سوف لن يصل إلى وجهته إبدًا - 2
لما الحماسة عندما يخيل لنا أننا وصلنا لوجهتنا؟ ولما الحزن عندما تضيع البوصلة وجهتي وتشير لوجهتك أنت؟ لما كل الأمور التي أرتبها تفسد وبذكراك تكتمل، كيف تفسد الفرحة نفسها كي تمر ببالي فتصلح من زينتها وتصبح أجمل ذكرياتي.
لما لا يتوقف النهر الجارى بيننا، الواصل بيننا، لما لا أنفك أتوقف عن الحزن عندما يحزن النهر ويحمل رسائلك بعيدًا عني، أراها ولا أقراها، أراها ولا أدنو منها، أراها وأخافها، الموسيقى ذاتها تخاف ما بيننا، توشك أن تتحدث الألحان أنه كفى، أزل السد، أزل ما يفسد ذلك العالم لك، أزله وإلا زالت روحك، لكن الانعتاق من الشيء ليس كالولوج فيه مرة ثانية، تتيبس الأطراف،ـ ويقسو القلب، يصبح في نبضاته مثل خبطات عجوز القرية الذي يجدف وحيدًا في الليل ليصطاد سمكة عجوز مثله، لا أسنان لها، لتفرحه أنه اصطادها وليفرحها أنه سيمنحها يوم أخر لتعيشه، وتتوالي القصة مثل تتوالي موجات النهر الذي يفصل بيننا.
لما تخبو الأمال؟ وتدنو مننا الأمواج الهادئة الحزينة، كل أمواج النهر الهادئة حزينة وتحمل دومًا أخبار حزينة وسيئة، لن تشاهد عباب المحيط الذي يحمل الخير والرغبة والشهوة، في موجات النهر البائسة التي تسير بأخبارك إلي، أود أن اصل بهدير المحيط العابر وأمواجه القاسية لذلك النهر القابع بيننا، فأما أن يجدده ويصبح يانعًا مثل ابتسامة شفيتك في الصباح، أو كتورد يديك بعد كتابة قصيدة لن أراها، ولن يقرأها أحد لأنها قصيدتي، كل كلمات النهر الخامل فاسدة، ولا يعول عليها وكل المحبات المرسلة لغيرك فاسدة، كل الأسماك التي نهلت من قصائدك البائسة فاسدة.
الحياة قاسية دونك، عصية علي، وتناوشني بأكاذيبها نحوي، تجبرني على أن أخرج الذئب المنهزم ليحل محل الذئب المنتصر، لن تدرك كيف تكون الحياة مع ذلك الذئب، قاسية مثل صباحاتك التي لا تحمل ودًا، وقوارب صيدك التي لا تحمل مأرب سوى الغوص في وحل طين الكلمات بيننا، القوارب لا وجهة لها هي قوارب ستغرق في منتصف النهر، لن تصل ولن تنجو، سيرشدها الذئب لنهاية مشوارها ورحلتها.
الحياة دوني لعينة وعصية كعصيان الكلمات عليك وعصيان الأفكار علي، كعصيان السمكة العجوز على العجوز ذاته، كل طاقة تفنى في الانتظار بائسة، كل طاقة تعتمد على الصبر وقود لها بائسة، أمنياتي في الوصول كأمنياتك في الرحيل، أمنياتنا في الدنو في أن تجف مياه النهر، وأن تتوقف الاعتذرات بين المحيط الهادر والبحر وأن تأكل أسماك المحيط بعض قصائدك علها تبدأ في محبتك.
أتعرفين خيبات الأمل التى ترتسم على وجوه الأطفال عندما نعود دون أسماك، طعام، هدايا، أتعرفين خيبات الأمل عندما لا تعود القوارب حاملة بمن رحلو على متنها؟ أتعرفين خيبات الأمل عندما لا نعود، أتعرفين خيبة العجوز عندما يعرف أن أحدهم صاد رفيقة عمره السمكة العجوزة، وتناول كل كلمات الشعر منها، التي قولتيها لها وسمعتها منك في أمسيات مائلة للأزرق وللأرق، خيبات الأمل التي لا يمكننا الكتابة عنها هي الخيبات التي لا تتوقف عن التكرار، الأمل الذي لا نفقده هو الألم الذي يؤلم، الأمال التي نفقدها، تذهب بلا عودة، الأمال التي نكنها أن تعود القوارب محملة بأسماك قرضت شعرك، وحفظت كلماتك، أمال قاسية لأنها لا تتحقق، ولأنها لا تنفك عن الزوال.
الوصول للوجهة يتطلب قدرًا أدنى من الجهد والأصرار، الدنو من الشاطيء يتطلب روحًا راغبة في ذلك، يتطلب قوارب عفية، يتطلب صدق وأمل وشيء ننجو لأجله، وننحو نحوه، ونتشبث بعافيتنا لأجله، العجوز الآن ترك القارب يهيم به، ناحية الشلال الذي لا يبدو سعيدًا بما يحدث، الشلال يود أن يخطف روح العجوز بمقاومته وليس برضا منه، والعجوز لا يود أن يحيا بعد قطف حياة سمكته العجوز، والسمكة العجوز كانت تود أن يتم صيدها بيد صديقها العجوز لا غيره، ليست الأمالي هي المشكلة المشكلة في أن تحقيق تلك الأمالي تأتي بيد من لا نرغب بهم، كالنهر الذي يحمل طعومًا منك يريدها البحر ويريد النهر أن يظل حزينًا كما كان.
أفلا طوبى لمن يملكون وجهة ما، وطوبى للبائسين الذي عرفوا أن الوجهة هي الرحلة ذاتها فتوقفوا عن البحث، وطوبى للعجوز الذي فقد شغفه، وغاص في أوحال الرهق، طوبي للغارقين، والتعبانون والناجون إلى حين.
27 سبتمبر
2020
لما لا يتوقف النهر الجارى بيننا، الواصل بيننا، لما لا أنفك أتوقف عن الحزن عندما يحزن النهر ويحمل رسائلك بعيدًا عني، أراها ولا أقراها، أراها ولا أدنو منها، أراها وأخافها، الموسيقى ذاتها تخاف ما بيننا، توشك أن تتحدث الألحان أنه كفى، أزل السد، أزل ما يفسد ذلك العالم لك، أزله وإلا زالت روحك، لكن الانعتاق من الشيء ليس كالولوج فيه مرة ثانية، تتيبس الأطراف،ـ ويقسو القلب، يصبح في نبضاته مثل خبطات عجوز القرية الذي يجدف وحيدًا في الليل ليصطاد سمكة عجوز مثله، لا أسنان لها، لتفرحه أنه اصطادها وليفرحها أنه سيمنحها يوم أخر لتعيشه، وتتوالي القصة مثل تتوالي موجات النهر الذي يفصل بيننا.
لما تخبو الأمال؟ وتدنو مننا الأمواج الهادئة الحزينة، كل أمواج النهر الهادئة حزينة وتحمل دومًا أخبار حزينة وسيئة، لن تشاهد عباب المحيط الذي يحمل الخير والرغبة والشهوة، في موجات النهر البائسة التي تسير بأخبارك إلي، أود أن اصل بهدير المحيط العابر وأمواجه القاسية لذلك النهر القابع بيننا، فأما أن يجدده ويصبح يانعًا مثل ابتسامة شفيتك في الصباح، أو كتورد يديك بعد كتابة قصيدة لن أراها، ولن يقرأها أحد لأنها قصيدتي، كل كلمات النهر الخامل فاسدة، ولا يعول عليها وكل المحبات المرسلة لغيرك فاسدة، كل الأسماك التي نهلت من قصائدك البائسة فاسدة.
الحياة قاسية دونك، عصية علي، وتناوشني بأكاذيبها نحوي، تجبرني على أن أخرج الذئب المنهزم ليحل محل الذئب المنتصر، لن تدرك كيف تكون الحياة مع ذلك الذئب، قاسية مثل صباحاتك التي لا تحمل ودًا، وقوارب صيدك التي لا تحمل مأرب سوى الغوص في وحل طين الكلمات بيننا، القوارب لا وجهة لها هي قوارب ستغرق في منتصف النهر، لن تصل ولن تنجو، سيرشدها الذئب لنهاية مشوارها ورحلتها.
الحياة دوني لعينة وعصية كعصيان الكلمات عليك وعصيان الأفكار علي، كعصيان السمكة العجوز على العجوز ذاته، كل طاقة تفنى في الانتظار بائسة، كل طاقة تعتمد على الصبر وقود لها بائسة، أمنياتي في الوصول كأمنياتك في الرحيل، أمنياتنا في الدنو في أن تجف مياه النهر، وأن تتوقف الاعتذرات بين المحيط الهادر والبحر وأن تأكل أسماك المحيط بعض قصائدك علها تبدأ في محبتك.
أتعرفين خيبات الأمل التى ترتسم على وجوه الأطفال عندما نعود دون أسماك، طعام، هدايا، أتعرفين خيبات الأمل عندما لا تعود القوارب حاملة بمن رحلو على متنها؟ أتعرفين خيبات الأمل عندما لا نعود، أتعرفين خيبة العجوز عندما يعرف أن أحدهم صاد رفيقة عمره السمكة العجوزة، وتناول كل كلمات الشعر منها، التي قولتيها لها وسمعتها منك في أمسيات مائلة للأزرق وللأرق، خيبات الأمل التي لا يمكننا الكتابة عنها هي الخيبات التي لا تتوقف عن التكرار، الأمل الذي لا نفقده هو الألم الذي يؤلم، الأمال التي نفقدها، تذهب بلا عودة، الأمال التي نكنها أن تعود القوارب محملة بأسماك قرضت شعرك، وحفظت كلماتك، أمال قاسية لأنها لا تتحقق، ولأنها لا تنفك عن الزوال.
الوصول للوجهة يتطلب قدرًا أدنى من الجهد والأصرار، الدنو من الشاطيء يتطلب روحًا راغبة في ذلك، يتطلب قوارب عفية، يتطلب صدق وأمل وشيء ننجو لأجله، وننحو نحوه، ونتشبث بعافيتنا لأجله، العجوز الآن ترك القارب يهيم به، ناحية الشلال الذي لا يبدو سعيدًا بما يحدث، الشلال يود أن يخطف روح العجوز بمقاومته وليس برضا منه، والعجوز لا يود أن يحيا بعد قطف حياة سمكته العجوز، والسمكة العجوز كانت تود أن يتم صيدها بيد صديقها العجوز لا غيره، ليست الأمالي هي المشكلة المشكلة في أن تحقيق تلك الأمالي تأتي بيد من لا نرغب بهم، كالنهر الذي يحمل طعومًا منك يريدها البحر ويريد النهر أن يظل حزينًا كما كان.
أفلا طوبى لمن يملكون وجهة ما، وطوبى للبائسين الذي عرفوا أن الوجهة هي الرحلة ذاتها فتوقفوا عن البحث، وطوبى للعجوز الذي فقد شغفه، وغاص في أوحال الرهق، طوبي للغارقين، والتعبانون والناجون إلى حين.
27 سبتمبر
2020
Published on September 27, 2020 02:52
•
Tags:
سوف-لن-يصل-إلى-وجهته-إبد-ا
No comments have been added yet.