نرأف به وبحاله، أو أنه يريد أن يقول لنا شيئًا لا ندركه، تقول لنا العجوز أن النهر ليس قاسي ولا ظالم، النهر نهر مثل أن الحياة حياة والموت موت، فالسماء لا عيب فيها أنها زرقاء ولا أن الشمس يسيئها أنها تذهب في المغيب.
تردف أننا في القرية كلنا نملك قواربنا أليس كذلك؟ نقول نعم، فكل طفل في القرية يملك منذ مولده قاربه، وكل رجل وطفلة وشابة في القرية يملكون قواربهم وحتى كل عجوز لا يعمل وتطأ قدمه النهر يملك قاربه، نحن نعمل ونجد لنزين قاربنا ونجمله، ونقوي عوارضه كي تتحمل خبطات النهر الغادرة، نحمل معه في جيوب القارب ما يعيننا على رحلات الصيد الطويلة في النهر المتقلب الغاشم، نزين قواربنا ونشحذ أسلحتنا كي نتمكن من نزوله والعودة منه سالمين.
تقول العجوز: أن النهر ليس لديه ما يخفيه، وأن كل مننا عليه أن يجهز قاربه ويذهب في رحلته وحده، هناك قانون في القرية لا يمكننا أن نكسره مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحوال، لا يجب إبدًا أن يذهب أكثر من شخص واحد في قارب لنزول النهر، ستحل لعنة علينا جميعًا وسيجف النهر للأبد ولن تصبح هناك حياة بدون ذلك النهر الغبي.
في شروق شمس كل يوم، نجد ونصحو ونتأهب ونجهز قواربنا، نخزن ما سنحتاج لرحلتنا في النهر، يغادر في الرحلة كل أهل القرية، لا يبق أحد، مع شمس كل يوم تصبح القرية خاوية العروش، كهيكل سمكة تونة صغيرة في صحراء شاسعة، نبدأ في تجهيز قواربنا وننزل بها في النهر، نسمع أصوات تخبط كل قارب في الماء ومن ثم يغطس قليلا ويكمل رحلته، تبدأ كل القوارب في النزول، يدعو الأطفال إلا يصيبهم أذى وتدعو النساء إن يرجعن بسلام ولا يجفل الرجال للصوت الذي يصدره ارتطام قواربهم بأمواج النهر كأنهم لا يخشونه وهو يفعلون.
النهر في الأزمنة الغابرة تقول العجوز أنه كان مسالمًا وديعًا وطيبًا قبل أن تجن جنونه ويبحث عن وجهة لا يعرفها أحد في كل يوم يحاول أن يشق طريقًا جديدًا لوجهة لا يعلمها ولا نعلمها وفي خلال محاولاته تلك تهدر أمواجه لتهزأ بالرجال الخائفين الذين كانوا بالأمس يحكون عن صولاتهم وجولاتهم في بطن ذلك النهر، كأنه يقل لهم أهلاً بكم ولنكشف الأن الحقيقة، كل الحقيقة.
تبكي النساء ويذعر الأطفال، لا يأبه لهم النهر فالحقيقة أن النهر لا يعرف أصلا أنهم يمخرون عبابه ولا يدرك أن قواربهم ترتطم بأمواجه، هو لا يدرك أنهم يصيدون منه ويطعمون أنفسهم، ولا يهتم أن فعلوا، هو لا يفعل سوى ما عليه فعله كل يوم، محاولة الوصول لوجهة جديدة ومحاولة معرفة ما الذي يبحث عنه؟
29 يوليو
2020
مفتتح
الطرق التي يشقها النهر لن تكتمل إلا بموت النهر، ولم يجرؤ أحدنا أن يحاول أن يغرق النهر فالنهر لا يغرق ولكنه يجف فيموت مثل المحبة والمشاعر الدافئة التي تزورها الرياح فتبرد وتضمر وتصبح بحجم حبة أرز في داخل القلب ما يلبث أن يطهييها فتشيخ وتلقى في النهر الذي تنحرف أمواجه عنها فتموت ولا تنمو.
الحياة ليست قاسية ولا كما يقول الناس ظالمة، الحياة حياة وكل مننا يملك قاربه، يجلس الرجال بجانب النهر يسردون قصصهم معه، ويدونون نقاط شجاعتهم عليه ويخوضون في سيرته ويصفونه بأنه سئ وخاسر وقاسي القلب، ولكنهم هما من يحكون القصص دومًا فاللص دومًا هو النهر الذي لا يأتي إبدًا رغم أنه قريب للغاية، ليحكي لنا قصته ويسردها فطالما النهر جار ولا يملك لسانًا فالبحارين هم الشجعان على الدوام.
يملك كلاً مننا قاربه في قريتنا ويظلمون النهر ويشتمونه على الدوام، حتى الصغار مننا يحكون أن النهر كاذب ويلتهم حكايا الأطفال الصغار وأمنيات الصبايا ويدمر العلاقات بين الرجال والنساء ويصيب أرضنا بالقحط وينزل ببيوتنا ما لا يفعل، يسمع النهر ولا يرد، يرى النهر ولا يرد.
تحكى لنا عجوز القرية أن النهر يسعى دومًا إلى وجهة لا نعرفها ويبدو أنه لا يعرفها، تمخر كل يوم موجاته وتهدر مياهه لتصبح أشد وأقوى كأنه يستنجد بنا أن نرأف به وبحاله، أو أنه يريد أن يقول لنا شيئًا لا ندركه، تقول لنا العجوز أن النهر ليس قاسي ولا ظالم، النهر نهر مثل أن الحياة حياة والموت موت، فالسماء لا عيب فيها أنها زرقاء ولا أن الشمس يسيئها أنها تذهب في المغيب.
تردف أننا في القرية كلنا نملك قواربنا أليس كذلك؟ نقول نعم، فكل طفل في القرية يملك منذ مولده قاربه، وكل رجل وطفلة وشابة في القرية يملكون قواربهم وحتى كل عجوز لا يعمل وتطأ قدمه النهر يملك قاربه، نحن نعمل ونجد لنزين قاربنا ونجمله، ونقوي عوارضه كي تتحمل خبطات النهر الغادرة، نحمل معه في جيوب القارب ما يعيننا على رحلات الصيد الطويلة في النهر المتقلب الغاشم، نزين قواربنا ونشحذ أسلحتنا كي نتمكن من نزوله والعودة منه سالمين.
تقول العجوز: أن النهر ليس لديه ما يخفيه، وأن كل مننا عليه أن يجهز قاربه ويذهب في رحلته وحده، هناك قانون في القرية لا يمكننا أن نكسره مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحوال، لا يجب إبدًا أن يذهب أكثر من شخص واحد في قارب لنزول النهر، ستحل لعنة علينا جميعًا وسيجف النهر للأبد ولن تصبح هناك حياة بدون ذلك النهر الغبي.
في شروق شمس كل يوم، نجد ونصحو ونتأهب ونجهز قواربنا، نخزن ما سنحتاج لرحلتنا في النهر، يغادر في الرحلة كل أهل القرية، لا يبق أحد، مع شمس كل يوم تصبح القرية خاوية العروش، كهيكل سمكة تونة صغيرة في صحراء شاسعة، نبدأ في تجهيز قواربنا وننزل بها في النهر، نسمع أصوات تخبط كل قارب في الماء ومن ثم يغطس قليلا ويكمل رحلته، تبدأ كل القوارب في النزول، يدعو الأطفال إلا يصيبهم أذى وتدعو النساء إن يرجعن بسلام ولا يجفل الرجال للصوت الذي يصدره ارتطام قواربهم بأمواج النهر كأنهم لا يخشونه وهو يفعلون.
النهر في الأزمنة الغابرة تقول العجوز أنه كان مسالمًا وديعًا وطيبًا قبل أن تجن جنونه ويبحث عن وجهة لا يعرفها أحد في كل يوم يحاول أن يشق طريقًا جديدًا لوجهة لا يعلمها ولا نعلمها وفي خلال محاولاته تلك تهدر أمواجه لتهزأ بالرجال الخائفين الذين كانوا بالأمس يحكون عن صولاتهم وجولاتهم في بطن ذلك النهر، كأنه يقل لهم أهلاً بكم ولنكشف الأن الحقيقة، كل الحقيقة.
تبكي النساء ويذعر الأطفال، لا يأبه لهم النهر فالحقيقة أن النهر لا يعرف أصلا أنهم يمخرون عبابه ولا يدرك أن قواربهم ترتطم بأمواجه، هو لا يدرك أنهم يصيدون منه ويطعمون أنفسهم، ولا يهتم أن فعلوا، هو لا يفعل سوى ما عليه فعله كل يوم، محاولة الوصول لوجهة جديدة ومحاولة معرفة ما الذي يبحث عنه؟
29 يوليو
2020
Published on July 29, 2020 01:29
•
Tags:
سوف-لن-يصل-إلى-وجهته-إبد-ا
March 3, 2020
خاو كما دفتر أمنياتي
الانتصارات الكثيرة ننساها، والهزيمة الوحيدة نتذكرها، الابتسامات اللطيفة التي تمر مرور الكرام لا تلبث أن تطير مع الفراشات التي تحرقها نيران هزيمتنا، الانتصارات المتكررة تؤلم كما تؤلم الهزيمة الوحيدة المطلقة، الأحلام والدفاتر الخاوية من حضوركم، النهارات المائعة والليالي السمجة الثقيلة التي تمر مرور ضيف تقيل له طمع في أن تمنحه انتصارك الوحيد ويمنحك هزائمه فلا تستطيع أن ترده خائبًا.
ما الذي يجعلنا خاويين بهذا الشكل، بعد أن شعرنا أن الأمر أنتهى لما نذبل بعد حين، ولما علينا أن ندور في دائرة لا تنتهي من الذبول ثم تينع أرواحنا لتذبل من جديد، لما تشعر الأرواح بالفقد وهي خاوية، أليس أن تكن خاوية هو أمر بشع بمفرده كبشاعة أن تقرأ دفاتر أمنياتك فتجدها فارغة كصورك وكتاباتك التي لم ترغب في أن يقرأها أحدا غيركما، خاوية ذاكرتك لكنك تحمل ثقلًا غير عادياً بها كأنها تخبئ عنك حلماً مجسدا لما قد حدث ولا ترغب في أن تعرضه لك حفاظا على ما تبقي منك أو من دفاتر أمنياتك.
لا اتوقف عن محاولة اجترار الهزائم الواحدة تلو الأخرى وأعوض غيابكم في حضور أناس أخرين فأفشل في أن انجح في حضوري معهم وأغضبهم بغيابي عنهم كمثل غيابكم عني ولكن الهزيمة قدر وعلينا تقبلها، علينا أن نتداوى بخصوص ما يجرح ويؤلم ولكن كيف نرمم الأمنيات ونعالج الأرواح من خربشات لم نراها وندوب لم تسكن إلا القلب، كأن المواجع التي نراها أخف كثيرًا من المرور الصامت الذي لا يبدو منه أكثر مما يبدو من غيابكم، أتقبل في كل يوم أنني أصبحت وحيدًا دونكما، أحدكما غادر وغاب واحدكما غاب دون أن يغادر، وأنا بين النقطتين حائر لا أملك المضي قدمًا ولا أملك إلا التمني ولكن دفاتر أمنياتي خاوية كالطريق البعيد الذي مشيت فيه حتى الأن، دون أن أري شمس في الأفق ودون أن أجد غيمة ترشدني إلى لا طريق ولكن كل الإشارات صعبة الفهم والتعود يزهق الإشارات ويخيفها فتبدو في أشكال أخرى وتظهر غير ما تبطن فكأن فراقكما هو حضور وغيابكم هو غيابي أنا ولكن من يدري.. الهزيمة وحدها تفعل.
كان الباب خاويًا منكما كما دفتر الأمنيات، كانت الليالي طويلة كي تتقبل الهزيمة منفردًا، كانت الأسباب واهية والدواعي غير ملفتة للنظر، كان حضوركما يدمي حضوري وغيابكما يدمي غيابي، كانت كل الانتصارات في حضوركما هزائم وكل الطرق إليكم موحلة وكل الطرق بعيد عنكم خائفة، الأمنيات اختفت من الدفتر كما فعلتهم أنتما ومن يسأل الأمنيات لما لم تتحقق؟ وكيف لم تتحقق؟ ولماذا؟ لن تملك الإجابات إلا إذا امتلكت الرغبة في الأمنيات وأنا أمنياتي فارغة ودفاتري خاوية مثل طرقي بعيدًا عنكم إلا أنها هزيمتي الوحيدة التي اخترتها وجربتها وعلي أن أعيش معها كما ينبغي.
خاو كما دفاتر أمنياتي البيضاء أسير دون رشد ولكن أسير ولا أهتم أن كنت سأصل، على أن أتوقف ان أقتفي الأثر، علي أن أحرص أنني لن أصل إليكما من جديد، خطوات بعيدة عن الحزن والخوف وخطوات قريبة من الهزيمة التي لا تتوقف عن تذكيري بها، فهزيمتي ناصعة البياض وملفتة تغريني أن أزود عنها ولكن أنا أحببت هزيمتي تلك كي تظل تذكرني بحضوركما وألمه وغيابكم وفزعته، كل ما يمت لكما بصلة مؤذي وكل الأثار والصلات التي تربط طريقي بطريقكما أغرقتها فلا محل من عبوري لكما ولا محل من عبوركما لي، وكل ما حملته من طرفكما بعد عبوري تركته على جدران باب هزيمتي، لن أنتصر إلا أذا قدمت كل أوراقي لهزيمتي وترفضها لأعود لها من جديد أخف حملاً منكما وترفضني لأنها هزيمتي وعلي أن أتقبلها فعلاً لا قولاً.
أسير بدفتر أمنياتي الخاوي مني والمليء بكما، أسير دون هدى وفي طريق لم أمر به من قبل ولكنكما مررتما منه فأثاركما على حواف الطريق وأثاركما هي الطريق نفسه فأغير وجهتي وأقرر الرحيل لطريق أخر خاو من أي شيء يبدأ بالهزيمة وينتهي بها ولكن هزائمكما تسبقني كذلك فلا أدري ماذا أفعل ولا أدري كيف أذبل ولا كيف تزهران أنتما في عقلي لتنبتا بشكل شائخ يلتف حول أقدامي فأقع ولا أسير وأقتفي تلك الأثار المخبأة في التراب والغارقة في الهم لأجد أنني أبحث من جديد عنكما فتأتي الليلة تلو الليلة وأنا ألعن الهزيمة الوحيدة التي لا تتوقف عن أن ترن جرس ذكرياتي وتمزق أوراقي التي أكتب فيها كيف أبتعد عن حضوركما وكيف لا تصيبني شمس غيابكم فأتوه في الطريق ويضل مني الأثر وتصبحا أنتما الأثر، ولكن كل هذا لا يدوم لأن لا شيء يدوم ولا شيء يبقى والدليل غيابكما وحضوري ودفاتر أمنياتي الخاوية مني والمليئة بخيباتكم فلنسعد معًا لنهاية اقتفاء الأثر ولنفترق عند هذا الحد فالقادم لو كنا معًا كنا سنذبل وأنا لا أود أن نذبل معاً ولا نزهر معًا كل ما أود أن أحتفظ بأمنية وحيدة في دفتري، أن تتبخرا.
باب ما جاء في الهزيمة
--------------------------
فبراير 2020
ما الذي يجعلنا خاويين بهذا الشكل، بعد أن شعرنا أن الأمر أنتهى لما نذبل بعد حين، ولما علينا أن ندور في دائرة لا تنتهي من الذبول ثم تينع أرواحنا لتذبل من جديد، لما تشعر الأرواح بالفقد وهي خاوية، أليس أن تكن خاوية هو أمر بشع بمفرده كبشاعة أن تقرأ دفاتر أمنياتك فتجدها فارغة كصورك وكتاباتك التي لم ترغب في أن يقرأها أحدا غيركما، خاوية ذاكرتك لكنك تحمل ثقلًا غير عادياً بها كأنها تخبئ عنك حلماً مجسدا لما قد حدث ولا ترغب في أن تعرضه لك حفاظا على ما تبقي منك أو من دفاتر أمنياتك.
لا اتوقف عن محاولة اجترار الهزائم الواحدة تلو الأخرى وأعوض غيابكم في حضور أناس أخرين فأفشل في أن انجح في حضوري معهم وأغضبهم بغيابي عنهم كمثل غيابكم عني ولكن الهزيمة قدر وعلينا تقبلها، علينا أن نتداوى بخصوص ما يجرح ويؤلم ولكن كيف نرمم الأمنيات ونعالج الأرواح من خربشات لم نراها وندوب لم تسكن إلا القلب، كأن المواجع التي نراها أخف كثيرًا من المرور الصامت الذي لا يبدو منه أكثر مما يبدو من غيابكم، أتقبل في كل يوم أنني أصبحت وحيدًا دونكما، أحدكما غادر وغاب واحدكما غاب دون أن يغادر، وأنا بين النقطتين حائر لا أملك المضي قدمًا ولا أملك إلا التمني ولكن دفاتر أمنياتي خاوية كالطريق البعيد الذي مشيت فيه حتى الأن، دون أن أري شمس في الأفق ودون أن أجد غيمة ترشدني إلى لا طريق ولكن كل الإشارات صعبة الفهم والتعود يزهق الإشارات ويخيفها فتبدو في أشكال أخرى وتظهر غير ما تبطن فكأن فراقكما هو حضور وغيابكم هو غيابي أنا ولكن من يدري.. الهزيمة وحدها تفعل.
كان الباب خاويًا منكما كما دفتر الأمنيات، كانت الليالي طويلة كي تتقبل الهزيمة منفردًا، كانت الأسباب واهية والدواعي غير ملفتة للنظر، كان حضوركما يدمي حضوري وغيابكما يدمي غيابي، كانت كل الانتصارات في حضوركما هزائم وكل الطرق إليكم موحلة وكل الطرق بعيد عنكم خائفة، الأمنيات اختفت من الدفتر كما فعلتهم أنتما ومن يسأل الأمنيات لما لم تتحقق؟ وكيف لم تتحقق؟ ولماذا؟ لن تملك الإجابات إلا إذا امتلكت الرغبة في الأمنيات وأنا أمنياتي فارغة ودفاتري خاوية مثل طرقي بعيدًا عنكم إلا أنها هزيمتي الوحيدة التي اخترتها وجربتها وعلي أن أعيش معها كما ينبغي.
خاو كما دفاتر أمنياتي البيضاء أسير دون رشد ولكن أسير ولا أهتم أن كنت سأصل، على أن أتوقف ان أقتفي الأثر، علي أن أحرص أنني لن أصل إليكما من جديد، خطوات بعيدة عن الحزن والخوف وخطوات قريبة من الهزيمة التي لا تتوقف عن تذكيري بها، فهزيمتي ناصعة البياض وملفتة تغريني أن أزود عنها ولكن أنا أحببت هزيمتي تلك كي تظل تذكرني بحضوركما وألمه وغيابكم وفزعته، كل ما يمت لكما بصلة مؤذي وكل الأثار والصلات التي تربط طريقي بطريقكما أغرقتها فلا محل من عبوري لكما ولا محل من عبوركما لي، وكل ما حملته من طرفكما بعد عبوري تركته على جدران باب هزيمتي، لن أنتصر إلا أذا قدمت كل أوراقي لهزيمتي وترفضها لأعود لها من جديد أخف حملاً منكما وترفضني لأنها هزيمتي وعلي أن أتقبلها فعلاً لا قولاً.
أسير بدفتر أمنياتي الخاوي مني والمليء بكما، أسير دون هدى وفي طريق لم أمر به من قبل ولكنكما مررتما منه فأثاركما على حواف الطريق وأثاركما هي الطريق نفسه فأغير وجهتي وأقرر الرحيل لطريق أخر خاو من أي شيء يبدأ بالهزيمة وينتهي بها ولكن هزائمكما تسبقني كذلك فلا أدري ماذا أفعل ولا أدري كيف أذبل ولا كيف تزهران أنتما في عقلي لتنبتا بشكل شائخ يلتف حول أقدامي فأقع ولا أسير وأقتفي تلك الأثار المخبأة في التراب والغارقة في الهم لأجد أنني أبحث من جديد عنكما فتأتي الليلة تلو الليلة وأنا ألعن الهزيمة الوحيدة التي لا تتوقف عن أن ترن جرس ذكرياتي وتمزق أوراقي التي أكتب فيها كيف أبتعد عن حضوركما وكيف لا تصيبني شمس غيابكم فأتوه في الطريق ويضل مني الأثر وتصبحا أنتما الأثر، ولكن كل هذا لا يدوم لأن لا شيء يدوم ولا شيء يبقى والدليل غيابكما وحضوري ودفاتر أمنياتي الخاوية مني والمليئة بخيباتكم فلنسعد معًا لنهاية اقتفاء الأثر ولنفترق عند هذا الحد فالقادم لو كنا معًا كنا سنذبل وأنا لا أود أن نذبل معاً ولا نزهر معًا كل ما أود أن أحتفظ بأمنية وحيدة في دفتري، أن تتبخرا.
باب ما جاء في الهزيمة
--------------------------
فبراير 2020
Published on March 03, 2020 00:49
•
Tags:
و_سأظل_أقتفي_أثرك_و_لا_أصل
January 27, 2020
وتحرَّرت مِنكَ فَراشةُ رُوحي
(1)
كانت البدايات جميلة والنهايات كارثة، كان احتلال روحي منك سعادة مؤقتة لم تكتمل ككل الاحتلالات التي يليها الخراب، كان الاقتراب منك هو الخطأ الأول والاستماع لحديثك المعسول باقي الأخطاء كلها، كان السفر لك والالتجاء إليك في المحن هو بدايات الخطيئة.
طالت رحلتي بعيداً عنك وقصرت رحلتي في القرب منك، وددت لو أتمكن من الهرب من التحليق بعيدًا جدا عنك كي لا تطاردني جنياتك ولا لعناتك ولا سحر ابتسامتك، وددت دوما أن أتوقف عن أرى شبح خيال ابتسامتك في فمي وفي شفتي وفشلت.
اليوم خرجت أخيرا من الباب الذي نسيت نفسي فيه، خرجت من أضيق أبواب النسيان وأنا أتذكر من أنا وأنسى من أنت خرجت بعد معاناة طويلة في أيام طوال لا تنتهي وليالي سوداء قاتمة كمثل لون بؤبؤ عينك الذي غرقت فيه من زمن.
ارتحل مهزوماً طريدًا شريدًا راغبًا في أن أكون في أقصى أقصى مسافة في البعد عنك، رحلت مهزوما بإرادتي لأن الخطأ في البدايات خطأي أنا والخطأ في النهايات خطأي أنا.
(2)
تحررت منك فراشة روحي فطارت بهية الطلعة حزينة الأجنحة وكسيرة الألوان لم نستطيع إنقاذ إلا الأخضر من الألوان من براثن حرب خضناها معك، لم نستطيع أن ننقذ كل الحروف والكلمات ولكن أنقذتنا الهزيمة منك بشرف، وأنقذتنا الوكسات المتتالية لنصبح نحن دونك مكتملين دون نقصان.
باتت الفراشة الوليدة حائرة لكن سنجد في الطريق ما يجعلنا نكمل من دونك وأن كنا مهزومين وأن كنا حيارى وأن كنا لا نجد الطريق ولا نقتفي الأثر فالأثر لك فاسد والأثر عنك مهلكة.
ندخل في باب واسع من الهزيمة اليتيمة التي يحملها قلب الفراشة وتطير بها وتحلق بعيدا عنك في السماوات وفي علين حيث لا نجد مكان يذكرنا بهزيمتنا وأن كنا نرغب دوما في أن نتذكرها ولا ننساها ما حيينا حتى نعش كشرخ في قلب الفراشة يذكرنا دوما بما مضي وما حدث.
كانت أخطاء الماضي تدفعني للزود عن هزيمتي وللبحث عن أسبابها ولكن نظرة الفراشة الحزينة جعلتني أتوقف عن فعل هذا وعن البحث عن الأسباب وعن معرفة فراشات أخريات يبدون بكل هذا الحزن ويبدون بكل تلك البشاعة في قلوبهم الصغيرة الدافئة.
(3)
ككل الأبواب التي دخلتها وعلينا أن ندخلها علينا أن نقدم فروض الولاء للدخول والاستكانة للهزيمة ليست مدعاة للفخر ولا جلبا لنصر لا نرومه ولا نطلبه ولكن علينا أن ندخل ذلك الباب علينا ان نهزم كي نتوقف عن تقفي الأثر علينا أن نعلن هزيمتنا واضحة وجلية للأعين وللناظرين علها تسرهم أو هي فعلا تسرهم؟
لن نعرف لأننا لن نلقيهم مرة ثانية فقد حققنا لهم أخر وعودهم ألا تكن تلك المرة الأخيرة في اللقاء وقد كانت فأحرص على كلماتك التي تتفوه بها لأنها ستتحول لحقيقة طال العمر أو قصر.
تدخل فراشتي التي تحررت من سجن كلماتك وسجن روحك مهشمة نعم، خاسرة نعم، لا تقوى على الطيران ولا تقوى حتى على الوقوف وحدها، ولكنها مني فهي قوية مثل ما كنت وشجاعة مثل ما كنت أنا وغير خائفة لا تخاف وأن تمت هزيمتها بشدة لا تخاف وأن تكسرت أجنحتها فغداً سينبت لها أجنحة وسيكبر قلبها ويزورها الدفء وتنزل عليها السكينة والمودة بعيدًا عنك لن تصبح خائفة وستصبح مطمئنة بي بعد تحررها منك.
(4)
تعبر من باب الهزيمة مصابا ذا قلب معطوب وروحا شائخة وجراح دافئة لا زال الدم يقطر منها، تعبر وأنت تبتسم فلازت دوما تفعل ذلك ولا زلت قلبك يبتسم حتى وهو منكسر، أي روح أتت فراشتك وأي قوة منحتها فراشتك، فراشتك التي مهكت أجنحتها بأصابع كلماتها وحبستها وراء الباب فلا تركتها ترحل ولا تركتها تبتسم كأن الابتسامة عكس الهزيمة، فبابتسامة وحيدة حولت نصرهم لهزيمة وحولت هزيمتك لنصر فريد من نوعه فتلاشت هزيمتك وتلاشى انتصارهم في الوقت ذاته.
لم تعد تخونك الكلمات فالهزائم كلها أصبحت واحدة نهزم فقط عندما نعترف بذلك وأنت قبل أن تدخل من هذا الباب اعترفت بهزيمتك وحنينك لأن تقضي وقت أطول مع فراشتك الحبيسة التي تحررت من سجنها اشتقت أن تقضي وقت أطول معها وأن تحادثها عما مررتما به وعما حدث في باب النسيان قبل أن تطرقا باب الهزيمة تتساندا معا كي تمرا وتعبرا لأبواب أخرى لأن الرحلة ممتدة والأثار كلها تالفة.
تنجذب الفراشات للنار وتنجذب أنت للساحرات، بُطلت النيران وبطل مفعول الساحرات من زمن الانعتاق، الفراشة التي تحررت ستحميك من كل شيء، ستحاوطك وتتساندا معاً كتفا إلى كتف إلى أن تنتهي أثار الهزائم والحرائق وتعود الأجنحة للتحليق وتكف الأعين عن ذرف الدموع ويكف القلب عن تقبل الهزائم كما هي.
(5)
نحتاج لأن نجعلها تمر، نحتاج لأن نداوي جراح الفراشة فالفراشات بعد الأسر تصبح ضعيفة لا تقوى على أي شيء، تحتاج الفراشات لمزيد من الابتسامات لأن نجعلها تحب نفسها مرة ثانية لأن تحلق عالية لتصبح الهزيمة ذكرى مرت ولن تمر ثانية بها.
الهزيمة ليست يتيمة إبدا بل لها من الاباء الكثير ومن الأمهات الأكثر كل منهم ينادى بأنها هزيمته الخاصة وهزيمته الذاتية، الكل في ذلك الدرب يبحث عن ان يزود عن الأخرين في هزيمتهم، لا يمنحهم الانتصار أي شرف أو فخر، الهزيمة هي من تفعل، من هزم أكثر من من؟ لا أحد يبالي، كلنا سواسية فيما وراء هذا الباب، كلنا نصطحب فراشاتنا الوحيدة الجريحة لنجعلها تحلق بعيدا عن أثار تلك الهزيمة ولنجعل قلبها من جديد يخفق ويتدفق فيه الابتسامة التي سلبوها منها ومنك.
في عين الفراشة عين الساحرة تسكنها وفي عيني عين النار التي تخافها الفراشة، كلنا مرتبطون إلى نهاية هذا الباب، نعبر معا ونغادر معا، أن اقتربت أكثر أنا من فراشتي تحرقها النار التي في عيني وأن اقتربت فراشتي مني قليلا تحرقني الساحرة التي تسكن عينها، فنبدو أننا تقبلنا هزيمتنا ولكنها عبرت معنا وأقسى الهزائم هي التي تعبر معنا ولا ننساها في عالم النسيان المريب الذي مررنا به، سنخوض معركة أطول وأشرس في ما يلي من وقت، حتى تغمض الفراشة عينها وأغمض أنا عيني ونسير معاً دون أن نرى فنكف عن رؤية الأثر ونكف عن تقفيه ونكف عن إلا نصل، فنصل.
_______________________________
أول ما جاء في باب الهزيمة
الكتاب الثاني
ثلاثية الهم
عطية
27 يناير
2020
كانت البدايات جميلة والنهايات كارثة، كان احتلال روحي منك سعادة مؤقتة لم تكتمل ككل الاحتلالات التي يليها الخراب، كان الاقتراب منك هو الخطأ الأول والاستماع لحديثك المعسول باقي الأخطاء كلها، كان السفر لك والالتجاء إليك في المحن هو بدايات الخطيئة.
طالت رحلتي بعيداً عنك وقصرت رحلتي في القرب منك، وددت لو أتمكن من الهرب من التحليق بعيدًا جدا عنك كي لا تطاردني جنياتك ولا لعناتك ولا سحر ابتسامتك، وددت دوما أن أتوقف عن أرى شبح خيال ابتسامتك في فمي وفي شفتي وفشلت.
اليوم خرجت أخيرا من الباب الذي نسيت نفسي فيه، خرجت من أضيق أبواب النسيان وأنا أتذكر من أنا وأنسى من أنت خرجت بعد معاناة طويلة في أيام طوال لا تنتهي وليالي سوداء قاتمة كمثل لون بؤبؤ عينك الذي غرقت فيه من زمن.
ارتحل مهزوماً طريدًا شريدًا راغبًا في أن أكون في أقصى أقصى مسافة في البعد عنك، رحلت مهزوما بإرادتي لأن الخطأ في البدايات خطأي أنا والخطأ في النهايات خطأي أنا.
(2)
تحررت منك فراشة روحي فطارت بهية الطلعة حزينة الأجنحة وكسيرة الألوان لم نستطيع إنقاذ إلا الأخضر من الألوان من براثن حرب خضناها معك، لم نستطيع أن ننقذ كل الحروف والكلمات ولكن أنقذتنا الهزيمة منك بشرف، وأنقذتنا الوكسات المتتالية لنصبح نحن دونك مكتملين دون نقصان.
باتت الفراشة الوليدة حائرة لكن سنجد في الطريق ما يجعلنا نكمل من دونك وأن كنا مهزومين وأن كنا حيارى وأن كنا لا نجد الطريق ولا نقتفي الأثر فالأثر لك فاسد والأثر عنك مهلكة.
ندخل في باب واسع من الهزيمة اليتيمة التي يحملها قلب الفراشة وتطير بها وتحلق بعيدا عنك في السماوات وفي علين حيث لا نجد مكان يذكرنا بهزيمتنا وأن كنا نرغب دوما في أن نتذكرها ولا ننساها ما حيينا حتى نعش كشرخ في قلب الفراشة يذكرنا دوما بما مضي وما حدث.
كانت أخطاء الماضي تدفعني للزود عن هزيمتي وللبحث عن أسبابها ولكن نظرة الفراشة الحزينة جعلتني أتوقف عن فعل هذا وعن البحث عن الأسباب وعن معرفة فراشات أخريات يبدون بكل هذا الحزن ويبدون بكل تلك البشاعة في قلوبهم الصغيرة الدافئة.
(3)
ككل الأبواب التي دخلتها وعلينا أن ندخلها علينا أن نقدم فروض الولاء للدخول والاستكانة للهزيمة ليست مدعاة للفخر ولا جلبا لنصر لا نرومه ولا نطلبه ولكن علينا أن ندخل ذلك الباب علينا ان نهزم كي نتوقف عن تقفي الأثر علينا أن نعلن هزيمتنا واضحة وجلية للأعين وللناظرين علها تسرهم أو هي فعلا تسرهم؟
لن نعرف لأننا لن نلقيهم مرة ثانية فقد حققنا لهم أخر وعودهم ألا تكن تلك المرة الأخيرة في اللقاء وقد كانت فأحرص على كلماتك التي تتفوه بها لأنها ستتحول لحقيقة طال العمر أو قصر.
تدخل فراشتي التي تحررت من سجن كلماتك وسجن روحك مهشمة نعم، خاسرة نعم، لا تقوى على الطيران ولا تقوى حتى على الوقوف وحدها، ولكنها مني فهي قوية مثل ما كنت وشجاعة مثل ما كنت أنا وغير خائفة لا تخاف وأن تمت هزيمتها بشدة لا تخاف وأن تكسرت أجنحتها فغداً سينبت لها أجنحة وسيكبر قلبها ويزورها الدفء وتنزل عليها السكينة والمودة بعيدًا عنك لن تصبح خائفة وستصبح مطمئنة بي بعد تحررها منك.
(4)
تعبر من باب الهزيمة مصابا ذا قلب معطوب وروحا شائخة وجراح دافئة لا زال الدم يقطر منها، تعبر وأنت تبتسم فلازت دوما تفعل ذلك ولا زلت قلبك يبتسم حتى وهو منكسر، أي روح أتت فراشتك وأي قوة منحتها فراشتك، فراشتك التي مهكت أجنحتها بأصابع كلماتها وحبستها وراء الباب فلا تركتها ترحل ولا تركتها تبتسم كأن الابتسامة عكس الهزيمة، فبابتسامة وحيدة حولت نصرهم لهزيمة وحولت هزيمتك لنصر فريد من نوعه فتلاشت هزيمتك وتلاشى انتصارهم في الوقت ذاته.
لم تعد تخونك الكلمات فالهزائم كلها أصبحت واحدة نهزم فقط عندما نعترف بذلك وأنت قبل أن تدخل من هذا الباب اعترفت بهزيمتك وحنينك لأن تقضي وقت أطول مع فراشتك الحبيسة التي تحررت من سجنها اشتقت أن تقضي وقت أطول معها وأن تحادثها عما مررتما به وعما حدث في باب النسيان قبل أن تطرقا باب الهزيمة تتساندا معا كي تمرا وتعبرا لأبواب أخرى لأن الرحلة ممتدة والأثار كلها تالفة.
تنجذب الفراشات للنار وتنجذب أنت للساحرات، بُطلت النيران وبطل مفعول الساحرات من زمن الانعتاق، الفراشة التي تحررت ستحميك من كل شيء، ستحاوطك وتتساندا معاً كتفا إلى كتف إلى أن تنتهي أثار الهزائم والحرائق وتعود الأجنحة للتحليق وتكف الأعين عن ذرف الدموع ويكف القلب عن تقبل الهزائم كما هي.
(5)
نحتاج لأن نجعلها تمر، نحتاج لأن نداوي جراح الفراشة فالفراشات بعد الأسر تصبح ضعيفة لا تقوى على أي شيء، تحتاج الفراشات لمزيد من الابتسامات لأن نجعلها تحب نفسها مرة ثانية لأن تحلق عالية لتصبح الهزيمة ذكرى مرت ولن تمر ثانية بها.
الهزيمة ليست يتيمة إبدا بل لها من الاباء الكثير ومن الأمهات الأكثر كل منهم ينادى بأنها هزيمته الخاصة وهزيمته الذاتية، الكل في ذلك الدرب يبحث عن ان يزود عن الأخرين في هزيمتهم، لا يمنحهم الانتصار أي شرف أو فخر، الهزيمة هي من تفعل، من هزم أكثر من من؟ لا أحد يبالي، كلنا سواسية فيما وراء هذا الباب، كلنا نصطحب فراشاتنا الوحيدة الجريحة لنجعلها تحلق بعيدا عن أثار تلك الهزيمة ولنجعل قلبها من جديد يخفق ويتدفق فيه الابتسامة التي سلبوها منها ومنك.
في عين الفراشة عين الساحرة تسكنها وفي عيني عين النار التي تخافها الفراشة، كلنا مرتبطون إلى نهاية هذا الباب، نعبر معا ونغادر معا، أن اقتربت أكثر أنا من فراشتي تحرقها النار التي في عيني وأن اقتربت فراشتي مني قليلا تحرقني الساحرة التي تسكن عينها، فنبدو أننا تقبلنا هزيمتنا ولكنها عبرت معنا وأقسى الهزائم هي التي تعبر معنا ولا ننساها في عالم النسيان المريب الذي مررنا به، سنخوض معركة أطول وأشرس في ما يلي من وقت، حتى تغمض الفراشة عينها وأغمض أنا عيني ونسير معاً دون أن نرى فنكف عن رؤية الأثر ونكف عن تقفيه ونكف عن إلا نصل، فنصل.
_______________________________
أول ما جاء في باب الهزيمة
الكتاب الثاني
ثلاثية الهم
عطية
27 يناير
2020
Published on January 27, 2020 00:07
•
Tags:
و_سأظل_أقتفي_أثرك_و_لا_أصل