Amedine's Blog
August 29, 2020
The grey ceiling on the earth

The link of the song:
Your Winter
The gray ceiling on the earth
Well it's lasted for a while
Take my thoughts for what they're worth
I've been acting like a child
In your opinion, and what is that?
It's just a different point of view
What else, what else can I do?
I said I'm sorry, yeah I'm sorry.
I said I'm sorry , but what for?
If I hurt you then I hate myself
Don't want to hate myself, don't want to hurt you
Why do you chew your pain?
If you only knew how much I love you, love you
I won't be your winter
And I won't be anyone's excuse to cry
We can be forgiven
And I will be here
The old picture on the shelf
Well it's been there for a while
A frozen image of ourselves
We were acting like a child
Innocent and in a trance
A dance that lasted for a while
You read my eyes just like your diary,
Oh remember, please remember
Well, I'm not a beggar, but what's more
If I hurt you, then I hate myself,
I don't want to hate myself don't want to hurt you
Why do you chew that pain?
If you only knew how much I love you, no
Well I won't be your winter
I won't be anyone's excuse to cry
And We can be forgiven
And I will be here
I won't be your winter
And I won't be anyone's excuse to cry
We can be forgiven
And I will be here
Published on August 29, 2020 06:20
January 29, 2020
Does laying in bed thinking count as meditation?
If your are not aware of your thinking then it is not meditation.
If you are triggered by your thinking that is not meditation.
If your are witnessing watching observing and accepting your state of thinking. That is the “beginning” of meditation.
But if you are just laying and thinking about life and what happened. And drifting with your thoughts that take you out of the present moment.. then that is not meditation..
Meditation is the science of being who you truly are. And what you are exists here and now, not what other people said and did, or what happened, what’s going to happen, what “ifs”. That is all rubbish! It is all nonsense..
What you are is what you are.. here this! Fully accepting yourself and surrendering to whatever is happening here.. Pain or joy it doesn’t matter! What matters is that you are yourself here and now.. And you are not going anywhere until you are being your “self” totally and permanently.. For Eternity!
Peace & Love
If you are triggered by your thinking that is not meditation.
If your are witnessing watching observing and accepting your state of thinking. That is the “beginning” of meditation.
But if you are just laying and thinking about life and what happened. And drifting with your thoughts that take you out of the present moment.. then that is not meditation..
Meditation is the science of being who you truly are. And what you are exists here and now, not what other people said and did, or what happened, what’s going to happen, what “ifs”. That is all rubbish! It is all nonsense..
What you are is what you are.. here this! Fully accepting yourself and surrendering to whatever is happening here.. Pain or joy it doesn’t matter! What matters is that you are yourself here and now.. And you are not going anywhere until you are being your “self” totally and permanently.. For Eternity!
Peace & Love

Published on January 29, 2020 07:46
•
Tags:
meditation, thinking
September 6, 2019
ميساء الانوثة العظيمة (Divine Feminine)

حدث وان كنت منعزلا ملتفا حول نفسي خلف الصحن والاسوار التي تعبت في تشييدها.. قلعتي البنفسجية الخالدة لبهجتي.. كلون الكدمات والزرقة والخضرة.. كنت تائها بين احضان الرحيل على سقف عربة قطار.. والريح تقبلني بمسامي.. تفقد الكآبة عذريتها لتلد الأمل في وجهها.. في اللحظة التي نزلت من باب القطار.. سرعان ما نبض هواء المكان بذلك الأمل.. الرضيع الذي تحرص عليه وتربيه ملامحها.. تحظنه بين جفونها وتتأمله بعيونها وتقبله بشفتيها المملوئتين بالعشق.. قالت لي نفسي هذه هي عندما رفرفت كسوتها الصفراء.. وطارت قبعتها من رأسها لتهرع للألتقاطها.. لكنها حطت عند قدمي..
كنت قد انحنيت في اللحظة التي وقفت امامي لأرفعها من الارض.. وممددتها لها بينما اكتشف اتساع حدقتيها وهي تتأمل قسمات وجهي لتتوقف عند عيني.. نظرت في عيونها الرمادية.. واقنعني فضاء بسمتها بأنها الهة من اغبر القرون.. وانا الهها.. "هل تعلمين؟" فكرت وانا اتفحص رماد عيونها.. "لو انك تبتسمين.. حتى يغمرني الاجل بامواجه.."
استردت نظرتها فجأة وبدا عليها الخوف.. وهمست لي بينما تستدير مهرولة:"شكرا لك"
مددت لها يدي اريد بقائها: "انتظري ميساء"
وركبتني الصدمة للكلمة التي نطقت بها..
اصابها الذعر واستدارت وبصرها زائغ: "من اين تعرف اسمي؟"
تمتمت وقد شعرت بالرعب مما حدث: "لا اعلم؟؟"
بقينا نحملق ببعضنا من الصدمة.. بددت هي متوجسة ومترددة.. على سحنتها تجاعيد وخطوط الارتباك.. خطت خطوة للوراء جسدها حذر في حين ممدت لها ذراعي مقتربا.. ترددت بفعل خوفها.. رأتني اقف فتأملتني اتمتم مرة ثانية: " لا ادرك من هذا الأمر شيئا غير اني رأيتك في خيالي" تأملت في الفراغ بعيون تتألق ويلمع مائها.. كبحيرة زرقاء شفافة بأنعكاس وجه الشمس عليها..: "وعندما رأيتك تنزلين من القطار كنت انت التي اتيت في منامي.. انا اعرفك.. روحي تعرفت عليك قبل عيني.." همست بكلمات مبثورة: "كي.. كيف ذ.. ذلك؟ مستحيل"
هربت ولحقتها.. امسكتها من ذراعها لأوقفها فأستدارات وحدقت بي وضعنا في اللحظة.. عيونها الرمادية الشفافة.. ببراءة وصدق.. وحشمة وألوان.. رأيت جمالها في حديقة الجنة.. مزدانة اصناف ورود وعبقان.. روائح ملائكية.. كانت تتنزه بفستانها الابيض المتلألأ وشعرها المتموج الاشقر.. وعندما رأتني دعتني وهي تنده: " لتأتي.. انا اسمي ميساء"
تمتمت ميساء: " من فضلك.. انت تحضنني وتصرني بقوة" تنبهت لها ورخفت من شدة العناق..: " ارجو ان تتركني.. لأنه رغم اني لا اعرفك الا انه احساس جميل بين ذراعيك"
اسقطت ذراعي ارجع للوراء بخطوات واتأملها.. تخضبت وجنتها بحمرة وهمست تبعد عني عينيها: "لكن لا اعلم لماذا اريدك ان تحكي لي اكثر.. وان اتعرف عليك"
قلت لها مبتسما وقلبي يملأه الايمان: "نحن سنقع في حب بعضنا البعض يا ميساء"
ظلت تتأملني لبرهة.. ثم تمتمت مبتسمة ايضا: "ربما"
قلت مومئا برأسي نحوها: "غدا اول موعد؟
همهمت لي: "امهم" ايجابا.. سألتها بفضول "هل ستبقين بفندق البلدة؟" نفت ومشت نحو سيارات الاجرة قائلة: "لا.. سأبقى مع عمتي" مشيت بجانبها مقترحا: "اسمح لي بأن اوصلك الى منزل عمتك"
فكرت قليلا وقالت: "يمكنني ان اذهب في تاكسي.. لا داع لذلك" نبست بأصرار "اصر على ان اوصلك.. واعرف عنوانك ايضا.. من اجل ان اصطحبك من هناك للموعد" ابتسمت موافقة: "حسنا"
ابتسمت لها واتجهنا الى سيارتي...
في الطريق قلت لنفسي.. هاهي فتاة احلامك تجلس بقربك.. شفتيها الناعمتين الورديتين تنفتحان وتنغلقان.. ووجهها يتراقص بقصماته الروحية التي تشكل جمالها المستحيل.. تحكي لك عن عمتها وترشدك الى طريق بيتها.. تسأل نفسك لما تستحق كل هذه الاصالة والانوثة.. وتقنع نفسك بأنك قوام بها.. انظر الى نفسي من الداخل فالقاها تنظرني وتمدني بالايمان.. وتحول خوفي شجاعة تنزع السلام من قفص الظلام لتزرعه في ارض البشر الولهان.. انها ملاذي واصطولي وكياني وامبراطوريتي.. وصادفتها في حلمي.. فولدها الكون في حياتي.. هاهي حقيقة امامي.. ميساء...
نزلت من السيارة بعد ان شكرتني لأيصالها، وقفت على الرصيف بحذائيها المتلامسين بفعل وضع وقفتها، يرفل فستانها وتلمس بكلتا يديها حقيبتها، تترك بيد واحدة الحقيبة لترفعها الى شعرها لتساعد خصلات علقت على جبهتها المنيرة بفعل الرياح، على الرجوع الى مكانها حيث كانت مرتبة تلمع على رأسها الرفيع وشكل وجهها المستدير، لوحت لي بعدها بأصابعها وكأنها تؤكد لي رغبتها في ان افي بوعدي واجيء يوم الموعد.. ولا تكون هذه اللحظات مجرد نزوة عابرة، تحكي لي بنظرتها المتأملة انه لو صافدت شخصا اخر غيري لظنت انه مجرد متحرش او شاب يحاول ان يلتقط ارقام وهواتف البنات في الشارع، ليضرب موعدا كاذبا وليد حوار منسي، فتحت لي قناة الثقة قاصدة انه حتى ولو لم تحلم بي كما رأيتها انا في احلامي، الا انها احست بذلك الاتصال، وكأنها تنفي شكوكي بأنه كان لقائا غريبا وسريعا، فمن اين للناس بتلك الجرأة حتى يعبروا عن رغباتهم واحلامهم بتلك الطريقة، خوفهم من ان يبدو بأعين الناس مجانين وحمقى وعرابيد هوى الشوارع، او متسلطون من دون كرامة وكبرياء، لكن الخوف، تحكي لي بعينيها، تهمس انت والخوف اعداء غريمين، انت سحرتني بطريقتك العفوية وانطلاقتك، اما عيونك فهي خيوط ماء حريرية تسقي ازهار جمال النساء، نظرتك الرجولية تذب الحياة في وعاء الانوثة، انت تذكر جنس النساء على انهن جنس راق متمختر، دلال وحنان ورقة ولمسة والحان، من الاصوات والنبرات الهادئة، المغرية النائمة، المنومة المبهمة.
تقول لي معك لا يحتاج بنات جنسي لمقدمات او كبرياء، معك لايحتجن لحسابات او تصنعات، فأي انثى في مكاني كانت ستحس كما احسست انا، اني اعرفك، او وددت ان اعرفك، او رسمتك في احلامي فارسا من قبل، انت الرجل الذي تحلم به كل امرأة تستوعب العظمة وتتعرف عليها فور ان يقع عليها بصرها...
ولعلي تخيلت او اختلقت كل ذلك من مخيلتي، لكن طمأنت نفسي بأن الايام بيننا ستحكي ما اعربت عنه العيون صمتا، واخفته كتما، ورفضته خوفا، من الافكار التي برمجت مفهومها ونظرتها للجنس الاخر بالنسبة لها.
ورحلت عنها ذلك اليوم وقلت في نفسي ما لا يجف جوفه وما لا تفنى حروفه، ولأنها كيان روحي عجيب في نظرة الروح.. اراد الخوف ان يتلاعب بشجاعتي وثقتي، فالشجاعة امامها استنجدها من نظرتها لي، فلو لا انها تنظر لي بلطف وحنان، ولو لا انها انثى منسابة وشاعرية، هادئة ومتأملة، مراعية لاحاسيس ونظرات الاخرين لها ولجمالها وفنها، لما اخذت من تلك الثقة ذرة، ولأنطويت خشية من ان يكون جوابها عكس ما امتننته في نفسي ومااحتبسته في دواخلي..
تخالطت الافكار في دماغي كما اوراق اللعب متناثرة في الهواء، ملقاة على الارض، بعضها مقروء واضح بواطنه والبعض الاخر معمش معتم بخربشات لا معنى لها في قاموس العشق، وكنت افضل ان احسبها في خيالي اوراق ربح يحك غلسها لتفصح عن اجوبة من المستقبل، وعن صور بجانب من الى الفؤاد قريب، تضحك بطلاقة واضحك معها ونحن نلتقط الصورة، ليفرح قلبي وينجى من هذا الخوف الوهمي الهالك للنفس والعقل.. رأيت من البهجة وقلة صبر نفسي اجوب العالم معها، اقضم من فوائد طعامها، وتقضم حبة الفراولة من شفاهي بشفتيها وتتذوقها كاشفة عن ابتسامة اسنانها، امسح بعضا من الكريمة البيضاء على انفها بعد محاولة تشتيت انتباهي عن اعداد الوصفة، بأغراء ابتسامتها وانحناءة خصره المقوس، تخيلت كل هذا وعدلت عن ذكر الباقي في مخيلتي، لأني ادرك ان الحياة معها لن تفنى، والشعور معها لن يمل، والتكرار معها لن يثقل، لأني ادرك انه بمقدوري ان املأ خيالي بالسيناريوهات حد الجنون، على ان الخيط رفيع بينه وبين العبقرية، لكنها هي العبقرية كلها، فمجرد توالي اصابع اقدامها عارية في منامي، وكأنها ترقص رقصة بجعة خالدة وسط نافورة من الكريستال المائي، وعند منتهى كعبيها وملكية ساقيها اردت ان اعقد خلخالا من عشقي، واقبل اقدامها تبجيلا..
وفي الغد جاء موعدنا، وقضيت الساعات لأول مرة كالفتيات اعدل من ثيابي وشكلي، خوفا من تفقد اهتمامها بي، وعجبت لتوتري في الموقف، رغم الثقة والجسارة التي املكها، وادركت انه من تأثيرها علي ليس الا. انتظرت امام باب منزل عمتها لدقائق، اراجع الكلمات واحسب الحروف، اجهد نفسي في اختيارها وتمحيصها، ولكن ولا عبارة استطاعت ان تتحمل مسؤولية احاسيس وموقف كهذا، وكأنها اصابتها عدوى التوتر مني، لأول مرة ابت الكلمات وامتنعت من ان تطاوعني وتتراقص مع لساني وتنسجم معه انسجاما روحانيا مطلقا.. وقرر التلعتم ان يعود للحياة من جديد وان يحتل الاماكن الشاغرة من صفاتي وزاد التلقائية والسيطرة العفوية.. عدلت من ربطة العنق الف مرة، وفي كل مرة احس اني اشدها اكثر حول عنقي، وبأنفاسي تتباطئ، تملكني التوتر وركبتني النرفزة.
اطلت ميساء في فستان احمر اقحواني، كتفاها يطلان من اعلاه وفمها يلمع بأحمر شفاه، وجفونها بمسحوق اسود خفيف يلمع ضد اضواء الحي الليلية، تتلاعب الريح بنهايته ليلمع باطن فخذها ضد الشعاع الاصفر، ويتلألأ رماد عينيها كأنه محيط غوتي دافئ، وشعرها المجموع المائج الاشقر والمتدلي من عند كتفها الايمن، كانت بشرتها قمحية.. وثغرها كالكرز...
مددت يدي المرتعدة هامسا: "اتسمحين؟"
ابتسمت بأنوثة ورقة قطنية الملمس، ثم قامت بخطوات وئيدة متناسقة بأتجاهي وتمتمت بخدين محمرين: "بكل سعادة"
خفق قلبي وانا اتأبط ذراعي اسايرها لأفتح لها باب سيارتي، شعرت وكأن فؤادي سينفجر حتما من الضربات المتسارعة، وعشت لحظة جريان قطرة العرق من على رقبتي نحو اسفل الظهر فسألتها بحلق ساخن: "هل تشعرين بذلك؟" استنشقت الهواء البارد عبر انفها وعلا نهديها المتمايلين، كانت تمسك على يدي بقوة مؤكدة لي فعل ذلك التيار الذي جرى بيننا ما ان تلامس جسدينا، وتمتمت بصوت مخفوض مفعم بالحشمة: "بلى" وقهقهت من الفرحة وقلت: احس اني طفل صغير ينضح بالسعادة والحياة"
فاجابتني بصوت هاتف حنون: وانا كذلك.."
فتحت لها باب السيارة بينما ابقي راحتى على ظهرها، وما ان همت بالصعود حتى انجذبت مع رائحة شعرها استنشق عبيرها، فأحست بأنفاسي وظهرت ابتسامة مثيرة عند ركن فمها، وجلست وضمت ركبها الى بعض تحت راحتيها، واستدارت لتنظر في وجهي من خلف زجاج السيارة وابتسامة متأملة على محياها، نظرت اليها بكل عشق ايضا حتى ارتجت حدقتيها وازدادت ابتساما وبهجة.
استدرت على عجل لأجلس على مقعد السائق وادير المحرك. قالت: "سيارتك جميلة، اي طراز؟"
اجبتها وانا اضع حزام الراكب: "طراز السبعينات"
وابتسمت بينما قامت بجر حزامها من مكانه لتربطه، تساقط الشعر على وجهها بينما تفعل، ارجعت رأسها للوراء واعادته للخلف، وانطلقت بالسيارة، ثم اخبرتها اننا سنجلس بمطعم جنب البحر، فأومئت برأسها موافقة، وسرعان ما طويت الطريق من تحت العجلات لتأخذنا الى طريق المطعم.. واخذت بيدها ونحن ننزل الطريق المائلة التي ينتهي اسفلها عند واجهة البحر، ولأن حذائها كان كعبا.
تأملنا صورة البحر ليلا بعد مسحة الغروب بوقت قصير، كنا قد توقفنا عند المنظر قبل ان ندخل المطعم لنجد مكانا فارغا يطل على البحر، وجلسنا، وظلت هي تنظر نحوه ووجهها مضيء، فمها الكرزي ساكن ورخو، ورموشها ناصعة بكحل خفيف، وبؤبؤ عينيها المتسع، تمسد شعرها الاشقر كل مرة، تضع ذقنها على راحة يدها واصابعها تلامس خدها بتناسق، لمحتنى اتأملها فازداد ارتباكها وابتسمت بخجل، فقلت لها: "تريدين ان تخفي جمالك فما تزدادين الا جمالا"
شهقت للعبارة وتمتمت: "واو" ارادت ان تقول شيئا لكنها اشاحت بوجهها مخفية ابتسامتها مرة اخرى، ظلت تتأمل امواج البحر لبرهة ثم قالت: "ما رأيك ان ننزل البحر افضل، ونتمشى بأقدامنا عارية فوق الرمال؟" استمدت الثقة من عيونها واجبت: "ألم يعجبك المطعم؟"
اجابت نافية: "ابدا، فقط اردت ان نتمشى جنب البحر افضل ان نجلس هنا، وكأننا نطل عليه من نافذة زنزانة" وابتسمت
رفعت حاجبي معجبا بتفكيرها ونهضت ووقفت هي وسحبت الكرسي من ورائها لأساعدها بالخروج، وتقدمت امامي ولحقتها متأملا مشيتها، لم استطع امنع نفسي من رؤية جمال مشيتها وعودها، تميس بأنوثتها ميسا لتكون ميساء، وتمايل مؤخرتها خلف الثوب الاحمر، تتموج وتتراقص ببطئ مثير، بشكلهما البيضاوي المقوس والمتناسق.
سرنا جنب رغوة مياه البحر وزبدها، وبصمنا بأقدامنا على الرمال المبللة.. وتبادلنا حديث الحياة الممل، العمل، الهدف، المستوى الدراسي، علاقات الحب السابقة، نظرتنا للمجتمع وتفكيره، نظرتنا للدين والتقاليد والاعراف، للفن والابداع والموسيقى، نظرتنا للسياسة والاجتماع، لكن لا شيء كان اهم من تلاقي اعيننا كل مرة، في تلك اللحظة كان كل شيء تافه، سطحي فائت، ما عدا وجودنا مع بعض في نفس المكان والزمان، كما لو خلقنا لكي نكون في نفس اللحظة، كنت في كل مرة انظر لعينيها اخبرها سرا،، بينما يأتيني الفضول عن اسرارها، وفي كل مرة اعشق فيها صفة وحركة، في الوقت الذي احاول ان اظهر افضل صفاتي وحركاتي، في كل مرة انتظر المرة الموالية لأنتظر ان انظر في عدد المرات التي سأنظر فيها لوجودها ومحياها، وشكلها، وصفاتها الرنانة، وبرائتها الغضبانة، وانوثتها الاصيلة، ووقفتها وتمايلها وبسمتها وخجلها وعقدة حاجبيها، وتلاصف فمها، وقصر انفها، وانحدار جفونها واصطفاف رموشها في تداخل كثيف، وجيد عنقها، وبعد حركتها ومشيتها، واعجابها بي، وتأملها لي، ونفاذ صبرها من انتظار كم استغرق وقت اول نظرة، متلهفة على التي لم تخلق بعض، تبحث عن الخلود، تراني حبيبها الخالد في قصر مهجتها وقلعة رواحها، وهكذا اراها انا، جميلة بصفتها وكريزمتها، تبتسم وقت الابتسام، وتصمت وقت الصمت، وتتأمل في سكون، وتقوم بحركات كثيرة، نشطة ومتأملة، ومتصلة مع ذاتها، متثاقلة، ولا يهمها الاخريات من بني جنسها، لا يهمها الانتماء الى مجتمعها بقدر ما تهمها نفسها وانوثتها، وبحثها عن معدنها، ووصولها الى ذروة روحها الوردية المرصعة بجنان وحدائق من زهور الربيع والشتاء، قادرة ومندفعة، خجلوة وتحب ان تقدم الاحترام، فراشة تريد ان ترقص في احضان الاخضر..
ولدت لهفة غريبة بيننا، لهفة يقضي النساء والرجال اعمارهم في السعي اليها لكي يحققوها، وتلك غرابتها، فكيف لك ان تجد في الواقع مثل هذا الاحساس وكل القصص تحكي عنه، فلا تصدق ذلك الجمال، تلك القيم، تلك المبادئ، ذلك التمنع، تلك الغيرة، تلك الرغبة في الكون معا المستحيلة، بسبب مجتمعنا، بسبب ماديتنا، بسبب فساد ارواحنا بالطمع والجوع عدم القناعة، فقدنا المعنى، فقدنا معنى ان تكون مع انسان مدى الحياة...
ونسينا الوقت بينما نختلف على وجوده من عدمه، وتباينت ارائنا حول اهمية المكان من عدمه، حول فهمنا لطبيعتنا، احببنا ان نتقارب نتلامس، نلوح بأيدينا بينما نضحك عاليا بسبب ملاحقتنا لبعضنا البعض والرمال تتناثر بفعل ركض اقدامنا، كانت جميلة، وكنت مملوئا بالشوق في حضرة جمالها، كم من مرة اردت ان اشتم رائحتها واعانقها بشدة لا استطيع العد ولا اذكر كم مرة احس بشوق ذلك كل يوم
واستلقينا من العياء فوق الرمال، عيوننا تتعلق بسماء حالكة معتمة لا نجوم تظهر فيها...
وعند مدخل منزل عمتها كنت اودعها، ممسكا يديها. نبست لها بعد ان قبلتهما معا: "كانت ليلة شاعرية حقا، وكنت انثى كلاسيكية" احبت شفاهي على بشرة يدها، فحدقت بها ما ان رفعتها عن ظاهرها، تلامس اناملي اناملها، تمتمت بصوت رقيق دافئ: "وانا اشكرك على هذا الموعد الاستثنائي"
فأقتنصت الفرصة التي اتاحت لي وقلت: "ما رأيك في موعد اخر؟" لمعت عيونها وقد ازداد وجهها ابتساما "حسنا"
رفرفت طيور الهوى بسماء صدري، واحسست اني صرت في بعد اخر، وقلت لها: "رائع"
صعدت الدرجات لتخرج المفاتيح من حقيبتها وتدخل ملوحة لي بيديها كما في المرة الاولى.. لكن هذه المرة ضغطت بأصابعها على شفتيها وارسلت لي قبلة هوائية قبل ان تفعل ذلك
فناديتها حينها "ميساء" وتوجهت نحوها اقول لها وانا اهرع اليها "من هؤلاء الذين يسنون قواعد العشق، ويسلبوننا حريتنا في ان نقوم بما تلح عليه قلوبنا" تأملتني بنظرة حالمة تدرس تفاصيلي وتنتظر بحماس وانا اخطو اليها. اخذتها حينها بين ذراعي وهمست قبل ان اضم شفاهي الى شفاهها "لن نحيى ابدا مالم نجرؤ على ان نحرر ارواحنا" وتوقف الزمن واختفى كل شيء ولم تعد الكلمات تشفي علة الحب والامل الا قبلة...
وسرت ان في طريق العودة الى بيتي منتشيا بسكرات حب تبعث الحياة، وتحدد هدفها، وتجعل لأيامك نكهة ولذة، ولفكرك وتخيلك رسما وفنونا، فجأة تصبح ذواقا وناقدا للجمال، متأملا للوحات، محبا للحيوانات، ترى العالم بنظرة ايجابية ما ان يطرق العشق باب مللك، وينبهك ويأخذك في وعي الوجود وسحر اكوانه ومجراته، ميساء كانت الوردة التي فضلت من حديقة الدنيا، ميساء لم يقطفها احد، ميساء لم يراها احد بالعين التي رأيتها بها، لو فعل لما كنت اكتب انا هذه الكلمات والعبارات والسطور المتخمة..
وما ان ارتميت على الكنبة بالمنزل من التعب حتى بدأ الشوق اليها، وتذكر ضحكاتها وتمايلها الانثوي، لم اتمكن من النوم حينها، وظللت استرجع مواقفنا اليوم وابتسم على مزاحي وتفاعلها معه، وطفقت اعد الايام حتى موعدنا الاخر، وبدت لي يومان مثل دهرين من الزمن، فكان من اليقين اني ساراها غدا او بعده، الا اذا استسلمت الان للرغبة في العودة اليها...
Published on September 06, 2019 23:41
•
Tags:
divinefeminine, ميساء
August 19, 2019
What benefits have meditation brought you?

In this modern world. This question may seem with no significance. But The most important things in this life are the simpler ones. Simplicity is the essence of existence. Yet most of people don’t understand simplicity and don’t consider it and underestimate the powerful effect of it.
It is more real to say what benefits have meditation brought out of me. People always feel indifferent to meditation at first as they feel indifferent to every other thing that concerns their state of mind and self care. Most people are having a lot of inner problems at the same time their egos are constantly convincing them with the idea that they don’t need to help themselves. They are perfect. And whatever they are thinking or doing is not the problem. The world is the problem. The circumstances are the problem. People are the problem. “Not me!”
That is why you see how people give almost no care or consideration to a simple practice like meditation. That is why they find it difficult to sit for an hour, just 20 minutes seems a long time. The problem is not with time. The problem is in escapism.
People don’t want to face themselves. They know deep down that meditation is a life changing experience. That is why the ego has a lot of resistance towards it. Because ego doesn’t go well with meditation. The moment you start doing a little bit of it the ego starts to feel uncomfortable. It starts the journey of fear. Of all the things hidden within us as meditators.
The truth is most of us have been meditating since our childhood. Just a moment of staring at a view and thinking about what we were doing. Just a moment of walking around in nature or under a tree or holding a flower. Just a moment near the ocean or near a river. Just a moment in a higher hill. We have been meditating…
And then something happens. You grow up. As an adolescent you are distracted with your hormones and trying to prove yourself among your peers. And that’s when you pick up the habit of impatience. You want everything to be in a hurry. Because you are in a race. That is how society brought you to think. That everything is going away and you gotta do it as fast as you can. You have to meet those standards so that you can prove yourself to the world and the people around. It doesn’t matter how you feel what matters is what you have and what you show and what you collect.
This is a crucial transformation. Because after adolescence the waging war against your true self starts. Now you are beginning to feel that you are lost and don’t know what to do. Now you have no identity no uniqueness. Just a regular person who is going by the rules and trying to somehow feed his desires anyway he or she can.
And that’s when the mental illnesses start to manifest themselves. At first you ignore them. In your adulthood you deny them. In your 50s you don’t even know what people are talking about (because you no longer see the difference between you and the things you do) Your conscious state is completely lost you are now just a bundle of repetition of habits. Of course there are glimpses of love and happiness here and there, But not without feeling lonely and isolated at the end of everyday of your life.
So… Do you want to know what meditation can do? It can alter all of this story. It can make you control your destiny. It can show you things you have never thought that are possible before. More importantly, It can nourish the seed within you, the seed of self love and divinity, that will turn to the most beautiful rose you can ever imagine, that has the most extravagant fragrance you can ever smell.
Your heart needs meditation as the water absorbed by the dirt into those seeds. Your heart needs meditation as the new born child needs the tit of his loving mother. And there is no limit to meditation. There are no boundaries to meditation. There is no extremity in looking into yourself.
All the problems that mankind have been crying about for centuries are solved with this simple practice. In fact, Those who knew this and created all devices to distract and control the human mind specifically worked on keeping it far away from meditation, by strengthening the mechanism of the ego, through the complex prison called society. That is why the normal guy doesn’t really think about meditation that much. Because he is taught to do anything to distract himself from thinking about his state of being that much. And his state of being is ultimately the ultimate form of meditation.
Meditation is the way that you have long been longing for. The way of happiness and peace. People keep talking about peace. But they don’t talk about meditation. Meditation is the lost treasure within the pyramids. Meditation is the secret of secrets. The formula that all scientists have been searching for.
But how can something as simple as that be alluring to the modern mind.
And that is not a question and it is not even an answer…
Peace and love.
Published on August 19, 2019 04:34
•
Tags:
meditation, spirituality
March 24, 2019
مذكرات سجينة

السابع والعشرون من ماي:
انا التي جلست هنا. يا صديقتي.. قلمي في يدي ولا ادرك من امري شيئا. هذه الاحاسيس التي تختلجني.. هذه الانفعالات التي تطبعني. تطعن في قيمي. تسلبني وقاري واحترامي لنفسي. انا التي خنت نفسي مع نفسي. انا التي خنت وكري بيني وبين افكاري. انا التي رفعت الراية البيضاء ما ان التقت العيون، واوقظت الشرارة. انا المرأة المصونة، المرأة الرصينة الرزينة، التي تضع فوق رأسها تاج الدار. وتجلس على عرش اسرتها.. انا التي فيما مضى، استهنت بمن يعاني، ولم اقبل جرح الانسان المغلوب في أمره.. انا التي عارضت واعترضت.. نددت وناضلت، ضد الخيانة، ضد انعدام الاخلاص، وقفت في وجه من يذعن للحظة الاولى.. بعد ان دخل القفص الذهبي. انا التي ظننت اني عاشقة، انا التي رسمت مسار حياتي بدقة، واكدت لنفسي في كل لحظة ضعف انها الحياة، هناك صعود واحباط، هناك تفاؤل وتشاؤم، او الاجدر ان اقول تشاؤل؟
صديقتي، عزيزتي، رفيقة دربي، الصائنة لأسراري، ان اصابعي ترتجف وانا الامسك بهذا الحبر الازرق.. انت تعلمين.. وافضل من تسرين، وارقى من تنصت وتتفهم، انت تعلمين اكثر من ا ي احد.. اني زوجة وفية، محبة لطفليها الصغيرين، ساعية كل السعي لأن تجعل ايام عائلتها سعيدة، وئيدة وحميدة. صديقتي ان قلبي يوجعني، والدمع يتجمع بين جفوني، وانا اكتب لك.. اخط لك واعري نفسي امامك.. انا .. انا.. انا تائهة. انا بوصلة من دون عقارب وسط متاهة من دون قواصد، متاهة من الرغبات والاحلام والتأملات.. فطمتها داخل وعيي لسنوات.. انا كأي امرأة.. مثل اي انثى، شبيهة لأي انسان يتغير ويحير ويتأثر.. انا انسان معاصر، ابنة جيلها، اليوم، حاضرنا ليس ماض اسلافنا، وماضيهم ليس لحظتنا، انا انثى قوية، شخصية، مثابرة ومرآية. كنت دائما مندفعة الى الامام ومنطلقة وعفوية. كنت دائما اتمدد بنشوة على جرس المنبه، نشطة في طريقي الى عملي. كنت ومازلت، حتي دنت بي هذه السنة، فأنقلب السحر على الساحر.. اصبحت كالطفلة الصغيرة، تحمر وجنتاي واتواري عن الانظار القاتلة، عن البصر الذي يخنق الانفاس، ويحث ضربات القلب، ويدفع ادرينالين الجسد.. اه الجسد، واي جسد. وكأنك تقومين بتمارين الكارديو. وكأنك تركضي بين اشجار غابة موحشة، وتهربين، نحو انقاذ النفس من هواها، وفي نفس اللحظة تريدين ان يتم امساكك.. ان يتم خطفك وسلبك من الحياة التي ظننت انها الملاذ والنهاية.. انها الحلقة الاخيرة من دراما دنياك.. لكن لا.. لا والف لا، يقول هذا الفؤاد المسكين.. الذي كما قلت فيما سبق انه مغلوب على امره.. تأتي عليه لحظة.. يدق مرة ثانية.. يهز الاساس الذي بنيته ليثبت اختبائك من ما تبتغيه. يرقص كمراهق.. اصابه البلوغ تواليا وكرة اخرى.. تحسين بأنه ليس من حقك ان تفكري.. ان تأخذي بعين الاعتبار اي احتمال، ولو حتى فكرة مضمحلة، بأنه عليك الاختيار.. عليك قرار.. انت في مواجهة عبث الاقدار.. في حضرة المصير المارد.. وكأن احد ما حك ابريق عفريت العشق بدالك، ليجعل عقلك يضخ ذلك الحنان الابدي.. ذلك التواصل المطلق الاعجازي.. مع انسان عرفته روحك ابدا، رغم انك لم تلتقيه يوما.. رغم ان احتمال وجوده كان فقط في ركن ما من خيالك.. جالسا هناك بهيبته وسحره.. وعنفه ورجولته.. ونظرته القاسية التي تهدم حصارك المهترئ، لتحملك شعوذته اليك.. وكأنك ملكه.. وكأنك جزء منه.. بل حتما انت نصفه وهو نصفك.. وانتما واحد..
صديقتي العزيزة.. لطالما استوعبت الفرق بين العشق والحب.. انا احب زوجي.. اعشق ذريتي.. الا ان تلك ال "لكن" تكتب نفسها رغما عني عند نهاية السطر.
رفيقتي انا.. انا رأيت شبحه كل يوم.. رأيته هو لاشهر، كأثني عشت وطنا من سنة البعد اللانهائي.. لروحي الطليقة في فضائه المتوازي لفضاء كياني.
عزيزتي.. يوما ما.. سأشنق اهاتي على صفحاتك بهذا المداد.. سأفعل.
السابع من يونيو:
أنا اعلم، اعلم ياغاليتي، ادرك تجاهلي لك لأسبوع كامل.. وقد تدهورت حالتي وزاد هذياني.. لاأقدر علي التحقيق في الامور باستقامة.. لا اقدر على ايجاد ذاتي، انا ضائعة يا رفيقتي.. اوراقك تعاتبني، تريد ان تنزع هاته الكلمات التي انسخها عليها.. انت مخاصمة لكاتبتك الوحيدة؟ لا الومك البتة.. اريد ان اقول شيئا.. لم اتوقع ان اكون ضعيفة لتلك الدرجة، وضعفي دفعني الي الاعراض عنك، مثلما افعل كل مرة اره يخطو امامي.. يتمايل بمشيته العظيمة، الفيكتورية.. انا اعلم اني خائنة بالمعني و الافكار والتصورات.. كمجاز لخيانة جسدية واردة الحدوث.. حتى تخيل ذلك محرم.. فما بالك بانعدام القدرة علي الندم والثوبة عن الامر.. انا امسيت فراشة سوداء قد مزقت شرنقتها المؤقتة. انا لست انا.. وربما ان لم اكن من قبل الى ان اتت هذه السنة.. دعيني اعترف لك ان انكاري لما يحدث هيج ما لم يكن في الحسبان.. دعيني امرغ نفسي في خطاياي بين يديك.. اتركيني ادمي بلذة جلدا اخذ يزيل نفسه بنفسه.. كما لو اني افعى التزام وصبر.. ابتعادي عنك كان بشكل ما ابتعادا عن طيفه. او اشباحه التي تعانقني هنا وهناك.. تبعثر جسدي وجناباته.. في المطبخ.. في غرفة الاولاد.. في الحمام.. في حضن زوجي.. اسمحي لي ان انثر اثامي الخيالية.. اسمح لي ان اقر كيف رسمت وخططت و صبغت ملامحه وحفرتها في الداخل..
صارعته مهما كان، ناضلت ضد تلك الخيالات.. اخذت. زوجي بين ذراعي علي فراشنا.. لعلي اقتلها.. تجاهلت حضرته في العمل لعلي امحوه.. احببت سوزان و اوزان زيادة.. طفلاي.. حتى ان عيونهما البريئة استغربت تعلقي الزائد في الايام الماضية.. تلك الالوان الرمادية والعسلية التي تنبعث من تألق نظراتهما.. وعجبت مني ومن تبدلي الغير مألوف.. وحسرة قلبي تتأبط مرارة كبدي وتشعل النار في حلقي.. عيون الاطفال لا تضيّع الاسرار الدفينة ابدا.. كم اخجلني الحاح سوزان.. ابنة امها.. شبيهة لك يا صديقتي.. بترقبها الصامت.. متصلة بي وبقناة مهجتي.. تقرأ ما على سحنتي وما ورائها.. ولم تقتنع بما قلته.. في حين اشاح اوزان بنظراته الرمادية وقد طمأنته كلماتي.. وماذا في جعبتي من قول غير اني اغدق عليهما من حبي.. ولا خطب هناك.. بيد ان سوزان التقطت ذلك ال هناك برؤيتها الثاقبة.. واضطررت لأن ابتعد عنهما حاملة اطباق افطارهما الى المطبخ..
هاربة من ابنتي الذكية..
لكن نضالي ذهب في الحضيض..
قاومت نفسي..
ظنا مني..
ان قدرتي على الابتعاد موجودة..
والشوق من بعيد..
وجدت نفسي..
ابتعد في مسار دائري مختوم..
اركض لأرجع لنفس النقطة..
لذات الوصل..
لتمام العقدة..
اصبحت اتمنى لو انه يتجاهلني..
ان يعاملني وكأني..
غير مرآية..
مخفيّة..
تمنيت لو انه..
كان منحطا حقيرا..
منحرفا جبانا..
ليغدو في عقلي صغيرا..
تمنيت لو انه كان نذلا..
يلاحق المتزوجات..
يضحك على الفتيات..
رغبت ان يكون مختلا
مسطول عقليا..
منافقا جليا..
هيهات هيهات..
بت ادرك اليوم يا صديقتي.. اني احب زوجي ولا أعشقه.. هو صديقي و حبيبي ورفيق دربي و اب اولادي.. لكني لا اعشقه.. امقت نفسي بسبب هذا الاعتراف.. اكرهني .. اعذبني.. انتحر داخل حياة اسرتي لأخلق من جديد في حديقة احلامي البهيجة.. ملكها هو.. هو الاسد.. وانا اللبوة.. هو الوحش.. وانا الجميلة...
واكنز بين صفحاتك اني استيقظت اليوم الساعة السادسة صباحا.. بينما مر ليلي كله احلام يقظة.. ابيع الغالي والنفيس لأنساها.. واحتقر نفسي لأني لا اريد ان انساها.. واخيط شفتاي بالخيط والابرة.. لأمنعني من تلك الابتسامة المذلة الخائنة.. وتقلّب بصحوتي زوجي وسألني بتعب عن سبب استيقاظي باكرا واليوم عطلة اسبوع.. هل كنت لأصارحه اني كنت ارسم الصور والمشاهد مع رجل غير.. وانا استلقي بجانبك على فراشنا المقدس؟
افقدني جرأتي الوقح.. وسلبني براء لقبي كزوجة.. واعرف انك تستغربين لومي له الان.. ماذنبه هو؟ لا ذنب له حقيقة.. ذنبه انه جميل.. انه محترم.. انه رجل تتمناه اي امرأة.. ذنبه ابتسامته.. ذنبه نظراته.. واعجابه بي.. يالأنانيتي.. لا حق له بان يعجب بي.. وانا لدي كل الحق؟ ومن اين لي ان اتأكد من اعجابه؟ كيف اكون واثقة لهذه الدرجة؟ ماذا لو كان اعجابه بريئا.. لأني امرأة قوية.. عملية.. ناجحة.. ومميزة بجودة انتاجها في الورشة؟ هل اسألك عن هذا كله؟ ام اسأل نفسي؟ ام اتمني اجابات نعلم انا وانت كيف نريد اجاباتها؟ هل اطرح هذه الاسئلة عتابا عليّ؟ ام رغبة شافية في ان تكون كما يتطلع فؤادي؟ ماذا اريد يا صديقتي؟ ارجوك صارحيني بما أريد.. لا، لا تفعلي.. أنا لا اجرؤ على الاعتراف بما أريد فقط.. هذا كل شيء.. أنا حقيرة، بلى انا كذلك.. ولا تسأليني ذلك السؤال الخطير، المهدد لي ولرباطة جئشي، لا تجعليني اعلق لك عن شيء، لا أعلم صدقا كيف سأقاومه ما اذا كان رنوه الي غير بريء.. لا تفقديني تماسكي، لا تهدميني بصمتك المنتظر، لتصريحات وتعليقات عارية، توقفي عن ذلك، على الاقل الى حين..
وكذبت على زوجي، مثلما افعل عادة وقت يسألني في أي شيء سرحانة انا، تبدين غائبة عن الوجود هذه السنة، مالذي يؤرقك؟ مالذي يأخذك من اللحظة؟
قلت له اني اريد الجري لبضعة اميال، احس ان لياقتي ضعيفة، ذلك ما كنت سأفعله اصلا، لقد منعني من راحة البال، واخذت العزم على ان افرغ غضبي من خيانة قلبي ومن وجوده الذي زحزحني، وحجب الاوكسجين عن دماغي...
وقفت امام المرآة، تفحصت ملامحي، كان هناك وجوم، كتفين متخاذلين من القلق الدائم، كان هناك عبوس، صمت يحثني على النطق بما اعجز عنه، اندفاعات مختلطة تحفزني على نتف شعري الاشقر، بغضب، بأسى، بأنهيار، احب أن اصرخ حتى يبح صوتي، ارغب في ان ابكي، في ان تغرق حزقيتي الصفراء في دمعهما، لو اذرف دما قانيا؟ لو افقد ملامحي؟ لو احلق حاجباي الابهقين الكثيفين؟ وافقد قسماتي ومعناها، وينظر الي هو، بلمحة غير اللمحة التي تخلع عني كل الاقنعة لترنو الى روحي، لو يبصر من دون عمق، من دون حنان وترقب، وكأنه يناديني من الداخل، وكأنه محام قضيتي على اني سجينة، بين اقفاص صنعتها بنفسي، واسست لها، وزرعتها الاوتاد، وكأنه ينزع جذور الدفعة التي تغذيني، والتي أرضتني واقنعتني قبل ان يظهر، قبل ان يرمقني يا صديقتي، قبل ان يفعل، رفيقتي اكرر لك اني استغيث في الداخل.. في الداخل.. انصتي الي!!! انصتي من فضلك!!!! آآآآآآآآآه..
آآآآآآآآآآآخخ.. في الداخل.. هل تعلمين اني كسرت الزجاج؟ وهرع زوجي مرعوبا.. ورآني احدق في فراغ وارتعد وشظايا المرآة عند اصابع قدمي.. وحضنني، وقبل رأسي، وقال لي ماذا دهاك؟ ودفعته بأنفعال.. واتسعت عيونه بأستهجان.. كانت اول مرة ادفعه، وتسائل في حيرة عن ما يحدث لي.. فصرخت به من دون سبب.. انه يبالغ في ردة فعله.. ولا اريد ان اتحدث معه، اريد فقط ان اذهب للركض.. ووقف امامي مشدوها بصدمة بصيرته الرمادية، عيونه الرصاصية.. ولم ابرح مكاني ساكنة.. قصيرة العقل، قصيرة القامة، قصيرة الحكمة، وكل شيء.. بصري مهزوز الحدقتين وموجه نحو صدره الذي يعلو وينزل، بقميص نومه البنفسجي.. وتراجع الى الوراء ليفسح لي كي اخرج من الحمام.. وهرعت من الباب قبل ان يري دمعي.. وانظري الى تملصي، ولجوئي الي التجاهل، وانكار ما علي ان اواجهه.. انظري الى النتيجة التي ادى اليها ابتعادي عنك وعدم مشاركتي لما اعانيه معك.. لكن ليست واقعة الحمام ما دفعني اليك، وكأني أبحث عن أمي المرحومة بين صحفك، لا.. ما دفعني اليك بأستسلام وقهر، وانهزام.. هو ما حدث عندما ذهبت لأركض.. اتعرفين ذلك الاحساس؟ حينما تسير في طرق مختلفة، متباينة، لعلك تلوذ.. بينما تقودك كلها الى نفس الملتقى، الى نفس النتيجة.. كان ذلك الاحساس الذي اعتراني عندما صعدت رصيف الطريق في اخر شارع الحي الذي اقطن به.. مفرغة غضبي، واغنية موسيقى الروك الصاخب تصدع اذناي، وانا اعتلي قمته، في بنطال اليوغا الاسود، وسترة العرق الحمراء، وظفيرة شعري الصفراء تلوح نفسها بنفسها على ظهري، واصابع قدماي تعتصر مع بعضها، وتحتك لتولد الما طفيفا داخل جواربي، وحذاء النايك الرياضي الوردي، ثم اجده هو اسفل الرصيف، على بعد امتار ليست بالهينة، يجري بثبات وشعره الطويل الاسود يهتز ويرتمي على اكتافه العريضة، وهل يخفى هو على جهازي البصري، وهل اغفل عن مشيته المعهودة؟ وساقيه العظيمتين؟ وهل تخبو هالته؟ لا.. ابدا..
وتوقفت.. اجل توقفت ياصديقتي، وغاص قلبي وانكمشت عضلاته، واحسست بالدوار، واردت ان اعود ادراجي، لكن عقلي كان يعود بي من حيث اتيت، وجسدي يمشي في الاتجاه المعاكس.. حتى ان كل شيء سكن، وتوقف الزمن، وانصتّ الى دقات قلبي التي وصلت اذاني، وبين كل نبضة واخرى انصت لنهجه البعيد، شهيقه وزفيره يتلو ضربات عضلتي الضاخة للدماء.. واحترت ماذا افعل.. طبعا علي ان احيد عن مثل تلك الصدفة.. أليس كذلك يارفيقتي؟ ام انها حقا كذلك؟ ألم أقل لك ان جميع الطرق تؤدي الى روما؟ قلت ذلك يا عزيزتي.. واستدرت متعجبة من قدرتي على ذلك، وما ان اخذت اركض حتى جمدني صوته، صعقتني الكهرباء، والتف حولي دخان الكيمياء المنبعث، قل ما ينادي بأسمي في الشغل.. واذا فعل، يكون ذلك بطريقة رسمية، بيد ان جيسيكا خرجت من فمه حرة طليقة، لماذا احس انه يمتلك أي شيء يقوم به او يقوله؟ لماذا شعرت انه يتملكني بأسمي، يسيطر عليه.. واستدرت بجسدي مرة اخرى نحوه.. لأجد عيونه السوداء القاتلة بارزة شيئا ما بفعل الدهشة، وابتسمت انا ابتسامة عريضة مستدركة، وبالغت في ذلك حتى لاحظ هو، وارتسم طيف الابتسامة المعهودة، التي تجعل الحديد ينصهر، فما عساها تفعل انثى بدواخل ضعيفة مثلي؟ وسرنا نحو بعضنا، والتقينا في منتصف الرصيف، وازلت انا السماعات، ومدد هو ذراعيه فوق رأسه ليزيل تشنجها، ونزعت بصري من وقفته وضيّعته في الارجاء، جهة اشجار الغابة وجهة المنازل المصطفة بعشبها الامامي الاخضر، وشرفاتها الخشبية المصبغوة بالابيض، والسُقفْ الهرمية.. وقال لي انها صدفة جميلة، واننا لم نلتقي خارج العمل من قبل، وهززت انا رأسي موافقة من دون ان انبس، ومازلت البس، تلك الابتسامة الحمقاء على وجهي.. وركضنا مع بعض في صمت كهربائي، ونبض محتدم، لو اشعل احدهم فتيلا لأحترق الفراغ بيننا.. وما يغيظني هو تحكمه في الاجواء، وهيبته، واحترامه للمسافة التي كُتبت، كما لو أنه يثبت لي ان اعجابه بي لن يتخطى حدود كوني متزوجة.. ابله متفاخر.. من انت؟؟ وما يقتلني اكثر هو تبسمه الطفيف، الذي يبدو ساخرا غير مهتم في كل الاحوال..
ههههههه.. آه لقد قالوا كثرة الهم تضحك.. وها انا ذا امامك ياصديقتي، لوميني لوميني ولا تشفقي! لقد اشبعت الرجل سبا بين اضرحتك.. نعم هو الرجل.. هو الرجل الذي ينظر الي، يحرق بدني من دون ان يلمسه، يتطلع الي بين الفينة والاخري داخل اروقة ورشة العمل.. يمر بجانبي ويبتسم، يقف وهو يتأمل تصاميمي، يميل قربي ليتفحصها، ولا يعلم اني ثملت من رائحة جسده، وحضوره الطاغي، وان عيوني لا تفارق ياقة قميصه المفتوح، هو الرجل الذي ركضت معه لأول مرة بعد زوجي، وتمنيت لو تطول المدة والساعات، لو نجري جنب بعضنا الى الابد.. هو الرجل الذي.. هو الرجل الذي تخيلته دائما زوجي.. منذ مراهقتي، فارس الاحلام، وللأسف.. لا تنال كل الاحلام فارسها، لذلك تظل اوهاما، ولو كانت جميعها تتحقق ما سميت احلاما..
ذلك هو سبب عودتي اليك يا صديقتي، لم اقدر على تحمل عبث الاقدار مجددا.. لم اصبر ولم تتحمل نفسي وفاضت بما يغمرها اليك.. وقد عدت من الركض متألقة من الخارج بالعرق، ومن الداخل بصدفة لقياه.. بينما استغرقنا الحديث والعدو في تصاميم الديكورات الجديدة التي نعمل عليها.. وتواعدنا لقائا في العمل، وقد تمنيته عشائا من شدة الأمل.. وها انا هنا امامك مرة اخري.. اخلع ثياب الزوجة في حضرتك.. اشهدك على قبحي.. وخيانة قلبي التي غدرتني وقت سهو حياتي المخططة مسبقا.. ها انا هنا.. ضامة ركبتاي الى حضني، وقد وضعتك فوقها اكتب لك.. بعدما استقبلني زوجي بأبتهاج قتلني.. بعد حادثة الحمام.. ها انا هنا يخنقني الذل امام قلبه المخلص، بينما يختبئ قلبي الخبيث بين سطورك...
السابع من غشت:
يقال ان الحب بذرة مزروعة في تربة الالفة. يقال ان الحب يأتي بعد الزواج، وان الزواج يأتي بعد الحب، ان الحب مجرد وهم، انه يأتي من طرف واحد، انه ارض العذاب، انه زجاج تكسره مطارق التغيرات، ان المرء يتبدل متى تخمد الشرارة الاولى، انه كذبة ابريل في احضان الليل، انه وعاء تفرغ فيه الرغبات، انه بضاعة لها مدد صلاحيات، انه تماس بين جنسين مختلفين، يحرق الاثنين، ويقضي على كل امل خصب تجلى يوما داخل القلوب. يقال ان الحب يقتل، بما ان روميو لحقها بعد ان انتحرت جولييت.
لكن، ماذا اقول انا يا رفيقتي؟ ماموقفي بعد الان؟ اين الصواب الذي كنت اراه؟ يا صديقتي اين ايماني القاطع بحياتي؟ اين سعادة البارحة المطلقة؟ التي بت احسبها اليوم زائفة؟ اين تصديقي بدين حب الزواج؟ الذي اشك به حالا.. اصحيح انه ليست كل الناس عاشقة؟ احقا لا يهمنا العشق مادمنا اصبنا من هذه الدنيا ما يرضينا ويشبع قناعاتنا؟ هل العشق موجود فقط في الروايات والرومانسيات؟ هل يروي ضمأنا العيش وسط حكايات الصحف؟ والتمني بخوف.. التضرع لنفحة ادمان من احداث ننتشي بها في وهم اللحظة.. لنَرِجع في انفسنا في الداخل.. في الداخل.. كما يرجع البطن للخارج.. ما هو الحب وما هو العشق؟ ومالفرق بينهما؟ بت لا اعلم.. صديقتي انا.. اللعنة علي انا.. اتأمل في شخصي قبل سنة.. وكيف كنت مستقرة واثقة الجلسة متفاخرة.. وانا اتفاخر بزواجي امام صديقاتي. نجتمع في يوم الكيتورينغ ونتبادل الحديث والحوار.. ونبدي ارائنا بقوة وعنفوان.. كيف كنت اهوي بمطرقتي على صديقاتي اللواتي كن ضحايا لمغامرات الحب، لفشل علاقتهن واستسلامهن للرجال، واذعانهن للعلاقات العابرة، او تصديقهن لكلامهم المعسول المدروس. كنت اهتف بأنه لا يوجد شيء اسمه عشق، انه مجرد اندفاع مؤقت يخمد فتيله بمرور الزمن، كنت كل مرة تأتيني الفرصة اذكر زواجي كمثال على الاستقرار وتأسيس بيت متكامل.. وان حب الالفة والصداقة اقوى من اي عشق.. كنت اصول واجول بين وجوههن وارى اعجابهن بحياتي الزوجي المثالية.. لا اعلم.. ربما اقنعت نفسي حينها بما لم يستطعن ان يصبرن عليه.. ربما كنت ادافع عن سقيي لورود حب اسرتي بماء التعود والظروف.. لعل ندمي على قراراتي هو من جعلني امجد لأفكار الالفة، والبناء على ركائز الخيار التقليدي.. اللهم زواج من بعد اعجاب ام انتظار عشق مستحيل، وقتها كنت مستعجلة، وربما مغرورة بجمالي وصفاتي حتى اني لم اتقبل تعطل العشق عن محطتي.
اقول يا صديقتي.. العشق، الحب الاعمى، اسميه ما اشاء، هو تفاعل.. اختلاج واحد احد.. لمحة بصر.. كيمياءُ فيزياءٍ حركية.. اقول يا عزيزتي، عشقي انا لم يستغرق غير ثانيتين.. والتفاعلات تستغرق
اقل من ذلك بكثير.. عشقي انا كالموجب.. مثل السالب، ولا موجب بدون سالب، وهكذا دواليك..
دموعي تتبقع على اوراقك، سامحيني! لضعفي وهذياني.. لجهنمي التي لا تخبو، ولحماقاتي المتتالية، تلاحق نفسها، تتابع وكأني مراهقة امل من شيء لأقفز الى اخر من دون تعقل. انا اسفة صديقة قلبي، وحافظة اسراري، اسفة لأني لم اعد وفية الفؤاد، ولأني امتحنك معي، فمن يعلم لو كانت صفحاتك جلدا حيا لتمزق من كثرة المشاعر الطاعنة والقاتلة.. انا اعلم اني لم اعد اساوي شيئا.. وادرك انه لا يحق لي ان اعشقه، ويتحتم علي ان اقتل قلبي ليصمت دماغي ويرتاح، اعلم ان اخلاصي لزوجي، ان لم يعد ممكنا من حيث الاحاسيس، فليكن من حيث البدن، لكن مالحيلة؟ اعتقيني انت من ذاتي السوداء.. ارحميني لأرحم نفسي، لأشفى من علل العشق وكدماته.. لتنفتح جروح فؤادي في سبيل الالتزام بأسرتي..
كتبت فيك اليوم مئات الحروف وانا اذرف دما من مآقي.. لو تعلمين، لو تتجسدين في شبح والدتي المرحومة لاعانقك مذلولة مهانة، مستسلمة، منهارة بين حطام اسواري.. لو تفعلين! لم احتج امي بهذا القدر من قبل.. لم اشتق اليها بهذه الطريقة في السابق.. كانت أمي معلمتي وصرح شخصيتي، وبئر اسراري قبلك، ويوم رحلت، شعرت اني ذهبت معها، جزء مني انتزع وصعد الى السماء.. بتر عضو مني.. اعتراني النقص وعراني، اصابني مرض فقدانها بشدة، واخذني الاحباط لشهور.. لم استطع العودة الى الحياة.. فقدت دليلي في الدنيا ومرشدي.. رغم ان والدي مازال حيا، لكن المسكين مالذي يفهمه في هذه الاشياء، وحتى ان كان يفعل، لا اجروء انا ان اشاركه كما كنت افعل معها، ولا احب ان اخذه من بين مكتبته، وغرقه بين صفحات الكتب.. لاحكي له عن هذه الاحاسيس المحرمة علي...
طبعا تنتظرين.. الم احفظك انا؟ الا احس بك وبتواصلك معي انا؟ طبعا تتبحثين عن ما اخفيه وراء كل هذا الكلام.. طبعا حدست اختبائي بين حشد هذه العبارات.. اني اهرب من ذاتي لاعود اليها بين اوجهك يا صديقتي.. لكن سبب دمعي اعظم من ان اتقبله، تعلمين ان تأثيره علي اصابني بالخوف، فترجم الى اهتمام زائد بأسرتي، تعلمين ردة فعلي تلك فقد حكيت لك عنها، صدقيني انا حائرة الدواخل في هذه اللحظة.. لا اعلم كم استحق من السماع والانصات، لم يعد لي حق ان اكتبك حتى.......
انتظري لأجلب بعض المحارم.. اصلا هناك كومة منها بجانبي، لقد تلبدت وجنتاي بالدموع.. انا مقهورة ياصديقتي.. احس ان السم يتقطر في حلقي، ويهزم عروقي وجهاز تنفسي.. اخبرتك من قبل اني نمت مع زوجي بعد تهديد معشوقي لقلبي بنظراته.. وصباح اليوم شعرت بتوعك فذهبت الى طبيبتي الخاصة فأخبرتني اني حامل.. طبعا يجب ان افرح، يجب ان ينتابني السرور واطير من الغبطة.. بيد اني عبست وانتشرت الصدمة على محياي.. فقلقت الطبيبة وشكت اني لا اريد الانجاب.. انا كنت غائبة عن الوعي حينها.. كانت ردة فعلي غير معهودة حتى بالنسبة لي.. لكن الحقيقة واضحة جلية ياصديقتي.. لم اخطط لحمل جديد، حتى اني فكرت بطريقة ابشع من ذلك.. اول ما فكرت فيه هو ان هذا عائق اخر عظيم امام عشقي الذي هو مستحيل اصلا.. تخيلي؟! امسيت امرأة اخرى.. تفكر وتعتقد وتأمل بحوائج مهولة.. لو عرضت ما اكتبه فيك لشخصي قبل سنة لأصابه الشلل.. انظري الى التدني الناحر، انظري الى البراكين التي فاضت مني، انظري الى الزلزال الذي افتعله هو، صاحب العيون السوداء.. وسألتني الطبيبة ما اذا كنت افكر في عدم انجابه.. قلت اني لم تكن لي نية في مولود.. وانا لا اعرف ماذا افكر حينها.. وذهبت من عندها بعينين فارغتين.. ومشية مهزوز..
والحق اني قبل ان اخذك بين يدي فكرت مليا.. وغرقة في حوض ماء ساخن لنصف ساعة احاول تصفية ذهني.. مماذا؟ لا اعلم.. امن حضرته وابتساماته، اوسحره الذي ينتشر في الجو ما ان يدخل الورشة؟ أم من غمازات وجنتيه؟ ام فكي وجهه المحلوق الاخضر، بعظمتيهما البارزتين.. ام انفه الشامخ اللامع، او اسمه الذي يظل يتردد داخل عقلي بعدما ينده عليه زملاء العمل.. روجر، روجر، روجر.. غطست في الحوض اكثر بحنق على نفسي، بعد ان وجدت شفتاي تتمتم اسمه.. قلت لك هذيان، لكنه هذيان جعلني اخلص الى شيء مهم، قد يكون حاسما في حياتي المستقبلية، وهو حقيقة اني لا استطيع ان انجب مرة اخرى.. مشاعري لم تعد ملكا لعزيزي سام.. زوجي الحبيب.. لذلك لا استطيع ان اظلم هذا الاخصاب، لا اقدر ان اجعله يكون وانا مدمرة الى هذا الحد..
سام.. زوجي العزيز، لشدة ماهو جيد، اكثر من اللازم.. لشدة ما يعاملني بلطف وبحنان واهتمام.. لا يمكنني.. مستحيل ان اخونه، او ان افعل اي شيء يضره، لن اسامح نفسي ابدا.. لقد عشت معه ايام السعادة والنقاء.. والاسرة والبهاء.. كان هو سندي في احلك اللحظات.. ومعيني في النزلات والطلعات.. وملاكي ساحر البهجة، سام عزيز على قلبي، أب اولادي.. دخل علي المطبخ قبل يومين، وجدني سارحة وماء الصنبور يجري.. كنت معزولة ومحبطة.. تائهة في وجومي المطبق على صدري.. اقترب مني واغلقه، ثم ربت براحته على كتفي ورنا الي بأبتسامته الحنونة الدافئة.. ولم اتمالك نفسي وسال الدمع من حدقتاي.. وارتميت في حضنه اهتز من البكاء.. مسد على شعري وضمني الى عنقه.. لأشتم رائحته المرحبة.. رائحة عودية خريفية.. تذكرني بمدى تكامل هذه الاسرة وتخضبها بالعطاء والنبض.. تذكرني بالبيت الذي بنيته معه، وتأخذني من لعنة فؤادي قليلا ومرارته.. صدر انينه ليختلط بنحيبي، وهمس في اذني بكلماته المعهودة.. المطمئنة، قال لي انا هنا جيسيكا.. اخبريني ماخطبك.. انا معك دائما.. يعذبني ان اراك هكذا.. لاتبعديني عنك، انا اريد ان اشاركك المك، واتعذب عندما اشاهدك، لم تكوني على هذه الحال منذ موت والدتك..
اه يا زوجي الحلو.. اخ يا رفيق دربي، ليس بيدي. ورفعت رأسي عن كتفه لأنظر في وجهه الدائري.. وحاجبيه وعيونه الرمادية.. خصلات شعره الفضية تغطي جبينه، وابتسامته المشجعة البيضاء تتسع شيئا فشيئا.. واصابعه تضغط بلطف على ذراعي.. تأملته مليا، لم يكن لدي ما اقوله غير ان لا شيء مهم.. انا عن نفسي لا اعلم ماذا هناك.. لا اعلم ماخطبي، والى اين انا راحلة بحقائب الهوى هاته، الى اين انا اجمع امتعتي واتملص من اسرتي الوحيدة، الى اين تجرني لعنة فؤادي، انا في متاهة وعدم محض، انا اقف اما جدار لا نهاية له ارمق افقه عسى ان انظر نهايته او حافته، انا اغرق في كياني، واذوب بين جناباتي، واخذني الى بعيد، الى حيث المغامرة، والوحشة، والشباب، والنظارة والتألق.. الى حيث الادرينالين والاندفاع.. الخطر والمصارعة.. العيش كرحالة، اكتشاف معالمي المعتمة وايضاحها قبل اكتشاف الطبيعة وما تخبئه وتخفيه، التحليق في سماء خضرتي اولا لأجد حب الحقول وزرعها، واحسب ثمرها ما بين الجذور.. لارى اين تعيش مخلوقاتي واين تستقر، واين اجد بيتي الذي ينفث دخان اسودا من قمته.. وامامه تتمايل السنابل.. وفي زاوية ما هناك ارجوحة.. هناك بيت صغير لكلب، وعند شرفة منزل مهجتي هناك هو واقف.. واخرج انا من بين الحقول التي زرعها هو مغمضة العينين.. واريد ان افتحهما اتمنى بعقلي ان اجد سام، ويتمنى فؤادي ان يرى روجر.. وافتح لأجد.. لأجده.. في بنطال الجينز.. والعرق يسيل من عضلات صدره وبطنه وذراعيه، يرتدي بنطال الجينز، ويرفع الشاقور لأعلى ليهوي به على خشب الحطب، ويلحظني اقترب في فستاني الابيض، ويرفع عيونه السوداء ليذيبني كل مرة ينظر فيها، ليجعل قلبي ينبض كأول مرة تلتقي العيون، وتتراقص خصلات شعره الطويلة، وينبعث سحر هالته من جديد، واغوص انا في احلامي مجددا، مرارا وتكرارا، وكأنه الخلود، وكأنه النقطة حيث اذهب واعود...
اذعي ان رأسي يؤلمني واتهرب من سام مرة اخرى، واتركه واقفا في المطبخ، من الاسى والحيرة، وهو يشعر ببعدي، وبالمسافة تتسع بيننا، وانا اليوم اكتشف اني احمل طفله الثالث، من دون قصد.. فماذا انا فاعلة.. صديقتي، ان لم التمس منك السلوى والمنفعة والاشارة، ان لم استدعيك وقت الجروح والمطبات، ان لم اسألك عن الوجهة التالية، فمن اسأل؟ فمن استشير ومن اخطر؟ انا وحيدة كما عرفتني.. لا احد يفهمني كما عهدتني.. انت فقط ركني الخفي، الذي انزوي فيه عندما انحصر، وعندما اشعر بالجدران الاربعة تضيق علي وتخنقني.. وحينما احس اني ازداد ضعفا امامه يوما بعد يوم، اسبوعا بعد اسبوع، واني صابرة، حتى يأتي الفرج، او انتزع هذا العشق؟ علي من اضحك.. انا التي ادعي ان النسيان دواء العشق، وان المسافة تشفي منه، على من اتحايل؟ هذا شيء اخر، شيء نادر، فريد، رباني، هذا شيء قاهر، خارق، مستهلِك، انه شيء يضرب كل قوانين العقل ومنطقه عرض الحائط، لا يعترف بتقاليد وقيود وقوانين واديان وصناديق عادات.. هذا شيء متمرد، ثوري، محرر للروح، هذا شيء ان لم تعشه بحرية عذبك، ونغص عليك ايامك وهزمك، شيء ان لم تستسلم له ارغمك واستبد بك وبطش بك وانقض عليك بقوة، هذا شيء كل ما كبته تضاعف وتفاقم واخذ بثأره في اللحظة التي تظن فيها انك سليم في السليم.. انه المرض الذي لا دواء له، انه الشيء الذي ينسيك الطعام والشراب، ينسيك ان لك نفسا، يسكب روحك في مزهريته ويحتويها ويضيق عليها، حتى تذبل، حتى تهرم قبل الاوان، انه شيء لا سلطان عليه ولا امبراطورية تحكمه ولا رسائل كهنة تطعن فيه، انه شيء ابدي غير انساني، شيء سام عظيم معظم، مبجل ومسيطر، ويأتي وقت ما يشاء، ولا يذهب ابدا.
دعيني اكتب فيك ما حدث البارحة في الورشة، حين انهى عمله قبلي، فهو ذهنه لا يشتت ومركز دائما، ويمشي هنا وهناك، ويدخل من هذا الباب الى الاخر حاملا الاوراق والادوات، ويضع ويلصق ويقطع ويرسم ويهندس، ويقف شامخا بظهره المشدود تحت قميصه الازرق، وساقيه الطويلتين في سرواله الاسود، يتأمل تصاميمه من زوايا مختلفة، يبحث عن اخطاء او عيوب، عندما رأيته في ذاك الموقف، من خلف زجاج مكتبي.. قلت لنفسي وانا ابتسم بينما اشاهده كيف لشخص مثلك ان يصمم شيئا به عيوب، ومع ذلك فهو لم يكن راضيا، وظل يخمن ماسكا ذقنه بسبابته وابهامه، ووجدت نفسي اترك مكتبي واتوجه نحوه مبتسمة وكرة متهدجة من الحماس تتكون داخلي، وقبل ان اصل اليه، ظهرت صديقته المقربة جينجر التي تزوره عادة عندما يقارب الدوام على الانتهاء.. وعانقته وقبلت وجهه، بوجهها البيضاوي الضئيل، وحاجبيها الدقيقين المنمقين، عيونها البنية الكبيرة مثل عيون الغزال، وفمها المتوسط الوردي، نشطة بشعرها البني القصير وقميصها الاسود المكتوب عليه حرفي "او" و "سي" بالابيض، وتنورتها القصيرة المخططة بالاحمر والازرق، وجواربها الكستنائية الطويلة التي تغطي ساقيها، وحذائها الابيض المسطح، تعلق حقيبتها على ذراعها في كل مرة تنزلق، وتلوح بأصابعها تلقائيا في الهواء بالقرب من محيى روجر عندما تتكلم.. هه تجعله يبتسم بطلاقة، توقفت للحظة عند باب مكتبي ارمقهما، لم تكن اول مرة اغير منها، فقد غرت منها اول مرة جائت الى الورشة، وازدادت غيرتي كلما اتت، وكلما قبلته وعانقته، لم امنع نفسي، لم احاول حتى، ومالذي سيحدث اذا فعلت؟ فقط سأحك مكان العدوى لتنتشر اكثر، لكن تأملي لهما كان ابعد من ذلك، قلت لنفسي، ياليتني المسه بتلك الطريقة العفوية، واعانقه من دون قيود او توتر، ياليتني اجره من يده الان واخرجه من هنا واذهب به حيث ما شئت، ياليتني اولد من جديد حرة طليقة والتقي به، ياليت..
واستدارت جينجر على غفلى لتجدني استند على جانب باب مكتبي، فلوحت لي بيدها قائلة مرحبا يا مدام جيسيكا، والتفت هو بدوره وملامح الدهشة قد ارتسمت على وجهه، وابتسمت لها بدوري حتى انكمشت عيني، وحركت يدي مرحبة، وقد طعنتني كلمة "مدام" في الصدر بحضوره.. والتقت العيون تارة اخرى لتفتح بوابة جهنم.. توقف ارجوك، اتوسل اليك لا ترمقني بتلك الطريقة، لا تتطلع الى روحي بسوادك ذاك، فكرت وقد استحال علي ان انزع نظرتي من نظرته، وكأنه كان يخبرني "اذا فأنت تراقبينني!" واخبرته بعيني اني اتأمل تصاميمه فقط.. وهل يصدق؟ محال.. اشحت بنظري بقهر، ذراعاي معقودتين، اثبته على حذاءي بتوتر، لم استطع النظر باتجاهه مرة اخرى، تنفست الصعداء لأنه حررني واشاح بمقلتيه ليصرف جينجر ويطلب منها ان تنتظره بالسيارة.. دخلت انا مكتبي، ورمقت اوراق التصاميم والرسومات المتناثر فوقه، وقد شتت انتباهي وافقدني تركيزي مرة اخرى.. تخاذلت على مقعدي وانا احس بغصة في حلقي..
صديقتي، ان كل يوم معه في الورشة عذاب بالنسبة لي.. انا.. انا.. امشي في بعض الاحيان عبر اروقة الورشة فقط لأشتم رائحته، وعندما لا يكون في مكتبه، ادخل اليه، المس ادواته، واتحسسها وقلبي ينبض، واتأمل تصاميمه من دون ملل رغم اني رأيتها في اجتماع الورشة.. حالتي ليست بحالة اعلم ذلك.. لكن بينما انا متخاذلة على مقعدي، واحس بالحرارة بين جفوني، أتي صوته وهو مستند على حافة الباب عاقدا ذارعيه وشعره يلامس سقفه، وسألني مااذا كنت بخير، وشهقت لأنه فاجئني، وابتسم هو ابتسامته المعهودة.. ورفعت احد حاجبي ردا على ابتسامته وقلت اذا توقفت عن الظهور بتلك الطريقة سأكون كذلك.. ابتسم اكثر واشار بأبهامه ورائه قائلا انه كان سيسألني عن رأيي في التصميم.. رمشت وقد سجن عيوني بنظرته مجددا.. ثم همست اني كنت اتية لأخبره برأيي.. وارتفع صوتي قليلا بعدها وقلت له وقد اتسعت جفوني ببطئ وانا احاول ايجاد نقطة واضحة في سواده، قلت له الى ان ظهرت العزيزة جينجر، ولا اعلم لماذا قلت اسمها بتلك الطريقة، لكن ملامحه جمدت قليلا وانفتحت شفتيه وتألقت عينيه وعقد حاجبيه، وها نحن من جديد، لو تحسين بما يختلجني عندما يرمقني حينها يا صديقتي.. احس انه ينزع عني ثيابي، ويخترق جلدي ويتخلل عظامي وعضلاتي ويتسلل الى دماغي، احس.. احس انه حيث ابدأ انا وانتهي، احس اني اريد ان اقوم بأي شيء يقول.. احس بشعوذته وهيمنته.. احس بسلطنته وامبراطورية سواد حزقيته.. اشعر بما لم اشعر به من قبل.. وقال افهم من تأملك انه اعجبك.. واومئت له من دون ان انبس، ثم ودعني وغادر الورشة قبلي وانا ارنو لأعقابه وقلبي يوجعني.
رفيقة دربي.. انا فقدت عذرية زواجي، واخذني العشق الى مستوى اخرى، ولا ادري الى اين تكون المحطة، وكم من حشود اخطائي ستستقبلني، واسراري.. والى اين الترحال بهذا القلب النازف.. ان ما اقصه عليك يا صديقتي، مذكرتي العزيزة، وما اسره بين جناباتك، يأخذني الى هناك، الى البعيد حيث ازدهار الذات واطلاقها.. ومتى العودة؟ هل هناك عودة اصلا؟ واختم هذا اليوم الى وقت مقبل.. فسام يطرق باب الغرفة يريدني في المطبخ.. سأتركك الان يا صديقتي، ولكن لي عودة، لي انس لك ولصحفك الثمينة، فلاتحرميني من قلبك الامين وبئر اسراراك الواسع.. فانا مازال لدي الكثير لاجربه.. مازال لدي ايمان بالعودة المحتومة...
Published on March 24, 2019 10:43
•
Tags:
مذكرات-ادب-كلمات
March 10, 2019
لوليتا

- هيا اركض يا مارت.. اركض.. ايعقل ان تسبقك انثي؟
ضحكت لوليتا.. وزادت من سرعتها، وبدت السكة الحديدية تجري من تحت قدميها وكأنها قطار رصاصة.. التفتت امامها بعدما كانت تحدق خلفها بمارت.. كان يتعثر محاولا اللحاق بها.. تنفس بصعوبة.. انقطع صوته اكثر من مرة ولهت. لمعت عيونها السوداء تحت قب سترتها.. لمعان شر دفين.. وترقب للحظة الحاسمة، للوهلة التي خططت لها منذ ان عادت.
صاح مارت وهو يشهق:
- حبيبتي.. متي اصبحت سريعة لهذه الدرجة انا لا استطيع مجاراتك.
تطاير الدمع من عينيه بسبب انعكاس الهواء.
اجابت بهمس لا يفقهه:
- منذ ان تخليت عني يا حتالة
ردت عليه هو بصوت مرتفع:
- ايييه.. الرياضة لها انعكاساتها.. خصوصا التدرب علي التحمل.. يؤتي اكله.. ما عليك الا ان تنتظر النتيجة
قال هو، ينهج:
- لقد فاجئتني يا لوليتا.. انا استسلم امام عدوك
ركزت لوليتا امامها.. تجري في سترتها الزرقاء وبنطال الجينز.. تعد الثواني اخيرا. التقطت اذنيها احتكاك عجلاته مع السكة. ابتسمت بمكر. ابطئت سرعتها. اخرجت شعرها الافحم الساحر، يقدر طوله بنصف متر او اكثر. اخفضت سرعة خطواتها اكثر. انذاك اقترب منها مارت. بدأت الاحجار الصغيرة تحت السكة تهتز، حينها وقفت لوليتا تماما. استدارات نصف استدارة نحو حبيبها، لتنظر اليه نظرة مميتة وهو يخطو نحوها مهرولا ومبتسما.. لفت وسط شعرها لفتين ورمته صوبه فجأة، واذا به يطول ويشتد وكأنه خيوط فولاذية سوداء ليلتف باحدي قدميه ويجعله ينقلب علي رأسه مصطدما بحديد السكة.. متدحرجا نحوها. تلوي امامها وهو يأن وينوح بألم ويصرخ:
- لوليتا.. لوليتا.. هل انت مجنونة؟ ماذا تظنين نفسك فاعلة؟
ازالت قب السترة وحدقت به.. لمعت عيونها السوداء بوميض كغمزة نجمة تسقط من فضاء عينيها الحالك..و ميض جعل كل ملامحه تتقلص. مدت اصابعها لتمسك رقبته وترفعه في الهواء مثل علاقة للثياب.
سمع صفير القطار الآت.. اصاب مارت الهلع بينما ادرك ان هناك مقدمة لسلسلة من العرابات تقترب منه. تلوي كالقط المرعوب بين يد لوليتا. ضحكت ضحكتها الهيستيرية وهمست له:
- كيفما تخليت عني انت ليلتها.. انا اتخلي عنك ايضا
ثبتت جسده امام القطر حتي بقيت بضع امتار ثم تركته.. ليسمع اصطدام قوي يتبعه صرير العجلات باحتكاكها مع مسار السكة.. لينطلق انذار القطار بعدها بثوان.
غطت لوليتا وجهها مرة ثانية ووقفت علي احدي حافتي الجسر الذي تمر عليه الطريق الحديدية. ورمت بنفسها كصقر نازل من السماء نحو السطح.. لتختفي في الظلام المنبعث من النفق.. تحت الجسر
انتفض مارت من سريره بفزع، عيونه خزرة منفوخة وقد لاكت احداث الكابوس صورته.. بالذات هي.. تطارد منامه.. تسعي الي جنونه حتي بعد موتها.. والاعجب من ذلك كله قدرته علي النوم بخاطر وطبيعة لا تصدقان.. وقتئذ اختلجته راحة بوهيمية سوداء.. واخذ يتيقظ ويتطلع حوله. درى انه علي فراشه.. احس بالصر يأتي من مكان ما.. فوجد ان النافذة كانت مفتوحة.. ولم يفطن الي انها كانت مسدودة قبل نومه.. عاودته السكينة.. وكأن لوليتا لم تكن موجودة قبل ثلاثة ايام.. استعاد بوجه فارغ.. ورجعت به ذاكرته الي يوم وقوع الحادث...
قبل ثلاثة ايام:
دق جرس شقتهما ليلا.. قالت مارينا:
-من يكون في هذه الساعة؟ نفخت الهواء بتذمر واستدارت نحو لوليتا الجالسة علي سريرها تراجع كتاب العلوم الاقتصادية:
- لا بد انه ذلك المختل حبيبك..
كانت مارينا تضع حاسوبها المحمول فوق ركبتيها وتقرأ صفحات رواية الكترونية.
اجابت لوليتا مبتسمة:
-ليس مختلا مارينا.. لا اعلم لماذا لست موافقة عليه.
ابعدت مارينا عينيها عن الشاشة مرة اخري، وضيقتهما وهي تنظر الي لوليتا وقد قلصت فمها بشكل دائري وقالت بصوت مضحك:
-لأني احس يا ابنتي.. احس بهذه الاشياء.. انا افهم في طينة الرجال يا حبيبتي.. اقول لك انه مختل.. انا التي لا اعلم لماذا لا تثقين بكلام اختك العزيزة.. نصفك الاخر في الشقة.. وفي الروح طبعا، هل سبق وان اخبرتك بشيء ولم يحدث؟ هاه؟! هاه؟! هاه؟!
فتحت ذراعيها بتفاخر واشارت بيديها في الاتجاهين:
- أرأيت؟ الم اقل لك؟ لم تجدي جوابا؟
هزت سبابتها في اتجاه لوليتا تتوعدها:
-لا تقولي فيما بعد اني لم اخبرك..
ضحكت لوليتا بمتعة:
-انت حتي لم تعطيني الفرصة لأجيب.. مجنونة
اكملت ضحكها، بينما قهقهت مارينا بطفولتها المعتادة...
ــــــــــــــــــــ
- مارت.. لا اريد.. انا جدية.. لا تجبرني علي ترك المراجعة من اجل امتحانات الجامعة.. لن اسهر معك.. لقد اتفقنا ان نفعل ذلك بعد الامتحانات.
عدلت لوليتا من نظارتها، التي انزلق وسطها علي انفها بعد ان تذمرت من مارت.
اصر مارت:
- ارجوك لوليتا.. كل اصدقائي سيكونون هناك، لا تحرجيني.. كما اني اريد ان اتباهي بك كونك حبيبتي..
ترددت حينئذ.. لم ترد ان تكسر خاطره.. كانت معجبة بمارت لسنوات في مسلك الثانوية قبل ان يصبحا حبيبين في اول سنة من الجامعة. اقنعت نفسها انها تقدر علي اتمام المراجعة بعد العودة من السهر معه، مدركة انه ممنوع الشرب الليلة لتبقي صاحية. نظر اليها مترجيا، لكي لا تقاومه. لوليتا الخجولة المرحة.. البريئة والمثيرة.. بعيونها الصفراء وشعرها الاشقر.. بجسدها المثير المخفي تحت ملابس عادية.. كمزهرية لورود الهوي...
وافقت اخيرا وذهبت معه . ركبت معه السيارة وهي تحذره :
- لن نتأخر يا مارت.. لقد وعدتني
-حبيبتي. وعد، ساعتين ونعود...
انطلقا في السيارة ليلا مبتعدان عن العمارة التي تقطن بها. تاركة صديقتها الغاضبة مارينا لوحدها...
لاحظت لوليتا انهما يخرجان عن نطاق المدينة ويتوجهان الي الساحل..
سألته:
-مارت؟ هل سنسهر بالساحل؟
اجاب مبتسما:
- نعم عزيزتي.. هناك حفلة سيقوم بها اصدقائي.. نستمتع بها بجو الليل وسكون البحر
انتابها القلق:
-لكن مارت.. سنتأخر
- ارجوك لوليتا.. لقد وافقت الان.. لايمكننا العودة.. ابتعدنا كثيرا
تأففت وتذمرت:
- يا مارت انا عندي امتحانات بعد يومين.. لقد توقعت خداعك.. انت لا تصدق
ضحك بقوة:
-لذلك تحبينني.. لوليتتي
عدلت نظاراتها ورفعت احدي حاجبيها منزعجة:
-لن اتي معك مرة اخري الي اي مكان.. ليكن في علمك...
وصلا الي الساحل.. كان اصدقائه قد اجتمعوا حول النار التي اشعلوها ويرقصون علي ايقاعات موسيقي صاخبة.. ينتظرون مجيئه.. لوحوا له عندما رأوه ينزل من السيارة وصاحوا لبعضهم:
-اوه مارت وحبيبته.. انها لمعجزة ان وافقت لوليتا علي المجيئ.
كانوا ثلاثة.. لويس، فاتي و كومان.
اقترب منها كومان في يده كأس بلاستيكي احمر مملوئ بالخمرة ورحب بها قائلا:
- انا كومان.. لقد تحدث مارت عنك كثيرا يا لوليتا
ابتسمت بخجل:
-حقا؟ انه يحب ان يفعل ذلك
لمعت عيون كومان الزرقاء بفعل لهيب النار.. وتأملها وعقله يصور له افكارا خبيثة.
شعرت لوليتا بالتوتر بينما تجلس بين اربعة شبان.. ظنت ان الحفلة ستكون ضاجة.. وهناك الكثير من الرفاق.. ظلت تستمع الي حديثهم الممل ومن حين لأخر تتطلع لمارت تحاول ان تفهمه انها غير مرتاحة.. بينما كومان لا يبعد عينيه عنها. لاحظت هي ذلك فزاد من ارتباكها.
قال لويس مخاطبا لوليتا:
-يبدو ان الجلسة لم تعجبك..
- ربما لأني.. لم اتعود الجلوس مع الشبان فقط.. ابتسمت وقد احمر وجهها
ضحك فاتي فور رشفه من كأسه، وجهه اضاء خلف شرارات النار التي تتوسطهم:
-مارت ينتظر منا ان نقول له كيف يتعامل مع حبيبته ويغازلها علي انفراد في هذه الليلة القمرية.
نهض مارت ومد يده للوليتا:
-هذا ما كنت افكر فيه اساسا.. لا تتحاذق،
تنفست الصعداء اخيرا بينما ابتعدت هي ومارت.. تمشيا علي الرمال يعانقان بعضهما.
عند النار تهامس الثلاثة:
كومان:
-ستكون ليلة ماجنة ياصديقاي.. هل تفحصتما جسدها.. جبنة مخمرة يا حبيبي
لويس:
-اتوق لسماع صيحاتها.. صوتها رقيق يعذبني.. لا استطيع الانتظار
فاتي:
-الم الاحظ؟ تلك الساقين تحت الفستان.. لون الورود الصفراء والبيضاء يأسرني.. لكن كومان، مارت لم يقتنع بعد؟
قهقه كومان بصوت بشع:
- لا تخافا.. لا تخافا. ابتلع ريقه. وقف ونظر صوب الامواج الهادئة وعينيه تلمع مطبقا راحتيه معا، ويضغط متخيلا ومتلذذا.. اكمل كلامه:
-لقد اقتنع.. اقنعته البارحة.. هو اصلا اصبح معها من اجل ان يضاجعها فقط.. الا تتذكران سارة.. وكيف احب الامر؟ المخبول يعشق الجنس الجماعي.. خصوصا عندما امتنعت سارة.. اوه كم كان الامر مثيرا.. عويلها ومقاومتها..
ضحك الثلاثة معا، يتذكرون فعلتهم بامتنان وطمأنينة غريبين.. كان هناك اختلال باطن باد علي ملامحهم.. عيونهم زائغة كالذئاب التي عثرت علي فريستها.. ولعابهم يتجمع بين السنتهم.. ينتظرون لحظة تركهم لعالم الانسانية.. والابحار في نشوة بشعة.. قاتلة للمبادئ وناحرة للأخلاق...
سارت لوليتا نحوهم بجنبها سفاح رابع.. عيونه ضاقت وغمز كومان.. فاقترب منهما قائلا بأبتسامة، عينيه شبه مغمضتين:
-هل ندخل الي الصخور؟ هناك مكان جميل هناك نراقب فيه القمر.. زاوية خيالية.. ونتحدث مطولا قبل ان نذهب.. ما رأيك يا مارت؟
اجاب مارت بخبث:
-لا اعلم.. لو ارادت لوليتا ذلك لما لا؟
نظرت لوليتا الي عينيه وابتسم هو بلطف. كانت تريد ان تذهب الي شقتها وتكمل مراجعتها.. لكنها لم ترد لحبيبها ان يحزن.. انه يبدي كل تلك السعادة برفقتها.. فقالت، تمسك ذرعه:
-حسنا.. لا مشكلة ياعزيزي.. لنبقي ونشاهد القمر اذا...
جلسوا بين الصخور المخفية يتأملون البدر.. كان مارت يعانق لوليتا.. همست له:
- انا اشعر بالامان وانت معي
ابتسم بسخرية.. وحرك يديه ليدخلها بين صدرها. تفاجئت من حركته وابعدت ذراعه خجلة:
-ماذا تفعل يا مارت؟ اصدقائك هنا..
ضمها اليه بقوة وامسك بصدرها مرة اخري. قبلها بعنف. احست بالاختناق فضغطت بكلتا يديها علي قفصه الصدري لكي تبعده لكنه لم يأبه لها. صرخت به:
-مارت توقف.. هل جننت؟ توقف مارت. ابتعد عني.
زاد هو من حدته ومزق فتحة فستانها الاصفر.. اقترب حينها كومان وامسكها من ذراعيها بينما قبض كل من لويس وفاتي علي ساقيها. ادركت لوليتا وقتئذ مايحدث وبدأت بالصياح والركل.. كانت تتلوي مغلوبة علي امرها.. والاسوء من ذلك، صدمها الوجه الحقيقي لمارت حين تحول لمسخ ينهش عنقها.. زاغت عينيها، تنظر اليه غير مصدقة والدموع تمطر منهما.. شعرت بالخدر في جسدها.. وكأن سما ينتشر داخلها.. وكأن روحها تريد ان تخرج.. وكأن الموت يريد ان ينقذها..
تلك اللحظة التي سقطت فيها الاقنعة.. ارادت ان تستنجد بكل ما فيها من قوة.. قاومت وقاومت حتي انهكت حينما بح صوتها بالعويل.. تمزقت ثيابها وانتهك جسدها بينما حامت بها الذئاب تنقض عليها.. وليمة لجوعهم ونزوتهم المفترسة.. لشهواتهم اللاحيوانية واللانسانية.. صرخت من الالام والكدمات.. صيحة عذاب بينما يسرق بدنها.. اندفعت بوحشية دفاع عن النفس لتغرز مخالبها في عنق كومان.. استشاط غضبا وصفعها علي خدها.. بصقت علي وجهه من دون توقف.. امسك برأسها وثبته بينما ضغط بيديه علي حنجرتها وعينيه تحمران من الهيجان.. ضغط وضغط حتي غاب صوتها وابيضت عيونها... الي ان.. انطفئت نظرتها...
عم الصمت..
اصاب الامواج الصمم..
وعميت انظار النجوم والبدر للمشهد..
واختنقت الرياح بشفطة النفس الاخيرة من فم لوليتا..
حين خفت لمعان عينيها الاصفر واصبحتا فارغتين.
اراد الوجود ان ينعدم..
وارادت السماء ان تطوي..
الصخور ان تتفتت..
اراد الزمن ان يتوقف..
حين توقف قلب لوليتا...
حملق كومان بوجهها الميت واستدار لينظر الي مارت وفاتي الذين مازالا عند ساقيها.. في حين خر لويس مستلقيا من التعب.
ضحك فاتي باعلي صوت ثم قال بكلمات بطيئة مخمورة:
-ستلعبين دور الميتة يا لوليتا العزيزة.. كي تنقذي نفسك.
وقف يتمايل، يحرك اصبعه نفيا وتمتم:
- لا.. لا.. لم ننتهي منك بعد.
تجمد كومان في مكانه.. وصدر لوليتا بين ركبتيه.. وظهره قد تقوس قليلا.. زاغت عينيه.. زال مفعول الخمرة بسبب الصدمة.. تساقطت الدموع من حدقتيه.. واخذ يأن و يلمس كتفي لوليتا ببطئ ويهزهما لعلها تستيقظ.. تمتم للأخرين:
- فاتي.. فاتي اصمت.. فاتي اصمت..
نهض مارت مترنحا واقترب من كومان.. لحقه لويس ايضا.. وخلفهما كان فاتي يضغط علي جبينه من الدوخة. حملق الثلاثة بوجه لوليتا الجامد.. بدأوا يستفيقون من النشوة رويدا رويدا..
وضع كومان سبابة ووسطي يده علي حنجرتها ليتفحص نبض قلبها.. التفت اليهم بفزع وقال:
-مارت.. مارت.. لقد قضي علينا يا مارت..
ضحك فاتي وقد رأي وجه كومان المرعوب:
-لقد صدقت حيلتها ايها المخبول
وقف لويس وتوجه نحو فاتي ثم صفعه بقوة علي وجهه.. وصرخ:
-لقد ماتت ايها الاحمق.. لقد توفيت..
كان لويس قد ادرك الامر الواقع.. وعاد لينظر صوب كومان:
-لقد قتلتها.. اوقعتنا في مصيبة يا كومان.. انتهينا بسببك يا كومان..
كان هذا الاخير يرتعد.. وابتعد عن جثة لوليتا وامسك من شعره.. وصرخ:
- مستحيل.. مستحيل.. لا.. لن ادخل السجن.. لن تعرف عائلتي ما حدث.. سيقتلني ابي اذا علم بما وقع.. يقتلني.. يذبحني..
سقط فاتي علي ركبتيه وقد عاد اليه وعيه. سالت الدموع من عينيه:
- انتهينا...
تكلم مارت اخيرا بهدوء وعينيه تنظران الي الفراغ:
-لنتخلص من الجثة.. نرميها هناك في البحر.. ستحملها الامواج.. وننجو نحن.
عم الصمت للحظة.. استوعب كل منهم ما قاله مارت حينها...
حمل الثلاثة لوليتا واقتربوا من حافة الصخر.. كانت الامواج تتراطم عند نهايتها.. حدقوا ببعضهم البعض، ثم القوا بالجثمان من فوق...
بعد مرور يوم علي ليلة الحادثة:
أخذت الامواج بدنها الي نقطة ما من المحيط، حيث غاص ببطئ الى القاع، واحاطت به الاسماك الصغيرة. نزل في سكون تام. حط بين صخور تغطيها الشعب المرجانية.. وتتواري بينها قنافذ البحر.. وتطفو فوقها القناديل الشفافة الجميلة.. والاسماك الذهبية الصغيرة. سكن جسدها وعلق هناك.
حينها، في تلك اللحظة الغابرة وسط قاع المحيط. بدت لوليتا لا شيء، مجرد بقايا خلق سلبت روحه.. ولم تعد له قيمة، في تلك اللحظة بالذات كان المشهد طبيعيا.. ولن تقدم الطبيعة لتلك الجثة معروفا سوي ان تجعلها تتحلل لمدة شهور بمساعدة القشريات، وتتحول الي غذاء يقتات منه خلق قاع البحر.
مرت الساعات ولم يحدث شيء. بقي الجسم هناك صامتا.. خامدا.. الى أن اخترق السكون صوت صفير غامض، بعدها بسرعة البرق ظهر مخلوق غريب أسود، حجمه لا يتعدي محيط يد انسان.. وعينيه كبيرتين وواسعتين كجوهرتين نادرتين من القرون الغابرة. اقترب من جثمان لوليتا.. ورجع صفيره يطن، بيد انه تحول الى موجات صوتية تتردد بلغة كلامية، بدت انها اغريقية " أيمي او ثيوس تس ثالساس {انا اله المحيط}.. أيمي او ثيوس تس ثالساس {انا اله المحيط}.. ايغو دياتازو نا نيكيسون تون ثاناتو {امرك ان تهزم الموت}.. ايغو دياتازو نا نيكيسون تون ثاناتو {امرك ان تهزم الموت}.." ثم عاد ذلك الصفير الحاد ثانية ليبعث موجات مسترسلة، ليضطرب ماء القاع ويتولد بتذبذات واسعة "آآآآآآآآآآآه... ايغو ايمي او ثيوس ساس {انا الهك}.. ايغو ايمي او ثيوس ساس {انا الهك}"
ثم التصق بصدرها وتحول الي مادة لزجة، واخذ ينهش ثقبا به.. وتسربت تلك المادة منه، ثم سكن كل شيء مرة اخرى.. ولم يبدي الجسد أية ردة فعل. مر الزمن ببطئ. كان هناك جو من الترقب.. كما ولو ان قاع المحيط أراد ان يتكلم. رغب في أن ينبعث جسد لوليتا من جديد.
قاربت الشمس على أصيلها. مازال الجسد بثقبه ذاك من شروقها. عند أول طبقة ظلام غلفت السماء. بدأ الثقب يلتئم.. ويلتحم.. وأخذت الأنسجة الدهنية وأاربطة الثدي تنسج بعضها تلقائيا. تحولت البشرة الي لون أبيض كالثلج. انتشر السواد في قزحية عينيها. تحولت جريبات شعرها الصفراء الى سوداء حالكة. طال شعرها اكثر من ذي قبل ليصبح أفحما. انبعث من حدقتيها وميض نجمي ساطع. انتعش قلبها بنبضات قلب متسارعة، ليعود بعد ثوان الى المعدل العادي.
عادت لوليتا الى الحياة. كانت لوليتا شقراء بريئة. أمست لوليتا سوداء ذات هالة مميتة.. والاسوء من ذلك. كانت ذاكرتها أقوى من ذي قبل. تذكرت في ثوان معدودة ما وقع لها. اخترقت مياه المحيط مرتفعة ومبتسمة لنفسها بمكر. طفت في السماء كحورية سوداء تتلولب وتنفض عنها الماء.. يلمع شعرها الاسود الفولاذي تحت ضوء القمر. صاحت ليخرج من باطن حلقها صوت صفير.. نفس ذاك الذي ضج بين أحضان المحيط، قبل أن يظهر المخلوق الذي أحياها.. لتكون لوليتا من جديد.
بعد أسبوع من إنبعاث لوليتا
عانقت صديقتها بحزن، ودموعها تسيل لتسقط على كتف لوليتا العاري:
-لا أكاد أصدق.. ياليتني منعتك تلك الليلة.. ياليتني لم أكن محقة بشأنه يا حبيبتي.. أوه لوليتا أوه.. قلبي يوجعني.
أمسكتها لوليتا من يديها لعلها تهدئها، لكن أين الدفئ الذي عهدته من راحتيها؟ فقد أمست باردة كالصقيع.. كأعماق المحيط.. بشرتها رخامية ذات ملمس صلب.
نظرت في عينيها:
-مارينا.. عزيزتي مارينا.. لقد حدث ما حدث.. انه خطأي انا.
مدت يدها لتمسح الدموع النازلة من عيونها البنية. تأملتها مارينا بعجب:
-أتعلمين.. مر أسبوع علي تلك الليلة التي دخلت فيها الشقة من النافذة.. عندما رأيتك عارية، وبشعرك الأسود وعيونك الحالكة.. كاد قلبي أن يصمت.. أشعر بالخجل من تلك اللحظة.. لأني لم أتعرف عليك.. ولحد الآن لا أكاد أصدق...
داعبت لوليتا شعرها البرونيت:
-عزيزتي.. هل هو أمر يصدق؟ ماحدث لي نقرأ عنه في القصص ونراه في الأفلام فقط..
اومئت لها موافقة.. ثم عبس وجهها مرة أخري:
-لكنك سترحلين الآن.. ماذنبي أنا حتي تهجريني.. أعلم اني أنانية بهذا الشأن.. لكن لن اتحمل غيابك يا صديقتي.. عندما غبت اليوم كله بعد ذهابك مع ذلك القذر الحتالة.. اتصلت بهاتفه لكنه كان مغلقا طبعا.. بعد ما فعلوا بك.. آخخ مجرد التفكير في ذلك.. يجعلني ارغب في ذبحهم بسكينة غير حادة..
تنهدت ووضعت رأسها في حضن لوليتا باكية. مسدت لوليتا شعرها، تنظر الى لا شيء بعيونها السوداء الميتة..
قالت مارينا بصوت هامس:
-هل ستقتلينهم؟
مررت لوليتا راحتها علي ذراع مارينا:
-طبعا.. اخر شيء أفعله قبل أن أرحل.
رفعت بصرها الى الأعلى. احنت لوليتا وجهها قليلا لتلتقي النظرات:
-احرصي علي ان يكون الأمر جحيما لهم.. إتفقنا؟
ابتسمت لوليتا ابتسامة، لو شبهت بانفتاح فم روبوت لا يكون هناك فرق:
-إتفقنا...
۞
أوشك الفجر على معانقة السماء، دقائق قليلة كي يندمج في الأفق، يبعث طبقته الباردة.. الهادئة.. الجامدة. أوشك أن يعبق الجو برائحة الموت.
عند الحانة الليلية،
مازالت المخلوقات الفانية تنغمس في ملذاتها، تنسي وعيها اللاواع من دون نسيان.
كان كومان ثملا، يبحث عن بائعة هوي، لكن ولا واحدة التفتت اليه. تكلم بلسان ثقيل:
-لدي المال.. لتأتي من تريده.. أنا هنا.
ترنح وهو يحمل كأس الويسكي. اقتربت منه فتاة ترتدي باروكة حمراء، فمها مغطى باللون الأحمر، رموشها الاصطناعية تلمع، بتنورتها القصيرة الفاضحة، وقميصها المشبك الأسود، الذي يظهر حمالات صدرها الحمراء. وحذاء الكعب الافحم. همست قرب أذنه:
-كم من أجل ليلة كاملة؟
فرح كومان رغم انه ثمل وعانقها:
- قدر ما تريدين..
أعانت جسده وتظاهرت بأنه ثقيل عليها:
-هل لديك سيارة إذا؟
قبل وجهها وجفون عينيه منسدلة:
- المفاتيح في الجيب
-حسنا أذا.. هيا يا عزيزي لنهتم بك قبل أن يلحقنا الفجر...
توقفت السيارة عند الساحل، كومان في نصف وعيه، عيون الفتاة تلمع بوميض نجمي.
قالت بصوت كهسيس الأفعى:
-أتذكر هذا المكان يا كومان؟
كان متخاذلا علي مقعد السيارة، يكاد يختنق بأنفاسه الكريهة المتلبدة. عجزت عضلات جسده علي الحراك بمعدلها الطبيعي.
مسندا رأسه علي قمة المقعد لوهلة، مغمضا عينيه، محاولا أن يسترجع بعضا من وعيه. فتح عينيه المحمرة، المرهقة، زرقة بصيرته تائهة وكالحة، غامقة، كأنعكاس وجه الليل ضد سطح البحر، المستقر علي مبعد من نظراته. يحرك أعلى جسده ليرمق الساحل. شاهدت لوليتا إتساع جفونه المبهوتة. ابتسمت بأحتقار للشبح الذي لبس محياه. صفعت راحة الحتف جنون وعيه، رهبته من الأجل المحتوم، وللغرابة، في ركن ما من ذاته. كانت الفكرة تحضن نفسها تحت مجاري مياه روحه المتعفنة. تتغذى علي الأوساخ التي يسربها الى نفسه. فكرة قدر نهايته البشعة.. خيال لوليتا وهو يدق حنجرته المشمعة.. ويجرده من أنفاسه.. رويدا رويدا. زاغ بصره أتجاه الصخر، وليس بيده أن تعرض ذكرياته المشهد، لوليتا تصارع بين يديه، لوليتا تصرخ وياليته أنصت، ياليته إستفاق.
"ياليت قلبي تداخلت كرياته في بعضها البعض، وخنقتني أنفاسي بين ثوان الدقائق، وأردتني قتيلا،" فكر كومان، كما يفكر أي فرعون، حينما تحمله خشبة مكسورة بالية، فوق أمواج البحر، يصارع بذراعيه لكي لا يغوص، في محيط أثامه. طابت نفس لوليتا للمنظر، أو أصح قولا.. إبتهجت ماهية لوليتا، ذات الأبعاد المعينة، الهندسية المقننة، لا هي بروح، ولا هي بنفس، شيء أخر، تداخلات متوازنة من قناة مجرية أخرى، اتصال لا هو بالمحسوس ولا هو بالملموس، اتصال بينها وبين كونها، حوار نيزكي، نجمي، محيطي، مرجاني، لؤلؤي، حابس للأنفاس، ذو وهج ذهبي، بنفسجي، أسود، قرمزي، أبيض، مخملي، ناعم الملمس، وفي ذات الوقت، لا ملمس له..
كانت شيئا لا يفهمه البشر.. شيئا لا تستوعبه الانسانية، شيئا فاق مرحلة العقل وألياته، إختلال في الطبيعة، خرق لها، دخول في ما بعد الموت، وخروج من برزخه للعودة الى الآن، الى الزمن القائم.. الى الحاضر.. الى محدودات الكون، قيود الوجود الفيزيائية. كانت انبعاثا ضد-كيميائي. كانت هناك، ولم تكن.
رغب كومان في أن يسد جفونه ويفتحها، ثم بوووف! تختفي تلك الملامح الغلسة.. الممجوزة بشحوب الغسق، التي لا تخفى على بواطنه.. ولسخفه، وذل لحظته، فعل.
كانت تفاعلات اللحظة وحماسها، جميعها تختلجه، وهو منطبق الرموش، وتمنى حقا.. تمنى أن تغبر لوليتا.. تمنى أن يستفيق من حلمه كما إستفاق مارت. أخبره صوت جبار إلهي. طن له بالحقيقة العمياء التي هي البصيرة عينها.
لوليتا عزرائيل أسود، إنسانة بريئة شقراء، تغبّن شرفها بأوساخ أحقر البشر، لتسقط في محيط يغسلها ويكفنها، ثم يبعثها حية في عالم أموات الضمير.
تمتمت لوليتا بسكون تخفق له أقسى القلوب وتفزع:
- أوه! أحسنت أيها الخلق الفاني.. عقلك مازال يصارع ليرفض فكرة وجودي، إستحالة قطعية، لقلة علمك بالأمور.. عدا إطلاق الريح ورأس خمرة، ثم نشوات ونزوات عابرة، تتلذذ بها لويحظة. مالذي قد يبدو لك حقيقة أو وهم؟ عالة على بني جنسك.. عالة على جسدك الذي تسكنه، جرثومة تتغذى على نفسها، أليس كذلك؟
دفعت لوليتا وجهها بتريث وثبات غير بشري بجهته، ليخرج وجهها من الدمس، وتظهر قسماتها أمامه، بحدقتيها القاتمتين، وومضتهما النجمية التي تكاد تخطف بصره، وبشرتها الرخامية التي تلمع تحت عتمة البزوغ، وخصلات شعرها الفولاذية كالأسلاك السوداء المترامية والمفرزة الكثيفة، تغطي جسدها، بعد أن أزالت تنكرها.
بكى، كالرضيع المفطوم. تدفقت الدموع منه كما لم تفعل من قبل، ولو انه لم يواسي ذاته باحتمال أن يكون الواقع وهما، لأصيب بالجنون، وطارت فراخ عقله، وإنفصلت سيالته العصبية عن دماغه.
صرخ كومان:
- أنت وهم.. شبح.. لا يمكن أن تكوني.. لقد قتلتك بيدي.. ورميناك في المحيط. مستحيل أن تكوني حقيقية. أنت مجرد كابوس يريد أن يعذبني.
حرك رأسه في كل الاتجاهات بهيستيريا بشعة. ارتعد جسده وشاك زغبه.
اقتربت لوليتا منه حتى فضل بين أنفها وأنفه ميليمترات.. حدقت بعيونه، بحدقتين لا مهزوزتين، أو مرتجتين، ساكنتين، صامتتين، ولا صور ناطقتين. برود، صفير خافت، رهبة، دقات قلب تسمع، وعرق قد سال على جانبَي جبينه، كومان كالصنم، كالمسجون، كالذي فقد السيطرة حتى على عضلة لسانه.
-أنظر كيف سأجبر جسدك على النزول من السيارة، والمشي نحو الصخور، ومن دون إرادتك.
اشتعلت عيون لوليتا بوميضها، وطفت خصلات شعرها تتموج في الهواء، وقالت:
- ايكسو "الى الخارج"، فريكيو "يامسخ".
شعر كومان أن شيئا غير مرئي يجر جسده خارج السيارة، وينزعه من المقعد، أحس انه صار تلقائيا، وان لا سلطان لوعيه حينها. خرج من السيارة. وأخذ ينزع ثيابه.
نهرت لوليتا:
-كينيسي "تحرك!"
وسار عاريا أسفل رمال الساحل.
تمتم مترجيا:
- الهي ايقظني من هذا الحلم.. الهي أتضرع اليك.. إنه كابوس.
لحقته لوليتا، تضحك عليه:
- ياللسخرية.. تطلب الاله الذي نسيت انه كان يراقبك يوم جردتني من حياتي البشرية؟
وصلا الي عين المكان، مسرح الجريمة، ملاذ لوليتا الأخير كأنسانة، سرقوها ذاتها، وحرموها من أجمل براءة، وأعذب نقاء.
رفع كومان رأسه من الذل ليجد أمامه أربعة رجال عراة، بعضلاتهم المفتولة، وملامحهم الممسوحة، شهد كومان لأول مرة في حياته، وجوها من دون ملامح، ولا قسمات، فراغ، مثل روحه. فزع للأمر وتهاون للوراء وعدم التصديق يرتدي سحنته. وجد خلفه لوليتا. كان إصطدامه بجسدها أو الارتطام بجدار فولاذي سواء. لوحت به فأرتمى بين يدي الرجال الأربعة، الذين لا وجوه لهم.
خاطبتهم لوليتا:
- بيازون تون "اغتصبوه"
استدار كومان لينظر اليها، زحف صوبها بعد أن سقط على ركبتيه، جمع راحتيه معا ووجههما اليها متضرعا:
-بالله عليك! لوليتا.. أكون كلبك! عبدك! أغسل قدميك وأبيت عندهما!
ابتسمت لوليتا علي حالته:
-حافظ على ما بقي فيك من قوة لتقاوم هذه المخلوقات التي ستغتصبك، وتقضي عليك بعدها.
ارتجت حدقتيه. وزاغ بياضهما. رخّت جفونه وكأنها سحب مطر:
-ماذا؟ لا.. لا.. لا! لا! لا! لا! اقبل قدميك لا.. لا.. لا...
زحف نحوه الاربعة بينما يصرخ وهم يجذبونه بعيدا عنها. طاولوه حتى اختفى جثمانه بينهم، بينما تختلط اختناقاته بصيحاته المعذَّبَة.. مرت الساعات ولوليتا واقفة تتأمل المشهد.. عارية.. في حين يزحف لون الصباح بتأن...
حفر الاربعة وسط الصخور فجوة بشكل مستطيل لتنفسح لعدة جثت. كان كومان مغطى بدمائه وقد تشوهت بعض أعضاء جسده. أمرتهم لوليتا بأن يرفعوا الجثة ويضعونها داخل الحفرة. وقفت هي عند حافة الصخور ترنو الى أمواج الغدوة الحاضنة بعضها بعض، المترامية. مددت ذراعيها وارتفعت عن الصخور قليلا لتطفو بقدميها.. وفتحت فمها ثم اصدرت الصفير المعهود. لحظات بعدها وتصعد موجة لتنساب داخل فمها، وتعود لتحط هي على الأرض، وترجع الى جثمان كومان، وقفت على رأسه وأبقت مياه المحيط في جوفها لفترة، ثم سكبتها لتمسي سائلا مثل القطران ما أن لامس الجثة حتى حنّطها وحجّرها.
۞
قال لويس لفاتي، يجلسان بشرفة فيلا جنب الساحل:
- أغلب الظن انه سافر.
أجابه فاتي:
- كومان يسافر من دون أن يخبرنا؟ مستحيل.
- كان ذلك في الماضي.. قبل أن يحدث ما.. أنت تعلم ماذا
ضحك فاتي ساخرا:
- يا صديقي، أراهنك انها تحللت وتفتت في قاع المحيطات.. أفضل شيء حصل انها ماتت.. كانت لتجلب لنا المصائب لو ظلت حية .. أتذكر سارة؟ وكيف كنا سنصل الى المحاكم؟ لولا أن عائلاتنا رشوا المقاطعة كي لا ترفع القضية الى المحكمة؟
نظر اليه لويس بأزدراء وهو يصر بأصابعه على الكرسي:
- في بعض الاحيان، أريد أن أهشم رأسك بشدة، لدرجة اني لا أبقي شيئا في دماغك ذاك، ألا تشعر حتى بالندم؟ فرحان أنت؟ ماذا فعل والد كومان؟ الم يشتري منحة دراسية من أستراليا وجعل ساره تسافر.. لحسن حظنا انها كانت فقيرة وتحتاج المال..
إعوجت شفاه فاتي مبتسما:
- أصلا هذا ما يصيبنا من معشر الفقراء.. يجب أن تفهم انهم مزبلتنا يا صديقي.. نفرغ فيهم رغباتنا ونجعلهم خدما لنا..
أدار لويس وجهه بعيدا، يهز رأسه غير مصدق:
- أتمنى أن تقع بين يدي دزنة منهم يوما ما.
- أو يقع بين يدي
ظهرت من فراغ الكرسي الذي يقابلهما، جالسة، مبتسمة، واضعة ساقا على الاخرى، ترتدي فستانا قرمزيا ينتهي عند ركبتيها.
نقنق فاتي كالدجاجة وأرتد ضد الجدار الكالح وراءه. أنقلب به الكرسي.. سقط على رأسه وتأوه.
في حين فزع لويس وتسمر في مكانه.. نبس غير مصدق:
- لوليتا؟ لكن لوليـــ شقـــ شقــ قـــ قراء؟؟
أبانت عن أسنانها الكريستالية:
- أحب مظهري الجديد.
تعثر فاتي، ينهض مريدا الهرب.. ألصقته الجدار قابضة عنقه في شبه لمحة. تشقق الطلاء خلف مؤخرة رأسه وأصدر هزيما خافتا.
رفعته عن الجدار وأستدارت متوجهة نحو البحر. أمرت لويس:
-إلحقني!
أصدر فاتي عويلا مقززا وبحّ صوته واللعاب يتطاير:
- أنت شبح، أنت روح سوداء.. أنت ميتة.. أيتها العاهرة.. لقد مت.. لقد مت
كان لويس صامتا، مخفضا رأسه، كأنه توقع، لكن لا.. بيد انه استعد بتفكيره منذ موتها لأي شيء يمكن أن يحدث.. لحقها في صمت.
رمته عند زبد المياه. صرخ هو:
-مومس بشعة.
مرر كمّ قميصه على فمه. تلطخت ثيابه وشعره بالرمال المبللة. وقف فاتي أمامها يذرف الدموع، لا يقدر على الكلام.
خاطبتهما:
- ستغتصبان بعضكما البعض.. أو بالاحرى ستمارسان الجنس مع بعضكما بتقزز لأنكما لا تشعران بأي شيء أتجاه بعضكما.. ستستمران على ذلك الى أن يتوقف قلبكما من التعب وتلقيا حتفكما.. في خضام القيام بذلك.. كل ساعة تمر ستدخلان الى البحر.. كل ساعة ستسيران نحو أعماق البحر.. كل ساعة تفعلان نفس الشيء.. إما تغرقان موتا.. أو تقتلان بعضكما البعض بالجنس اللارادي.
قهقه فاتي وقد انفتح فمه كفرس نهر:
- وكيف ستجعلينا نفعل ذلك؟
-ستعلم بعد حين،
ثم اختفت، كسراب انصهر بين طيات الهواء، ورائحة البحر.
نظرا بأنكار لما حدث للتو. ثم وجّها بصرهما نحو بعضهما البعض.. واذا بجسديهما يتحركان من دون رغبة منهما.. إلتهم الفزع وجه لويس وقتئذ.. وصرخ مستنجدا كما لم يصرخ من قبل، في حين يهتز جسد فاتي من البكاء الشديد...
وقفت أعلى الصخور، بجنبها بدن كومان المحنط. صفرت للأمواج وهي تحمل كل من لويس وفاتي إليها. لقيا مصيرهما. في المكان الذي لعبا فيه بقدرها، هاهما ينتهيان، كقماش بال، كخرق قذرة، وفعلت بهما كما كومان، حُنّطا، ولم يبقى إلا واحد. هو الخائن، هو سفاح روحها، هو من فض بكارة برائتها، هو من سلبها انسانيتها، هو من فرط بها، هو من سكب السم عسلا في كأس حياتها، هو الذئب الذي افترسها، عندما فتحت قلبها له.
۞
أوقف مارت سيارته أمام منزل أسرته، متوجسا كالعادة يلتفت الى جانبيه في قلق وحيرة وترقب. سمع في الخلف هفيفا يأتي من مقاعد المسافرين. تجسدت لوليتا بجلالتها وهالتها المهيبة، عيونها تشع داخل ظلام السيارة. صرخ كالمخبول:
- مامـــــا ماما ماما.. أمي أمي..
أراد أن يفتح الباب جنبه. وجده مغلقا. أحس بضيق الهواء داخل العربة. نظر الى ذراعه.. لاحظ دم عروقه يتجمد.. وتبرز شرايينه.. انتابه إختناق وضغط من أصابع قدميه صعودا الى أعلى رأسه. انسابت لوليتا لتجلس بالمقعد جانبه. أمسكت خصلات شعرها الفولاذية باثارة ولفتها ببطئ لتعقد جديلة وتتساقط على ظهرها.. ابتسمت له وعنقها المخملي الصلب يلمع ببريق أخاذ.
كانت عيون مارت مخضبتين ومعتصرتين، عروق عنقه مشدودة، إنْ مررت عليها نصلا تمزقت وتراخت وفاض الدم. سُمعت غرغرته.
نبست لوليتا بصوت خافت مثير، بكلمات متأنية:
- افتقدتني يا حبيبي المخلص؟ اذا لم أقبلك الآن بشفاهي.. ستموت مختنقا..
وضحكت بجمال خلق ماورائي، وبراءة طفلة.
سرعان ما أرتمى على شفاهها.. نظير سجين صندوق يبحث عن نفحات هواء من ثقب صغير. التصق بشفتيها لبرهة، ثم استرخى، وتنهد، وأحس بالراحة.. وتراخت عروق جسده.
تأملته لوليتا مبستمة بحنان:
-يالها من راحة أليس كذلك؟
اتكأت بمرفقها على رأس المقعد، تنظر اليه، وتدخل اصابعها بين شعرها وتسترسله ببطئ انثوي. رفعت حاجبا بخبث:
-عدا ان أحمر شفاهي...
مسحت بأصبعها على شفتها العلوية:
-ممزوج بفيروس سرطان.. يصيب كل أعضائك..
لكمته الصدمة بالضربة القاضية:
- اني أشفق عليك.. اذا اخبرتهم ان مخلوقا يشبه الفتاة التي اغتصبتها وشاركت في قتلها هو من أصابني به.. فأنت في نظرهم مجنون! ههههه. لكن لا تقلق.. سأزورك بعد سنة، حين لا يتبقى منك شيء ويكاد يهلكك المرض، وأشفيك، وبعدها...
وضعت أصبعها على شفتيها وتأملت سقف السيارة:
- لنرى.. اممم.. أصيبك بفيروس الايدز
نظرت اليه بأبتهاج وابتسمت بطلاقة:
- ما رأيك؟
اذرف الدموع من دون أن يشعر. وأخذ يصرخ بفعل ما يسمعه.
أتمت لوليتا:
- بعد سنة اخرى، حتى يكاد يقضي عليك المرض، وتعاني عذاب ضعف جسد الانسان.. عذاب نفسيا.. أجيء مجددا.. أزورك! عيادة المريض واجب.. خصوصا اذا كان حبيبك السابق. وأجعلك تقوم بأفعال المجانين، لكن عقلك سليم.. يدخلونك المصحة.. وطبعا سيرعاك خدمي أنا.. آمرهم بأن يعالجوك بالكهرباء كل ليلة.. بعدها يشبعونك ضربا حتى تقترب من لفظ أنفاسك ويرمونك في زنزانة منفردة.. بعدها يطعمونك.. يشفونك.. الى أن ترجع صحتك كالحصان.. ويعيدون العملية من جديد.. جميل اليس كذلك؟
مازال هو يصرخ ويرتفع أنينه كلما أنصت لما قالته. اقتربت منه لوليتا.. حدقت بعيونه. لمست خده ونبست:
- تذكر لوليتا.. لوليتا هي انسانيتك التي تخليت عنها.. تذكر في هذه السنوات الآتية.. لأنك ستتمنى لو أنك لم تولد.. لم توجد.. ستتمنى أن تكون لا شيء...
بعد سنتين ونصف:
أحد اشراقات صباح من فصل الصيف.
جلست على احدى الطاولات الموجودة بحديقة المصحة، ترتدي قميصا بلون السماء يكشف عن كتفيها وينتهي عند سرة بطنها، وشورت وردي يكنز فخذيها ويبين عن عظمتي وركيها. ترتدي أساور وحلقات على معصميها، وجواهر بحلمتي أذنيها، وخواتم ذهبية بين أصابعها.
امسك خدمها مارت من ذراعيه، وساروا به نحوها، يرتدي ثيابا بيضاء، بأحزمتها التي تربط يديه وقدميه.
كانت تلك المرة الثالثة التي تزوره فيها لوليتا. ما ان لمحها حتى هرول نحوها. سقط على وجهه وركبتيه في طريقه اليها. نهض مثابرا حتى ارتمى بين قدميها، واخذ يقبلهما ويتضرع:
- ارجوك سيدتي.. ارجوك سيدتي.. اتضرع اليك انا عبدك.. اقتليني.. اقتليني وخلصيني.. لطفا.. رحمة منك.. عفوا منك.. غفرانا منك...
رفعت لوليتا، تبتسم، كعب حذائها العالي لتضغط به على جبهته. دفعته لينقلب على ظهره.
قالت بضجر للخدم:
- الأمر أصبح مملا.. اقتلوه واجلبوا جثته للمكان المعلوم.
زحف مارت نحو قدميها مرة اخرى ونبس:
- عشت وسلمت.. لرحمتك وشفقتك.. عشت وسلمت.
تبددت لوليتا وتحولت الى بخار في الهواء.
۞
وقف ضابط الشرطة، يشد براحتيه علي جانبي خصره، ينظر بدهشة الى الجثث الاربعة المحنطة فوق الصخور.. ملامحها واضحة بارزة.. احتار عقله.. فبعد محاولة فاشلة لكسر التحنيط ظنا من فريق عمله ان هناك جثت خلفه، لم يعد واثقا.. هل هو نحت من نوع ما؟ ولكن أين الاشخاص أصحاب الملامح؟ فملفاتهم مرمية على مكتبه لسنوات.. على انهم حالات مفقودة.. أمسك ذقنه بأصابع يديه وحك لحيته. تمشى بجهة مياه المحيط. وقف على حافة الصخر. تأمل الضباب الخفيف الذي يغلف اوساط المياه. لو تكلمت هي، لو حدثته، لو قصت عليه اقصوصة خرافية؟ هل يصدقها؟ بينما تستمع اليه في صمت.. المحيط حيث تدفن الأسرار.. منه تلك المرة ولد سر، دفن جناته بيديه بين الصخور...
۞
بعد عشر سنوات
-هنا ودعتني.. هنا حكت لي ما فعلت ثم رحلت.
تأملت المحيط.. وراء الجدران التي بنيت حديثا حول الجثت المحنطة.. هل يجيبني صفيرها؟ هل تكلمني؟ لقد اشتقت اليها، فكرت.
قالت شقيقتها وقد استدارات لتنظر الى باب المنارة التي دخلا منها.. حيث وسطها تقبع تلك الاجساد المكفنة:
- مارينا.. ان القصة التي حكيتي لي لا يصدقها عاقل.. لكن عندما جئت هنا.. أحسست بهالة غريبة حقا.. شيء يبعث على البرود والرجفة.. شبيه بالغوص في مياه المحيط الباردة، عارية...
- كيلي.. ليس مهما ان تكون القصة حقيقية.. المهم هو أن نكون نحن صادقين مع أنفسنا.. لدرجة ندرك فيها الحق من الباطل.. الصواب من الخطأ.. الملموس من المحسوس.. الواقع من الوهم.
وضعت كيلي مرفقيها على اعلى حائط شرفة المنارة، وأحتضنت وجهها بين راحتيها بينما تحدق بالمحيط:
- أيهم كانت لوليتا اذا؟
التفتت نحو شقيقتها، تنتظر ردها، بينما تسحب الهواء من أنفها المحمرّ:
- كانت لوليتا كل ذلك...
- لماذا لم تعد للقياك؟
- لم تعدني بشيء، كيلي. لو كانت ماتزال في عالمنا، لألتقت بي...
أجابت كيلي وقد أقتربت من شقيقتها لتضمها:
-صحيح.. لندفئ بعضنا.. اشتدت برودة المكان هنا.
عانقت الشقيقتان بعضهما. تراطمت الأمواج أسفل الصخور كعادتها، لترميها ببعض زبدها وتغسلها.. ومن بعيد.. بدت الأختان كنقطتين حالكتين تلتصقان ببعضهما.. وعند قمة المنارة، تبدد شبح في الفراغ، كان يرنو لهما منذ أن جائتا.. شبح خلّف وراءه طيف ابتسامة.. لاتخفى على أي أحد منا...
تمت
Published on March 10, 2019 19:37
September 13, 2018
The Happiness Inside

As I closed my eyes in a meditation session. Trying to seize my focus onto my breath. Trying to unplug from the world of voices. Still I can hear the screams and the horn sounds. Still I can feel myself annoyed that I am not in a peaceful place, in a still space. I was upstairs sitting near the satellite dish. That's the higher I can get in my place. That's the closest I can get to Prana.
I focused on my breath and rolled my eyes up toward the center of my brows. At first, and as usual it is uneasy to roll them. It feels unnatural but it is not. It is just that I never done it often. The reality is when you roll your eyes out focusing on the third eye spot, You are detached from the three dimensional world to see what lingers beyond. To travel through the depths of your soul.
Things started getting intense, I began breathing heavily and a thought pushed me to motivate the process. And I did. I felt a burn on my foreskin. my face was drawn by that energy I was unlocking. It was like something is pulling my face up as I breathe heavily. My stomach started to shrink and shrink. The air was swept out from it and the intensity suddenly wore off as another thought motivated me to relax and let go.
Seconds later I was laughing uncontrollably. I felt a sudden rush of ecstasy and happiness. I was laughing like I never laughed before. I swear it was the first time in my life that I felt such Ecstasy. And the proof of that is the hint of fear that struck me. I was asking myself what is happening to me? I was ignorant of the source of my unstoppable laugh, like if I took a drug or something. Right now I am remembering that moment and I feel the desire to laugh again. But at that time, another thought told me "Just let go there is nothing to be afraid of. let yourself laugh and don't question it"
As I kept laughing I felt a serene peaceful feeling inside my stomach reaching out for my chest. It was like a cold breeze filling me up after a warm ball of overwhelming energy. It was goodness indeed.
When the laughter stopped by itself. I was amazed, heavenly shocked and excited for what I discovered inside me. As I sat there for 25 minutes. The only thought that I witnessed repeating itself is "Happiness. Ecstasy. Joy" I was just here and now. I was in that moment. I was The Happiness Inside
I was The Happiness Inside
August 31, 2018
I love Women

I love women
This statement may seem superficial because it is used very often when describing the female.
But yet I love women. Because I love simplicity. More specifically authenticity. And all Women are authentic. Some of them don't know it.
I love simplicity and that is why I wrote that simple statement to express my opinion about Women. It is just words alright! What does matter is the energy I put in those words and what you sense and feel when you read those words.
Every gesture of a woman is an art. Every move is a beauty. Hell most of women are brainwashed not to see that. Unfortunately they found it easier to act like a male than dealing with the repressed dogmas of society over their freedom. Freedom of being who they are and what they are
I love the walk of a woman. When a woman walks. The way she supposed to walk. She takes your breath away. The timeline stops. Another dimension opens itself for you.
I love the smile of a woman. When she smiles You feel like you never seen a smile before. You feel like this is the first time you've seen someone smiling the right way.
I love the tone of a woman's voice. There is always this drunkenness. This deliciousness. This sweet tartness When she speaks slowly. When she speaks calmly. The words are fermented in her mouth. To be poured in your soul. It makes you alert all day. You desire to listen to her speaking and speaking and for the first time you are listening. Really listening!
I love the shyness of a woman. When her eyes can't look at you anymore. When the heat runs through her body because of your presence. When she likes you and can't say it to you. When she waits for you to make the move. It is all coming from her shyness and timidness. It is not about tradition as they say, or the "it is the man who should make the first step." It is all because she is shy. It is all because she will always be shy. Because It is her nature. Her nature to be delicate and careful and colorful and gentle and patient. Because she represents nature. Because she is nature. Don't we all say mother nature?!
I love the bitchiness of a woman. That bitchiness that makes men desire her. That bitchiness that makes men do anything for her. That bitchiness that makes men want to own her, to merge with her, to be a part of her. The bitch in a woman is a need to be the man's only satisfaction. She is a bitch because she wants to be yours. A man's need for that bitchiness is a need for her to be all his. only when a woman says "I am all yours" she unlocks the divine masculinity in a man. After all sex is a dimension for masculinity and femininity to merge together and accomplish oneness. And there is oneness in everything.
The bitch in a woman is also the equivalent of the alpha male. The bitch in a female gets jealous about her man. Gets protective of her man. Sometimes agressive. Sometimes dark. Sometimes fearless. The bitch in a woman is recklessness. ownership. Leadership.
I love women because they always provide what men can't provide. The motherhood. The making of a human being. The touch of a gentle careful soul that pours divinity in a child. Every child needs a mother. Whether it is an ignorant mother or a conscious mother. A child learns something in this life. A child learns that no matter what the circumstances, A child came out of the womb of this creature. A child's soul chose a mother for a reason.. Wanted to be a human for a reason. A mother is always and forever the first step for a man to embark his life. The only teacher of a man is his mother. Bad or good is irrelevant. A mother is the first teacher in the school of life.
Never take the freedom of a Woman. Never take the free will of a female!
When you take the free will of a female. She takes the free will of a family, of a society, of a nation, of a generation.
Never accuse Women of unfairness.
Women are so just and fair. Women are equality because they gave birth to an equal version of them. A man
August 10, 2018
Mirror

He said to himself: "I am looking for myself"
He screamed at the emptiness of the desert. He wasn't speaking to himself after all. If he is silent, then he is having a conversation inside his mind. He is speaking with his mind. After all It would seem that no one is actually speaking. It is just trying to avoid silence out of fear. Out of denying the simplicity of being alive, of existing. I am looking for myself he said. But you can't see yourself. You only see a reflection. And if you stared enough into that reflection. You would find that there is only an object which reflects the moment which is you staring. let it be a mirror, that object. Then you become the mirror. And the mirror becomes you. That is why you are only able to see a reflection. You can never see yourself because you don't exist the moment you wonder about your existence, and you exist the moment you stop wondering. You are here and you are not here. So he is not looking for himself. He is looking for something to distract him from his true essence. He is afraid to admit the emptiness that he is made of. The nothingness that follows the silence. He is afraid of his reality. which is no self ultimate self. He is recycling his emotions and feelings. his habits and choices. Just to convince himself that it is not that simple. That is why it would be the most difficult thing to do because he refuses that simplicity. He is born awakened but he was taught to glorify awakening, to see things as they seem. Slowly he begins to believe the image that was made for him. The image that is titled "You"
And for that there is only more sorrow and less happiness in this world of ours. Simply because we have been fighting our bond, unity and oneness. It seemed ridiculous without naming each portion of our home with different names and cultures. No one is actually looking for himself, including me. We are just looking for a way out. Each person of us is responsible for the identity. God identity, history and love identity. There are feelings, intelligence and instinct. Those are just a very tiny part of our identity. He is not looking for himself. He just doesn't admit to himself that he doesn't know himself
August 1, 2018
You Are Everywhere

There is only this moment which I am writing in
There is only this moment.
And in this moment where you are reading and which you are reading there is only you.
There is nothing else other than you in the moment.
Right here and now. And when you breathe. When you focus on your breath. You feel it.
And that is what we call meditation. In this moment you are you.
There is no moment without you as an action, as a breath, as a look, as a move.
There is no moment without your energy burning calories.
Therefore there is no moment without you being in that moment. There is no moment.
There is only you. Which means the moment is actually YOU here and now. You are the moment.
The moment is you. Your presence is your essence.
Close your eyes for that moment and discover yourself.
You may count it with seconds, minutes, or even hours.
But You can't escape it by giving it those names. Those are just words, seconds, minutes...
You are not words. You create the words. So there is no moment. There is just you.
Behind your physical body there is your energy. Your soul or your spirit, again.
Those are just words. And you are not words. You are not the tongue which speaks those words.
Behind the energy there is nothingness. no - thing - ness.
Again those are just words. There is no thing. There is no nothing, You are not a thing.
And if there is no thing. If there is nothing there. There is no there is. There is no there.
It is just words. You are beyond words. You are here and now but you are not able to describe it.
There is no you in the mirror. You are not your face. You are not the character you play every day. You can't explain yourself because there is nothing to explain.
You don't need to see yourself or explain yourself. You don't need description
You are everything and anything. You are everything and nothing. Again those are just words.
You are beyond words.
You are speaking through yourself because you are here and everywhere.
You are in every home and every country. You are in every planet and each universe.
You are a unit of organs. You are an action that creates the moment.
You are here and now. There is only you and You are everywhere!
Published on August 01, 2018 04:04
•
Tags:
everywhere, moment, nothing, time, you
Amedine's Blog
- Amedine's profile
- 44 followers
Amedine isn't a Goodreads Author
(yet),
but they
do have a blog,
so here are some recent posts imported from
their feed.
